أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: المشهد الشعري في رباعيات حسين علي محمد

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 1,000
    المواضيع : 165
    الردود : 1000
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي المشهد الشعري في رباعيات حسين علي محمد

    قراءة في كتاب " المشهد الشعري في رباعيات حسين علي محمد"
    للدكتور علي مطاوع
    بقلم: أ.د. خليل أبو ذياب

    كثيرة هي الكتب والدراسات التي تقع في يد القارئ مما تخرج به علينا المطابع ودور النشر في هذا العصر، بيد أن الدراسات التي يمكن أن تفرض على القارئ احترامها وتقديرها وتأملها وقراءتها بكثير من الإعجاب والإكبار فقليلة جدا ونادرة ، وربما لا تكاد تذكر في خضمّ هذا الزيف الرخيص ، وذلك الركام الهائل الذي يسوده ويستقطبه التهافت ..
    ولعنا لا نجاوز الحق إذا ما قررنا بادئ ذي بدء ما تمتاز به هذه الدراسة التي بين أيدينا التي وضعها ناقد جاد حصيف ، وأديب لوذعي ، وقارئ فطن هو الأستاذ الدكتور علي مطاوع على قصيدة واحدة للشاعر الكبير الأستاذ الدكتور حسين علي محمد أطلق عليها اسم " الرباعيات " اتباعا ومشايعة لأشهر رباعيات في الأدب العالمي وهي "رباعيات الخيام" الفارسي بكل ما انطوت عليه من أفكار وتأملات، وإن اختلفتا في المنهج والأسلوب والفكر الذاتي والمنطق الواقعي الذي يحكم كلاّ منهما بطبيعة الحال .. وقد نشر شاعرنا المصري رباعياته ضمن أحد دواوينه الكثيرة وهو " حدائق الصوت " .. وقد حرص ناقدنا الألمعي على دراسة هذه القصيدة المفردة فجاءت في هذا الكتاب الذي تجاوزت صحائفه المائة والثلاثين صفحة من القطع الكبير وإن كان القارئ للكتاب يخلص إلى حقيقة ظاهرة هي حاجة القصيدة إلى أكثر من هذا الحجم وأوسع من تلك الدراسة على أهميتها واكتمالها واقتدارها العجيب على سبر أغوارها وروعة النتائج التي تمخضت عنها لا لشيء إلا لما تمتاز به القصيدة من غنى وثراء وعمق فكر وبعد نظر ونقد وتأمل في مختلف مجالات الحياة وأعماق الذات وقضايا الواقع وغير ذلك ..
    هذا وقد جاءت الدراسة التي بين أيدينا في فصلين كبيرين ، أو قسمين : السيرة الذاتية أو قل الإبداعية للشاعر ، ثم الدراسة التحليلية للرباعيات .. وفي القسم الأول انطلق المؤلف يعرض أطرافا متناثرة وخيوطا متنوعة من سيرة أديبنا الكبير الدكتور حسين علي محمد منذ البدايات المبكرة التي تلمح إلى ما يتمتع به من عبقرية إبداعية متميزة في مجال الشعر أولا ومنذ أن أخذت تبرز في مظهر رائع عبر المسابقات التي كان يشارك فيها وتحصل فيها على كثير من الجوائز المتميزة التي تؤكد إبداعه في فن الشعر وتفوقه وتوهجه الشعري الذي صنعته أحاسيسه المرهفة وإخلاصه وعشقه للشعر ، بله الكثير من فنون الأدب ؛ " وقد ألهمته ربة الشعر نهجا مستقيما ، وصدقا فنيا ، حضورا إبداعيا ، وصياغة شعرية فنية متفردة عن أبناء جيله من الشعراء ؛ وقد كان ذلك نتاج موهبة خاصة تضافرت على صنعها محطات في حياته الخاصة، وأحداث متباينة " (ص21) .. وقد كان شاعرنا الكبير صادقا ومحايدا وهو يقوّم إبداعه الشعري إذ يقول : " إنني أرى أن شعري على امتداد رحلته يحاول أن يقترب في لغته من لغة الواقع المعيش بمفرداته اليومية ، كما تحاول معظم أشعاري أن تهتم ببناء الصورة الكلية المنتزعة من الشعور ، والمتكئة على الواقع المعيش ومفرداته " ! (28)
    كذلك تجلى إبداع شاعرنا الكبير في المسرح الشعري حيث وضع عددا من المسرحيات منها " الرجل الذي قال " ، و" الباحث عن النور"، و" ملك وثيران "، و" بيت الأشباح "،و" الزلزال " ، و" الفتى مهران " وغيرها .. أما في القصة ، فقد أبدع فيها كثيرا من القصص الني ضمنها مجموعاته العديدة ومنها " مجنون أحلام " ، و" أحلام البنت الحلوة " ، و" الدار بوضع اليد " وغيرها .. كذلك كانت لشاعرنا الكبير مشاركات كثيرة وجادة في مجال النقد الأدبي بما كان يمتاز به من منهج فريد وهو يرصد إبداع المجهولين وغير المشاهير من الأدباء انطلاقا من إيمانه بطاقاتهم الإبداعية وجدارتهم بالحصول على تقدير الدارسين والنقاد ، وتبوُّء مكاناتهم اللائقة بهم في عالم الإبداع الأدبي .. فضلا عن كثير من الدراسات الأدبية والأكاديمية في مجالات القصة والأدب الإسلامي وغيرها .. إلى جانب الكثير من مشاركاته الأدبية والثقافية والعلمية التي تؤكد أصالته وإبداعه والتي طرحها في كثير من تلك الدراسات ..
    أما القسم الثاني من هذا الكتاب أو الدراسة التي وضعها ناقدنا الحصيف لرباعيات حسين علي محمد ، فقد جاءت في فصلين أعقبا نص الرباعيات : فصل للدراسة الموضوعية أو الفكرية ، وفصل للدراسة الفنية .. وفي فصل الدراسة الموضوعية للرباعيات حرص الناقد على تناول كافة الجوانب التي اشتملت عليها القصيدة ، حيث أخذ يجوس خلالها راصدا تحركاتها الفكرية وتحولاتها الرؤيوية وما وجد الشاعر من عناء بالغ في نظمها أو إبداعها .. ويكشف الناقد عن أبرز الدوافع التي وجهته لدراسة الرباعيات والمتمثلة بقلة اهتمام الدارسين بها مع كل ما تمتلئ به من طاقات إبداعية ورؤى فكرية مما يجعلها حقيقة بدراسات جادة كثيرة .. ويطرح الناقد بعض الدوافع التي كانت وراء دراسته لهذه الرباعيات التي جاءت خلاصة لخبرات الشاعر ومعايشته لحركة المجتمع ، فضلا عما تجسد فيها من صدق فني يخلق العلاقة الحميمة بين النص المبدَع والمتلقي الناتج عن علاقة المبدع بالواقع وعلاقة الواقع به " (65)
    ويرى الناقد أن الرباعيات الإحدى والأربعين التي ضمنتها القصيدة ، وإن كانت تختلف فيما بينها عنوانا ومضمونا ، متداخلة مع بعضها بحميمية تبدو معها كقصيدة واحدة يجمعها صوت واحد هو صوت الشاعر ، وخطاب شعري واحد هو صوت الإنسان العربي في تجليات الانسحاق بكل ما تطرحه من مشاهد مأساوية عاشها ويعيشها الشعب المصري /العربي في هذه المرحلة من تاريخه .. كذلك يقرر الناقد أن هذه الرباعيات جاءت صورة واعية وصادقة لتطور الشاعر ونموّ رؤاه الشعرية .. كما يقرر أن دراسة الرباعيات ينبغي أن تنطلق من اعتبارها قصيدة واحدة بوصفها بنية مستمرة من التحولات التي تكتنف الذات المتكلمة وتتجاوزها إلى الآخر أو المخاطب .. وهذا ما دفع إلى بروز الإحساس الحاد بالانهزام الذي انتشر في كثير من صورها وأفكارها وتعبيراتها وعناوينها الكثيرة اللافتة .. وكل هذا دفع الناقد إلى التأكيد على أن الرباعيات تجسد موقف الشاعر من واقعه ، وتكشف عن رؤيته الذاتية التي تراوحت بين " الأنا / الذات / الشاعر" ، وبين " الآخر/الضمير الجماعي عبر الالتحام بالواقع المعيش بكل ما يستقطبه من مآس ونكبات لا يملك إزاءها إلا الحلم بالخلاص والحرية عبر موجة هائلة من التفاؤل :
    ها هو الليل يولّي ، فتعـــالْ نطلقِ البسمة للفجر القـــريبْ
    قد قضينا العمر غمّـاً ونَكالْ إن ذا الفجرَ إلى القلب حبيبْ
    ويمضي الناقد مع شاعر الرباعيات يرصد ملامحها الفكرية التي تكشف عن مواقفه المتباينة مع الواقع ، كما وقف عند أطراف متناثرة من استخداماته الأسلوبية واللغوية وأبعادها الفنية والفكرية فضلا عن كثير من العبارات والألفاظ الدالة بعمق على ما ينوء به كاهل الشاعر من أعباء ومشاق وآلام !
    بيد أن من أهم ما يمكن أن يلاحظه قارئ الكتاب ـ ربما ـ تركيز الشاعر على قضية السلام التي أطاحت بالسادات ؛ ذلك أن الناقد تبنّى موقفا مغايرا لموقف الشاعر إزاء هذه القضية الخطيرة والحاسمة .. ونحن هنا كقارئين ، لا يسعنا إلا احترام وتقدير ذينك الموقفين انطلاقا وإيمانا بحرية الرأي لا أكثر !
    أما القسم أو الفصل الثاني من هذه الدراسة فتناول الإيقاع الموسيقي الذي أقام الشاعر رباعياته عليه ممهدا بدور الموسيقا في بناء الشعر سواء منها ما يتعلق بوزن الرمل الذي بنيت عليه الرباعيات ، وإن لم يعرض الناقد لما طرأ على تفعيلات العروض والضرب فيها من تغييرات بالحذف أو القصر أو التمام .. وكذلك ما يتعلق بالبنى الصوتية التي عُني الشاعر باستخدامها وتوظيفها فيها ، وكذلك التركيز على استخدام طائفة من المفردات التي تحقق تناغما صوتيا ظاهرا ورائعا .. كذلك وجدنا الناقد حريصا على تجلية ما تختزنه بعض الحروف التي استخدمها الشاعر رويّا في بعضها كالنون والميم مثلا .. مع أن الشاعر استخدم كثيرا من الحروف الأخرى التي لم يُعنَ بها الناقد الفاضل ليكشف عن أبعادها الموسيقية أو الفنية فضلا عن أبعادها الفكرية التي دفعت إلى فرضها على الشاعر..
    ومهما يكن فقد أمتعنا الناقد المبدع د/ علي مطاوع بهذه الدراسة الرصينة التي أقامها على دراسة إحدى قصائد الشاعر الكبير الأستاذ الدكتور حسين علي محمد وهي " رباعياته " التي أودعها كثيرا من رؤاه الفكرية ونظراته العميقة في الواقع وآلامه وآماله العريضة في التغيير والخلاص .. وهي من بعد ومن قبل تعدّ بحق من أروع ما أبدع الشاعر ، بل إنها ترتفع به إلى مصاف فحول الشعراء المبدعين !
    وفق الله شاعرنا الكبير وناقدنا الحصيف لإبداعات أخرى رائدة ؛؛
    خليل أبو ذياب

  2. #2

  3. #3
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 1,000
    المواضيع : 165
    الردود : 1000
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مجدي محمود جعفر مشاهدة المشاركة
    شكرا على هذه القراءة الجميلة ، ورباعيات الدكتور حسين تستحق أن يفرد لها النقاد مجلدات ، شكرا للدكتور خليل وشكرا للدكتور على مطاوع وللشاعر المبدع الكبير د. حسين
    شكراً لمتذوق الجميل الأستاذ الأديب الكبير:
    مجدي محمود جعفر
    على تعليقه النقدي الجميل،
    مع موداتي.

  4. #4

المواضيع المتشابهه

  1. السكل الشعري في الثناء النبوي-المستشار الأدبي حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-05-2016, 10:36 PM
  2. التاريخ الشعري-المستشار الأدبي: حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-05-2016, 09:57 PM
  3. الأسلوب الشعري في الثناء النبوي-المستشار الأدبي حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-05-2016, 05:34 PM
  4. قراءة .. في المشهد الشعري الفلسطيني : لطفي زغلول
    بواسطة لطفي زغلول في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 27-01-2007, 11:45 AM
  5. تجليات المشهد الشعري لدى الشاعر العراقي: عبد الكريم كاصد
    بواسطة د. مصطفى عراقي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-11-2006, 02:51 PM