|
أ لا يا عراقَ المجدِ طالَ بكَ الجرْحُ |
و ليلُكَ يأبى أنْ يلوحَ لهُ صُبْحُ |
وسادتُكَ البيضاءُ قانيةً غَدَتْ |
و حرْبُكَ لا يرسو على برِّها الصّلْحُ |
أ لا يا عُقابَ العُرْبِ إنْ طِرْتَ لمْ يَسَعْ |
جناحَكَ في عرْضِ السّما و الفضا دَوْحُ |
و يا سِرَّ ربِّ العرْشِ لا تَبْقَ موْدَعاً |
بأرْضِ النّدى ، قد حانَ في أمْرِكَ الفصْحُ |
و يا نَسَماتٍ ما شَمَمْتُ ضريبَها |
هيَ الوردُ ، والريحانُ , و المسكُ ، والرَّوْحُ |
و يا ضَيْغمَ الهيجا ، زئيرُكَ إنْ سطا |
على الغابِ ـ حتماً ـ يخرسُ المَوْءُ و النَّبْحُ |
أراكَ تنادي كالحسينِ بحومةِ الر |
ردى : يا حُماةَ الدّينِ ، دونَ الحِمى ضَحُّوا |
فما جاوبوكَ القومُ إلا بطعْنِهمْ |
و لمْ يبْرَ إلا السّيْفُ ، و النَّبْلُ و الرّمْحُ |
و أخْوَتُكَ الأعرابُ ، أينَ سيوفُهُمْ؟ |
فهلْ سرَّهمْ أنْ يستفيضَ بِكَ البَلْحُ ؟ |
فقدْ كرِهوا ـ بعضاً ـ كما البعْضُ أُكْرِهوا |
و عنْكَ تنحّى البعْضُ ، و البعْضُ قدْ نُحُّوا |
فيا يوسُفَ الأحرارِ ، يعْقوبُكَ الألى |
عليكَ مآقيهمْ أمضَّ بِها القرْحُ |
بكَوْكَ بفيْضِ الدَّمِّ ، لا الدَّمْعِ ، و الدِّما |
لها من حديثِ الدَّمْعِ ما يعْجزُ البوْحُ |
أيا موطنَ القوْمِ الألى ناطحوا السُّرى |
سُموّاً ، و أمجاداً ، فلمْ يُثْنِهُمْ بَرْحُ |
و منْ كُلّما أوهى بنو العارِ صرْحَهُ |
يُشيَّدُ في قلبِ الغيارى لهُ صَرْحُ |
فََقُلْ للأُلى ناموا على الذلِّ خُضَّعاً |
بِغيرِ صليلِ السَّيْفِ لنْ يأتيَ الفتْحُ |
كفاكُمْ أهازيجاً مَلَلْنا سماعَها |
فقَعْقَعةُ الهيْجا هيَ الشدْوُ ، و الصَّدْحُ |
و لمْ يَدْرِ لونَ الدمِّ كمْ مُتقاعسٍ |
و أنّى لنا لو لا الجراحاتُ و النَّضْحُ |
يُعاتِبُهُمْ قلبي فأرْدَعُهُ سُدىً |
غداةَ ملاهُ الهمُّ ، و الكرْبُ ، و القيْحُ |
دعِ النُّصْحَ يا قلبي لمنْ يسْتَحِقُّهُ |
فو اللهِ ما أغنى الرِّعاعَ هوَ النُّصْحُ |
و أنْفِقْ بُذورَ الخيْرِ للخَصْبِ يا فتى |
على الصَّخْرةِ الصمَّاءِ لنْ ينبتَ القمْحُ |
أبي ، أمّيَ الولْهى لِعُرْسي تَحَمّلا |
فراقي ، زغاريدُ الثناءِ هِيَ النَّوْحُ |
و لا تبكيا ما دُمْتُ أخْرَسْتُ أرْقَماً |
لهُ في ضميري الحيِّ ـ صُبْحاً مساً ـ فَحُّ |
تريدانني أغفو و أصْحو على الضنى |
فلا حلَّ لي نومي و لا العَيْشُ و الكدْحُ |
و لا مرَّ في طرْفي ضبابٌ منَ الكرى |
و لا طابَ لي خُبْزي ـ مَعَ العارِ ـ و الملْحُ |
فإنْ فاتَ غيْري الموتُ دوْنَ بلادِهِ |
فلسْتُ أضِيْعُ المجدَ إنْ حاقَهُ الذَّبْحُ |
فها أنا ماضٍ للشهادةِ لمْ ، وَ لنْ |
أشُحَّ بدمِّي إنْ بِدَمْعِهُمُ شّحُّوا |
و منْ يَخْسَرِ العَيْشَ الرَّغيدَ تطامناً |
سيؤمِنُ أنَّ الموْتَ دونَ الحمى رِبْحُ |
و منْ في حشاهُ النارُ تغلي و تلتظي |
أيُرْعِبُهُ منْ نارِ قَيْضِهُمُ اللفْحُ ؟ |
تَمُرُّ عليهِ الماضياتُ كنَسْمةٍ |
و زَهْرةِ قدّاحٍ عرى غُصْنَها النَّفْحُ |
غداً سيُولّي الدُّبْرَ كُلُّ مُنافقٍ |
و يكسو الجباهَ العارُ ، و الذّلُ ، و الفَضْحُ |
و نعْلمُ من أصْفى إلى اللهِ نيّةً |
و أثرى لهُ بالأجرِ إذْ يُرْفَعُ اللَوْحُ |
فما يَعِدُ الأرجاسُ مَحْضُ افتراءةٍ |
و ما يَعِدُ الباري هوَ النَّحْلُ و المنْحُ |
و ها نحْنُ برْهنَّا لِكُلِّ مُواربٍ |
و ليْسَ بسَيْحِ الحبْرِ ، منْ دَمِنا السَّيْحُ |
بأنَّا بِغَيْثِ الدَّمِّ أكْرِمْ بِهِ ندىً |
نواصِلُ كبْحَ الظلمِ ، لا بالهِجا الكبْحُ |
فكمْ حاولوا خَنْقَ النِّداءِ بثغْرِنا |
فكانَ لهُ كالزَّيْتِ في مائهمْ طفْحُ |
أ لا يا عراقَ العِزِّ يا نشوةَ الرَّدى |
إذا اجْتَذَباها غمَّةُ العَيْشِ ، و الترْحُ |
لقَدْ جاءكَ الأرْجاسُ مِنْ كُلِّ بُقْعةٍ |
لكي ـ دينَ خيرِ الأنبيا المُصْطفى ـ يمْحوا |
فو اللهِ لنْ نرضى و لمْ نرْضَ آنِفاً |
و إنْ حلَّ عنْ دُنيا الفناءِ بنا النَّزْحُ |
و إنْ ذَبَحوا في ثغْرِ أطفالِنا الدُّعا |
و في صدْرِنا الدامي بِرشّاشِهُمْ لحُّوا |
سَيَخْرجُ قلبٌ بالتهاليلِ نابِضٌ |
و يُنْبِؤهُمْ أنَّ اللبابَ هوَ السَّطْحُ |
فما في فمي عَمَّا بِدمِّي انعكاسةٌ |
من الفَوَرانِ الفذِّ ، ما نامَ كي يصْحو |
فموطِنُهُ العلْياءُ ، موطئهُ الذّرى |
بلى منْ لهُ الإسلامُ دينُ الهدى جنْحُ |
هو الدينُ أرساهُ على الكونِ كُلِّهِ |
و ما أثْبَتَ الجبَّارُ ليْسَ لهُ مسْحُ |
فلنْ يُطْمَسَ التكبيرُ في مِئْذَناتِنا |
و أعداؤهُ الحمْقى مآلُهُمُ الوَيْحُ |
و لو لا القبابُ الغُرُّ في أرضِنا ترى |
بِهُمْ لرواسي الأرضِ ربّ الملا يدحو |
فنحْنُ حُسَيْنيّونَ نسْتلْهِمُ الإبا |
و قدْ فازَ من ـ منحى أبي الشهدا ـ ينْحو |
فكيفُ أبيُّ الضيْمِ سيِّدُنا رأى |
بأنَّ زخاريفَ الحياةِ هيَ القُبْحُ |
فسلَّ حُساماً لمْ يَزلْ في سمائنا |
لهُ حينَ تَسْتَضْري غياهبُنا قَدْحُ |
فَلنْ تُرْفَعَ الأرواحُ للهِ حَقَّةً |
إذا لمْ يُكُنْ أرضاً لأجسادِها طرْحُ |
مبادئُ أرساها الحسينُ بأرضِنا |
هيَ البحرُ موصولٌ لمرشفِهِ الفسْحُ |
فإنْ قيلَ لي من أنتَ ما قُلتُ فاخراً: |
هُمامٌ ، عفيفُ الخلْقِ ، بينَ الورى سَمْحُ |
أقولُ عِراقيٌّ ففيها مكامنٌ |
فإنْ حَضَرَ الإجمالُ يسْتَتِرُ الشّرْحُ |
و لسْتُ أضيعُ الوقْتَ أحْصي خصائلاً |
لها كالغمامِ الثرِّ في أرضِنا سَحُّ |
هيَ القِمَمُ الشمّاءُ أنْتَ نَمَيْتَها |
و ما القممُ الشمّاءُ لو لاكَ يا سَفْحُ |
و و اللهِ إنْ أمْدَحْكَ يُرْجَ بأحْرُفي |
إلى رحْبَتيْكَ العُذْرُ ، و العَفْوُ و الصَّفْحُ |
لإنَّ مكاتيبي تُردِّدُ دائماً |
بغيرِ نزيفِ الدمِّ لا يُكْتَبَ المَدْحُ |