أحياناً تعود إلى نفسك وتستلقى تحت أشجار التذكر ، لا أحد معك سواك ، وتنزف تعبك فوق تراب الذكرى ، وتغمض عينيك بعمق وتسافر إلى مدن تعشقها ومحطات تشتهى الوقوف عليها ، فتفتح عينيك وفى فمك طعم الحلم الجميل .
وقبل أن يفزعك ضوء الواقع ، تتذكر أنك كنت فى لحظة حلم جميل ... لكنه عابر !!!
وتتمنى وانت تسير وحدك بصحبة نفسك لو أن أحداً معك يسير بجانبك ويثير عبق الحب من حولك ، ويملأ وجودك بفرح وجوده ، ويحدثك بلغة الشوق ، ويلون أيامك المقبلة ويرسم أمام عينيك جنة فوق الأرض .
وتشعر فى وحدتك أنك تشتاق إلى انسان ما ، وتفتقد احساسك الجميل تجاهه، فتأخذك خطواتك إلى طرقاته وتزور الأماكن التى جمعتك معه ، وتقف فوق الأرض التى كانت مسرح اللقاء به .
ولكن تكتشف ان إطلالتك لم تعد .. اطلالتك ، فما عادت تعرفك الطرقات وما عاد يتذكرك المكان .
فتشعر برغبة الصراخ عالياً وتريد إطلاق صوتك المحبوس داخلك ، فتبكى وتعود إلى نفسك تتكئ فوق أريكة أحزانك وتستند على جدران أحلامك المنهارة ، وتجلس فوق أطلال أمانيك .
ويأتيك الليل مختلفاً ، فتخونك قدرة التأقلم مع ليل يخلو من وجودهم ، فتتذكر حجم وجودك فى ذاكرتهم ومساحة بقائك داخلهم .
ولكن تجد نفسك قد قذفت بعيداً عنهم ، فتعود طفلاً خائفاً ترتجف رعباً وألماً .
وتفجعك مساحة الأبتعاد بينك وبينهم .
وتبحث عن نفسك فلا تجدها !! لأن الفراغات شاسعة ....
لقد أصبحت تقف فوق محطة اللاعودة .
فتضيع أحلامك عند الطوفان ، وتطأ أشياء جميلة بقدميك وتصر على الوصول إلى القمة مهما كان ثمن الصعود باهظاً .
ولكن .. حينما تصل تفقد احساسك بمتعة الوصول لأن ما بقى خلفك ركام غالية ، فيضيق بك الكون على اتساعه ويتسرب إليك الحزن من كل الجهات ، ويخيل إليك أن الأرض قد توقفت عن الدوران ، وأن الشمس لن تشرق مرة أخرى .
لكنها تعود تشرق ومع شروقها الجديد ، تشعر أنك أنت من تشرق بداخلك ، وأن الكون قد عاد للاتساع من جديد ، وأن كل ما كنت تشعر به لم يكن سوى ..... ليلة حزن عابرة .