يعتبر مسجد الرسول (عليه الصلاة‎ ‎والسلام) أول مسجد ثابت المعالم والتاريخ‎..
وكان المسجد أرضاً بها نخل وقبور‎ ‎للمشركين، وكانت أرضاً خربة في البداية‎
ومملوكة لغلامين يتيمين من الأنصار هما‎ (‎سهل وسهيل‎)..
وكانت هذه الأرض على موعد مع القدر‎ ‎حيث اشترى الرسول (عليه الصلاة والسلام‎)
الأرض من الغلامين‎ ‎بعشرة دنانير،‎ ‎وأمر النبي (عليه الصلاة والسلام) بالنخل فقطع،‎
وبقبور المشركين فنبشت وسويت الأرض تمهيدا لبناء أطهر مساجد الإسلام،‎
وقد‎ ‎استغرقت عمارة المسجد‎ ‎سبعة شهور‎ ‎قضاها الرسول (صلى الله‎ ‎عليه وسلم‎)
في ضيافة‎ (‎أبي خالد الأنصاري‎) ‎ثم أذن‎ ‎لفقراء المسلمين الذين ليس لهم منازل‎
ولا عشائر أن يناموا في المسجد وقد عرف‎ ‎ذلك الفريق من المسلمين‎
بأهل الصفة‎ ‎لإقامتهم بالمسجد‎ ‎على هيئة صفوف‎.




أما‎ ‎مساحة المسجد الأولى فكانت‎ ‎سبعين ذراعا في ستين ذراعا‎ ‎أو‎ ‎يزيد‎
‎(‎الذراع = ستة وستين سم) وهذا المسجد الذي عمل بنائه النبي عليه الصلاة‎ ‎والسلام‎
وعاونه في ذلك أهل المدينة من المسلمين، كان بناءً بسيطاً يترجم في‎ ‎بساطته عن يسر ‏الإسلام،‎
حيث اعتمد على بعض الصحابة ممن لهم خبرة في مجال‎ ‎البناء،‎
وكان المسجد علي هيئة فناء‎ ‎مربع متساوي الأضلاع،‎ ‎وتحف به‎ ‎أربعة جدران،‎ ‎ارتفاعها 7 ‏أذرع، ويتجه أحد‎ ‎جوانبه‎ ‎نحو المسجد الأقصى‎ ‎بالقدس الشريف،‎
والجدار‎ ‎المقابل نحو‎ ‎الكعبة المشرفة‎ ‎في الجنوب،‎
وكانت‎ ‎الجدران مبنية في بدايتها من‎ ‎الطوب اللبن،‎
وسقف جزء‎ ‎منه بسعف النخيل والطين، وجعلت عمد المسجد من جذوع النخل‎
وكان للمسجد ثلاثة‎ ‎أبواب هي‎ ‎باب جبريل، وباب النساء وباب الرحمة،‎
وما‎ ‎زالت هذه الأبواب تعرف باسمها حتى الآن‎..



وأمر‎ ‎النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن يبني خارج الطرف الجنوبي من الجانب الشرقي‎
مسكنان لزوجتيه السيدة‎ ‎عائشة بنت أبي بكر والسيدة سودة بنت‎ ‎زمعة ـ رضي الله عنهما ـ،‎
ثم أضيف إلي هذين المسكنين بيوت أخرى لباقي‎ ‎زوجات الرسول عليه السلام‎
ولم تكن هذه البيوت ملتصقة بالمسجد بل كان يفصل بينها‎ ‎وبين المسجد طريق‎
عرضه 10 أذرع ويبدوا أن المسجد لم يكن في أول الأمر، سوى ظلة‏‎ ‎واحدة‎
وكانت ترتكز على سوار من جذوع النخل حفت على أبعاد متساوية‎
وفي‎ ‎السنة الثانية من الهجرة‎ ‎أمر الله سبحانه وتعالي رسوله ـ عليه‎ ‎السلام ـ‎
أن يولى وجهه شطر المسجد الحرام بمكة المكرمة بعد أن كانت القبلة أول‎ ‎الأمر‎
تجاه بيت المقدس، فنقلت القبلة من الجدار الشمالي إلى الجدار الجنوبي‎
من المسجد النبوي الشريف‎ …




ودخل‎ ‎المسجد في طور جديد حيث أضاف الرسول (صلى الله عليه وسلم) ظلة ثانية‎
وجعل في‎ ‎وسطها علامة تعين موضع القبلة وهي تعتبر الأساس الأول لفكرة‎ ‎المحراب،‎
وأصبح بوسط المسجد مكان مكشوف عرف باسم صحن‎ ‎المسجد وبقيت السقيفة القديمة‎
علي حالها يستظل بها الناس من حرارة الشمس وعرفت‎ ‎بالصفة‎..

ولم يكن المسجد في ذلك الوقت يشتمل علي‎ ‎مئذنة إذ كان المؤذن ينادى للصلاة‎
من فوق سطح أعلى منزل مجاور للمسجد‎ …
وفى‎ ‎السنة السابعة من الهجرة النبوية الشريفة بعد غزوة خيبر قام الرسول (صلى الله عليه‎ ‎وسلم‎)‎،‎
بتوسيع المسجد وبيوت زوجاته الشريفة، وأصبحت هذه البيوت تفتح علي المسجد‎ ‎مباشرة،‎
وكان بعضها من جريد النخل والبعض الآخر من الحجارة … وأدى ازدياد أعداد‎ ‎المسلمين،‎
واتقاء لحرارة الشمس قام المسلمون ما بين السقيفتين الجنوبية‎ ‎والشمالية بسقيفتين أخريين‎
إلي جهة الشرق والغرب من المسجد، وظل المسجد بهذه‎ ‎الحال حتى‎ ‎وفاة الرسول‎ (‎صلي الله ‏عليه وسلم‎)
عام 11 هـ‏‎ ‎ودفن‎ (‎عليه السلام) في‎ ‎أرض حجرة السيدة عائشة‎ (‎رضي الله عنها‎).




وصار تخطيط المسجد النبوي بالمدينة المنورة نموذجا للمساجد‎ ‎الجامعة‎
التي أسسها المسلمون في المدن الجديدة التي أنشأوها عقب الفتوح‎ ‎الإسلامية‎
مثل مسجد البصرة ومسجد الكوفة بالعراق ومسجد عمرو بن العاص بالفسطاط‎ ‎بمصر،‎
ومسجد عقبة بن نافع بالقيروان‎.‎