أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الديموقراطية الفلسطينية على شفا جرف

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 20
    المواضيع : 17
    الردود : 20
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي الديموقراطية الفلسطينية على شفا جرف

    في مقاله الشائع الذكر "Will more Countries Become Democratic" المنشور عام 1988، تنبأ البروفيسور صاموئيل هنتنقتن بمسقبلٍ زاهرٍ للديموقراطية في أوربا الشرقية، وفي أمريكا اللاتينية، وأماكن أخرى من العالم، إلا إن تفاؤل الكاتب وقف عند حدود البلاد الإسلامية، حيث زعم أن هناك تناقضاً بين الدين الإسلامي والديموقراطية. واستشهد على ذلك بأنه من قرابة خمس وأربعين دولة مسلمة وأكثر من سبعين دولة تسكنها أغلبية مسلمة مؤثرة ليس بين هذه الدول ديموقراطية واحدة.
    بل إنه رأى أن الديموقراطية في تركيا –وإن كانت جزئية- لم تتحقق إلا بعد أن خلع كمال أتاتوك قبعة الإسلام من رأس بلاده، وأن الديموقراطية اللبنانية انهارت بعد أن تدخلت المجموعات المسلمة في العملية السياسية والتي نتج عن تدخلها الحرب الأهلية اللبنانية السيئة الذكر.
    لعل الوضع في فلسطين اليوم يضيف حلقة أخرى تؤيد ماذهب إليه الكاتب الأمريكي المحافظ. فالذين يريدون إلقاء اللوم على حماس بصفتها حزباً إسلامياً، يرون أن هؤلاء "الدراويش" لايفقهون كنه الديموقراطية من حيث تداول السلطة. وأنه إذا لم تنجح تجربتهم السياسية فعليهم أن يسلموا أوراق اللعبة السياسية لغيرهم وألا يتمسكوا بزمام الأمور إلى مالانهاية، وأنهم إذا ما أصروا على الحفاظ على سلطتهم فإن ذلك قد يكون مؤذناً بحرب أهلية.
    المشكلة الفلسطينية – الفلسطينية خرجت إلى الوجود بقوة بعد الفوز المفاجئ لحماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة حيث أغضب ذلك الفوز الساحق إسرائيل والولايات المتحدة والغرب عموماً ومعهم منظمة التحرير الفلسطينية المتمثلة في فتح.
    ففتح تزعم أنه لابد للسلطة الجديدة أن تحافظ على جميع المواثيق والاتفاقات الدولية التي وقعتها السلطة السابقة كونها مواثيق دولية لابد من الوفاء بها ومن ذلك الاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، إلا إن حماس ترفض ذلك كله.
    فحماس في رأي هؤلاء غير ملزمة بما التزم به قادة فتح أثناء تسلمهم زمام الحكم. ويستدلون بأنه حتى في إسرائيل نجد أن الحكومات المتعاقبة في كثير من الأحيان قد تتخلى عن كثير من المعاهدات التي وقعتها إدارات سابقة. ورغم أن منظمة التحرير الفلسطينية قد اعترفت بحق إسرائيل في الوجود واحترامها لكيانها المستقل على لسان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إلا إن إسرائيل لم تعترف قط بحق الفلسطينيين كشعب وإنما وأثناء الاعتراف المتبادل الذي أقيم في حديقة البيت الأبيض أيام الرئيس كلنتون عام 1994، أقر رئيس وزراء إسرائيل السابق إسحاق رابين بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينة بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. ومعلوم أن في هذا من المآخذ القانونية مالا يخفى على ذي لب.
    الأمر الذي تريده فتح اليوم، هو اعتراف مباشر وغير مشروط من حماس بإسرائيل ربما كي تخسر حماس صدقيتها في الشارع الفلسطيني وتنتفي بذلك شرعية انتخابها إذا مانقضت وعودها الانتخابية. ولكنه أمر غير متوقع، كما إنه من غير المتوقع أن تسلم حماس السلطة التي وصلت إليها عن طريق الانتخابات الشرعية إلى سلطة غير منتخبة. فقد أكدت حماس مراراً موقفها من عدم عزمها على تسليم السلطة التي حصلت عليها بالانتخابات الشعبية إلى أحد. وقد جاء هذا التأكيد مرة أخرى في خطاب رئيس السلطة التشريعية إسماعيل هنية يوم الجمعة الماضي.
    ولكن فتح التي تعاني من أزمة فقد مركز القوة في السلطة التشريعية، تريد أن تتمسك بمناصبها السياسية ولو على حساب الديموقراطية العريقة التي عرفها الشارع الفلسطيني. ولعل هذا هو الذي دعا الرئيس الفلسطيني إلى اجتذاب أقرانه الذين لم يحالفهم التوفيق في الانتخابات التشريعية ليبقيهم إلى جانبه: هذا ممثل شخصي للرئيس وهذا مستشار خاص وذاك متحدث باسم فخامته ..وهلم جرا.
    وغني عن القول أن الضغوط المتواصلة على حماس من الداخل والخارج قد لا تعين حماس في الخروج من المأزق التي هي فيه. ولعله مما يتنافى مع أبسط مبادئ الديموقراطية بل والأخلاق الإنسانية العامة استغلال الوضع السيئ للشعب الفلسطيني في الضغط على الحزب الفائز بالانتخابات للتنازل عن السلطة بدلاً عن مساعدته في الخروج من أزمته. فالمشكلة الفلسطينية ليست مقتصرة على حماس وحدها، بل هي عامة على جميع فئات الشعب الفلسطيني، والرئيس الفلسطيني وحزبه متهمون اليوم بالتقصير كل التقصير في فك الحصار الذي يعانيه الشعب الفلسطيني بعد وصول حماس إلى السلطة.
    فعلى سبيل المثال، بدلاً من أن يطالب بعض أعضاء فتح، حركة حماس بترك أماكنهم في الحكومة لمن يستطيع أن يتحرك بسهولة في الأراضي الفلسطينية في إشارة إلى أن وزراء حكومة حماس ممنوعون من الحركة بأوامر من سلطات الاحتلال، كان الأجدر بهؤلاء أن يطالبوا سلطات الاحتلال بفك الحصار عن الأراضي المحتلة والسماح لهؤلاء بالتحرك الحر!
    كما أن على الرئيس الفلسطيني أن يفهم أنه لابد من التعاون مع السلطة التشريعية وإعطاء فرصة لحماس التي وصلت إلى السلطة برغبة شعبية أكيدة وانتخابات نزيهة لكي تثبت مقدرتها من عدمها في إدارة سدة الحكم. وأنه لا يمكن للرئيس الفلسطيني وحزبه أن يكونا حجر عثرة في طريق السلطة المنتخبة وفرض رأيهم عليها.
    كما أن على فتح أن تفهم الفرق الواضح بين ما تريده حركتها وما يريده الشعب الفلسطيني ذاته. إذ إن موقف حماس، لا يعبر عن رأي الشارع الفلسطيني فحسب، بل والشارع العربي أيضاً بصفة العموم.
    وإذا كان الرئيس الفلسطيني قد لوَّح أكثر من مرة إلى أنه قد يلجأ إلى استخدام حقه الدستوري في حل المجلس التشريعي المنتخب إذا لم يستجب لمطالبه، فإن الأولى بالرئيس المنتخب شرعياً أن يعير بعض الاحترام للسلطة التي تريد أن تفي بوعودها الانتخابية تجاه الشعب الذي أوصلها إلى سدة الحكم، كما أن عليه أن يستشرف انتخابات الرئاسة القادمة التي قد تزيحه عن مقعده إذا ما حاول أن يرضخ شعبه لأجل إرضاء إسرائيل أو الغرب. كما أن عليه أن يدرك أن السبب الذي أدى إلى خسارة حزبه وفوز خصومه في حماس هو وقوفهم في صف الولايات المتحدة.
    المشكلة الفلسطينية اليوم في تصاعد تدريجي، فقد بدأت بخلافات أيديولوجية ثم تلاسن بين أعضاء الحزبين، ثم تظاهرات منظمة من الفريقين والآن تدخل مرحلة جديدة هي مرحلة أعمال العنف والاقتتال الداخلي حيث قتل في الاشتباكات الأخيرة خمسة عشر شخصاً من الفريقين، ولا يعلم ماستفضي إليه هذه الخلافات إلا الله.
    ولكن، إذا ما استفحل النزاع الفتحاوي – الحماسي، فإن أبعاده لن تبقى داخل المربع الفلسطيني، بل إنها قد تطول كل قطر عربي، وبالتالي فإنه يجب على كل الدول العربية أن تعمل جاهدة اليوم على الحفاظ على الديموقراطية الفلسطينية مااستطاعت إلى ذلك سبيلاً، فلقد أثبت التاريخ الحديث أن مشاكل الأمة العربية والإسلامية كلها قد خرجت من رحم فلسطين المحتلة والمتأمل في وصايا منفذي تفجيرات نيويورك وواشنطن ومدريد ولندن وغيرهم لايحتاج إلى عبقرية واسعة لكي يدرك كنه الرابط بين فلسطين وماحدث من أعمال عنف في هذه البلدان.
    وأما عن موقف الولايات المتحدة من الديموقراطية الفلسطينية، فإن التاريخ الأمريكي الحديث مليئ بالشواهد في عدم حرص الولايات المتحدة على إرساء قواعد للديموقراطية في الشرق الأوسط. فقد وقفت الولايات المتحدة موقف المتفرج من فشل التجربة الديموقراطية الأولى في الجزائر، وتعاونت الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع النظام العسكري المستبد في باكستان وقامت الإدارة الحالية بإعانة نظام عربي عسكري مستبد وصل إلى السلطة عن طريق انقلاب عسكري كان إلى عهد قريب يتصدر قائمة الخارجية الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وغضت الولايات المتحدة بصرها عن التجاوزات القانونية الفاضحة التي جرت في الانتخابات العراقية، ورفضت بشدة وجود مشرفين دوليين على تلك الانتخابات التي باتت اتهامات نتائجها بالزور تكاد تكون حقيقة مؤكدة، وهاهي تقف موقف الخصم المناوئ من نتائج الانتخابات الفلسطينية الغنية عن التزكية.
    وواضح أن الولايات المتحدة اليوم تتبع النصح الإسرائيلي فيما يتعلق بفلسطين، ومعلوم أن إسرائيل لا تريد أي تعامل مع حماس كونها ترفض الاعتراف بإسرائيل. وبالتالي فإن ما تريده إسرائيل ومعها الولايات المتحدة هو إزاحة حماس من الواجهة السياسية واستبدالها بعنصر آخر ولو على حساب الديموقراطية الفلسطينية أو عن طريق خلق حرب أهلية فلسطينية. إذ المستفيد الأكبر من انهيار الديموقراطية الفلسطينية هي إسرائيل. وليس أدل على ذلك من أن الصحف الإسرائيلية الصادرة صباح السبت الماضي، وهو اليوم التالي لخطاب رئيس الوزراء الفلسطيني هنية، تحدثت بقوة عن احتمال نشوب حرب أهلية في فلسطين، يكون من نتائجها انهيار الديموقراطية الفلسطينية.
    ولكن إذا ماانهارت الديموقراطية في فلسطين، فإن الولايات المتحدة ومن أعانها من الداخل أو الخارج الفلسطيني يتحمل وزر اغتيال هذه الديموقراطية العريقة وأن حماس بريئة من تلك التهمة براءة الذئب من دم يوسف، أو براءة العراق من أسلحة الدمار الشامل!

    محمود المبارك

    حقوقي دولي.

  2. #2
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    ورغم أن منظمة التحرير الفلسطينية قد اعترفت بحق إسرائيل في الوجود واحترامها لكيانها المستقل على لسان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إلا إن إسرائيل لم تعترف قط بحق الفلسطينيين كشعب وإنما وأثناء الاعتراف المتبادل الذي أقيم في حديقة البيت الأبيض أيام الرئيس كلنتون عام 1994، أقر رئيس وزراء إسرائيل السابق إسحاق رابين بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينة بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. ومعلوم أن في هذا من المآخذ القانونية مالا يخفى على ذي لب.

    \

    لو أن العرب أعطوا لرجال القانون منصة الرأي والامر في سائر قضيتنا مع الصهاينة المجرمين

    لكانت القضية تسير غير مساراتها الآن ولحققنا من المكاسب المجدية
    وربما فصلوا الحق عن الباطل

    ولكن

    مناهج ثورية افتقرت في بعض الاحيان الى لغة التدبر في كيد ومكر وخديعة عدونا الفاجر وكما ذكرت في ملاحظتك الدقيقة هنا


    ثانيا ً

    فعلى سبيل المثال، بدلاً من أن يطالب بعض أعضاء فتح، حركة حماس بترك أماكنهم في الحكومة لمن يستطيع أن يتحرك بسهولة في الأراضي الفلسطينية في إشارة إلى أن وزراء حكومة حماس ممنوعون من الحركة بأوامر من سلطات الاحتلال، كان الأجدر بهؤلاء أن يطالبوا سلطات الاحتلال بفك الحصار عن الأراضي المحتلة والسماح لهؤلاء بالتحرك الحر!

    أقول
    هل باستطاعتهم مطالبة المحتل بفك الحصار ولو طالبوهم هل سيستجاب لهم

    \

    مع بالغ تقديري .... أستاذنا
    الإنسان : موقف

المواضيع المتشابهه

  1. على شفا همسة..
    بواسطة بثينة محمود في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 02-03-2023, 09:06 PM
  2. الديموقراطية على مزاجك
    بواسطة ابو زهير في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 20-07-2009, 12:52 AM
  3. على شفا حُـلم.........
    بواسطة محمد فقيه في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 09-05-2007, 10:25 AM
  4. شاهد على كهنة الديموقراطية ووعاظها..!
    بواسطة خليل حلاوجي في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 27-09-2006, 09:07 AM
  5. قلب .. و جرف
    بواسطة الضبابية في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-07-2004, 08:17 AM