تحية أطيب من تفاح جبل صهيون ، مع نسمة هواء عليل كذلك الذي انساب على وجوهنا الصحراوية ونحن في أعالي جبال ما خلت أنني ساراها يوماً !
كان يوماً جميلا ذلك الذي قضيته في ويارة الاستاذ المهندس مصطفى بطحيش واجتماعي به في منطقة القادسية قرب صلنفة سوريا .
لم يكن بمقدوري نسيان ذلك اليوم الجميل الذي انقضى سريعاً ، وقد امطوت ثناياه على أجمل لحظات العمر .
الساعة الآن الخامسة فجراً وانا في سيارتي ومعي أخي وصديقي عواد العنزي وهو ثالث ثلاثة رافقوني في سفري للشام قبل شهرين .
أما باقي الثلاثة فقد استحبوا النوم على الحياة ، وما لبثوا ان عضوا أصابع الندم حين راوا الصور الرائعة لكل شيء جميل رأيناه .
تحركنا من الشام إلى جهة اللاذقية مرورا بحمص البديعة ، وكان الموعد سداً قرب قرية القادسية التي سيكون فيها يومنا .
هناك التقيت الاستاذ مصطفى بطحيش
هو لم يكن كما توقعته بالفعل ، فمن خلال صورته الرمزية كان اكبر سنا مما رأيت بكثير !!
ومن هذا المنبر أصرّح بكل قوة وأقول : غن أبا أحمد الاستاذ مصطفى يتمتع بشباب رائع ، وقد كنت ذكرته في قصيدتي ( امسية الكهول ) في قولي :
منهم سميرٌ وبطحيشٌ وثالثهم
ذاك الحريريُّ اعني ناظم الجملِ
فهنا اتراجع لأقول : ماشاء الله تبارك الله ، فقد رأيت شاباً يتمتع بأيام الشباب .
عموماً ...
كنت فرحاً جدا أولا بلقائه وثانيا بذلك الجو البديع الذي لم يتعوده امثالي من أهل الصحراء الجافة ، والسموم اللاافح !
وكان مرافقاً للاستاذ مصطفى الأخ انس الذي تعرفنا عليه هناك ، وهو من خيرة من عرفت ويشهد الله : شاب يمتلئ قوة ونشاطا وحيوية وطيب خصال ونفس ، وهو من اهل تلك القرى ويعرفها جيدا مما جعل الرجلة أكثر متعة .
وهذه الضيعة ...وأنا للتو أفهم معنى الضيعة
ماذا قال الاستاذ مصطفى :
لقد قال لنا إنه سيذهب بنا لمكان بكر لم تصل إليه يد الانسان .
تبادر لذهني ان نذهب لدحل !
او نذهب لعرق نفوذ في الصحراء .
ولمن لايعرف الدحل ادعوه لزيارتنا في شمال المملكة ليراه بام عينيه !
كان الاستاذ مصطفى قد اعد ما يحتاجه للرحلة ، وطبعا أعواد الكباب في رأس الكيس !
كان علينا النزول لوادي بين جبال رهيبة لم احفظ منها إلا اسم جبل السن.
نزلنا بصعوبة بالغة في مايقارب النصف ساعة أو تزيد قليلاً .
كان مكانا رائعا بكل معاني الكلمة ، وهذه صورة للمكان من أسفل لأعلى
وفي أجمل مكان بالقرب من شلال رائع كان جلوسنا للغداء وشرب الشاي والتسامر بالحديث ، وكان الاستاذ مصطفى في كل ذلك الشاب الرائع ذو الخبرة العالية يقفز من هنا لهناك ، ويشعل النار ويطبخ لنا ويعمل الشاي وباختصار كان كل شيء . حتى الاشعار كان ينشدها لنا .
بعد جلسة من أروع أيام العمر قررنا الرجوع قرب المغرب ، لكن الرجوع ليس كالنزول ، فقد كنا موعودين بساعتين من المشي المكثف صعودا ما اضطرني مرات ومرات للوقوف للاستراحة ، طبعا انا وأصدقائي ولست وحدي من يجلس !
كان الرجوع بالفعل متعباً لكن ما جمله احاديث الشعر والأدب والتسامر حول الواحة ، فقد سمعت من ابي احمد قصيدته سبحة ، وقصيدته أسير العرقد - وبالمناسبة فقد أرانا الاستاذ شجرة الغرقد التي وردت في الحديث - والأهم من ذلك أمما توقفنا لأكل التفاح الصهيوني والخوخ الصهيوني في مكان بديع .
واجمل من ذلك كله اننا عندما عدنا لمزل الأخ انس كان بانتظارنا شيء من القهوة والحالي ، والشاي !
وأجمل من ذلك كله جلسة من العمر حضرها الاستاذ مصطفى بطحيش والأخ انس وعواد العنزي ومحدثكم والاستاذة الكريمة الاديبة ابتسام شاكوش .
كان الحديث عن الأدب والشعر والواحة ، ثم عن الفروق بين البيئة الصحراوية والبيئة الجبلية ، ثم عن العادات والتقاليد ..يعني كشكول من الأحاديث والمسامرات .
وحقيقة إني من هنا أشكر الاستاذ مصطفى بطحيش فوالله ما رأيت أجمل وأبدع من ضيافته ، على تواضع جم وخلق حسن أحسبه كذلك والله حسيبه .
وأسأل الله بمكنه وكرمه ان يقدرني لرد الجميل والضيافة التي رأيتها منه .
حقيقة لاأريد الاطالة عليكم ، وإلا فالجعبة مليئة بالخبار عن هذه الرحلة البديعة .
دمتم وتحياتي