قال لى صاحبي .. فقلت له

هو صديق ..
كاتب شاب وحماسي الى درجة التهور ..
بذلت معه قصاري الجهد لكى ينتقي الأماكن التى يناقش فيها موضوعاته الحساسة التى لا تصلح لكل الناس على اختلاف مشاربهم
ومنها هذا الموضوع الذى طرحه عن الرئيس المصري الحالى حسنى مبارك ..
فوجدت أنه من المفيد أن أنظم له بعض أفكاره فقمت بالرد عليه كالتالى

تنفس يا صاحبي ..
فعندما شرفتنى بقبول دعوتى ولهذا المنبر بالذات ..
كنت أعلم تماما أن صدرك ضاق بما يحمل ..
وما كان تأخرى فى التعقيب عليك ..
الا محاولة منى لمنحك الفرصة للتنفس بحرية دون أدنى تتدخل منى .. !!

تتنفس كعادتك ..
ثائرا ساخرا ..
مفعم الاحساس بالمراره ..
تؤدى دورك كواحد من الشباب الذين أجزم بصفاء سريرتهم ونشأتهم على الاباء المصري المعروف
والذى ضيعه المتواطئون ..
حتى صبغت صورة المصريين بالخارج بصبغه مختلفه لم يشعر بها الا كل من تعدى حدود الكنانه لأرض غيرها
حتى ولو كان لأرض عربية .. !!
وما كان الذنب ذنب نظام .. أو حكومه .. بل ذنب عهود استطالت ..
منذ أن قـُـدر لمصر أن تعرف الاستعباد عبر مرافئ الثورة الداعية للتحرير !!
ومن محمد نجيب الرئيس المغدور به من رجاله عام 1954 م .. الى عبد الناصر الذى تربع على عرش زعامة الوهم الذى استيقظت مصر منه فزعه صباح الخامس من يونيو عام 67 ..
وليت اليقظة كانت كاملة ..
كانت يقظة لأجل الارض المغتصبة وفقط ..
هبت الجموع وتكاتفت خلف الذى تصورته زعيمها . وأجلت الحساب لما بعد ازالة آثار العدوان
ويتأجل الحساب الى يوم القيامه ..

ويتولى أنور السادات ولاية مصر ..
لتسري مصر بنفس النهج ونفس المنوال فى غير اختلاف كبير ..
حتى امتطى السادات ركاب الحكم وأطاح بخصومه من ورثة سلفه ثم بنى لنفسه الشرعية المناسبه بحرب أكتوبر تلك الصفحه البالغه الاشراق من تاريخ مصر
وينسي السادات نفسه وجنوده وأبطال مصر الذين بذلوا الدماء
ومنهم شقيقه الأصغر عاطف السادات الذى استشهد فى طلعه الطيران الأولى رحمه الله
نسي السادات نفسه واستمعت أذناه فقط لكهنه الفرعون ..
واستمرت مصر تسري من نهب الى نهب أكبر ..
لتشهد البلاد النهب الثانى فى تاريخها الحديث بعد عصر اسماعيل
وتشهد القتل والتشريد الثانى بعد عصر عبد الناصر ..
وتأتى احتفالية أكتوبر الشهيرة عام 1981 م ..
ليسقط السادات ضحية اغتيال متوقع ..
وعلى الرغم من توقعه .. الا أنه ما زال الى يومنا هذا سرا مغلقا
بكل ما فى الكلمة من معان !!..

صورة الاغتيال التى بدت أمام الجميع كانت ولا زالت أشبه بصور الأفلام السلبية " النيجاتيف " بارده الملامح لا تحوى الا أشباحا ..

ثم أتى من تحدثت عنه يا أخى ..
أتى مبارك لكرسي الحكم صدفه ... كما جاء سلفه صدفه لكونه النائب الوحيد لرئيس الجمهورية وقتها
وكما جاء سلفه أيضا صدفة .. بعد أن فوجئ بخلاص حكم مصر له اثر نظام ملكى مبنى على الرماد ومتهاوى ولم يكن ينتظر الى رصاصة الرحمه ..
أتى محمد حسنى مبارك بمجموعه من الصدف ان صح التعبير
فعلى الرغم من تخرجه فى الكلية الحربية الا أنه انتقل الى القوات الجوية .. وبعد أحداث التطهير التى تلت النكسه قابله عبد الناصر مصادفه فى الكلية الجوية ليصدر أمره بنقله كرئيس لأركان حرب القوات الجوية ..
ثم تولى منصب قائد القوات الجوية ليبرز فيه بروزا مذهلا لا سيما بعد قيادته المدهشة لسلاح الطيران ومجموعه طياريه الأبطال الذين سحقوا تفوق سلاح الجو الاسرائيلي فى حرب أكتوبر بالرغم من فارق العتاد الضخم كما وكيفا لصالح العدو ..

وسجلت الموسوعات العالمية اسم حسنى مبارك كثانى أبرع قائد طيران حربي فى العالم بعد الرئيس الأندونيسي السابق " سوهارتو "
وماان انتهت حرب أكتوبر حتى أعد مبارك نفسه لتولى احدى السفارات المصرية فى الغرب الأوربي ..
وفوجئ تماما باختيار السادات له نائبا لرئيس الجمهورية فى واحدة من مفاجآت السادات وشطحاته
حيث كانت التوقعات كلها تصب فى صالح المشير محمد عبد الغنى الجمسي وزير الدفاع وقتها وقائد العمليات بحرب أكتوبر وبطل محادثات الكيلو 101 أثناء القتال والذى لمع بها وأطلقوا عليه فى الصحافة الغربية اسم " الجنرال النحيف المخيف "
غير أن السادات ترك الجمسي رحمه الله واختار مبارك .. وأزاح اليه كل المسئوليات المباشرة لا سيما التقارير التى كان يمقت السادات مطالعتها مهما كانت خطورتها وكان يعتمد على ملخصاتها التى تعدها له زوجته جيهان رؤوف أو مبارك فيما بعد .. !!

ويتدخل القدر أيضا لصالح مبارك للمرة الثانية
عندما تألق نجم السياسي المصري اللامع الشاب فى ذلك الوقت " منصور حسن "
والذى سحب البساط من كثير من المسئولين لما تميز به من سمات شخصية بالغه التفوق
وتولى منصور حسن وزارة الاعلام ثم تولى بعدها وزارة شئون رياسة الجمهورية وعندما تولاها تم نقل جميع الملفات التى يمسكها مبارك بصفته النائب الى مكتب الوزير الجديد
ويغضب مبارك وان كان لم يبد غضبا أو اعتراضا ...
على كونه أصبح نائبا اسميا فقط

ويزداد تألق منصور حسن ..
ثم يفتر حماس السادات له فجأة بعد أن تدخل منصور حسن وأعطى أوامره المشدده بعدم نشر تصريحات الشهيرة الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر والتى قال فيها عن السادات
" ان الله خلق موسي ثم خلق المسيح .. ثم خلق السادات رجل السلام "
وينفعل منصور حسن من التشبيه البالغ الفجور ... ويمنع نشر التصريحات بمصر .. مما أغضب السادات بالطبع فأقاله من الوزارة ليعود مبارك الى اختصاصاته مرة أخرى ..

ويتدخل القدر مرة ثالثة فى صالح مبارك ..
عندما ينوى السادات قبل وفاته بثلاثة أيام فقط أن يغير نائبه .. كما أسر بذلك لواحد من أقرب خلصائه لولا أن القدر لم يمهله !!
ونشرت تلك التصريحات بواحدة من ألمع الجرائد المصرية الأسبوعية مؤخرا على لسان هذا الجليس المقرب من السادات

ثم يتدخل القدر مرة رابعه فى صالح مبارك
عندما يأتيه وزير الداخلية المثير للجدل " النبوى اسماعيل " ويقول له
" عجل بالاستفتاء لتتولى الحكم لأنه بلغنى أن كمال حسن على يعد لأشياء أخرى بواسطة اتصالاته بأجهزة حساسه "
وكان كمال حسن على أحد أشهر قواد الجيش المصري فى ذلك الوقت ..
وبالفعل يتم عرض الاستفتاء وانجازه وتولى مبارك مقعد العزيز

فى كل تلك الفترات السابقة ..
كانت شخصية الرئيس مبارك شخصية هادئة لا تميل للاعلام أو التفخيم .. وكان والحق يقال .. مثلا جميلا لرئيس استبشر به المصريون خيرا وهم يرونه يجل القضاء عندما يأمر باحاله أوراق قضية اغتيال السادات الى القضاء

ثم تمر السنون ..

ومبارك على نفس النهج محاولا بناء البلاد مرة أخرى وكان شريكه القوى فى الحكم .. هو وزير الدفاع المشير عبد الحليم أبو غزاله .. ذلك الرجل الذى يعد واحدا من أساطير وزراء الدفاع المصريين قاطبة ...
وما زالت أجيال كاملة من الجيش المصري تتذكر هذا الرجل وأعماله وخدمته وتوضعه وتفانيه فى خدمه المؤسسة العسكرية وتطويعها للمساهمه فى تطوير الحياة المدنية
ولم يكن مبارك يستطيع الانفراد بالحكم فى وجود أبو غزاله والذى يعد قانونا تحت رياسته الا أنه فعليا كان شريكا أساسيا فى الحكم

ويتدخل القدر للمرة الخامسة ..
عندما يقوم جهاز المخابرات الحربية " التابع لوزير لدفاع " بعملية سرية تم تكليفه بها لاحضار بعض أسرار أسلحه الدمار الشامل من قلب المؤسسة العلمية الأمريكية .. وذلك فى اطار التعاون العسكرى بهذا المجال بين مصر والأرجنتين فى انتاج تلك الأسلحه وكان الأمر يتم على نحو بالغ السرية ..
ويفشل عميل المخابرات الحربية المصرية فى الافلات من المخابرات المركزية الأمريكية ووقع فى قبضتها وانكشف الأمر ليتوقف البرنامج الطموح .. وتثور ثائرة الأمريكان .. ويقوم جورج بوش الأب الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت باثارة الأمر مع الرئيس مبارك ..

وتحت زعم الترضية تم اخراج أبو غزالة من وزارة الدفاع ونقله الى منصب شرفي هو مساعد رئيس الجمهورية .. ولم يبق طويلا بهذا المنصب فلم يلبث أن قدم استقالته وقبع فى منزله بعيدا عن الأضواء وصامتا حتى اليوم
ولم يكن خروج أبو غزالة معلنا بأسبابه الحقيقية ..
بل أعلن عن سبب غريب ومختلق كعادة نظام الحكم المصري والذى يدرك ما الذى يثير شعبه جيدا فابتدعوا علاقة نسائية مشبوهه بين الوزير النقي وبين سيدة الأعمال القبطية الشهيرة " لوسي آرتين "
لتسأل بعدها عزيزى القارئ أى طفل مصري عن سبب خروج أبو غزاله فيجيبك بسبب لوسي أرتين !!

وتكتب الجرائد البريطانية ومحللوها السياسيون تعليقا على ما حدث بمصر وخروج أبو غزاله من سدة الحكم بعبارة موحية وهى ..
" الآن خلص حكم مصر لمبارك "

وبالفعل ومنذ بداية التسعينيات انفرد كهنه الفرعون بمبارك بعد طول انتظار
لتدخل مصر فى نفس الدوامه القديمة ..

وان كان السادات قد أغفل سلفه وأسلوبه وانتهج أسلوبا آخر فى الاستبداد ..
الا أن مبارك ومن الملاحظ بمقارنه تاريخية بسيطه نجده يرث أسلوب السادات وجميع عداءاته السياسية بلا استثناء !!
واذا أمعنا النظر أكثر ..
ففترة الحكم الأولى للسادات كانت مبشرة بحاكم من طراز مختلف يبعث على التفاؤل
وحال حصوله على الشرعية المناسبه انتفضت روح الفرعون بداخله وأتت الحوادث مجراها المعروف ..
وفى أواخر سنوات الغضب وهى بداية الثمانينيات فقد السادات صوابه تماما وصار مصدقا .. لكل ما اختلقه حول التأييد الخرافي له من الشعب وكيف أنهم تقدموا بمشروع قانون تم اقراره فى مجلس الشعب المصري لمنحه لقب سادس الخلفاء الراشدين وتم منحه بالفعل قبل وفاته بأشهر معدوده !!!

اذا عقدنا مقارنه بسيطة ..
وتأملنا فقدان الوعى الذى ضرب النظام المصري فأخرجه من هدوء أعصابه المعهود الى ممارسات تسري من المستفز الى الأكثر استفزازا ..
نجد التشابه تاما .. والتطابق موحى بالكثير ..
ما بين ضرب القضاة واعتقالهم واستفزازهم بتعيين وزير عدل معروف عنه التحيز الشديد للسلطة مثل المستشار ممدوح مرعى والذى يذكرنا باستفزاز السادات لجموع القضاة عندما قام بتعيين المستشار أحمد سمير سامى الساقط فى انتخابات نادى القضاة وزيرا للعدل ..
والقمع الشديد للحريات فى ظل الاعلام الناقل لكل كبيرة وصغيره دون أدنى تحرز من غضب ..
ألا يذكرنا بأحداث واعتقالات سبتمبر 1981 م والتى لم يترك السادات يومها صوتا واحدا هاتفا بالحق الا واعتقله

وخروج المقاومة والمعارضة وارتفاع سقف النقد بها حتى طاول الرئيس نفسه وهو ما لم يكن معهودا ..
ألا يذكرنا بالسنوات الثلاث الأخيرة من حكم السادات والتى هبت فيها جموع المفكرين لا تقصد شيئا الا الانتقاد العلنى والصراخ بأعلى صوت فاضحين للنظام ..

هذا التشابه .. بل التطابق ..
ألا يجعلنا نتنسم شيئا ما فى الأفق
ترى هل يتدخل القدر لصالح مبارك للمرة السادسة

تحيتى لك أيها الحبيب
وليتك لم تطرح موضوعك هذا !!

فأن قلت بأنني سأقرأ دون رد
فماذا ستقول يا أبا جاد ؟؟

أهلا أبي الحبيب

فأن قلت بأنني سأقرأ دون رد
فماذا ستقول يا أبا جاد ؟؟

سأقول بأنك أجبت طبعا
هههههههه

عجيب أمر من يحكمونك يا مصر والأعجب أمر أهلك!
لك امتناني العميق أستاذ محمد لأنني اليوم قرأت لك موضوعين رائعين استمتعت واستفدت منهما كثيراً. أتخيل لو كانت مناهجنا تدرس بطريقتك لنجح كل الطلاب بتفوق.. ربما لا ترى صلة بين هذا الموضوع وما أقصد ولكن هذا أول ما تبادر إلى ذهني عند قراءة الموضوع.

ياللقدر ! ؛(

مرحبا بالأخت الفضلي سارة ..
بارك الله فيك لشهادتك وتقديرك
جزاك الله خيرا

أتخيل لو كانت مناهجنا تدرس بطريقتك لنجح كل الطلاب بتفوق

بارك الله فيك
ولا تخشي شيئا لقد أدركت مقصدك
شكرا جزيلا

مرحبا بك أخى الحبيب مصطفي
وفعلا يا أخى
ياللقدر ؟!!

بسم الله الرحمن الرحيم

مشيناها خطا كتبت علينا ومن كتبت عليه خطا مشاها

ومن كانت ميتته فى ارض فليس يموت فى ارض سواها


تحياتى ايها الاخ الفاضل فان احلك ساعات الظلام قبل طلوع الفجر

فما زال القلب ينبض .

مرحبا ً بعودتك الثرية

الزغبي ... رفيق صمتي وصدقي ... اشتقت لكم والله


سأعود

لاضع بصمتي .... فوق حرفك الثائر

ايها المفكر الباهر

الأخ الفاضل محمد خير الله
صدقت أخى والله
شكرا جزيلا لمرورك وتفاعلك