مجرد تساؤل ( ما هو موقف شيعة العراق من الاحتلال)؟

بعد أن صرحت أمريكا وبريطانيا والأمم المتحدة بأن تواجد القوات الأمريكية والبريطانية في العراق هي قوات احتلال , مما يعني أن قوانين الشرعية الدولية تُجيز لكلِّ شعبٍ محتل ان يقاوم قوات الإحتلال .

كُنَّا سنقبل بتسمية تواجد القوات الامريكية والبريطانية في العراق ( بقوات تحرير ) فيما لو أنها نفذت عملية (مـا) للإطاحة بالنظام السابق وأزلامه , ورفع نير الظلم والقهر عن كاهل الشعب العراقي كما حدث يوما ما في نيكارجوا ..أما وقد دخلت قوات التحرير إثر حرب تفوق بشدتها وقوة نيرانها وتدميرها شدة وقوة نيران حرب عالمية فالنظرة والموقف يختلفان .

كُنَّا سنقبلُ بتسمية تواجد القوات الأمريكية والبريطانية بقوات تحرير لو لمسنا تغييرا نحو الأفضل في حياة العراقيين فها هي ثلاث شهور قد مرَّت من بعد الاحتلال ولازلنا نجد التخبط الأمريكي البريطاني واضحا هناك وذلك بسبب افتقاد القوات المحتلة لصيغة وهيكلية مقبولة لتمرير ( كذبة التحرير) على الشعب العراقي بعد أن اقنعت العالم كله بما فيه العالم العربي بهذه الفرية ..

فللجنود الامريكيين مستشفيات ميدانية وعندهم ثكنات تتوفر بها الكهرباء والمكيفات ومؤمن لهم الغذاء والماء وكل مستلزمات الحياة بل والرفاهية من ملاعب وبارات وصالات سباحة وحفلات راقصة .. فماذا بالنسبة للشعب العراقي ؟ هل احضار مولدات كهرباء أو جلب دواء وأسرة وتجهيزات طبية ومعدات لتنقية المياه صار مستحيلا أو لا تستطيع عليه أمريكا ؟ وهل كل هذه الاشياء تحتاج لأكثر من ثلاثة اشهر أم لستة اشهر أم لسنة لتوفيرها ؟

كل هذه الاسئلة البديهية نطرحها كي نقف على إجابة شافية تدلُّنا على نية التواجد الأمريكي البريطاني في العراق حاليا , وقصد أمريكا في تواجدها في المنطقة العربية لما بعد ( احتلال العراق ) ..

وبدون فلسفة للأمور أكثر مما هي تحتمل , فالأمور واضحة وجلية للاعمى والبصير ألا وهي احتلال شمولي طويل الأمد للعراق من قِبَلِ امريكا وبريطانيا وتوزيع للمصالح بينهما بحيث نرى بأن الجنوب العراقي قد أُعطي لبريطانيا ووسط العراق إلى شمالها أُعطي لأمريكا .

لقد بدأت أمريكا في تأسيس أول لبنات إمبراطوريتها القادمة والمسماة بإمبراطورية الألفية الثالثة فلحقت بها بريطانيا بحكم العرق الأنجلوساكسوني الرابط بينهما . فإن كانت الثروات العربية ( كعـــكة ) فلا بأس إذن من تقاسم هذه الكعكة بين بريطانيا وامريكا بحسب الجهود المبذولة من كل طرف منهما للوصول لهذه الكعكة .

هذه المقدمة الطويلة , أردتُ منها استقراء المشهد الإجمالي لعراق اليوم , والنتيجة والغاية قد وضحتا للعراقيين ولم يعودوا مقتنعين بأن هذه القوات الاجنبية المتواجدة على أرض العراق هي قوات تحرير وقوات رؤوفة ودودة رحيمة بهم , بل لقد فهمَ العراقيون الدرسَ ووعوه ألا وهو اغتنام أمريكا وبريطانيا الفرصة للإنقضاض على العراق واحتلالة وذلكَ بسبب الظلم الذي عانوه من النظام السابق . فصاروا فعلا كالمستجير من الرمضاء بالنار .!

لقد انقسم العراقيون إلى صفين قُبيلَ التدخل الأمريكي . فقسمٌ كان يرى بأن الإستعانة بأمريكا شر لابد منه أو خيرٌ ساقه الله لهم , وبذلكَ تعاونوا مع ( المحررين ) وقدموا لهم المساعدات , وقسمٌ آخر من العراقيين كان ينظر للقدوم الأمريكي بأنها ذريعة أمريكية لاستبدال ظلم صدام بظلم امريكا .. فصاروا يرددون مقولة عليٍّ بن طالب رضي الله عنه ( كلمة حق يراد بها باطلا ) ..

واليوم .. لقد اقتنع العراقيون ( المنقسمون ) بالأمس في آرائهم بأن التواجد الامريكي هو احتلال وبأنهم محتلُّون وبأن العراق من شماله لجنوبه وشعبه وقع فريسة لكذبة كبيرة سوقتها أمريكا فتلقفها العالم وخاصة الدول العربية المجاورة للعراق فأوجدوا لامريكا المصوَّغَ الشرعي والأخلاقي والقانوني للانطلاق من أراضيهم ( لتحرير العراق ) ..

فلنقل جدلا بأن العراق ( تحرَّرت ) وبغض النظر عما يراه العراقيون .. ولنتصرف بطريقة وكأن العراق ووضعه لا يهمنا اليوم من بعيد أو قريب ونقول .. شكرا لامريكا وبريطانيا فقد قمتما مشكورتين ( بتحرير الأخوة العراقيين الاشقاء ) .. فلماذا لا زلتم تتواجدون في دول الخليج ؟ أو لنقل .. متى ستعطون ما لقيصر لقيصر كما تقولون ؟ متى ستقرُّون بأن أرض العرب للعرب وما بها من خيرات للعرب ولا توجد أي ذريعة لكم لتواجد عسكري في أرضنا أو أي مصوغ قانوني أو شرعي أو أخلاقي لسرقتكم لثرواتنا وأن تصبحوا السادة في بلداننا وتجعلونا ننتظر منكم ما تمنُّون به من فتات لنقتات به , والمالُ مالنا والأرض أرضنا ؟

وغاية هذه الكلمات والاسئلة توصلنا لحقيقة مفادها .. وهي أن جميع الدول العربية هي محتلة بطريقة أو بأخرى فالسَّجينُ يُقدم له الماء والغذاء كحالنا اليوم في دولنا العربية ولكننا نفقد الإرادة وحرية تقرير مصيرنا وما نراه في صالحنا ورفض ما نراه ضد مصالحنا تماما كالسَّجينِ أو الأسير .

وعودة للمشهد العراقي .. نعود ونسأل :

ما هو موقف شيعة العراق من الإحتلال الأمريكي البريطاني للعراق ؟ هذا السؤال نطرحه بسبب رؤيتنا لبروز طلائع مقاومة سُـنِّية للاحتلال . فها نحنُ نشاهد عمليات قتالية يوميا تقريبا في الانبار, وشمال بغداد , وبلد , والفالوجة وقد بدأت من قبل في الموصل ..أي كل هذه العمليات المقاومة هي في المناطق السُّنية بينما نرى بأن أهل ( المجر الكبير) الشيعة قد خرجوا بمظاهرات تندد بمقتل ستة جنود بريطانيين وجرح ثمانية آخرين . بل قال المتظاهرون وأعيان ( المجر) بأن ( الجُناة والقتلة ) هم من بقايا ( فلول النظام ) البعثي الديكتاتوري السابق , واستنكروا هذه ( الفعلة الشنعاء) بشدة .

ومما يزيد في حيرتنا هو موقف " الحوزة الدينية والمراجع الشيعية " من الإحتلال الأمريكي البريطاني للعراق , حيث نجدهم يأتون بفتاوي مفادها بأنهم ( كمسلمين ) لا قِبَلَ لهم بمواجهة القوى الإستعمارية العظمى وبأن مصلحتهم تتوافق مع عدم مقاومة الإحتلال , بل ذهب ( المرجع / مقتضى الصدر) للقول بأن مقاومة المحتلين هو ( حـرام شرعا ) وهاتين الكلمتين قالهما بالنص من فمه ..
فأين شعاركم ( يا لثارات الحسين ) و (يا لثارات العظام ) ؟ أين هي الدروس التي يزعم شيعة العالم بأنهم وعووها من استشهاد الحسين عليه السلام ؟ الم يقم الحسين عليه السلام بالثورة على الظلم والبغي ؟ هل ركنَ للسلامة والدِّعة وآثر الصمتَ , ولماذا لم يستعمل التُّقية ؟ اسئلة نطرحها ونترك الإجابة عليها لحين !.

وما يزيد من دهشتنا وحيرتنا أننا لا نشاهد مظاهرات شيعية إلا عندما يتعرض أحد مراجعهم أو أعيانهم لاعتقال أو لظلم بينما يلتزمون بيوتهم إن عاثت أمريكا فسادا في المناطق السنية وقتلهم بالعشرات أو اعتدت على مساجدهم ..!!

فما الذي يجري في العراق ؟ هل السكوت الشيعي معناه ( تصفية حسابات قديمة ) أم هو اللعب ( بالورقة الرابحة ) ؟

للاسف لقد دأب شيعة العراق وشيعة الخليج وإيران من قبلهم بترويج كذبة كبيرة وهي أن شيعة العراق يمثلون ثلثي مواطني العراقي .. فنجدهم يقولون بأن العراق يتكون من (عرب شيعة , وعرب سنَّة , وأكراد , وقوميات أخرى ) .. فلماذا يذكرون الأكراد بدون التنويه لمذهبهم ؟ بينما تعداد الاكراد يصل لـ 6 ملايين و 99% من الاكراد ينتمون للمذهب السنِّي .. فشيعة العراق ليسوا كلهم عرب أقحاح بل غالبيتهم من أصول فارسية .. فلماذا يطلقون كلمة عربي على الشيعي وإن كان ( خوئي وسيستاني وطبطبائي وشيرازي ومشهداني وتبريزي وقُمٍّي ومئات العائلات الإيرانية ) .. بينما نراهم عندما يذكرون الأكراد يتجاهلون عمدا ذكر مذهبهم .. !!؟

فالحقيقة تقول غير هذا فلو عملنا إحصاءً للسُّنَّة في العراق ( بغض النظر عن قومياتهم وأعراقهم ) فالعدد يتراوح بين 15 إلى 16 مليون بينما تعداد شيعة العراق ( عربا وعجما ) يتراوح من 9 إلى 10 ملايين . إذا فالأغلبية العظمى تميل لصالح السُّنَّة وليس للشيعة كما يزعمون ..ومع هذا نجد المتظاهرين الشيعة يرددون ( حكم الحوزة ) ..فما الذي يريده شيعةُ العراق ؟ هل يعتقدون بأن سكوتهم وتواطؤهم مع المحتل سيهيئ لهم الوصول لدفـة الحكم , وأن اليد العليا ستكون لهم في العراق ؟

اسئلة ورؤى واحتمالات ..سنترك الإجابة عليها للايام المقبلة .

ملاحظة : أرجو ممن يريد التداخل هنا أن يبتعد عن المهاترات أو أن يناقش من نظرة قطرية ضيقة !
ودمتم بخير

جمال حمدان

أصبت اخي جمال حمدان
بالنسبة لتعداد الشيعة في العراق والنسب التي يحاولون ترويجها هي نسب
خاطئة والصحيح فعليا هو ان عدد السنة اكثر من عدد الشيعة وهذا ما رأيته
في تعداد نشر قبل شهرين تقريبا
مشكلتي يا اخي اني لو تكلمت سافتح ابواب كثيرة قد تضايق الكثير
لذلك ساكتفي بالصمت هنا فكلنا يعلم اجابة السؤال
ولماذا موقف الشيعة هو بهذه الطريقة ؟؟!!

سلمت ودمت بالف خير

نسرينه