خُذِ النّايَ و امنح فؤادي الحياةو تسألني..
هل سقت أمنياتي كؤوس الرحيلِ؟
و أقْفَرْتَ تُسْكِنُني ذكرياتي
و تغزل في أُفْقِ عينيَّ
خارطةَ المستحيلِ..
فأبصر وجهَكَ
يسكن في قَبْو أنّاتِيَ الغافِلاتِ
و يُحْيي جُذورَ الأسى من غَياهِبِ صمتي
لتمشي -بعمق جراحي-
على وتر الأمل المُسْتَقيلِ..
و تسأل قلبي:
أما عادَك النايُ قبل اعتناق الغروبْ ؟
غدٌ بالمنايا يؤوب..
فلا ترتجي الصفحَ من زمن الصفحِ
و اعفي "مُرَيّاتِكِ" الخافياتِ
فإن ينابيع أمسك لا ترتوي من فؤادك شيئًا
و أنهار حاضرك المستباحِ
استباحت حصونَكِ
فارْبَدَّ وجه القداسة عَنْكِ..
غدٌ بالمنية يحيا
ليسقيكِ من شفرة القهر روحَ انكسار
فحيّ على الاِنشطار
إلى بعض أجزاء جزء..
حي على الاِنهيار
لأشلاء أشلاء رُزْءِ
خُذِ النّاي و امنح فؤادي الحياة
تقولين:
زنبقةُ الموتِ تهوي أمام القلاعِ
فأصبحتِ تَكْتَنِزين الفضيلة
تَبْنينَ منها و من روح عشقِكِ
من وهم طُهْرِكِ
للأرض.. للحق.. للحب..
كُلَّ رُؤى مستحيلة
مرابطةٌ في فؤاد اليمامِ
و واهمةٌ أن معترك الموتِ
لا يَسْتَحِلُّ مروج الأميرةْ
فكنتِ الأميرةَ
كي لا تكوني براثن تلك الحياةِ..
فكنت الكسيرةَ
في زمن العنفوان الكسيح
محرمة كالأماني
و عارية كالحقيقة من كل دنسٍ
و لكن سوط الأفاعي يطوق حصنك
كي يستريح..
و أنتِ استريحي..
فلا بين تلك الصخور ضياء الحقيقة
كي تمتطي جرحك المختفي في رماد الأماني
و تَعْدي به نحو عين الحياةِ
و لا بين وجه الثريا مسيح
فلا تعطني الناي..
كل أغانيك تسكب حلم الإياب على غصن زهرة
لكي ينشق العطرَ نحلُ الرحيلِ
أ كنتُ أنا الناي..
أم زهرة الموت
أم نغمة اللحن.. أم كذبة في صرير الخديعة؟؟
فلا تعطني الناي
كل أغانيك تلذعني
يتعملق فِيَّ الجنون.. يُقَتِّلُني
يَتَمَزَّقُ بنيان لحني..
يُحَرِّقُني صَدَأُ الغَدِ في همس صوتكْ
أ كي تعزف اللحنَ تصلبُ فِيَّ الحياة؟
خُذِ الناي و امنح فؤادي الحياة
"رُدَيْنَةُُ" عَلَّمَتِ السيف أن يستبيح دماء المقاتلْ
و لم تخبر القلبَ
كيف يُرَوِّضُ جرحَهْ
لتكتم أنَّةَ طعنته الكبرياءُ
فإنّي كما اعتاد كونك منكِ
بصمتِ الجريح
و موتي كما اعتاد كونك
سامقةً كالجنون
و شامخةً كالخديعة
إلى أين يمضي السنان إذا مات غمدُهْ؟
"ردينة" لم تمنح السيف
كي يصبح المَرْجُ سَجّان أرضي
و زنبقة الموت تنشدني:
أعطني الناي.. غَنّي
خُذِ الناي و امنح فؤادي الحياة
هذا هو الداء يا قاتِلَيَّ
شربت دواءكما بين كف المنون
و كف الثريا
خذ الناي و امنح فؤادي الحياة
و إن دُقَّ طبل القداسة غَنِّ
فلم يَعُدِ الدَّهْرُ يرفضني
رفضَ نفسي
و لم يعد الفجر راحلتي
مثلَ أمسي
و لم يعد الطعن يؤلمني قدر يأسي
فهاتِ الصوارمَ و اغرس بقلبي
بساتين موتٍ..
فما عاد يؤلمني موت موتي
لأحيا ببابك موت الحياة
خذ الناي و امنح فؤادي الحياة
خذ النايَ و الكونَ و الذكرياتِ
و خَلِّ الغمامَ يُضَبِّب أمسي
و يَسْتَل رمحي
فسهم الحقيقة..
أكبر من قطر جرحي
خذ الناي و امنح فؤادي الحياة
26/11/2006م