أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: غوانتانمو: مقبرة القانون الدولي

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 20
    المواضيع : 17
    الردود : 20
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي غوانتانمو: مقبرة القانون الدولي

    بعيداً عن أعين المراقبين وعدسات الكاميرا وفضول الصحفيين، وضمن حلقات الحرب الأمريكية على ما يسمى "بالإرهاب" في أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، شيدت إدارة الرئيس بوش قاعدة عسكرية مكونة من خمسة معسكرات في جزيرة خليج غوانتانمو في كوبا فيما بات معروفاً اليوم بمعتقل غوانتانمو أشهر معتقل سياسي على الإطلاق.
    أقيم هذا المعتقل في الأصل ليضم بين جنبيه أسامة بن لادن والظواهري والملا عمر وغيرهم من أعضاء القاعدة وطالبان المتهمين خلف هجمات الحادي عشر من أيلول 2001، الذين لا تزال الولايات المتحدة تنتقل من فشل إلى آخر في محاولات اصطيادهم. ولكن حيث لم تظفر الولايات المتحدة ببغيتها، لم تجد بداً من اقتناص كل من كان في طريقها إلى بن لادن ورفاقه، بتهمة مساندتهم إياه أو أنهم يخفون معلومات هامة عن الإدارة الأمريكية.
    ولأجل الحصول على هذه المعلومات المزعومة، استخدمت وزارة الدفاع الأمريكية أصناف التعذيب المحرمة في القوانين الداخلية والدولية لمن يقبع داخل هذا المعتقل غير مكترثة بكل المواثيق الدولية التي وقعتها الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وإن المعاملة القاسية التي تلقاها الأسرى في غوانتانمو وما تعرض له هؤلاء الأسرى من تعذيب وإهانات ومحاكمات لتأتي مخالفة واضحة وخرقاً صريحاً لأبسط مبادئ وأعراف القوانين الدولية في الحروب. وإن رفض الإدارة الأمريكية إعطاء المقبوض عليهم من المقاتلين حقوقهم القانونية الدولية حسب ما نصت عليه اتفاقية جنيف الثالثة لأسرى الحرب عام 1949 (المواد 4-20)، لأمر يعد وصمة عار في جبين التاريخ الأمريكي.
    فزعم الإدارة الإدارة الأمريكية أن هؤلاء الأسرى ليسوا مقاتلين في صفوف الحكومة أفغانستان رسمياً، وبالتالي فإنه ليس لهم حقوق أسرى الحرب بموجب اتفاقية جنيف المذكورة، مغالطة قانونية تعكس مكان القانون الدولي في عقلية الإدارة الأمريكية الحالية. إذ إن هؤلاء المقبوض عليهم كانوا محاربين متطوعين مع الحكومة الأفغانية وينطبق عليهم ما ينطبق على أسرى الحرب كما أبانت ذلك المادة 4(2) من اتفاقية جنيف السابقة الذكر. بل إن إصرار الولايات المتحدة على عدم اعتبار هؤلاء المقاتلين أسرى حرب قد يزيد من تورط الحكومة الأمريكية. فهؤلاء المقاتلين إما أن يكونوا أسرى حرب أو أن يكونوا مختطفين، وأحسب أن الولايات المتحدة غير مستعدة لقبول هذا الأخير.
    وإن كانت هذه ليست المغالطة الوحيدة لإدارة الرئيس بوش فيما يتعلق باتفاقية جنيف المذكورة، فعقيب القبض على الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين صرح وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد أن الرئيس العراقي سوف يعامل معاملة أسير حرب تمشياً مع اتفاقية جنيف الثالثة 1949. وفي الوقت ذاته قامت القوات الأمريكية بنشر صورة الرئيس العراقي في أسوء وأذل حالاته في التلفازات العالمية، وهو أمر مخالف للمادة 14 من الاتفاقية المشار إليها آنفاً. وطبقاً لهذه المادة فإنه "يجب الحفاظ على سمعة وشرف جميع أسرى الحرب وفي كل الحالات أثناء اعتقالهم من قبل القوات المحتلة".
    كما إن المادة 13 تنص على أن "يعامل جميع الأسرى وفي كل الأوقات معاملة إنسانية كريمة وألا يتعرضوا إلى أي إهانة من قبل القوات المحتلة، وأن أي إهانة جسدية أو نفسية في حقهم تعتبر خرقاً جاداً لهذه الاتفاقية". وغني عن القول أن ما قامت به القوات الأمريكية من إهانة نفسية وجسدية لمعتقلي غوانتانمو لأمر فيه خرق لنص وروح هذه الاتفاقية الدولية.
    فقد اقتيد هؤلاء المعتقلون من بلادهم ولقوا أشد أنواع التعذيب بحسب شهادات المسئولين الأمريكين أنفسهم. من ذلك مارواه الصحفي الأمريكي سيمور هرش –وهو شخص اكتسب صدقيةً عالية بسبب إثارته لفضيحة سجن أبي غريب- حيث قال إن التعذيب في غوانتانمو قد شمل تجريد المعتقلين من جميع ملابسهم وتقييد أيديهم وأقدامهم بمسامير مثبتة في الأرض ويجبرون على التعرض لأضواء مبهرة وموسيقى صاخبة وفي نفس الوقت تشغل مكيفات الهواء على أعلى مستوياتها لفترات تصل إلى أربعة عشر ساعة. إضافةً إلى ذلك نسبت صحيفة نيويورك تايمز إلى جنود بقاعدة غوانتانمو أن "المعتقلين يتعرضون بشكل منتظم لمعاملة سيئة، وانتهاكات جنسية لفترات طويلة". وقد تظافرت شهادات من أفرج عنهم ومن أدلى باعترافات من الجنود الذين شاركوا في تعذيب المعتقلين في غوانتانمو على وحشيتها وعدم إنسانيتها. فقد شبهت منظمة العفو الدولية -في تقرير أصدره مقرها الرئيس بلندن العام الماضي- شبهت معتقلات غوانتانمو بمعسكرات الأشغال الشاقة السوفيتية، الأمر الذي أثار غضب واشنطن.
    ويبدو واضحاً اليوم أن أوامر التعذيب في معتقل غوانتانمو كانت بعلم الإدارة الأمريكية، وقد وصف مسئول دولي وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بأنه "مهندس تعذيب من طراز عال". وقد ذكر هرش أن شهادات حول تعرض معتقلين في قاعدة غوانتانمو بكوبا بلغت أعلى المستويات في الإدارة الأمريكية منذ خريف 2002. وذكر هرش في كتاب له حول هذا الموضوع أن محققاً من وكالة الاستخبارات المركزية زار معتقل غوانتانمو خلال صيف 2002 وعاد منها مقتنعاً "أننا ارتكبنا جرائم حرب".
    إضافةً إلى ذلك، وحيث إن جميع المعتقلين ينتمون إلى الدين الإسلامي مع اختلاف أعراقهم وجنسياتهم، رأت وزارة الدفاع الأمريكية أن انتزاع اعترافات من هؤلاء قد يكون مجدياً بإهانة رموزهم الدينة. وبحسب ما جاء في وثيقة مكتب التحقيقات الفيدرالية في شهر مارس من العام الماضي، فقد قام حراس السجن بتدنيس القرآن الكريم. وقد شمل تدنيس القرآن بحسب هذه الوثيقة وضعه في المرحاض، وركله والتبول عليه، حصل ذلك في نيسان 2002 أي بعد وصول أول دفعة من سجناء غوانتانمو بثلاثة أشهر.
    ولكن الإدارة الأمريكية وصفت حوادث تدنيس القرآن الكريم التي أقر بها البنتاغون بأنها "معزولة لا تتسامح معها القوات الأمريكية ولا تشوب سمعتها". كما قال المتحدث باسم البيت الأبيض أن "رجال ونساء الجيش الأمريكي يتمسكون بأعلىالقيم بما في ذلك تلك المتعلقة باحترام الحرية الدينية".
    كما أن القوات الأمريكية لم تعر انتباهاً قانونياً كافياً لاتهامات التعذيب، بل عاملتها بشيئ من عدم الاكتراث، حيث استمر هذا التعذيب وليس هناك دليل اليوم على أنه قد توقف. وقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن بعض المعتقلين حاول الانتحار، وقد عبر عن هذا أحد المعتقلين الذي أطلق سراحه فيما بعد، حين قال إن الانتحار "هو الوسيلة الوحيدة لإسماع نداء المعتقلين إلى العالم الخارجي ليعيد النظر في قيمه، وإلى المنصفين في أمريكا ليقفوا لحظة حقيقة مع أنفسهم".
    وأما عن المحاكمات العسكرية التي قررت إدارة الرئيس بوش إحالة أسرى غوانتانمو إليها –والتي جاءت مخالفة لمعاهدة جنيف الثالثة 1949- فقد أرادت الإدارة الأمريكية منها تحقيق هدفين. الأول هو ضمان سرية المحاكمات وعدم إفشاء أسرارها حيث إن المحاكم العسكرية في النظام الأمريكي لا تكون مفتوحة للصحافة والنشر. الأمر الآخر هو أن المحاكم العسكرية لا تعطي للمحكوم عليهم حق الاستئناف. وهذا من الأهمية بمكان لواشنطن إذ إنها تريد أن تنهي هذه المحاكمات بالسرعة الممكنة إلى غير رجعة. إلا أن الولايات المتحدة وقعت في مخالفة واضحة فاضحة حين أعلنت أنها تستثني من تلك المحاكم العسكرية المواطن الأمريكي جون والكر الذي أسر مع مقاتلي القاعدة في أفغانستان من غير تقديم أي مبرر قانوني لهذا التمييز العنصري. هذا، وتجدر الإشارة إلى أن قوانين الولايات المتحدة تنص على أنه لا يجوز اللجوء إلى المحاكم العسكرية إلا في حالة قيام حرب يكون من نتيجتها أن تغلق جميع المحاكم المدنية.
    اليوم، وقد مضى قرابة نصف عقد من الزمن على إنشاء معتقل غوانتانمو، زاد عدد المطالبين بإغلاق المعتقل. فقد طالب كل من الرئيسين السابقين جيمي كارتر وبيل كلنتون بإغلاقه فوراً، كما طالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والأمين العام للأمم المتحدة، ولجنة العفو الدولية وطالب تقرير لخبراء حقوق الإنسان -الذي قال إن التعذيب قد مورس في المعتقل- بإغلاقه أيضاً. ولقد وصف رئيس وزراء بريطانيا توني بلير –وهو الصديق المؤتمن لإدارة بوش- هذا المعتقل بأنه "وضع شاذ"، كلمة ربما أراد أن يوصل من خلالها رسالة إلى إدارة بوش بسرعة التوجيه بإغلاقه. ولقد شملت قائمة المطالبين بإغلاق المعتقل سفراء كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وعدداً من أعضاء الكونغرس الأمريكي بشقيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ.
    بل، لقد كان وجود هذا المعتقل سبباً لخلاف بين مستشارة الأمن القومي السابقة كوندليزا رايس –بعد أن اطلعت على نتائج تحقيق عن المعتقل- ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، الذي رفض طلبها بوضع حد للتصرفات المشينة في معتقل غوانتانمو في خريف 2002. ولعل هذا كان سبباً في التصريحات اللاحقة التي أدلت بها رايس قبل فترة وجيزة حين قالت "لاشك أننا ارتكبنا آلاف الأخطاء التكتيكية في العراق"، في إشارة إلى تحميل وزير الدفاع مسئولية تلك الأخطاء.
    ولكن الأمر المؤسف هو أنه ليس بين هذه النداءات كلها صوت عربي أو إسلامي رسمي واحد، رغم أن الغالبية العظمى من المعتقلين هم من أبناء هذه الدول، ورغم أننا أكثر أمة تحوي منظمات ومنتديات سياسية دولية. ويبدو أن الأمة العربية والإسلامية لا تزال تعيش حالة الرهبة الأمريكية التي صحبتها في الأيام الأولى بعد أحداث أيلول 2001، وكأنها مسئولة عنها.
    لقد أرعبت الولايات المتحدة العالم بأسره بعد أحداث أيلول فكان هناك صمت دولي ظالم في قضية العصر: قضية غوانتانمو. فقد صمتت في البداية حيالها كل الدول والمنظمات الدولية، حتى منظمة الصليب الأحمر لم يسمح لها بزيارة المعتقل إلا بعد مرور عامين. بل وحتى قناة الجزيرة الفضائية التي حاربت فيما بعد من أجل مصورها المعتقل ظلماً، لم تجرؤ في الحديث عنه إلا بعد مرور سنوات على اعتقاله.
    ولكن المطلوب اليوم من الأمة العربية والمسلمة التي طال صمتها في وقت تكلم فيه الجميع، هو أن يكون هناك تحرك على ثلاثة محاور:المحور الأول: هو أن تتحرك الحكومات العربية والمسلمة لنصرة أبنائها المعتقلين في غوانتانمو، وأن تطلب هذه الحكومات من إدارة الرئيس بوش رسمياً إغلاق هذا المعتقل المشين لهم وللعالم أجمع.
    المحور الثاني: أن تتحرك المنظمات الدولية والإقليمية وعلى رأس هذه المنظمات الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والرابطة لإنهاء هذه المأساة المحرمة بكل شرائع وقوانين وأعراف العالم.
    المحور الثالث أن تتحرك الشعوب العربية والإسلامية بالمطالبة كتابةً عبر الرسائل الإلكترونية وبرامج الفضائيات والخطابات الموقعة فردياً وجماعياً لإسماع الصوت الخافت الذي لا يجوز له أن يبقى كذلك. وإذا اختارت الأمة العربية والإسلامية إبقاء صمتها فليعلم التاريخ أن القانون الدولي في غوانتانمو قد حفر قبره ودقت مسامير نعشه.

  2. #2
    الصورة الرمزية د. توفيق حلمي شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2006
    المشاركات : 348
    المواضيع : 19
    الردود : 348
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    هو ما يؤكد مداخلاتي السابقة أن كل الأعراف والتقاليد والقوانين المجلية والدولية عند الولايات المتحدة الأمريكية والتي تتخذها درعاً تتدرع به وقناعاً ترتديه لتنفيذ سياستها البربرية في العالم كله. هذه دولة لن تتزحزح يوماً في سياستها عن أسلوب رعاة البقر الذين أفنوا الهنود الحمر ببساطة شديدة.
    عندما لا تغطي الدروع والأقنعة سياسة معينة أو قرارات بعينها ، ساعتها تظهر سافرة بغير قناع لتظهر بشاعة وجهها كما نراه في جوانتانمو العراق وافغانستان وغيرها.
    تحياتي

  3. #3
    الصورة الرمزية د. توفيق حلمي شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2006
    المشاركات : 348
    المواضيع : 19
    الردود : 348
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    هو ما يؤكد مداخلاتي السابقة أن كل الأعراف والتقاليد والقوانين المحلية والدولية عند الولايات المتحدة الأمريكية والتي تتخذها درعاً تتدرع به وقناعاً ترتديه لتنفيذ سياستها البربرية في العالم كله. هذه دولة لم تتزحزح يوماً في سياستها عن أسلوب رعاة البقر الذين أفنوا الهنود الحمر ببساطة شديدة.إنما تغطيها آلة إعلامية ضخمة تروج للمثل العليا التي تتبعها.
    عندما لا تغطي الدروع والأقنعة سياسة معينة أو قرارات بعينها ، ساعتها تظهر سافرة بغير قناع لتظهر بشاعة وجهها كما نراه في جوانتانمو العراق وافغانستان وغيرها.
    تحياتي

  4. #4
    الصورة الرمزية الصباح الخالدي قلم متميز
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : InMyHome
    المشاركات : 5,766
    المواضيع : 83
    الردود : 5766
    المعدل اليومي : 0.86

    افتراضي

    اظنه قبر قبل ذلك في قضية فلسطين كل مرة تصنعون مقبرة للقانون الدولي
    اتوقع غدا تفتحون مقبرة جديدة
    غريبون وعجيبون اخوتنا العرب
    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهيمَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

المواضيع المتشابهه

  1. متى يبدأ معرض القاهرة الدولي للكتاب 2006
    بواسطة خالد الحمد في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 23-01-2007, 04:06 PM
  2. أمريكا تخرق القانون الدولي لحماية إسرائيل
    بواسطة د. محمود محمد آل الشيخ في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-11-2006, 10:31 AM
  3. أيها المسلمون أخرجوا أنفسكم من التجاذب الدولي بإقامة الخلافة
    بواسطة محمد سوالمة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 02-04-2005, 03:43 PM
  4. باقي 7 أسابيع تقريبا على الانتداب الدولي الامريكي/ الفرنسي الجديد في لبنان
    بواسطة ابو نعيم في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 28-03-2005, 08:09 PM
  5. اللاجئ الفلسطيني وموقعه في القانون الدولي
    بواسطة روح في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 28-03-2003, 07:33 PM