أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: لماذا لا تصل يد "العدالةالأمريكية" إلى الشيشان؟

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 20
    المواضيع : 17
    الردود : 20
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي لماذا لا تصل يد "العدالةالأمريكية" إلى الشيشان؟

    في تقرير مقدم أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي في مارس (آذار) عام 2000، تحدث بيتر بوكرت الباحث المتخصص في أزمات الطوارئ في منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس واتش) عن "الانتهاكات الجسيمة" التي تقوم بها القوات الروسية في الشيشان والتي وصلت بحسب شهادة منظمته إلى درجة "جرائم حرب".
    كان الموقف المؤازر من الشيوخ الثمانية عشر لا يحتاج إلى تأكيد، فقد كانت كلمة السيد بوكرت بليغةً للغاية ومدعمة بالشواهد والأرقام التي قدمت من خلال تقريرين وأربعين بياناً لمنظمته، وقد طالب المتحدث أعضاء لجنة مجلس الشيوخ –الذين بدا عليهم التأثر بما سمعوا من حقائق مذهلة- طالبهم بتشجيع الدول الأوربية لرفع دعوى ضد الحكومة الروسية أمام المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، كما طالبهم بعرض الأمر على مجلس الأمن وأن تكون مسألة الحرب في الشيشان من ضمن بنود جدول أعمال الدورة القادمة للجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
    لم يخطر على بال السيد بوكرت أن الذين بدا منهم التعاطف الإنساني في تلك الساعة سوف تتغير مواقفهم في غمضة عين حين تكون حكومتهم في حاجة إلى مساعدةٍ من الحكومة المتهمة. فبعد أحداث سبتمبر (أيلول) 2001 تبين للمؤسسات السياسية في الولايات المتحدة بما فيها البيت الأبيض والكونغرس بشقيه مجلس الشيوخ ومجلس النواب، أن "الحرب على الإرهاب" كما تطلبت التعاون مع أنظمة غير ديموقراطية وصلت إلى سدة الحكم بانقلابات عسكرية ضد أنظمة منتخبة ديموقراطياً، فإنها كذلك قد تشمل تنازلاً عن بعض القيم والمبادئ المتعلقة بالعدالة الأمريكية ونشرها في العالم.
    من هذا المنطلق، رأت الحكومة الأمريكية أنه ليس من الحكمة استعداء روسيا بلومها فيما قامت وتقوم به من اعتداءات حربية في الشيشان، وإن صنفت على أنها "جرائم حرب" من قبل منظمات حقوقية دولية كانت إلى وقت قريب تحظى بدعم كامل من الحكومة الأمريكية.
    لم تكن هذه الحرب الروسية الأولى على جارتها الصغيرة، فقد سبق لروسيا الاتحادية أن وجهت قواتها العسكرية شمال القوقاز تجاه هذه الدولة الجبلية بين عامي 1994-1995 قامت القوات الروسية خلالها بجرائم حرب لا تقل فظاعة عن مثيلتها.
    وعلى رغم أن الحرب الحالية التي بدأت مع الغزو الروسي عام 1999 قد شهدت اعتراضات قانونية دولية من قبل مؤسسات قانونية دولية، إلا إن الأمور لم تتحسن قيد أنملة، بل ازدادت سوءً منذ ذلك التاريخ. فبعد تقرير مجلس الشيوخ المشار إليه بشهر واحد نشر المجلس الأوربي لحقوق الإنسان أول قائمة رسمية مفصلة لـ 329 حالة تتعلق بجرائم روسية ضد المدنيين في الشيشان بين عامي 1999-2000.
    إلا إن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لم تفعل شيئاً تلقاء التقارير الدولية العديدة التي حذرت من وحشية الانتهاكات الدولية التي تقوم بها القوات الروسية في الشيشان، ومنها –على سبيل المثال لا الحصر- قتل الآلاف وجرح عشرات الآلاف من المدنيين بغير ذنب إضافةً إلى طرق التعذيب التي ابتدعها الروس. حيث ذكرت تقارير أن الروس يقومون بتكسير عظام الأيدي والأرجل بآلات حديدية ويقومون بفقء الأعين والتعذيب بالصعق الكهربائي، إضافةً إلى تجريد المعتقلين من ملابسهم واغتصاب عدد من النساء. وقد ذكرت صحيفة الصنداي تايمز البريطانية في تغطية خاصة عن معتقلات التعذيب الروسية في نسبة إلى شهود عيان أنه يتم إلقاء كل 12 مدنياً شيشانياً في حفرٍ عمقها 9 أمتار بجنوب الشيشان، ويحاط المحتجزون بعدد من الجنود الروس المدججين بالسلاح.
    كما وصفت منظمة هيومان رايتس واتش في تقريرها السنوي لعام 2004، عمليات اختطاف الآلاف من المواطنين الشيشان التي تقوم به السلطات الروسية بأنها "جريمة ضد الإنسانية أسوء من الحرب". وتساءلت المنظمة الحقوقية الدولية في بيان لها عن سبب الصمت الأوربي على الانتهاكات القانونية الدولية ضد الشيشان! حيث قالت المديرة التنفيذية لقسم أوربا وآسيا الوسطى في منظمة هيومان رايتس واتش "إن غض الطرف عن الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية (في الشيشان) أمر غير مقبول أخلاقياً".
    وفي تقرير لها في شهر مايو 2005، أعادت منظمة هيومن رايتس واتش تأكيدها على إنه مع استمرار "حالات الاختفاء"، (وهو ما يعرف بالاختطاف) على نطاق واسع في الشيشان فإن تلك الممارسات ارتقت لمستوى ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" لا يجوز السكوت عليها.
    لم يكن الموقف الأمريكي أحسن حالاً من موقف حليفه الأوربي، فقد أدارت الولايات المتحدة ظهرها لجميع النداءات الدولية المطالبة بالتدخل العاجل لإنقاذ مايمكن إنقاذه مما تبقى من ضحايا الحرب الروسية الثانية على الشيشان التي جاوزت مدتها ثمان سنين.
    بيد أن الحكومة الأمريكية تتحمل من المسئولية الدولية مالا يحتمله غيرها، إذ إن الولايات المتحدة قد نصبت نفسها حامية للحقوق والحريات في العالم وما زالت تفتخر بما تزعم أنها حققته في نشر الديموقراطيات وترسيخ الحريات في دول أوربا الشرقية وأمريكا اللاتينية وأفغانستان والعراق ولبنان وغيرها.
    ولعل الأسئلة التي تبحث عن إجابة هي: أين موقف الحكومة الأمريكية من الانتهاكات الروسية في الشيشان منذ أن قدم تقرير منظمة حقوق الإنسان في مارس (آذار) 2000؟ ولماذا لم تعترض الولايات المتحدة على الاستخدام المفرط للقوة من قبل القوات الروسية ضد المدنيين الشيشان في الوقت الذي استخدمت فيه الإدارات الأمريكية المتعاقبة كل ضغوطها على مجلس الأمن لتستصدر أكثر من 40 قراراً ضد العراق فيما يظن أنه سعي للحصول على أسلحة دمار شامل؟
    وكيف استطاع الصبر الأمريكي أن يحتمل اغتيال عدة رؤساء في الشيشان من قبل السلطات الروسية في حين لم تحتمل الحكومة الأمريكية مسألة اغتيال رئيس وزراء سابق في لبنان، الأمر الذي دعاها لبسط نفوذها واستصدار أكثر من ستة قرارات من مجلس الأمن وعقد مايربو على عشرين جلسة للمجلس حول خطورة اغتيال رئيس وزراء سابق؟
    فخلال عشر سنين اغتالت السلطات الروسية أربعة رؤساء للشيشان كان آخرهم مسخادوف الرئيس الشرعي دونما أي اعتراض من الولايات المتحدة أو بقية دول أوربا، الأمر الذي حمل الكاتب الفرنسي أندريه جلوكسمان لأن يوجه خطاباً في صحيفة الليموند الفرنسية لشيراك وشرويدر قائلاً: "تقبلوا ياسادة امتنان قيصر الكرملين، تقبلوا شكره لموقفكم الصامت بعد أن اغتالت قواته مسخادوف الرئيس الشرعي الذي شهدت بشرعيته المنظمات الدولية".
    ولماذا لم تسع الولايات المتحدة من خلال مجلس الأمن لشجب الانتهاكات الروسية الخطيرة للقانون الدولي الإنساني بما في ذلك الجرائم المعرفة "بجرائم حرب" التي ماتزال تتواصل، بل إنه لم يصدر قرار واحد عن مجلس الأمن يعبر عن مجرد اهتمامه بالوضع الشيشاني، في حين أصدر المجلس –بفضل المساعي الأمريكية الحثيثة- أكثر من 15 قراراً حول الأوضاع في دارفور في أقل من ثلاثة أعوام؟
    أسئلة قد تكون إجابتها حاضرة عند رجل الشارع الشيشاني قبل رجل القانون الدولي. فالشعب الشيشاني يعلم جيداً اليوم أن يد "العدالة الأمريكية" لن تمتد إليه لتنقذه من براثن الظلم الروسي إلا كما انتشلت الشعبين الأفغاني والعراقي وكما تريد أن تنتشل شعب دارفور من ورطته!

    محمود المبارك

    حقوقي دولي.

  2. #2
    الصورة الرمزية د. توفيق حلمي شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2006
    المشاركات : 348
    المواضيع : 19
    الردود : 348
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    أخي القانوني الكبير
    هذا يؤكد أن دور الأمم المتحدة هو رعاية مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ومن والاها.
    روسيا بحربها في الشيشان تمنع قيام دولة إسلامية في القوقاز وذلك يخدم مصالح الغرب كله فكيف تعترض أمريكا أو الأمم المتحدة على ذلك ؟؟
    نحن أخي نعيش منذ أكثر من نصف قرن في مسرحية كبيرة أسمها الأمم المتحدة. وأد قيام دولة إسلامية كبرى في أي مكان في العالم هو هدف معلن على لسان رأس السلطة في أمريكا.
    أسعد بقراءة مواضيع قلمك الثري الرشيق
    تقديري

المواضيع المتشابهه

  1. يَدٌ آثِمَةٌ
    بواسطة لطيفة أسير في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 30-11-2020, 06:12 AM
  2. وَحدها يدُ شهرزاد ٍ باسقة...قصة قصيرة
    بواسطة علي السباعي في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 29-08-2014, 11:40 PM
  3. يَدُ المَوْت - تركي عبد الغني
    بواسطة تركي عبدالغني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 08-06-2012, 02:15 PM
  4. استشهاد قائد المقاتلين العرب فى الشيشان
    بواسطة اسكندرية في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-04-2004, 01:31 AM
  5. موسوعة مجاهدي الشيشان
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 25-05-2003, 09:32 AM