تلك الليلة العاصفة ، كان جوابي ابتسامة ، لم أعرف كيف فهمها أبي ، أفهمها بالرضا أم بالرفض ، لم أكن أفهمها أنا فكيف يفهمها أبي .
" يا ابنتي ، ما سأفعله أنا من مصلحتك فأنت بحاجة إلى امرأة تعتني بشؤونك "
" إن أمي لا تعوض يا أبي "
" أعلم يا ابنتي "
يا له من جواب ، كيف أجابني هكذا ! أيعقل أن يتغير أبي بحركات امرأة بعد أمي ؟! .
اجتاحت قلبي حيرة انتهت بدموع غزيرة غسلته وطهرته ولكنه مازال حاملاً للأسى الذي بقي إلى النهاية .
مرت الأيام وها أنا أعيش في كنف زوجة أبي ، كنف لم أتعوده من قبل ، كنف كم كرهته وكرهت صاحبه ، إنها لذكريات حزينة لا تنسى ، ذكريات لطالما أرقت ليلي إلى أن تخرجت من الجامعة .
كانت ( نجلاء ) زوجة أبي لا تعترف بي إلا كخادمة يجهل أبي ما أعانيه في منزله، لقد قطفت هذه الزوجة أبي من حديقة الزهور التي بقيت لي بعد وفاة أمي ، فلم تترك لي إلا الأسى والحزن حتى لا أشعر بالوحدة ، ليتني لم أبتسم تلك الليلة ، فقد ظن أبي أن ابتسامتي تعني الموافقة :
" أقسم أنني لم أقصد الموافقة "
نعم لقد كانت ابتسامتي بداية الجحيم الذي سيحرق حياتي وسيأخذ أبي بعيداً عني ، هذه الابتسامة كانت سبباً في امتطاء نجلاء لجواد حياتنا أنا وأبي ، و كان هذا الامتطاء مصدر تحكم بي وبأفعالي ، صبرت طويلاً إلى أن أتى الفرج .
بعد أن تخرجت من الجامعة بقيت في بيتها خادمة إلى أن استطاع أبي أن يخلصني من يديها بوظيفة تهيئ لي الحياة الكريمة بعد ذلك ، وقد بدأت بالعمل في اليوم التالي .
كنت محبة لوظيفتي و كنت أحس كلما وصلت لوظيفتي وكأني وصلت إلى بيتي الذي يحبني فيه كل أهلي ، أبو عبدو ورزق والمهندس حسان والبقية ، ولكن فرحتي في كل يوم تنغص عند وصولي إلى البيت ، فعند وصولي ترحب بي زوجة أبي بالتوبيخ لشيء إما لم أفعله وإما اعتقدت أني سأفعله ، يا لها من حياة مملة
ولكن يبدو أنني سأهرب خارج البيت حتى أنتهي من أنياب نجلاء التي جعلتني أكره أبي لزواجه منها ، ولكن ...... يبدو أنه لا مفر من السيدة نجلاء ، تابعت حياتي في هذا الكابوس إلى أن تقدم لي عدنان ، ذلك الشاب الذي رأيت في عينيه البراءة والمحبة ، أحسست بفرحة عندما تقدم لطلبي لكني أخفيتها خوفاً أن يكون منافقاً :
" عائشة ، تقدم لك اليوم شاب من عائلة معروفة للزواج منك "
" أبي ، الرأي رأيك ، فإن أعجبك قبلت به وإن لم يعجبك لم أقبل به
ثم أعطاني مهلة للتفكير .... وبعد أن فكرت طويلاً وصلت إلى أنني سأضع النقطة الأخيرة في علاقتي مع نجلاء بزواجي من عدنان .
وهذا ما حدث لأنهي الحياة الذليلة مع نجلاء التي ما عرفت طلية تسع سنوات كلمة طيبة ولا حتى ابتسامة .