أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 26

الموضوع: هل بقي للشعـر دور يلعبه في عصرنا ؟

  1. #1
    الصورة الرمزية عبد القادر رابحي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 1,735
    المواضيع : 44
    الردود : 1735
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي هل بقي للشعـر دور يلعبه في عصرنا ؟

    بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه..أما بعد:
    بودي ان أستأذن أدباء و شعراء الواحة الكريمة في طرح موضوع هو بالنسبة لي في غاية من الأهمية على اعتبار أن كل أدباء الواحة الأكارم معنيون به بصورة مباشرة لأننا نمارسه جميعا بصفة يومية..
    و هذا الموضوع هو:
    هل بقي للشعر دور يلعبه في عصرنا الحاضر؟
    و بصورة أخرى:
    ما معنى أن يكتب الشاعر؟
    و ماذا يكتب؟
    و لمن يكتب؟
    و هل لكتابته تأثير على واقعه المحيط به مباشرة؟
    أم أن ممارسة الكتابة هي مجرد تفتّج لمثقفين بعيدين عن الواقع
    هاربين منه..و هم في كل الحالات مجرد وصافين سلبيين له
    و هل هناك جدوى من ممارسة الكتابة ، و ممارسة كتابة الشعر خاصة؟
    طبعا.. المسألة قد تتجاوز الآطار الإبداعي البحت إلى ما يحيط به من اطر مؤثرة فيه و متأثرة به..
    و هي تطرح كذلك إشكالية القراءة، و هل بقي للشعر قراء يؤمنون به؟
    و يؤمنون بدوره في تغيير الواقع بصورة أو باخرى؟
    هذا بالإضافة إلى إشكاليات أخرى قد تطرحها حالة النقاش العام الذي أتمنى أن يكون على شاكلة المساجلة الشعرية ، و لكن حول الشعر و ليس بالشعر
    شدّ انتباهي امران يبدوان لي هامين و هما:
    1ـ العدد الهائل للشعراء الذين شاركوا في المساجلة الشعرية التي فتحها الدكتور جمال مرسي
    2ـ وصول الواحة إلى عدد5000 قصيدة بنشرها لقصيدة المجدوب المشراوي الأخيرة..
    هل طرحنا على أنفسنا سؤالا يتمثل في :
    ما جدوى هذا الكم الهائل من القصائد..؟؟؟
    هل هي مجرد تجميل و ماكياج لهزائمنا المختلفة، و تغطية مسلّية لواقعنا المرير؟
    أم أن هذا الكم الهائل يحمل في طياته مقومات تغيير ما؟؟
    أشكر أدباء الواحة بدايةً على المشاركة و على إثارة النقاش

  2. #2
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    سلام الـلـه عليكم
    الأخ الفاضل الأديب رابحي عبد القادر

    لقد أثرت نقطة هامة جدا , وتزداد أهمية هذه النقطة الحوارية , كونها تطرح في ملتقى الواحة الثقافية , الذي يضم نخبة كبيرة , من الشعراء الرائعين , وحيث كما اشرت أن القصائد المنشورة في الواحة قد وصلت الى 5000 قصيدة , منذ فترة .
    الشعر فن من فنون الأدب , بل هو واسطة العقد , انه التأكيد على تراث الأمة , ومرآة حياتها الاجتماعية والفكرية والسياسية , والشعر العربي , هو الاكثر خصوصية , والأكثر تميّزا , فهو درة التراث العربي , والمفخرة الاسمى , وعندما أخذت الواحة على عاتقها , العودة بالشعر العربي , الى اصالته وهويته , فهي تساهم في احياء التراث , والتأكيد على الهوية .
    الشعر العربي مرّ بحالات متفاوتة , من التأثير على مدى التاريخ , ونحن حاليا في مرحلة الاعلام الفضائي , وبروز مؤثرات جديدة في المجتمع , انحسر معها , دور الشعر العربي في التأثير .
    لابد لي من عودة للموضوع .

    اخوكم
    السمان

  3. #3
    الصورة الرمزية عبد القادر رابحي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 1,735
    المواضيع : 44
    الردود : 1735
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    أخي الأديب الفاضل محمد حسن السمان
    تحية عطرة
    و عيد مبارك
    قرأت ردك على المساءلات التي طرحتها بخصوص دور الشعر في حياتنا المعاصرة و جدواه..
    انا أنتظر عودتكم للموضوع
    و ردكم عليه
    أشكركم جزيل الشكر
    و لي عودة إن شاء الله

  4. #4
    الصورة الرمزية محمد الأمين سعيدي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 1,981
    المواضيع : 138
    الردود : 1981
    المعدل اليومي : 0.30

    افتراضي

    أستاذ رابحي شكرا على هذه التساءلات و على هذا الموضوع الذي طرقته و الذي يلمس الجرح العظيم الذي طالما أعيا مسيرتنا الكتابية ..

    شعراء الواحة كثر لكن ...

    من منهم يضمن أنه لا يمشي عكس زمنه بقرن على الأقل ..

    أستاذ رابحي شكرا على هذا الطرح الجميل و لنا عودة له ..

  5. #5
    الصورة الرمزية نادية بوغرارة شاعرة
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 20,306
    المواضيع : 329
    الردود : 20306
    المعدل اليومي : 3.19

    افتراضي

    السلام عليكم

    أشكرك على طرح الموضوع الذي طالما فكرت فيه ،

    و لازلت، تراودني نفس الأسئلة التي عرضت علينا ،

    لا تراودني فقط ، بل تسكنني ...

    لا شك أن الشعر لا بد أن يكون له دور في حياتنا اليوم ،

    لا بد أن يؤرخ لواقعنا و يستشرف مستقبلنا ،

    بل يمكن أن يصل إلى كشف مكامن الضعف فينا ،

    و يصف لنا العلاج.

    الحقيقة أنني لم أومن يومنا بشعر الفذلكة و استعراض

    العضلات اللغوية ، و الجمل الغريبة و المصطلحات القديمة،

    التي يحتاج القارئ لمعجم ليفهم معاني القصيدة،

    و ياليته يفهم ، بل يرى نفسه يبحر في غموض و مجاز مبهم.

    إن واقعنا يحتاج للكلمة المناضلة ، لترن في أذهان جيلنا

    و توقظه من غفلته، و ترجه رجا عنيفا لتخرج منه موات همته،

    و تضعه من جديد على طريق الفوز و النصر.

    إذا لم يكن للشعر دور فلا كان الشعر

  6. #6
    الصورة الرمزية أسماء حرمة الله شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2005
    الدولة : على أجنحــةِ حُلُــم ..
    المشاركات : 3,877
    المواضيع : 95
    الردود : 3877
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي تحية ورد

    سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته

    تحيـة قطفتُها من حدائق البنفسج



    الكريم عبد القادر رابحي،

    شكراً لكَ أيّها الشاعر الصادق على هذه الشرفة المزهرة، وبارك بك ربّي وبغيرتك على الشّعر وعالمـه، على الأدب وزمنه الجميل .

    توقفتُ كثيراً عند كثيرٍ من النقاط التي أوردتَها، وبردود الأحبّة جميعاً، ولمتُ نفسي لأنّي تأخرتُ عن موكب النقاء هذا، هذا الموكب الذي ينقلنا من عوالم شاحبة إلى أخرى مفتوحة على الشروق .

    طرحتَ مجموعةً من الأسئلة في غاية الأهمّية، سأحاول قدر استطاعتي الرّدّ على كل سؤال على حدة . والشكرُ موصول لكَ وللأحبة الذين أثروا الموضوع .


    - ما معنى أن يكتب الشّاعر ؟ ماذا يكتب ؟ لمن يكتب ؟

    تُحيلنا هذه الأسئلة إلى تساؤلات جان سارتر، حين تساءل: ما الأدب ؟ لمن نكتب ولماذا ؟ وما مدى موقف الكاتب بالعالم المحيط به ؟
    وهي تساؤلات لا يمكن أن تختفي من ذهن الشاعر أو الكاتب عموماً، قبلَ عملية الكتابة/ أثناءَها/ وبعدَها، هي أسئلة تظلّ ممتزجةً بأنفاسه، وعلى الدوام .

    يكتب لمنْ :

    * للأحلامِ التي تشكلّ ألوانَ لوحاته، دواتَه، حبرَه وأنفاسَ أنفاسه !
    * للآمال التي تلوّح له من وراء الأفق، حتّى وإن بدا الأفقُ غائماً .
    إن لم يكن له رصيدٌ من الأحلام رغمَ المثبّطات والعراقيل التي تكبّل خطوَه، بل وتكسر قلمَه أحياناً، فسينتهي قبلَ أن يبدأ ! رصيدٌ من الأحلام والآمال، رصيدٌ وكبيرٌ من الصبر، رصيدٌ من الإيمان، كل ذلك هو بمثابةِ مخزونٍ مهمّ للشاعر، حتى يستطيع أن يُنتِج، أن يكتب، أن ينسكب حتّى وإن كان ينازع !
    * للآخر، لأنّ أيّ نص هو "مكتوب لأجل قارئ"، إضافةً إلى أنّ كل شاعر وهو ينسكب/ وهو يحترق/ وهو يعاني آلامَ المخاض حين يكتب، يضع نُصبَ عينيه المتلقي المثالي الذي سيتلقّى نصّه، ويتفاعل معه، ويقف إلى جواره جنباً إلى جنب، من أجل غرس زمن الإحساس والقيم الجميلة .
    * للزمن الجميل، حتّى وإن كان حفلُ قطافـه قد تأخّر .

    يكتب لماذا ؟

    * ليهَبَ المعاني السامقة روحاً، ليهَبَ للزمن الجميل عمراً، ليدافع عن مبادئَ تعيش فيه ويعيش بها، ليُعيد الثقة إليها، ليحاربَ الزمن المرّ بكل ما استطاع من قوة، أوعلى الأقلّ ليغيّر ولوْ بعضَ ما يشوّه أحلامَ زمنه الجميل الذي ينتظره . وقبلَ كلّ ذلك ومعـه، يكتب من أجل تطهير ذاته من كل قسوةٍ محتملة .
    لماذا يكتب أيضاً ؟ يكتب لتنظيم العالم كما قال سارتر، لبناء ثقةٍ بين الكاتب والقارئ، ثقةٍ تحمل وجوديْهما معاً إلى وجودٍ يحترمهما ويحترم وجودَيْهما .

    - هل للكتابة تأثير على واقع الشاعر المحيط به بشكل مباشر ؟

    الكتابةُ فعلٌ، والتأثّر ردّ فعل ينجم عن العلاقة التي تُبنَى بين الكاتب والقارئ، فإذا لم يحدث تأثّر وتأثير، فإن العمل الأدبي/ القصيد/ النص يكون فاشلاً، لأنّ الرسالة التي أراد بعثَها لم تصل. فالعرب قديماً حين كانوا يكتبون شعراً، كانوا يفعلون ذلك لوجهين: يشبّهون كل شيء ليعجبوا بحسن التشبيه، ولإحداث أمرٍ في النفس يعد به إلى انفعال، حتّى ينحو بما يكتب منحى التعجيب والإغراب كما قال حازم .

    إنّ وظيفةَ الشاعر/ الكاتب في تغيير الواقع أو في محاربةِ صوره المشوّهة، لايمكن أن تنجح إلاّ إن كان الصدقُ الملهمَ والمحرّكَ لأحاسيسه وأفكاره، بل والغيمة التي تسقي خطوَه قبلَ أن تسقي حبرَه، ولكننا نجد رغمَ ذلك، رغمَ أنّ الصدق يتأبّط ذراع كثير من الكتّاب والشعراء، فإن رسائلهم/ قصائدهم/ نصوصهم تؤثّر في واقعنا حيناً، وحيناً آخر نراها قد أخفقتْ، رغم أنها لاتخفق البتّة في إضاءة الأمل بداخلنا، في غرس مساحات الصبر والحلم فينا، بل وحراستها من الانطفـاء . ربما لأن التغيير لا يتأتّى دفعةً واحدة، بل يحتاج لاجتياز مراحل وفترات وفصول، تماماً كالنجاح في الحياة .

    - هل هناك جدوى من ممارسة الكتابة، وممارسة الشعر خاصةً ؟

    بالرغم من أن قطّاع الحلم كثُر، ورغمَ أنّ سارقي الأمل في ازديادٍ مستمرّ كتزايد الآلام والمآسي، فإنّ الكتابة لا يمكنها أن تفقد مصداقيتها ولا قيمتَها ولاغاياتها النبيلة. ربّما يفقد الكاتب / الشاعر – في فترات معيّنة ولأسباب ما- القدرةَ على حراسة الحلم، على إعادة البريق نفسِه للأمل الساكن بأعماقه، ربّما يتعثّر أحياناً حين تتعثّر بداخله خطواتُه، ولكنّ الكتابة أبداً لاتموت ولاتموت غاياتها، لاتفقد "بريقَها" مهما حدث، تبقى هي الحقيقة الراسخة الثابتة وإن تزلزلتْ أشياء كثيرة من حولنا وبداخلنا .

    الكتابةُ كائنٌ حيّ يعيش بداخل كلّ كاتب، احتراق، مخاضٌ عسير، يخرج الكاتب / الشاعر منه بصرخةِ الوجود، الكتابة تظلّ هي الأجنحة التي تنقله إلى أوطانٍ زارها وإلى أخرى لم يزرها بعدُ، يتمنى أن يدخلها منتصراً ومعه الزمن الجميل هانئ البال، الكتابة هي الدم الذي يجري في عروقه، هي الحياة التي تُجدّد بداخله فورةَ الحياة إذا هدأتْ بين ضلوعه، هي الورقةَ التي تحمله بين دفّتيْها، فتتحمّله وتتحمّل حكاياه بصبر وصمت.

    لايمكن أن نتحدث عن " لا جدوائية" الكتابة، مهما تأخّرتْ بذور التغيير في النموّ، ومهما تعطّلت المراكب التي تحمل القطاف، لأن الكتابةَ قبل أن تكون جسراً بين الكاتب والواقع، فهي جسر بين الكاتب وذاته، هي رسالةٌ يحملها الكاتب لروحه قبل أن يحملها للعالم الآخر، هي تشبه ما تفعله التراجيديا بالمشاعر الإنسانية من عملية تطهيرٍ كلّي لدواخلنا، اكتشافٍ للأماكن القصيّة فينا التي لم نصل إليها بعدُ. ولا يعني أنّ فشل الكتّاب أحياناً في تغيير بعض سمات هذا الزمن المرّ، أنّ العيب فيهمْ أو فيما يكتبون، أو في رحلة الكتابة التي تكبّدوها إلى عوالم الأمل في غدٍ أجملَ، غد تختفي معه الآلام والحروب والمآسي، ويختفي الوجعُ المرير من خارطة العالم .

    والشعرُ، هذا الكائنُ الرقيق المشاكس، هذا الطفلُ المشاغب تارةً والحكيم تارةً أخرى، هذا النايُ الذي يعزفُ صاحبَه، فتنعكسُ الألحان على ملامح الواقع كما ينعكس ضوء القمر على صفحات الماء، هذا الكائنُ المسمّى : حياة، ليسَ "أغنية يسلّي الشاعر بها نفسَه" كما قيل على لسان أحد المفكّّرين، بل هو تهذيبٌ للذائقة وللشعور وللعقل، وتعليمٌ و بناءٌ للذات الكاتبة والقارئة على السواء، قبلَ أن يكونَ بناءً لأزمنةِ الخير، لأزمنةٍ يعيش الشاعر من أجلها ومن أجل تحقيقها، سواء عاصرَ تحقَّقَها أم لا، المهمّ أنّ تلك الأزمنةَ واقعٌ متحقّق ولكنّه مؤجَّل، سيكتمل في موعدٍ محدّد يقدّره الرحمن .

    كم أتخيّل الشعرَ جالساً قربَ المدفأة، يتدفأ أحياناً بانتصاراته، وأحياناً أخرى يذرف خيباته، وهو يرى نفسَه وفريقَه، تارةً مضمّخينَ بالفوز، وتارةً مضرّجينَ بالخسران ! بيْد أنّ هذا ديدن الحياة، لكنّ الشّعرَ لم يفقد بريقَه ولن يفعل، حتّى وإن علا وجهَه الملائكي بعضُ رماد، أو جرحَ أناملَه الرقيقة وخزٌ ! ما يزال مصرّاً وسيبقى، على مواصلة الرحلة، والغلبةُ بإذن الله ستكون له ولأنصاره !

    - هل بقي للشعر قرّاء يؤمنون به، وبدوره في تغيير الواقع بصورة أو بأخرى ؟

    الشعرُ يُعمّقُ وعي المتلقّي بالواقع، بكلّ ما فيه من أحداث مؤلمة وآمال مؤجّلة .
    لن أنكرَ أنّ المستهزئين بقيمته كثيرون، لن أنكرَ بأنّ المقلّلينَ من شأنه أكثر من أن تعدّهم أصابع اليد، وأولاءِ أشبّههم بمن يحيا بلا روح، بمَن ينكر ضوءَ الشمس وهو يراه بأمّ عينيْه، بمن ينكر شذا الورد، رغم أنه يداعب أنفاسَه ويبعث بروحه الرّوح، بمَن ينادم النجومَ كلّ ليلـة، وهو ينكر بريقَ عيونها ! زمنُنا هذا ليس مثلَ الزمن الذي كان يُنزَّل فيه الشاعرُ منزلة النبي، ينقادون لحكمه جميعاً، ولكنّه أيضاً لم يخلُ من المؤمنين به حدّ التوحّد، المؤمنين بقيمته، بوظيفته، القارئين له بعين القلب، الغافين على كتفه، هم كالعصافير الجميلة تغرّد يوماً بعد يوم وبلا توقّف، لا أتحدث عن أشباه الشعراء بل عن الشعراء الحقيقيين، الذين يكتبون بالصدق وله، يتدفّقون به وله، في كل غرضٍ وفكرة، في كل لوحة وهمسة، وواحتنا خير شاهدٍ على ذلك، هي موطنُهم وميناءٌ أيضاً لمَن لم يفِد بعدُ منهمْ، ميناءٌ ينتظر باقي الوافدين من الشعراء الصادقين إليها ..

    لعلّ مشكلَتنا أيها الشاعر الصادق، أنّ التفرّقَ لا يحدث على مستوى الأمّة وحسبُ، بل وعلى مستوى الإبداع أيضاً ! كم من شاعر وناثر يتفيّأون ظلال الصدق والجمال، بعضُهم يوزّع غيماته الممطرةِ نقاءً بعيداً عنّا، وبعضُهم مستسلمٌ لغيماتٍ خرساء، سكنَها حدّ التوحّد حينَ سكنتْه مآسي العالم فأخرستْه !


    - هل هي مجرّد تجميل لهزائمنا المختلفة ؟ أم تحمل في طيّاتها مقومات لتغيير ما ؟

    لن أخفيكَ، أنّه كثيراً ما كنتُ أسأل نفسي السؤالَ نفسَه، وكدتُ أراها كذلك في لحظاتِ انطفاء البريق فينا، ونحن نرى العالمَ الجميلَ الذي بنيناه بأحلامنا، وسقيناه وهدهدناه، جريحاً ينزفُ بين أيدينا، ونحن نرى الزمنَ المرّ يشتدّ عودُه : حروبٌ ودمارٌ ودماءٌ بريئة تُراق، ومشاعر تُغتال ومبادئ تُطعَن، والقمرُ من جذوة الغضب غائب ! لكنْ لا، لن يكون الشعرُ تجميلاً لهزائمنا المختلفة مهما كانت الرحلة قاسية، مهما كانت الألوان شاحبة والطرقاتُ معتمة إلاّ من طيفِ نور، مهما انطفأت الأحلامُ تترى، فربّما نجد حلماً لم يضعْ في الزحام، حلماً يضيء ما اسودّ من عالمنا، حلماً ولو كان صغيراًً، ينتظرنا عند مفترق الطرق أو عند خطّ الوصول، مُضاءً بقبس الصبر، ببسمةٍ ترمّم ولوْ جزءاً متناثراً من أجزاء عالمنا المرّ !


    حديثٌ ذو شجون وربّي ! ليحمِكَ اللـهُ أيها الكريم
    شكراً لك واعذرني على الإطالـة



    خالص تقديري نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    وألف طاقة من الورد والندى

  7. #7
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل : Oct 2006
    الدولة : الكويت _ مصر
    المشاركات : 133
    المواضيع : 5
    الردود : 133
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    الأديب الفاضل عبد القادر ربحي
    تحية تقدير وثناء وافر على طرح هذا الموضوع المهم, والذي يتجدد طرحه كلما استحكمت الأزمات السياسية والثقافية وعصفت بالأمم , إذ يصبح الفن كله والفكر كله في مهب سؤال الجدوى.
    وهذا لا يعني اختفاؤه تماما في أيام العافية , لكن الظلال المصاحبة تختلف من حال إلى أخرى
    سؤال الجدوى مهم ومتجدد

    وأعجبني هنا _ كالعادة _ تجليات أديبتنا الرائعة أسماء حرمة الله حول أسئلة الموضوع
    واسمحوا لي أن أستدعي من تراثنا إجابة شعرية
    أبدعها صاحب " العمدة " ابن رشيق القيرواني ( ت . 463 ه ) وماهو من أسماء ببعيد , يقول :

    الشـعر شيء حسن ليس به من حــرج
    أقل ما فيه ذهـاب الهم عن نفس الشجي
    يحكم في لطـــافة حل عقــــود الحجج
    كم نظرة حسنهـــا في وجه عذر سمج
    وحرقـة بردهـــا عن قلب صب منضج
    ورحمــة أوقعهــا في قلب قاس حرج
    وحاجـة يسرهــــا عند غـــزال غنــج
    وشــاعر مطــرح مغلـق بـاب الفــرج
    قربــه لســـانــه من مــلك متـــــــوج
    فعلمــوا أولادكم عقــار طب المهــج

    ابن رشيق القيرواني

  8. #8
    الصورة الرمزية عبد القادر رابحي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 1,735
    المواضيع : 44
    الردود : 1735
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الأمين سعيدي مشاهدة المشاركة
    أستاذ رابحي شكرا على هذه التساءلات و على هذا الموضوع الذي طرقته و الذي يلمس الجرح العظيم الذي طالما أعيا مسيرتنا الكتابية ..
    شعراء الواحة كثر لكن ...
    من منهم يضمن أنه لا يمشي عكس زمنه بقرن على الأقل ..
    أستاذ رابحي شكرا على هذا الطرح الجميل و لنا عودة له ..
    اخي محمد الأمين..
    تحية طيبة..
    و بعد:

    أشكر لك اهتمامك بهذه الأسئلة التي طالما أرقت كبار الأدباء والشعراء..

    وأعيب مسيرة كتاباتهم..كما قلت...
    أتمنى أن تعو لمناقشة هذا الموضوع
    و تدلي بدلوك...
    اشكر للخت نادي المغربية مرورها الكريم.. و رأيها
    كما أشكر للخت أسماء حرمة الله مداخلتها القيمة
    كما للأستاذ إيهاب مداخلته...
    و ساعود إن شاء الله إلى الرد عنهم ..
    و أتمنى أن يتدخل أساتذتنا الأفاضل في إثراء هذا الموضوع..
    و ششكرا..

    عبد القادر...

  9. #9
    الصورة الرمزية عبد القادر رابحي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 1,735
    المواضيع : 44
    الردود : 1735
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادية المغربية مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم
    أشكرك على طرح الموضوع الذي طالما فكرت فيه ،
    و لازلت، تراودني نفس الأسئلة التي عرضت علينا ،
    لا تراودني فقط ، بل تسكنني ...
    لا شك أن الشعر لا بد أن يكون له دور في حياتنا اليوم ،
    لا بد أن يؤرخ لواقعنا و يستشرف مستقبلنا ،
    بل يمكن أن يصل إلى كشف مكامن الضعف فينا ،
    و يصف لنا العلاج.
    الحقيقة أنني لم أومن يومنا بشعر الفذلكة و استعراض
    العضلات اللغوية ، و الجمل الغريبة و المصطلحات القديمة،
    التي يحتاج القارئ لمعجم ليفهم معاني القصيدة،
    و ياليته يفهم ، بل يرى نفسه يبحر في غموض و مجاز مبهم.
    إن واقعنا يحتاج للكلمة المناضلة ، لترن في أذهان جيلنا
    و توقظه من غفلته، و ترجه رجا عنيفا لتخرج منه موات همته،
    و تضعه من جديد على طريق الفوز و النصر.
    إذا لم يكن للشعر دور فلا كان الشعر
    الأخت الكريمة نادية المغربية
    سعدت لمرورك كثيرا
    معذرة لكل هذ التأخر عن الرد
    و رد دين علي..
    قرات.. و استفدت من كلماتك الرقيقة الصادقة الثائرة..
    فإن كان الشعر يقعل في الناس غير القيم و المبادئ التي نطمخ إلى تحقيقها ...
    فما الجدوى من كتابته...
    أتابعك ...
    بوركتِ

    أخوك اللمخلص المعتذر عن تأخره في الرد
    عبد القادر

  10. #10
    الصورة الرمزية عبد القادر رابحي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 1,735
    المواضيع : 44
    الردود : 1735
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسماء حرمة الله مشاهدة المشاركة
    سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته
    تحيـة قطفتُها من حدائق البنفسج
    الكريم عبد القادر رابحي،
    شكراً لكَ أيّها الشاعر الصادق على هذه الشرفة المزهرة، وبارك بك ربّي وبغيرتك على الشّعر وعالمـه، على الأدب وزمنه الجميل .
    توقفتُ كثيراً عند كثيرٍ من النقاط التي أوردتَها، وبردود الأحبّة جميعاً، ولمتُ نفسي لأنّي تأخرتُ عن موكب النقاء هذا، هذا الموكب الذي ينقلنا من عوالم شاحبة إلى أخرى مفتوحة على الشروق .
    طرحتَ مجموعةً من الأسئلة في غاية الأهمّية، سأحاول قدر استطاعتي الرّدّ على كل سؤال على حدة . والشكرُ موصول لكَ وللأحبة الذين أثروا الموضوع .
    - ما معنى أن يكتب الشّاعر ؟ ماذا يكتب ؟ لمن يكتب ؟
    تُحيلنا هذه الأسئلة إلى تساؤلات جان سارتر، حين تساءل: ما الأدب ؟ لمن نكتب ولماذا ؟ وما مدى موقف الكاتب بالعالم المحيط به ؟
    وهي تساؤلات لا يمكن أن تختفي من ذهن الشاعر أو الكاتب عموماً، قبلَ عملية الكتابة/ أثناءَها/ وبعدَها، هي أسئلة تظلّ ممتزجةً بأنفاسه، وعلى الدوام .
    يكتب لمنْ :
    * للأحلامِ التي تشكلّ ألوانَ لوحاته، دواتَه، حبرَه وأنفاسَ أنفاسه !
    * للآمال التي تلوّح له من وراء الأفق، حتّى وإن بدا الأفقُ غائماً .
    إن لم يكن له رصيدٌ من الأحلام رغمَ المثبّطات والعراقيل التي تكبّل خطوَه، بل وتكسر قلمَه أحياناً، فسينتهي قبلَ أن يبدأ ! رصيدٌ من الأحلام والآمال، رصيدٌ وكبيرٌ من الصبر، رصيدٌ من الإيمان، كل ذلك هو بمثابةِ مخزونٍ مهمّ للشاعر، حتى يستطيع أن يُنتِج، أن يكتب، أن ينسكب حتّى وإن كان ينازع !
    * للآخر، لأنّ أيّ نص هو "مكتوب لأجل قارئ"، إضافةً إلى أنّ كل شاعر وهو ينسكب/ وهو يحترق/ وهو يعاني آلامَ المخاض حين يكتب، يضع نُصبَ عينيه المتلقي المثالي الذي سيتلقّى نصّه، ويتفاعل معه، ويقف إلى جواره جنباً إلى جنب، من أجل غرس زمن الإحساس والقيم الجميلة .
    * للزمن الجميل، حتّى وإن كان حفلُ قطافـه قد تأخّر .
    يكتب لماذا ؟
    * ليهَبَ المعاني السامقة روحاً، ليهَبَ للزمن الجميل عمراً، ليدافع عن مبادئَ تعيش فيه ويعيش بها، ليُعيد الثقة إليها، ليحاربَ الزمن المرّ بكل ما استطاع من قوة، أوعلى الأقلّ ليغيّر ولوْ بعضَ ما يشوّه أحلامَ زمنه الجميل الذي ينتظره . وقبلَ كلّ ذلك ومعـه، يكتب من أجل تطهير ذاته من كل قسوةٍ محتملة .
    لماذا يكتب أيضاً ؟ يكتب لتنظيم العالم كما قال سارتر، لبناء ثقةٍ بين الكاتب والقارئ، ثقةٍ تحمل وجوديْهما معاً إلى وجودٍ يحترمهما ويحترم وجودَيْهما .
    - هل للكتابة تأثير على واقع الشاعر المحيط به بشكل مباشر ؟
    الكتابةُ فعلٌ، والتأثّر ردّ فعل ينجم عن العلاقة التي تُبنَى بين الكاتب والقارئ، فإذا لم يحدث تأثّر وتأثير، فإن العمل الأدبي/ القصيد/ النص يكون فاشلاً، لأنّ الرسالة التي أراد بعثَها لم تصل. فالعرب قديماً حين كانوا يكتبون شعراً، كانوا يفعلون ذلك لوجهين: يشبّهون كل شيء ليعجبوا بحسن التشبيه، ولإحداث أمرٍ في النفس يعد به إلى انفعال، حتّى ينحو بما يكتب منحى التعجيب والإغراب كما قال حازم .
    إنّ وظيفةَ الشاعر/ الكاتب في تغيير الواقع أو في محاربةِ صوره المشوّهة، لايمكن أن تنجح إلاّ إن كان الصدقُ الملهمَ والمحرّكَ لأحاسيسه وأفكاره، بل والغيمة التي تسقي خطوَه قبلَ أن تسقي حبرَه، ولكننا نجد رغمَ ذلك، رغمَ أنّ الصدق يتأبّط ذراع كثير من الكتّاب والشعراء، فإن رسائلهم/ قصائدهم/ نصوصهم تؤثّر في واقعنا حيناً، وحيناً آخر نراها قد أخفقتْ، رغم أنها لاتخفق البتّة في إضاءة الأمل بداخلنا، في غرس مساحات الصبر والحلم فينا، بل وحراستها من الانطفـاء . ربما لأن التغيير لا يتأتّى دفعةً واحدة، بل يحتاج لاجتياز مراحل وفترات وفصول، تماماً كالنجاح في الحياة .
    - هل هناك جدوى من ممارسة الكتابة، وممارسة الشعر خاصةً ؟
    بالرغم من أن قطّاع الحلم كثُر، ورغمَ أنّ سارقي الأمل في ازديادٍ مستمرّ كتزايد الآلام والمآسي، فإنّ الكتابة لا يمكنها أن تفقد مصداقيتها ولا قيمتَها ولاغاياتها النبيلة. ربّما يفقد الكاتب / الشاعر – في فترات معيّنة ولأسباب ما- القدرةَ على حراسة الحلم، على إعادة البريق نفسِه للأمل الساكن بأعماقه، ربّما يتعثّر أحياناً حين تتعثّر بداخله خطواتُه، ولكنّ الكتابة أبداً لاتموت ولاتموت غاياتها، لاتفقد "بريقَها" مهما حدث، تبقى هي الحقيقة الراسخة الثابتة وإن تزلزلتْ أشياء كثيرة من حولنا وبداخلنا .
    الكتابةُ كائنٌ حيّ يعيش بداخل كلّ كاتب، احتراق، مخاضٌ عسير، يخرج الكاتب / الشاعر منه بصرخةِ الوجود، الكتابة تظلّ هي الأجنحة التي تنقله إلى أوطانٍ زارها وإلى أخرى لم يزرها بعدُ، يتمنى أن يدخلها منتصراً ومعه الزمن الجميل هانئ البال، الكتابة هي الدم الذي يجري في عروقه، هي الحياة التي تُجدّد بداخله فورةَ الحياة إذا هدأتْ بين ضلوعه، هي الورقةَ التي تحمله بين دفّتيْها، فتتحمّله وتتحمّل حكاياه بصبر وصمت.
    لايمكن أن نتحدث عن " لا جدوائية" الكتابة، مهما تأخّرتْ بذور التغيير في النموّ، ومهما تعطّلت المراكب التي تحمل القطاف، لأن الكتابةَ قبل أن تكون جسراً بين الكاتب والواقع، فهي جسر بين الكاتب وذاته، هي رسالةٌ يحملها الكاتب لروحه قبل أن يحملها للعالم الآخر، هي تشبه ما تفعله التراجيديا بالمشاعر الإنسانية من عملية تطهيرٍ كلّي لدواخلنا، اكتشافٍ للأماكن القصيّة فينا التي لم نصل إليها بعدُ. ولا يعني أنّ فشل الكتّاب أحياناً في تغيير بعض سمات هذا الزمن المرّ، أنّ العيب فيهمْ أو فيما يكتبون، أو في رحلة الكتابة التي تكبّدوها إلى عوالم الأمل في غدٍ أجملَ، غد تختفي معه الآلام والحروب والمآسي، ويختفي الوجعُ المرير من خارطة العالم .
    والشعرُ، هذا الكائنُ الرقيق المشاكس، هذا الطفلُ المشاغب تارةً والحكيم تارةً أخرى، هذا النايُ الذي يعزفُ صاحبَه، فتنعكسُ الألحان على ملامح الواقع كما ينعكس ضوء القمر على صفحات الماء، هذا الكائنُ المسمّى : حياة، ليسَ "أغنية يسلّي الشاعر بها نفسَه" كما قيل على لسان أحد المفكّّرين، بل هو تهذيبٌ للذائقة وللشعور وللعقل، وتعليمٌ و بناءٌ للذات الكاتبة والقارئة على السواء، قبلَ أن يكونَ بناءً لأزمنةِ الخير، لأزمنةٍ يعيش الشاعر من أجلها ومن أجل تحقيقها، سواء عاصرَ تحقَّقَها أم لا، المهمّ أنّ تلك الأزمنةَ واقعٌ متحقّق ولكنّه مؤجَّل، سيكتمل في موعدٍ محدّد يقدّره الرحمن .
    كم أتخيّل الشعرَ جالساً قربَ المدفأة، يتدفأ أحياناً بانتصاراته، وأحياناً أخرى يذرف خيباته، وهو يرى نفسَه وفريقَه، تارةً مضمّخينَ بالفوز، وتارةً مضرّجينَ بالخسران ! بيْد أنّ هذا ديدن الحياة، لكنّ الشّعرَ لم يفقد بريقَه ولن يفعل، حتّى وإن علا وجهَه الملائكي بعضُ رماد، أو جرحَ أناملَه الرقيقة وخزٌ ! ما يزال مصرّاً وسيبقى، على مواصلة الرحلة، والغلبةُ بإذن الله ستكون له ولأنصاره !
    - هل بقي للشعر قرّاء يؤمنون به، وبدوره في تغيير الواقع بصورة أو بأخرى ؟
    الشعرُ يُعمّقُ وعي المتلقّي بالواقع، بكلّ ما فيه من أحداث مؤلمة وآمال مؤجّلة .
    لن أنكرَ أنّ المستهزئين بقيمته كثيرون، لن أنكرَ بأنّ المقلّلينَ من شأنه أكثر من أن تعدّهم أصابع اليد، وأولاءِ أشبّههم بمن يحيا بلا روح، بمَن ينكر ضوءَ الشمس وهو يراه بأمّ عينيْه، بمن ينكر شذا الورد، رغم أنه يداعب أنفاسَه ويبعث بروحه الرّوح، بمَن ينادم النجومَ كلّ ليلـة، وهو ينكر بريقَ عيونها ! زمنُنا هذا ليس مثلَ الزمن الذي كان يُنزَّل فيه الشاعرُ منزلة النبي، ينقادون لحكمه جميعاً، ولكنّه أيضاً لم يخلُ من المؤمنين به حدّ التوحّد، المؤمنين بقيمته، بوظيفته، القارئين له بعين القلب، الغافين على كتفه، هم كالعصافير الجميلة تغرّد يوماً بعد يوم وبلا توقّف، لا أتحدث عن أشباه الشعراء بل عن الشعراء الحقيقيين، الذين يكتبون بالصدق وله، يتدفّقون به وله، في كل غرضٍ وفكرة، في كل لوحة وهمسة، وواحتنا خير شاهدٍ على ذلك، هي موطنُهم وميناءٌ أيضاً لمَن لم يفِد بعدُ منهمْ، ميناءٌ ينتظر باقي الوافدين من الشعراء الصادقين إليها ..
    لعلّ مشكلَتنا أيها الشاعر الصادق، أنّ التفرّقَ لا يحدث على مستوى الأمّة وحسبُ، بل وعلى مستوى الإبداع أيضاً ! كم من شاعر وناثر يتفيّأون ظلال الصدق والجمال، بعضُهم يوزّع غيماته الممطرةِ نقاءً بعيداً عنّا، وبعضُهم مستسلمٌ لغيماتٍ خرساء، سكنَها حدّ التوحّد حينَ سكنتْه مآسي العالم فأخرستْه !
    - هل هي مجرّد تجميل لهزائمنا المختلفة ؟ أم تحمل في طيّاتها مقومات لتغيير ما ؟
    لن أخفيكَ، أنّه كثيراً ما كنتُ أسأل نفسي السؤالَ نفسَه، وكدتُ أراها كذلك في لحظاتِ انطفاء البريق فينا، ونحن نرى العالمَ الجميلَ الذي بنيناه بأحلامنا، وسقيناه وهدهدناه، جريحاً ينزفُ بين أيدينا، ونحن نرى الزمنَ المرّ يشتدّ عودُه : حروبٌ ودمارٌ ودماءٌ بريئة تُراق، ومشاعر تُغتال ومبادئ تُطعَن، والقمرُ من جذوة الغضب غائب ! لكنْ لا، لن يكون الشعرُ تجميلاً لهزائمنا المختلفة مهما كانت الرحلة قاسية، مهما كانت الألوان شاحبة والطرقاتُ معتمة إلاّ من طيفِ نور، مهما انطفأت الأحلامُ تترى، فربّما نجد حلماً لم يضعْ في الزحام، حلماً يضيء ما اسودّ من عالمنا، حلماً ولو كان صغيراًً، ينتظرنا عند مفترق الطرق أو عند خطّ الوصول، مُضاءً بقبس الصبر، ببسمةٍ ترمّم ولوْ جزءاً متناثراً من أجزاء عالمنا المرّ !
    حديثٌ ذو شجون وربّي ! ليحمِكَ اللـهُ أيها الكريم
    شكراً لك واعذرني على الإطالـة
    خالص تقديري نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    وألف طاقة من الورد والندى
    أولا .. وددت أن ارجع لهذا الموضوع الذي طرحته للنقاش في فترة سابقة و لم يتسن لي الرد على جميع من تدخل مشكورا في موضوع أراه في غاية الأهمية و لا يزال..
    و ليعذرني الإخوة الذين شاركوا في النقاش على كل هذا التاخر..
    و ربما وجد الموضوع من يجدد النقاش في دائرته و يثريه للإفادة و الإستفادة..

    و أعتذر أيما اعتذار للأخت الرائعة أسماء حرمة الله كذلك ..
    و أثمن مجهوده الكبير الذي بذلته في الرد باقتدار على السئلة التي طرحتها..
    فهي مشكورة أيما شكر..

    و لها منا وافر التقدير و الاحترام..

    عبد القادر رابحي

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. عصرنا
    بواسطة بشار عبد الهادي العاني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 26
    آخر مشاركة: 27-07-2015, 10:07 PM
  2. خطأ اهل السنة فى عصرنا الحديث
    بواسطة رافت ابوطالب في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 17-04-2015, 02:01 PM
  3. في عصرنا رأسُ الدّهاء وذيلهُ
    بواسطة فكير سهيل في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 28-01-2015, 12:34 PM
  4. ماذا بقي من رمضان
    بواسطة hedaya في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 14-11-2003, 09:44 PM
  5. بقي أيام قلائل
    بواسطة أبو القاسم في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27-05-2003, 01:34 AM