|
أَسَأَلْتِ كيف الحالُ يا هندُ؟ |
يَسُرَ السؤالُ وأَعْسَرَ الرَدُّ! |
حالي بدارِ الغربتينِ خُطىً |
مشلولةٌ فاسْتَفْحَلَ البُعْدُ (1) |
قلبي إذا أمسى على فَرَحٍ |
فعلى رمـادِ فجيعةٍ يَغدو |
لا الريحُ تلثمُ خَدَّ أشرعة |
حيرى ولا الحرمانُ يَرْتَدُّ |
ٍكيفَ السبيلُ الى ضُحاكِ وفي |
مُقَلِ الغريبِ تأبَّدَ السُّهْدُ؟ (2) |
يا هندُ منذ طفولتي وأنا |
راعٍ خِرافي الشوقُ والوَجْدُ |
أدريكِ لا تدرينَ ما شَغَفي |
وإن ادَّعَيْتِ بأنـكِ النــدُّ |
لا تفطمي قلبي ... اسقِهِ حَبَباً |
إنْ عَزَّ من كاساتِكِ الرَّفْدُ (3) |
الأسْرُ؟ أُمنيتي ... إليكَ يدي |
أطْبِقْ ... فديتُكَ أَيُّها القَيْدُ |
يا هندُ منذ طَرَقْتِني وأنا |
طفلٌ ملاعبُ روحِهِ «نجدُ» |
يا هندُ كيف عرفتِ أنَّ دمي |
ظامٍ لنبضِ هواكِ يا هندُ؟ |
تُصغي الى شفتيكِ قافيةٌ |
ما عاد ينسجُ بوحَها سَرْدُ (4) |
هاتَفْتِني فَغَفَوتُ من خَدَرٍ |
وأَفَقْتُ ظمآناً ولا وِرْدُ |
صوتٌ يَزخُّ من الشذا مطراً |
زانَ العَفافُ صداهُ ... والحمدُ |
أوراقيَ الخرساءُ مُذ سمعتْ |
منكِ اللحونَ وسطرُها يحدو |
تَوَّجْتِني عرشَ المنى فأنا |
مَلِكٌ ولكنْ في الهوى «عبدُ» (5) |
عمري كرمل «سماوتي» عَصَفَتْ |
ريحٌ به فَتَفَرَّقَ الحــَشْــدُ |
ضُمّي إليكِ شتاتَ قافلتي... |
طال الطريقُ وأشْبَكَ القَصْدُ (6) |
يا هندُ واحتالتْ على مَطَري |
بيدٌ إذا زُرِعَتْ فلا حَصْدُ |
يا هندُ أعيادي مَحَنَّطَةٌ |
فَصِلي لتغدو ظبيةً تعدو |
أنا أمَّةٌ في الحزنِ لا نَفَرٌ |
أمّا الهوى فأنا به الفَرْدُ |
بحري بلا جَزْرِ ... وأَخْيلتي |
كالبحرِ لكنْ كلُّها مـــَدُّ |
إنْ تَصْدِقي وعداً فقد ضَحِكتْ |
شمسي وَمَدَّ بساطَه الودُّ |
يا هندُ إنَ غَرَّبْتُ فالوَجدُ |
دامٍ ... وإنْ شَرَّقْتُ فالصَدُّ |
أنا جُثَّةٌ تمشي على قدمٍ |
أمّا الثيابُ فانها اللحدُ |
بيني وبينك ألفُ مانعةٍ... |
إنْ دُكَّ سدٌّ قامَ لي سَدُّ |
فأنا الخريفُ وأنتِ حقلُ منىً |
يلهو به اللبلابُ والرَّنْدُ |
وأنا الجفافُ وأنتِ نهرُ نَدىً |
وأنا الكفافُ وعيشُكِ الرَغْدُ |
وأنا البكاءُ وأنتِ أُغنيةٌ |
وأنا الكسيحُ وَمَشْيُكِ الوَخْدُ (7) |
الدمعُ في كأسي يُخالطُهُ |
طينٌ .. وأنتِ بكأسِكِ الشهدُ |
أفكلـَّما أدنـو لداليــةٍ |
تنأى القطوفُ ويقصرُ الزَّنْدُ؟ |
عَطَشُ المنافي شَلَّ أوردتي |
فامطِرْ... كفاك البرق يا رَعْدُ |
بعضُ الهوى يا هندُ عافيةٌ |
للعاشقينَ ... وبعضُهُ وَأدُ |
بردانُ ... ما للنارِ تُثْلِجني؟ |
أرأيتِ ناراً نَشْرُها البَرْدُ؟ |
وَيحي! أفي «الخمسين» تَصْرَعُني |
رأْدٌ ويوهِنُ صخرتي رِئْدُ؟ُ؟(8) |
أَوَلَسْتُ قد أَغْلَقْتُ نافذتي؟ |
أمْ قد تناسى عهدَهُ العهدُ؟ |
نَثَرَتْ عليَّ بخورَ ضحكتها |
فاذا بحنجرةِ الهوى تشدو |
فَرَشَ الفؤادُ لها منازله |
فهيَ المليكُ وأضلعي الجندُ |
نَسَجَتْ دمي ثوباً يُطَرِّزُهُ |
كَفَني .. وَظَنَّتْ أنه وَرْدُ ! |
رَقَصَتْ حروفي وانتشى طربا |
قلمي وساطَ مداديَ السّعْدُ |
يا هندُ هل مَسٌّ تَلَبَّسَني |
لمّا طَرَقتِ الجفنَ يا هندُ؟ |
ما للقِلادةِ تَسْتَفِزُّ فمي |
فيشبُّ بين أضالعي الوَقدُ؟ |
أَيَغارُ من عِقدٍ تَوَهَّمَهُ |
شَفَةً فَجُنَّ فمي فلا رُشْدُ؟ |
عندي لجيدِكِ إنْ أردْتِ له |
حِلَلاً حلالاً دونَها الهِنْدُ: (9) |
قُبَلٌ بلا إثمٍ تَنَظَّمَها |
ثغرٌ به من خشيةٍ ردُّ (10) |
زُهدي بِجاهِ التِبْرِ حَبَّبَ ليْ |
طينَ الفراتِ أنا امرؤٌ زَهْدُ (11) |