لطالما كرهت فصل الشتاء ليس لأنه بارد وقاس كمشهد النهاية في كل قصص الحب الملتهبة، وليس لأنه عنيف وفوضوي كثورة غضبٍ لشرقي "مغرور" في وجه شرقية "مغمورة"، وليس لأنه جاف وأجوف ككلمة (أحبك) حين تتساقط من الشفاة الكاذبة ليس لكل هذا أكره فصل الشتاء، بل لأنه ينتهك حدودي ببساطة، ويتسرب على غير غفلةٍ مني وعلى غير رضىً أيضاً إلى الزوايا المهجورة في نفسي وهناك يتحد مع شتائي الداخلي المستوطن فيّ منذ دهور، فأصير إعصاراً بداخله إعصارين، ويدب الصقيع في مساحاتي المعتمة فتزداد سطوة الوحشة في تلك الزوايا المهجورة ، عبثاً احاول استفزاز الدفء من سواكن الذكرى أو من مكامن الألم ,احاول استحضار ملامحه من الوجوه الراحلة لأن ملامح الوجوه الباقية هي الأخرى باردة كوجة الموت، وأحيانا حين أظفر بومضة دفء شاردة انفخ فيها بلهفة علها تشتعل اكثر، فاحرق بها بعضي ويحرق بعضي بعضي ، يستعر الحريق، اشتعل ، اتهاوى ، اصير أنا رماداً ويصير الشتاء بداخلي ماردا.
مصابة أنا بشتاء لاشفاء منه ومصاب الشتاء بطول لياليّ، كلانا مصاب بالآخر فهل في ذلك عزاء!! يالها من سخرية أن تكون انت داءً لدائك!! عندها سينهشك المرض بضرواة مضاعفة وسيحاربك مرتين، مرةً لأجل طبيعة المرض ومرة لأنك مرض للمرض.
بي مايشبه الولع بان أكون كعيناه ..ليال صيفية ، فأنا صيفية الطبع..ربيعية الهوى ..خريفية الرؤية ، مسكونة بالشتاء.