علي يبحث عن ذراعيه
لم يكن حلمــك في زمن الحرية الجديــدة أن تفقـد ذراعيـك ، ولم تكن تعرف أن الطائــرات لا تحمل إلا الهدايا اللعينـة 000 بسيط أنت مثــل ميـــاه دجلة وهادئ هدوء النسمة الربيعية في الكرمل 0
كيـف تصبح يا علي بلا ذراعين 00 ؟ !!
كيف تستقبلك العواصم ســفيرا في عهـــد الحضارات الجديدة 00 ؟
كيف سترفع سبابتك لتقول لمستقبليك في المطارات البعيدة هـذه هي الحريـة الموعـودة ، فيفرح بك الحكام ويعـدون لك المراسـم ، والطقـوس الاحتفاليـة ، وكعادتهــم ربمــا يتبادلـون الأنخـاب في زمن خيبتهـم الطويلــــة 000 هم يريدونـك يا علي بلا صوت 000 بــلا وطـــن 0
يريــدون أن يخففــوا من وجعــك السري بالشـعارات ، والولائــم والخطب الحماسيــة 00 لكنهـم في سرهـم يهتفــون عاشــت أمريكا ، وعاش الوطــن وتحيـــا القبيلـــــة 0
بالأمس يا علــي كنـت تحمــل حقيبتـك المدرسية ، وتغني للبلاد 00 لبرتقال ديالا 00 لنخيـــل البصـرة ، والشوارع المكتظة في بغداد 0
بالأمس كــان الوطــن مــرج أخضــر ، وملاعـــب فـــرح ، وواحـة عشق يتسامر فيها العشاق، وأغنيـــــة جميلــــــة تصدح في لحظــة فرح ، وأمك تركن همهـا في زاويــــة من زوايا العمر، وتعلو شفتيهـا الابتسامة، تضحك في سرها000 كبـرت يا علـي 00 فينهض هـارون الرشـيــد ليلقــي تحيتــه الصباحية ، فيتوزع الفرح على كل الدروب المتعبة 0
كم هــو جميــل صباح بغـــداد بــلا طائــرات، وأمك تناولك رغيـف الخبــز الساخــن مـــن قمـــح البـــلاد، ينساب صوتها كحفيف أوراق الشجر يصدح عبـر المـدى " مـن ورا التنـور تناوشني الرغيـف يا رغيـــف الزين يكفيني سنة " هـذه هـــي أمــك فكـم هــي تشبه أمــي يا علـــي طيبـــة ، وبسيطـة، والبسطــاء في وطني ، لا يعـــرفـــون إلا الوفـاء ، وهـذه الكلمة لا تحتــاج أن نبحـث عنهــا في القواميس ، ولا في دهاليـــز السياسة ، و خطب الحكام الكبار 0
وعشقنـا للحريـــة يا علــي يتعارض مــــع أمانيهـــم ورغباتهــم ، ولـذلـك جــاؤوا ليمنحونــا فرصة المـــوت ، وقالـوا لأتباعهــم : خـــذوا وطنـــــا بلا أيــــــدي 00 خــــــــذوا وطنــــــا بلا بشر 0
ما أشـبه اليــوم بالأمس يا علـي ، فأطفال الجليــل مثلك طيبـون ، وما أشبه المكان بالمكان 000 يحبـون اللهــو أحيانا ، ويعبثــون بالدفــاتـر، والحقائب المدرسـيــة ، ويغنـون للوطـن " بــلادي 00 بـلادي لك حبـي وفـــؤادي " ولهـم نصيب من الشـقاوة أحيانــا 0
شوارع القدس يا علي تشبه شـوارع بغـداد، والحارات القديمة فـي النـاصرة كم تشـبه حـواري البصرة الجميلــة ، شوارعنا واحـــدة ودروبنـا واحــــــدة وحزننـــا يا علي واحــد ، والجنـدي الـــذي أجــاز لنفسه أن يصوب رشاشه نحـوك هـو الجنـدي الذي يصوب كل يـوم رصاصه ضد أطفال المخيــم في جنين ورام الله وغزة والخليل 0
عندما أفقـــــت من نومك 000 كان القمـــر يطل من نافـذة غرفتك البسيطة مبتسما ، وغـــزة من وسط الحصار ترفــع شـــارة النصر، وتهديــك السلام وبغـــــداد قــرب سريرك ، تواسي جرحك الدامي ، والرمادي تهـــدي إليك باقــــة ورد ، وعهـد على النضال ، والموصل تمسح عــرق جبينـك الأسمر وتقبـــل وجنتيك 00 وعنــدمــا ناديـــت ، كان صوتـك يجـــوب كل البـــلاد قويــا ، وصهيــل الخيـــل في كربلاء يشق عنان السماء ، وأم قصر توزع الفرح في البــلاد 00 والنجــف تضمــد جرحها وتستعـد للجهــاد 000 من هنـــا مــر الغزاة 00 وهنا ستكون المقبــرة 0
هي العراق يا علي مسرجة خيولها دائما تعشق الحرية وتكره الظلام 0