أحدث المشاركات
صفحة 1 من 6 123456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 54

الموضوع: رحلة إلى الأعماق - قصة - من الخيال العلمي - نزار ب. الزين

  1. #1
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي رحلة إلى الأعماق - قصة - من الخيال العلمي - نزار ب. الزين

    رحلة إلى الأعماق

    قصة من الخيال العلمي

    نزار ب. الزين*

    *****

    خمسة أصدقاء من بلاد عربية مختلفة ، جمعتهم الدراسة في إحدى الجامعات الأمريكية و السكن المشترك قريبا منها ، عبد الله من المغرب تخصص برمجة و هندسة كمبيوتر ، هشام من سورية تخصص معادن و سبائك معدنية ، مجدي من مصر تخصص طبقات الأرض ، حمود من الإمارات العربية المتحدة /أمارة دبي تخصص نفط و صناعات نفطية ، و رياض فلسطيني يعيش في الأردن تخصص ميكانيك محركات ثقيلة.
    لم تلههم المغريات الكثيرة من حولهم ، اللهم سوى حضور أفلام الخيال العلمي التي يشتركون جميعا بعشقها ، إضافة إلى زيارة المتاحف و مطالعة المجلات العلمية ؛ و قد أبدوا جميعا لفرط ذكائهم تفوقا في مجالات دراساتهم ، حتى أن الكثير من مؤسسات البحوث العلمية أو الشركات الأمريكية التخصصية عرضت عليهم وظائف مغرية ؛ إلا أنهم رفضوها جميعا لأنهم تعاهدوا أن يعودوا إلى وطنهم العربي للمساهمة في تطويره و تقدمه .
    في سنة التحضير للدكتوراه ، و قبل أشهر من مناقشة أطروحاتهم ، عرض هشام على أصدقائه مشروعا مدهشا ، بدا لهم أول الأمر خياليا و مستحيل التنفيذ ، إلا أنه رويدا رويدا تمكن من إقناعهم به ، مقدما لهم البراهين على إمكانية تنفيذه إذا تضافرت جهودهم معا ، فتعهد حمود بتمويل المشروع ، ليس هذا و حسب ، بل تعهد لهم أيضا بتدبير وظائف لهم في دبي في شركة البناء التي يملكها والده كغطاء يمكنهم من الحصول على التأشيرات اللازمة لدخول الإمارات .
    و طوال تلك الأشهر التي سبقت مناقشة أطروحاتهم ، لم يكن من حديث لخمستهم سوى المشروع الذي سيحدث ضجة عالمية من شأنها أن ترفع من مكانة العرب تجاه الشعوب الأخرى التي سبقتهم علميا و تقنيا بمراحل ، بعد أن كانوا رواد العلوم ذات يوم .
    *****
    في مكان ناء من مدينة دبي بنوا مختبرهم الذي بدا ظاهريا كأنه مستودع بضائع .
    كان هدف الدكتور هشام السعي لتكوين سبيكة معدنية تحتمل الضغوط الهائلة و درجات الحرارة العالية .
    أما الدكتور رياض فكانت أمامه أصعب المهمات ، الأولى منها ابتكار محرك قوي قادر على دفع مركبة خلال طبقات الأرض ، أما الثانية فكانت العمل على تطوير حفارة حلزونية تثبت في مقدمة المركبة ، أما الثالثة فكانت ابتكار ذراع آلية لالتقاط العينات و فحصها ، و قد وظف حمود تحت إمرته عددا من الميكانيكيين المهرة لتحقيق مهمته الصعبة .
    أما الدكتور عبد الله فقد انشغل بابتكار برامج حاسوبية تساعده في عدة أغراض ، أولها تصميم المركبة المنشودة ، و ثانيها ربط المجسات و الرادارات و الكاميرات بجهاز حاسوبي واحد يمكن التحكم بها من خلاله ، و ثالثها مساعدة الدكتور حمود في ابحاثة ، فالدكتور حمود يأمل بإثبات فرضية حديثة عن تكوين البترول ، الفرضية تؤكد أن النفط غير قابل للنضوب لأن المواد الهيدروكربونية - و هي أساس تكوينه - في حالة تشكل مستمر نتيجة اتحاد الكربون مع الهيدروجين ( و هما مادتان موجودتان في الأعماق مثل وجودهما في الجو ) هذا الإتحاد يتم تحت درجة حرارة و ضغط هائلين في الطبقات العميقة لجوف الأرض ، لينساب – من ثم - نحو الأعلى ، مجدداً تعبئة الخزانات الطبيعية الموجودة أو تكوين خزانات غير معروفة و لم يتم اكتشافها بعد .
    و يقول الدكتور حمود إذا تمكن من إثبات هذه الفرضية يصبح بإمكان البشر تكوين حاجاتهم النفطية بمصانعهم ، و ستكون تلك خطوته التالية ، مما سيحدث ثورة في مجال الطاقة تفوق الثورتين الصناعية و الألكترونية معا .
    أما الدكتور مجدي فكان يبحث في صفائح القشرة الأرضية التي تقوم فوقها القارات و التي تعوم فوق طبقة من الصخور شبه المائعة فتسبب حركتها الدائبة التي تؤدي إلى حدوث الزلازل ؛ و ذلك سعيا وراء إيجاد الفالق الباطني المناسب الذي يمكِّن من النفاذ إلى الأعماق .
    و يؤكد الدكتور مجدي أن هناك فوالقا زلزالية و أنفاقا و كهوفا طبيعية في الأعماق كما في السطح و من الممكن عبورها بيسر إذا نجح زملاؤه بتصميم المركبة المنشودة ، و التي سوف يكون عليها اختراق عدة طبقات مختلفة التكوين قبل الوصول إلى طبقة المعادن المصهورة و هي بسامكة 2800 كيلومتر و بحرارة تقارب المائة درجة مئوية قرب السطح و 3500 درجة مئوية في أعمق نقطة .
    و بما أن جاذبية قلب الكرة الأرضية الصلب المكون من معدن الحديد – و هي جاذبية أقوى من جاذبيتها على السطح - فإن قوة الدفع المكتسبة من تلك الجاذبية سوف تمكن المركبة من الإتجاه بنفس السرعة نحو السطح ثانية و لكن نحو قارة أخرى من خلال فالق زلزالي آخر ، و قد لا تستغرق الرحلة – نظريا - إذا كانت مباشرة ، أكثر من ساعات معدودة ، و الحاسوب يشير إلى أن الإنتقال من غرب آسيا – مثلا -إلى شرق أمريكا قد لا يستغرق أكثر من أربع إلى خمس ساعات.
    *
    ****
    بعد ثمانية عشر شهرا من العمل الشاق و إنفاق مبالغ كبيرة قدمها الدكتور حمود و والده بسخاء و بلا أدنى تردد ، اكتمل بناء المركبة التي صنعت من سبيكة معدنية ولَّفها الدكتور هشام ، يمكنها احتمال حرارة تقترب من 4000 آلاف درجة و ضغط عدة أطنان فوق السنتيمتر المربع الواحد ، و بطنت من الداخل بطبقتين من نوعين مختلفين من السيراميك و زودت بمحرك ديزل دافع بقوة تعادل قوة قاطرتي ديزل ، و بمحرك قوي آخر لحفارة حلزونية ثبتت في مقدمة المركبة مستخدمة شفرات شُحذت من نفس سبيكة الدكتور هشام المعدنية ، قادرة على اختراق أصلب الصخور و قذفها إلى ما وراء المركبة ، و بمحرك آخر لتشغيل الذراع الآلية ، و بمحرك رابع لتوليد الطاقة و تشغيل أجهزة التبريد و الأجهزة الكهربائية و الألكترونية الأخرى ، كما زودت بكاميرات ألكترونية خاصة تحتمل درجات الحرارة العالية ، تُمكِّن الباحثين في الداخل من رؤية ما يجري حولهم في الخارج بدل النوافذ ، و برادار قوي و مجسات حساسة لقياس المسافات و الأعماق و درجات الحرارة فوق هيكل المركبة من الخارج ، و أخرى للتعرف على الإتجاهات ؛ و بجهاز إتصال يصلح فقط أثناء وجودهم في أعماق المحيط أو فوق سطح الأرض .
    و اقتضت الخطة أن تكون أول رحلة تجريبية و مباشرة ، على أن تكون رحلة العودة رحلة إستكشافية تخصصية ، تليها رحلات .
    و ستغوص المركبة في الخليج العربي ثم تتجه جنوبا إلى بحر العرب ثم غربا نحو شرق أفريقيا و من هناك سيتم إختراق فالق البحر الأحمر . أما لماذا اختاروا أن تبدأ رحلتهم من أعماق البحر فالدكتور عبد الله يجيب على هذا السؤال قائلا : " أن القشرة الأرضية تقل سماكتها في أعماق البحر فهي بين – 60إلى70 كيلومتر- مما يوفر الجهد و الوقت ."
    و من ثم سوف تغوص المركبة في الأعماق مندفعة نحو قلب الكرة الأرضية الصلب ، ثم تنزلق قبيل بلوغه في اتجاه الصعود لتبلغ فالق المحيط الأطلسي - تماما كما تفعل سفن الفضاء التي تستفيد من جاذبية أحد الكواكب لتنزلق قريبا منه باتجاه كوكب آخر مستفيدة من قوة الدفع التي اكتسبتها من جاذبيته - و لعلها تتجه من هناك إلى إحدى دول أمريكا اللاتينية ، و الأرجح أنها ستكون الجزيرة الكوبية أو أيا من جزر الكاريبي ، و لذا فقد حصلوا على التأشيرات اللازمة من سفارات تلك الدول معلنين لها أن زيارتهم ستكون عبر سفينة أبحاث أسموها << دبي 1 >>.
    و في اليوم الموعود ، اتجهت المركبة فوق شاحنة مغطاة إلى منطقة معزولة بين أمارتي عجمان و رأس الخيمة ، و ما أن أُنزلت المركبة على شاطئ الخليج حتى دنت منها سيارة فارهة يعقبها سيارة حماية ، ثم ترجل منها مسؤول رفيع المستوى و برفقته والد الدكتور حمود ، جاءا خصيصا لوداع و تشجيع زمرة العلماء العرب الذين سيخوضون أكبر مغامرة إستكشافية في التاريخ ؛ و قد حرص الجميع أن تكون المغامرة بعيدا عن أية ضجة إعلامية ، خشية الصدمة الكبرى و الإحباط الشديد إذا باءت الرحلة بالفشل .
    *
    ****
    عندما غاصت المركبة في الخليج كانت قلوب خمستهم واجفة خشية أن يكونوا قد ارتكبوا غلطة فنية ما ، و لكن لسعادتهم البالغة سار كل شيء على ما يرام ، المحرك الدافع قادهم نحو شرق أفريقية خلال 15 دقيقة فقط ( أي اسرع من اية غواصة ) ، و هناك بدأ الدكتور عبد الله و الدكتور مجدي يبحثان من خلال شاشتي الحاسوب عن فالق البحر الأحمر ، و ما لبث الدكتور مجدي أن صاح صيحة ( أرخميدس ) : وجدته !... وجدته !... ؛ ثم ما لبث الإثنان أن بدءا بالبحث عن الثغرة المناسبة للعبور منها إلى أعماق الأرض ، فوجداها بعد دقائق قرب خليج السويس ، و بدأ من ثم الإختراق ..
    كانت الحفارة الحلزونية تعمل بشكل رائع لشق الصخور و الكتل الطينية بينما يدفعها إلى الأمام المحرك الخلفي بسرعة أكبر من سرعة طائرة نفاثة أو صاروخية ، فكانت سعادة خمستهم لا توصف لمدى النجاح الذي حققوه حتى الآن .
    كان اتجاههم نحو الشمال الغربي بشكل مائل تحت القارة الأفريقية وعند بلوغهم عمق خمسين كيلومتر ، أحسوا أن الحفارة الحلزونية تدور في فراغ ، رصدوا ما حولهم بقلق بالغ ، فتبين لهم أنهم داخل كهف عملاق يتجه بهم نزولا بخط مائل ، فساروا فيه بيسر دونما حاجة إليها..و قد امتد الكهف أكثر من مائتي كيلومتر تارة يضيق إلى بضعة أمتار و تارة يتسع إلى مئات الأمتار ، أما الإرتفاع فيتراوح بين أمتار قليلة و عشرات الأمتار .
    ثم بلغوا نهاية الكهف فبدأ الإختراق من جديد ..
    بدأت الحفارة الآن تعمل بشكل أيسر فقد بلغوا طبقة أقل كثافة مكونة من الصخور الحارة شبه المائعة و التي – كما سبق أن أفادهم الدكتور مجدي – تطفو فوقها صفائح القشرة الأرضية و التي تسبب حركتها الدائمة .
    أما الدكتور عبد الله فقد أخبرهم أن الحرارة خارج المركبة بلغت الآن مئتي درجة مائوية .
    و المركبة لا زالت مندفعة نحو الأعماق ...
    قال الدكتور مجدي : "نحن الآن في عمق ألف خمسمائة كيلومتر .."
    قال الدكتور عبد الله : " الحرارة خارج المركبة تبلغ الآن خمسمائة درجة مئوية ..."
    و المركبة لا زالت مندفعة نحو الأعماق ...
    " نحن الآن على عمق ثلاثة آلاف كيلومتر" ، قال الدكتور عبد الله ؛
    " و بدأنا نخترق المائع الناري " ، قال الدكتور مجدي ؛
    " و بدأت الجاذبية تتزايد وتيرتها بشكل متسارع ، اربطوا الأحزمة جيدا و اتخذوا وضع الإستلقاءعلى ظهوركم " ، قال الدكتور رياض الذي يتولى قيادة المركبة .
    و المركبة لا زالت مندفعة نحو الأعماق بوتيرة متسارعة...
    " بدأنا الآن بالإتجاه المعاكس " ، قال الدكتور رياض ، و قد خرجت الكلمات من فمه بطيئة و بصوت خافت بسبب الضغط الكبير الواقع على صدره و بطنه ، إنه ضغط السرعة الخيالية التي اكتسبوها من جاذبية قلب الكرة الأرضية المعدني .
    و المركبة بدأت تندفع من الأعماق نحو السطح ...
    " نحن الآن تحت المحيط الأطلسي ، في وسطه تقريبا ، و الرحلة تسير من نجاح إلى نجاح " ، قال الدكتور عبد الله عندما بدأ الضغط الكبير يزول تدريجيا عن جسده ، و بدأ يتابع جهاز الحاسوب بدون صعوبة..
    و المركبة لا زالت تندفع من الأعماق نحو السطح ..
    " سنخترق فالق الأطلسي وشيكا " ، قال الدكتورمجدي....
    " لقد عثرت بين العينات التي التقتطها من الكهف العملاق الذي مررنا به ، على كميات كافية من عنصر يندمج فيه الكربون بالهايدروجين فيما يمكن أن نسميه خميرة البترول و ليس فيه أي اثر لكائنات عضوية ميتة أو بقايا كائنات عضوية ، و هو ما يؤكد فرضية أن البترول في حالة تكوين مستمر ، و ليس فقط نتيجة المواد العضوية المترسبة كما كان يُظن ، و عندما سنمر في طريق العودة من ذلك الكهف سألتقط عينات أخرى لمزيد من البحث.. إنه لفتح علمي كبير أيها الأعزاء ! "
    و المركبة لا زالت تندفع من الأعماق نحو السطح ...
    و ما أن اجتازت فالق الأطلسي ، و بدأت الحفارة في تكسير الصخور الصلبة تمهيدا لبلوغ قاع المحيط ، حتى بدت من جديد و كأنها تدور في فراغ .
    *****
    لم يطل قلقهم طويلا
    " أنه مدخل كهف عملاق آخر !" صاح الدكتور مجدي فرحا!
    " شيء لا يصدق يا إخوان ، المجسات تؤكد أن حرارة الكهف لا تزيد عن 40 درجة مئوية ، و الهواء فيه مليء بالأكسيجين " أضاف الدكتور عبد الله ...
    فرد الدكتور مجدي : " أمر غريب نحن على عمق خمسين كيلومترا تحت سطح المحيط الأطلسي ، و الأكسيجين متوفر ، ذلك سيقلب جميع معارفنا الإنسانية رأسا على عقب ، هذا يعني أن الكهف صالح للحياة ، دعونا نتجول قليلا فيه و نريح أقدامنا المتعبة ، و ما يدرينا فقد نعثر على مخلوقات من نوع ما ! "
    فأجابه الدكتور حمود : " قد تكون تلك المخلوقات من فئة الداينصورات ، فعلينا أن نكون متيقظين و ألا نبتعد عن المركبة !"
    و ما أن هبطوا من المركبة حتى لجمت ألسنتهم مفاجأة لم تخطر على بالهم ، كان الكهف مضاءاً بإنارة لم يتمكنوا من معرفة مصدرها و مزدانا بعشرات اللوحات الفسيفسائية تفصل بينها أعمدة رخامية تتصل في أعلاها بأقواس تشبه أقواس قصر الحمراء في غرناطة الأندلس ، أما أرض الكهف فقد رصفت بالحجارة المنحوتة ..
    تساءل الدكتور هشام مشدوها : " هل من المعقول أن نكون أمام مدينة ما أو جزيرة ، غاصت نتيجة زلزال ، و بقيت مبانيها على حالها على هذا النحو ؟ ما رايك يا دكتور مجدي ، هل يمكن علميا أن يقع مثل هذا الأمر البعيد عن كل معارفنا ؟ أفدني يا دكتور مجدي ، هل سمعت أو قرأت عن مثل هذه المعجزة التي نراها ؟ "
    أجابه الدكتور مجدي و هو لا يقل شعورا بالذهول عن زملائه : " قد يحدث أن تغوص مدن أو جزر و لكنها تبقى في قاع البحر و لكن ليس تحت خمسين كيلومترا منه ؛ لقد تم اكتشاف بقايا الإسكندرية القديمة قرب سواحلها و لكنها كانت خرائب ، و ادعى روبرت سارماست و هو عالم أمريكي مؤخرا أنه اكتشف خرائب جزيرة أطلنتس التي تحدث عنها أفلاطون ، و لكنه قال أنها آثار ..."
    ما أن أكمل الدكتور مجدي جملته ، حتى سمعوا جميعا صوتا أرعبهم : " أنتم الآن في أطلنتيا " ثم اضاف : " أطلننتيا و ليس أطلنتس ، و شعبها يرحب بكم ، تقدموا بمركبتكم خمسمائة متر و ستروننا في استقبالكم ! " .
    نظروا إلى بعضهم بعضا و قد عقدت الدهشة ألسنتهم ، ثم قال الدكتور حمود لزملائه : " هيا مِمَّ نخاف ؟ الصوت بدا آدميا و ودودا ، و بالتأكيد نحن لا نحلم ! "
    أجابه الدكتور هشام و قد ارتعش صوته لرهبة الموقف : " يا إخوان نحن نعيش الآن معجزة حقيقية ! "
    *****
    هبطوا من المركبة ثانية ، عندما وجدوا أنفسهم أمام بوابة ضخمة ، ما لبثوا أن سمعوا صوتها و هي تفتح ببطء ، ثم بدؤوا يلمحون بشرا حقيقيين ، نساء و رجالا ، في غاية الجمال ؛ طول فارع ، شعر يميل إلى الحمرة ، عيون واسعة عسلية اللون ، ، الرجال منهم يرتدون ثيابا بيضاء مكونة من قطعتين ، سروال قصير و قميص ( نصف كم ) مزين بزخارف هندسية يتوسط بينهما حزام جلدي مزخرف ، و في أقدامهم نعالا خفيفة ترتفع إلى ما فوق الكاحل مزينة بزخارف شبيهة بزخارف الحزام ، أما النساء فقد ارتدين ملابس زاهية الألوان بلا أكمام ، و طويلة تكاد تلامس الأرض ، و قد زينوا صدورهن بعقود اللؤلؤ و المرجان.
    تقدم منهم ما بدا أنه كبير القوم ثم ما لبث أن قال لهم من خلال جهاز بدا و كأنه جهاز للترجمة الفورية : " مرحبا بكم ، هذه هي المرة الأولى التي يشرفنا فيها بالزيارة سكان من سطح الأرض ، و لا بد أنكم تملكون تقنية عالية الكفاءة مكنتكم من الوصول إلى أطلنتيا ."
    تقدم الدكتور حمود - و قد استطاع التغلب على دهشته الشديدة – تقدم منه ، ثم مد يده راغبا في مصافحته ، و بعد تردد منه مد الآخر يده ثم تشابك مع حمود بمصافحة حارة و هو يضحك ، ثم ما لبث أن شده نحوه معانقا ، و تنكرر ذلك مع بقية رفاقه ؛ ثم بدأ الدكتور حمود يعرفه ببقية أصدقائه العلماء و بتخصصاتهم ؛ في حين كانت الحشود من حولهم تردد ما يشبه الأهازيج الترحيبية ، و قد تزينت وجوههم جميعا بابتسامات عريضة ملوحين بايديهم مرحبين.
    سار بهم كبير القوم مسافة بسيطة ثم تقدمهم صاعدا درجات مايشبه أهرامات ( المايا ) و لكنها مبنية من الرخام ، ثم ولجوا جميعا إلى قاعة كبرى التف حولها مدرج جلس عليه عشرات من النساء و الرجال ممن بدوا أنهم وجهاء القوم ، عرَّف بهم مضيفهم على أنهم نواب شعب أطلنتيا ، فقوبل الدكتور حمود و صحبه بتلويح الأيادي و صيحات الترحيب .
    *****
    بعد أن رحب بهم رئيس المجلس ، توجه بهم مضيقهم إلى قاعة مجاورة التف حول مائدة بيضاوية الشكل مصنوعة من من الرخام النفيس ، حوالي عشر نساء و أربعة رجال ، عرفهم مضيفهم على أنهم وزراء أطلنتيا و أنه شخصيا رئيسهم .
    ما أن جلس الضيوف حتى انهالت عليهم الأسئلة ، كيف وصلوا و كيف تمكنوا من اختراق المحيط ، و من أي منطقة جاؤوا و ماهو هدفهم ، كان كل منهم يجب على أحد الجوانب ، و قد أوضح لهم الدكتور مجدي أن مجموعتهم علمية بحتة ، و أنها لم تكن تفكر إطلاقا بالبحث عن حضارة أطلنتنيا أو آثارها ، و أنهم إنما بلغوها بمحض المصادفة ؛ ثم شرح لهم هدف المجموعة و هو إثبات إمكانية اختراق باطن الكرة الأرضية بسرعة قياسية إذا توفرت الشروط المناسبة ، و أنهم قدموا من البلاد العربية و تحديدا من الإمارات العربية المتحدة ، و يهدفون إلى بلوغ أمريكا الوسطى ، و على الأرجح بلوغ إحدى جزر الكاريبي ، و بسرعة قياسية تتجاوز سرعة أية وسيلة ابتكرها البشر حتى الآن ، فنحن قضينا حتى الآن ثلاث ساعات و عشرين دقيقة و هدفنا أن نبلغ إحدى جزر الكاريبي ، في زمن يتراوح بين أربع إلى خمس ساعات .
    ثم تناول الدكتور عبد الله الحديث مبينا لهم أنهم لهذا السبب لن يتمكنوا من المكوث أكثر من بضعة دقائق أخرى و إلا فشلوا في تحقيق هدفهم .
    ابتسم أحد الوزراء قبل أن يجيبه من خلال جهاز ترجمته ، الذي يستعمل كل منهم مثيله : " أنتم ضيوفنا و لن نتخلى عنكم بالسهولة التي تظنون .!.."
    ثم أضافت وزيرة أخرى : " في الحقيقة ، بلدنا ينقصه الذكور ، و عدد سكاننا في تناقص ، فنحن نرحب بكل ذكر يحضر لزيارتنا ، لقد بلغت نسبة الإناث 76% من مجموع السكان ، و هذا يهدد شعبنا العظيم بالانقراض ."
    ثم تصدت وزيرة أخرى للحديث ، فقالت : " علامَ عودتكم إلى السطح ؟ و شعوبه لم يتمكنوا حتى الآن من التغلب على حيوانيتهم ، شعوب متناحرة متنافسة متحاربة ، شعوب تملك من وسائل التدمير أكثر من تملكهم لوسائل الإعمار ! "
    أجابهم الدكتور هشام : " لهذا السبب اتحدنا نحن الخمسة ، و هدفنا الإسهام في تطوير العلوم و المعارف ، لكي يصبح للناس جميعا مصادر رخيصة للطاقة ، مصادر جديدة للمياه العذبة ، مصادر جديدة للمعادن ، لنحقق في النهاية ما يكفي كل البشر من الغذاء و الكساء و البيوت المريحة و المواصلات السهلة ، و نعتقد أنه إذا تحقق كل ذلك فإن الصراعات سوف تنتهي و أن العدالة سوف تسود ؛ أما إن بقينا في ضيافتكم - كما تطلبون – فإن كل جهودنا ستذهب أدراج الرياح "
    ثم أضاف الدكتور حمود قائلا : " لا تنسوا يا أيها المحترمون أن لدينا أهلا و أصدقاء في انتظارنا على أحر من الجمر ، فإذا بقينا في ضيافتكم – كما تقترحون - فسيظنون أننا قُتلنا ، و أن رحلتنا فشلت ؛ و سنسبب لهم خيبة أمل رهيبة و حزنا كبيرا ! "
    صمت الجميع و كأن على رؤوسهم الطير ، ثم ما لبث رئيسهم و مضيفهم أن قال لهم : " لقد اقتنعت بما تقولون و بأنكم بشر طيبون و أن أهدافكم نبيلة ، و لكنني أطلب منكم أمرين ، أولهما أن تدخلوا غرفة التاريخ لتتعرفوا على حضارتنا و علومنا و مقومات وجودنا لكي تتخلصوا من كل ما لُفِّق عنا من أقاويل ، و ثانيهما أن تتعهدوا بعدم ذكر أي شيء عن وجودنا و مكاننا لأي إنسان على سطح البسيطة ، و إلا عرضتمونا لخطر فادح ، فهناك دول قوية و عدوانية فوق السطح ، قد تتمكن من الوصول إلينا و إيذائنا و تدمير حضارتنا المعمرة ، و التي بلغت خمسة آلاف سنة ، نعم خمسة آلاف سنة بدون حروب أو أي نوع من الصراعات ، نحن لا نحتاج للشرطة أو الجيش ، و لم يسبق أن تشاجر منا اثنان ، و حكومتنا التي ترون هي حكومة علماء و حكماء ، فإذا بحتم بسرنا فربما تكونوا السبب في القضاء علينا ."
    أجابه الدكتور حمود : " أعاهدك باسمي و بإسم إخواني بأن نَكْتم سركم و بأنكم بالتأكيد لن تسمعوا عن لساننا كلمة واحدة ، و لكن ليس لدينا وقت أكثر للاطلاع على ما تحويه غرفة التاريخ ؛ رجائي – و قد اقتربنا من النجاح – أن يحدثنا أحدكم بموجز عن تاريخ أطلنتيا و نحن في طريقنا إلى مركبتنا ."
    *****
    في الطريق إلى المركبة و في وسط حشود شدها الفضول لمشاهدتهم ، كانت إحدى الوزيرات التي كلفت بمرافقة الضيوف العلماء ، كانت تحدثهم عن تاريخ أطلنتيا ، فقالت : " كنا نعيش في وسط المحيط الأطلسي و أقرب إلى الأمريكتين ، و كانت لنا علاقات تجارية مع مصر الفراعنة و بلاد الإغريق في الشرق ، و مع سكان المايا بعد ذلك في الغرب ، و قد حاولنا إقامة علاقات ودية مع الجميع و لكنهم كانوا يقابلوننا بالعدوان ، كانوا يعتدون على سفننا التجارية و ينهبون ما فيها من بضائع ، ثم قَدِم إلينا الإغريقيون فوق سفنهم الحربية هادفين غزونا فأحرقناها عن آخرها باستخدام الليزر الذي لم يكونوا يعرفونه و الذي عرفتموه أنتم حديثا.
    أما سكان المايا فكانوا أكثر توحشا رغم كل مظاهر التقدم التي كانوا عليها ، كانت لهم أبجديتهم الهيروغليفية ، و كانوا بعرفون الأرقام و الحساب ، و كان لديهم إلمام بعلم الفالك ، و لكنهم كانوا دمويين ، كانوا يقيمون كل فترة احتفالات ينتقون خلالها أجمل الشبان أو الفتيات ، فيذبحونهم ذبح النعاج ثم ينتزعون قلوبهم و يقدمونها قرابين لإرضاء آلهتهم كما كانوا يزعمون ، و كانوا يخوضون على الدوام حروبا شرسة فيما بينهم أو مع جيرانهم ، و أما نحن فكنا نتوقع انهيار حضارتهم السريع كما حدث بالفعل .
    و عندما اكتشف علماؤنا ، أن هناك بوادر حدوث زلزال كبير قد يغير خارطة الكرة الأرضية ، صنعوا فوق جزيرتنا قبة هائلة الحجم من لدينة قوية ، و قد شارك جميع السكان في تدعيم بيوتهم و تقوية أساسات مباني الجزيرة العامة ؛ ثم جهز علماؤنا الجزيرة أيضا ، بمولدات الطاقة التي ستستفيد من حرارة الأعماق ، لغرض الإنارة و استخلاص الأكسيجين و الماء العذب من مياه المحيط إضافة إلى تعديل حرارة الجو ، و انتظروا - من ثم - اللحظة الحاسمة ."
    ثم أضافت بعد أن التقطت أنفاسها : " و حدث الزلزال الكبير و ابتدأت جزيرتنا تغوص في ماء المحيط بهدوء و كأنها فوق مصعد أحد الأبنية ، حتى بلغت القاع ، و بدون إلحاق الأذى بأي من شعبنا على الإطلاق ؛ كل ما حدث أن المباني اهتزت قليلا عندما ارتطمت جزيرتنا بقاع المحيط .
    ثم ما أن استقر الوضع حتى ابتدأ الحفر نحو هذا الكهف الذي كان علماؤنا قد اكتشفوه قبلا ، و الذي أصبح مدينتنا المزدهرة كما ترون ، أما القبة فقد تآكلت بالتدريج بتاثير ماء المحيط المالح . "
    كانوا قد وصلوا إلى مركبتهم عندما قالت لهم مرشدتهم : " لا حاجة لكم للرجوع إلى أول الكهف ، فلدينا منفذ يؤدي بكم إلى قاع المحيط مباشرة ، تستخدمه مركباتنا الفضائية التي تطلقون عليها اسم الأطباق الطائرة أو الأجسام المجهولة ، نعم أيها السادة إن حضارتنا كانت متقدمة منذ خمسة آلاف سنة على الأقل و لم تقف عجلة تقدمنا لحظة واحدة ، فقد تمكنا مثلا و منذ البداية ، من اكتشاف وسيلة تلغي حاذبية الكرة الأرضية أو الكواكب الأخرى ، مما يَسَّر تنقلنا بين الكواكب ! "
    تساءل الدكتور هشام متعجبا : " إذاً أنتم الذين دوختم العالم بأطباقكم مجهولة الهوية ؟! لقد قال بعض الناس أنهم شاهدوها تخرج من المحيط و لكن أحدا لم يصدقهم .. ! "
    ضحكت المرشدة و هي تجيبه : " نحن من كنا نجوب بلادكم مستكشفين مدى تقدمها ، و مدى اقترابها من السلام الشامل الذي سبقناكم إليه ، و أحيانا نختطف منكم بعض ذكوركم فيقيمون بيننا ضيوفا معززين مكرمين ، فكما أفادكم رئيس وزرائنا ، نحن نعاني من نقص حاد بالذكور ، و لهذا السبب قمنا باختطاف بعض طياريكم ، أو ركاب سفنكم ، أو مزارعيكم ، دون أن نسبب لهم أي أذى ، و قد عاشوا بيننا سعداء في غاية الرضا ، و منهم من لا يزال بيننا حتى اليوم " .
    سألها الدكتور عبد الله : " كما فهمت منك ، فإنكم جِلْتم في الفضاء الخارجي أيضا ، فهل اكتشفتم حياة في أي كوكب غير كوكبنا الأرض؟! "
    أجابته و هي لا تزال ترسم على شفتيها ابتسامة عذبة : " لقد جبنا كل مجرتنا ( درب اللبانة ) من أقصاها إلى أقصاها و لم نعثر فيها على كوكب واحد صالح للحياة كما كنا نأمل ، فبعد إلقاء قتبلتي هيروشيما و ناغازاكي النوويتين ، و ما تبعهما من تجارب نووية ، شعرنا أن الكرة الأرضية باتت بخطر الفناء و بأيدي سكانها ، و لهذا السبب كثفنا بحوثنا في الفضاء على أمل العثور على كوكب ملائم نهاجر إليه ، و لكن للأسف دون جدوى .
    إن البشر منذ تواجدوا فوق هذا الكوكب ، و هم يتخيلون الفردوس ؛ الفردوس يا سادة بين أيديكم ، الفردوس هنا في كوكب الأرض لو أحسنتم رعايته و تعلمتم أخلاق التعايش فيه ، كوكبنا لا مثيل له في كل مجرتنا المحتوية على ملايين النجوم و الكواكب ، لا مثيل لمناخه ، لتنوع مخلوقاته من حيوان أو نبات ، لألوان أزهاره و أطياره و فراشاته ، لجباله و بحاره و أنهاره و بحيراته ، لمناظره الخلابة ؛ و لكن ناسكم للأسف لا يدركون ذلك و لا يقدرونه ، بل يسعون لتدميره بالتلوث البيئي و الأخلاقي ، من تعصب عنصري إلى استعباد قويِّكم لضعيفكم إلى الحروب المدمرة التي لا تخلف إلا الخراب و القتلى و المشوهين! "
    سألها الدكتور حمود : " و ماذا عن المجرات الأخرى ؟"
    " المجرات الأخرى تبعد ألاف و بعضها ملايين السنين الضوئية و ليس في وسع تقنيتنا بلوغ أيا منها حتى الآن . " أجابته ، ثم أضافت : " سأصعد معكم لأدلكم على المنفذ ."
    *****
    عندما بلغوا النهاية لاحظوا وجود عدد كبير من الأطباق الطائرة بأحجام مختلفة بعضها بقياس سيارة صغيرة و بعضها الآخر أكبر من باخرة ، عدد منها على شكل أقراص و مجموعة أخرى في أشكال كروية و مجموعة ثالثة في أشكال أسطوانية .
    قالت لهم مرافقتهم : "عندما نفتح البوابة التي تقابلكم ادخلوا فيها بمركبتكم ، ثم سنغلقها من خلفكم ؛ ستمتلئ الغرفة بالماء قبل أن نفتح البوابة العلوية ، عندئذ سوف يكون بوسعكم الإندفاع إلى أعلى لمسافة تزيد قليلا عن خمسين كيلومترا و بعدها ستبلغون قاع المحيط في منطقة مثلث برمودا . "
    ثم ودعتهم بحرارة و هي تذكرهم بوعدهم – بلهجة فيها رجاء - ألا يتحدثوا عن وجود أطلنتيا مع أي كان حتى مع أقرب المقربين .
    *****
    شَغَّل الدكتور عبد الله جهاز الاتصال و لفرحته تجاوّبَ في الحال ، نادي الدكتور حمود قائلا : " هيا اتصل بالوالد و طمنه أننا اقتربنا من الهدف و سنكون في جزيرة كوبا خلال عشر دقائق "
    - ألو .. آلو ... مرحبا ( يوبا ) أنا حمود ... أنا حمود هل تسمعني ؟
    يجيبه صوت مختلط ببعض التشويش :
    = هَلا ( بِولْدي الحبيب ) لقد تأخرتم أكثر من ساعتين ، و بدأنا نقلق عليكم ! ..و لكن أين أنتم الآن ؟
    - نحن قريبون جدا من جزيرة كوبا ( يوبا ) ، بلغ سفير الأمارات هناك ، بقرب وصولنا ( طال عمرك ) .
    يصيح والد حمود :
    = إحذروا من الإقتراب من (غوانتنامو) يا حمود يا ( وِلْدي )...أكرر ، إحذروا ..إحذروا...لا تقتربوا من ( غوانتنامو ) !
    *****
    - عبد الله .. عبد الله .. إصحَ من نومك يا ( خوي ) ، كف عن الصراخ ، فأنت تحلم !
    يلتفت نحو مجدي الجالس بجواره ، قائلا :
    - يبدو أن عبد الله تعرض لكابوس اسمه ( غوانتنامو ) !!!
    يفتح عبد الله عينيه بصعوبة ، يتلفت حوله ، ثم يغرق بالضحك و هو يجيبهما بكلمات قطعتها قهقهته :
    = بل كنت أحلم بأطلنتيا و بمدينة أفلاطون الفاضلة !

    ***************
    * نزار بهاء الدين الزين
    سوري مغترب
    عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
    عضو جمعية المترجمين العرب ( ArabWata )
    الموقع : www.FreeArabi.com
    التعديل الأخير تم بواسطة آمال المصري ; 30-11-2011 الساعة 02:01 PM سبب آخر: حذف بريد الكتروني

  2. #2
    الصورة الرمزية مصطفى بطحيش شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 2,497
    المواضيع : 135
    الردود : 2497
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي

    استاذ نزار
    قصتك رائعة, عنصر التشويق تغلب على طول القصة , المفاجأة في نهاية القصة لن تكن متوقعة ولكنها استثمرت الاطالة بشكل رائع
    فقط عانت القصة من اختراقها لبعض القواعد العلمية , دون ان تحضر حلولا لها , وخاصة تلك التي تتعلق بالجاذبية والحركة
    لك الود والتقدير

  3. #3
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى بطحيش مشاهدة المشاركة
    استاذ نزار
    قصتك رائعة, عنصر التشويق تغلب على طول القصة , المفاجأة في نهاية القصة لن تكن متوقعة ولكنها استثمرت الاطالة بشكل رائع
    فقط عانت القصة من اختراقها لبعض القواعد العلمية , دون ان تحضر حلولا لها , وخاصة تلك التي تتعلق بالجاذبية والحركة
    لك الود والتقدير
    ==============
    شكرا لمشاركتك و لإطرائك أخي مصطفى
    محبتي
    نزار

  4. #4
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    سلام الـلـه عليكم
    الأخ الغالي الأديب القاص نزار ب. الزين

    "رحلة إلى الأعماق " من قصص الخيال العلمي , عمل موفق جدا , فهذا النوع من أدب القصة , يستلزم ادوات اضافية , عدا ادوات القص , التي اعتادها أدباء القصة أو الرواية , فهي تستلزم ثقافة عامة واسعة , ودراية في المواضيع العلمية , والاحساس بالذهاب الى اقصى المدى , في تطبيق القوانين , ومن المعروف أن الكاتب غالبا , يملك الاحساس المسبق في الاكتشاف , والتبشير به , فكثير من القوانين والتطبيقات المعاصرة , تطرق اليها كتاب الخيال العلمي , وبشروا بها قبل الاكتشافها , بأزمان طويلة .
    وقراءة قصة من الخيال العلمي , لابد أن ينحو منحيين :
    أولا : المنحى الأدبي والابداعي , في القص . ثم , ثانيا : المنحى العلمي واستشراف المستقبل , وفي قصة "رحلة إلى الأعماق " , نجح القاص في تقديم قصة أدبية , بشكل مشوّق يستثير المتابعة لدى القارئ , ثم جاءت حركة البناء والسرد وتقديم الحوارات والصور , لتخدم حالة التوتر للوصول الى النهاية , وهنا اريد ان أشير الى أن القاص , لم يستطع الخروج , عن حالة التخلف العلمي والاكاديمي , في المنطقة العربية , فوظف احدى الجامعات الامريكية , لتأهيل ابطال قصته , ثم غلب على الكاتب , النسيج المجتمعي والاقتصادي والعلمي الخاطئ , الموجود في المنطقة العربية و فلم يجد بدًا , من الاستعانة بوالد غني لصديق , مدللا على غياب الاشكال التنظيمية والمؤسساتية , وفي هذا حالة تشاؤمية , على الرغم من التفاؤلية , التي بنيت عليها القصة أصلا , ولكن الكاتب كان رائعا , في رسم المشاهد اللاحقة , واحترام خصوصية كل صورة أتى عليها , بتفصيلية متقنة جدا , تدل على الغنى المعرفي والثقافي عند الكاتب , وخصوبة خيالاته , بشكل حمل طابعا منطقيا مقنعا , لدرجة ايصالي الى شعور احسست معه , وكأني أرى نفسي مع الاحداث , اعيشها وأرى ابطالها , ثم جاءت الخاتمة , باسلوب فني لتعلن , عن انتهاء الحلم , ولتجعلني اغفر للكاتب , عدم خروجه من الصور المتخلفة , للنسيج الاجتماعي والاقتصادي , وغياب المؤسسات , وتوظيف الجامعات الامريكية , في تقديم اللوحة .
    ثانيا :أما فيما يتعلق بالابعاد العلمية للقصة , فلاشك بأن القاص نجح بشكل لافت , فلقد طرح مواضيعا خطيرة , وسلّط الضوء عليها , وهي رؤى واحلام مستقبلية , والبعض منها يتم مناقشته حاليا , ضمن الافكار التفاؤلية , في المؤسسات العلمية , واعتذر الى الأخ الفاضل الأديب والمهندس الراقي الاستاذ مصطفى بطحيش , عندما علّق على الموضوع , يطلب تفسيرات لبعض الافكار العلمية , التي وردت في القصة , بأن اخالفه في الرأي , فليس ممكنا طلب ذلك , من الكاتب الذي هو صاحب رؤيا استشرافية , وليس عالما باحثا , يقوم بإجراء بحث على موضوع معين , في مؤسسة علمية معينة .
    "رحلة إلى الأعماق" يمثل عملا أدبيا رفيع المستوى , ولم يكن لدي مانعا لو لم يكن حلما , مع اعادة صياغة بعض بقع المسرح المكاني .

  5. #5
    الصورة الرمزية محمد الدسوقي قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Feb 2004
    الدولة : doha
    المشاركات : 1,420
    المواضيع : 83
    الردود : 1420
    المعدل اليومي : 0.19

    افتراضي

    أيها الكبير ..

    نزار ب الزين

    تابعت كل كلماتك حرفا حرف ؛ لأنك أغريتني بجمال الموضوع ، وقد تعايشت مع أبطال قصتك وكأنني معهم وفي نفسي أقول لمَ لا تلك الأماني الجميلة التي تخرج من التعاون والتأزر بين العلماء ، لتكون أتحاد يقوم على ما وهبه الله لهم من علم وأكتشاف ، اللهم ينقصنا إلا الأخلاص في العمل ، وصدق النية ، ربما يأتي اليوم لتتحقق قصتك العلمية وتكون على أرض الواقع ....

    صدقني ؛ قصك يجزبني بكل أحاسيسي ومشتقات الفكر الجميل .

    تحياتي واحترامي لشخصك البارع

    كل عام وأنتم بألف خير

    **
    لكن ناسكم للأسف لا يدركون ذلك و لا يقدرونه ، بل يسعون لتدميره بالتلوث البيئي و الأخلاقي ، من تعصب عنصري إلى استعباد قويِّكم لضعيفكم إلى الحروب المدمرة التي لا تخلف إلا الخراب و القتلى و المشوهين! "

  6. #6
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    أخي الدكتور محمد حسن السمان
    كانت قراءتك للقصة دراسة تحليلية جاءت من ناقد محترف موضوعي ، أما إطراؤك فهو إكليل غار يزين هامتي .
    أخي الكريم كلمات الشكر لا تفيك حقك و لكنني لا أملك غيرها فعذرا .
    دمت كما عرفتك غيورا على الأدب و داعما له
    نزار

  7. #7
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدسوقي مشاهدة المشاركة
    أيها الكبير ..
    نزار ب الزين
    تابعت كل كلماتك حرفا حرف ؛ لأنك أغريتني بجمال الموضوع ، وقد تعايشت مع أبطال قصتك وكأنني معهم وفي نفسي أقول لمَ لا تلك الأماني الجميلة التي تخرج من التعاون والتأزر بين العلماء ، لتكون أتحاد يقوم على ما وهبه الله لهم من علم وأكتشاف ، اللهم ينقصنا إلا الأخلاص في العمل ، وصدق النية ، ربما يأتي اليوم لتتحقق قصتك العلمية وتكون على أرض الواقع ....
    صدقني ؛ قصك يجزبني بكل أحاسيسي ومشتقات الفكر الجميل .
    تحياتي واحترامي لشخصك البارع
    كل عام وأنتم بألف خير
    ================
    أخي الكريم الأستاذ محمد الدسوقي
    أتمنى مثلك أن يكون ذلك الحلم واقعا كما أتمنى أن تدرك حكوماتنا العربية أهمية العلم و البحث العلمي فتخصص له الإمكانيات المادية المناسبة لتحريكه و تفعيله ، لقد كنا ذات يوم من رواد العلم في العالم كله، فلِمَ لا نستعيد أمجادنا العلمية ؟
    أما شهادتك يا اخي فهي وسام أعتز به
    عميق مودتي
    نزار

  8. #8
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    أستاذي الفاضل / نزار بـ الزين ..

    قصة مثيرة ، خيال علمي فاق التصور ، قد عرفنا التخيل و التكهن بوجود حياة أخرى في الفضاء ، كواكب أخرى يعيش عليها أناس وتخيلنا لهم أشكال ، وكتبت قصص وريات بهذا الشأن ، وهذا الخيال حقق شيء من النجاح في صناعة المركبات الفضاية والتي أشك حتى الآن أنا وصلت للقمر تحمل ركابا هبطوا عليه ، فاعذرني ، إضافه إلى الطائرات النفاثة التي باتت تقطع أبعد المسافات بعدد من الساعات وكان لخصوبة الخيال في هذا التصور أثره الكبير على السينما العالمية التي صنعت الكثير من الأفلآم .
    أما أن يتوغل الخيال ليكون بدل الفضاء باطن الأرض فحقا لأول مرة أسمع بخيال وصل لهذه النقطة ليبدأ تجارب عليمة حتى لو كان خيالا .
    كنت رائعا بهذا السرد ، وكأن أنت من كان يحلم أن يصل العلم والتطور بأمتنا العربية لهذه المرحلة المتقدمة ، وأن تنعم بالسلام المفتقد ، أن تنعم أمتنا بالإتحاد الذي يمنحها القوة ، بدل المنازعات على الثروات المائية والمعدنية والبترولية وعلى مقاعد الحكم والمناصب .
    عالم مثالي ما تحلم به سيدي ، ولكن من يعلم ...
    ربما .. أقول ربما نصل لجزء بسيط من هذا الحلم .

    ثقافتك العلمية العميقة ، وأسلوبك الأدبي المميز ، وخيالك الذي يحمل لنا الكثير من المفاجآت ، جعل هذه القصة رائعة ، حتى لكأنها باتت حلم كل من مر من هنا .

    لك تحيتي أستاذي القدير .
    كل الود ...
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  9. #9
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    أختي الفاضلة وفاء
    تنبثق قصص الخيال العلمي من الأمل و الرجاء و الأحلام بمستقبل أفضل للمجتمعات المحلية و للإنسانية جمعاء ، و قصص المدن الفاضلة عبر التاريخ نحت هذا المنحى .
    شكرا لتفاعلك مع النص و لثنائك العاطر الذي أعتبره وساما أعتز به
    عميق مودتي و تقديري و احترامي
    نزار

  10. #10
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي رحلة إلى الأعماق - من الخيال العلمي- الجزء 4 - نزار ب.الزين

    رحلة إلى الأعماق
    قصة من الخيال العلمي
    الجزء الرابع

    نزار ب. الزين*
    *****

    أبطال القصة :
    د.عبد الله من المغرب تخصص ألكترونيا و برمجة و هندسة الحاسوب
    د. هشام من سورية تخصص معادن و سبائك معدنية
    د. مجدي من مصر تخصص جيولوجيا و طبقات الأرض و علم الزلازل و البراكين
    د. حمود من الإمارات العربية المتحدة /أمارة دبي تخصص كيمياء ، فرع النفط و الصناعات النفطية
    د. رياض فلسطيني يعيش في الأردن تخصص ميكانيك و محركات ثقيلة .
    *****

    تجرأ الدكتور رياض ، ففتح بوابة المركبة بيد مرتجفة ، و لذهوله الشديد ، سار كل شيئ كما أخبرهم به ميمون ، لم يندفع ماء المحيط و لم تتفجر المركبة فكأنها فوق السطح ، لم ير اي اثر للفقاعة و لكنها بالتأكيد موجودة بدلالة خروجه من المركبة دون حدوث أي مكروه .
    و تجرأ الآخرون ، فخرجوا الواحد إثر الآخر ، ثم قام الدكنور رياض بإغلاق الفتحة ، تولى ميمون إحاطة كل من الدكتور عبد الله و الدكتور حمود و الدكتور هشام بفقاعة من المادة المعتمة غير المرئية و فعل نفس الشيء زينون لكل من الدكتور مجدي و الدكتور رياض . و بلا أدنى وجل أو تردد تبعوا جميعا ميمون مطمئنين واثقين .
    تحرك ميمون في المقدمة فتحركوا وراءه ، شعروا كأنهم طيور تحلق بكل يسر ، كان النفق الذي بدؤوا يخترقونه ضيقا للغاية ، و لكنه كان واضحا تحيطه من جميع الجوانب نتوءات ملونة بدت و كأنها زخارف ، و لكنه كان أيضا طويلا و متعرجا ، و ما أن أتموا اختراقه حتى ظهرت أمام أعينهم ما يشبه مدينة كبيرة تعج بالمخلوقات المشعة من فوقهم و تحتهم و من جوانبهم ، ثم بدا لهم ما يشبه البيوت ، و لكنها صغيرة جدا ، مبنية كلها من هياكل مرجانية ملونة ، ثم لفتت أنظارهم بضع أبنية عالية نسبيا تراءت لهم و كأنها قصور أو قلاع أوربية من القرون الوسطى ، ثم ما لبث ميمون و من ورائه زينون أن دخلا أكبرها فدخلوا وراءهما .
    كان الملك يتصدر قاعة كبرى و كان يتميز بلونه الأزرق و من حوله عدد قليل ممن بدوا أنهم من العائلة المالكة فذلك لأنهم يشعون جميعا بلون أزرق جميل ، إضافة إلى عدد آخر من المخلوقات العادية من أمثال ميمون و زينون .
    رحب بهم جلالته ، و ضحك ملء شدقيه عندما علم أنهم علماء عرب ، و لكنه توقف عن الضحك عندما اقترب منه ميمون و خاطبه بلغة غير مفهومة .
    ثم نطق جلالته قائلا بترو و بصوت بدا أوضح من صوتي ميمون و زينون :
    - أخبرنا مستشارنا أنكم في رحلة إستكشافية ، و إننا نقدر لكم هذه الجرأة غير المسبوقة من البشر ، كما نقدر علومكم الوفيرة التي أهلتكم لهذا الإنجاز العظيم ، و سنكلف في الحال فريقا من كبار علمائنا للإجابة على كل ما ستطرحونه من أسئلة علمية تهمكم و سيكونون خير معين لكم ، فإن جرأتكم العلمية هذه تستحق منا كل عون .
    و لكن : " و لكن هل أعجبتكم مملكتنا ؟ " استدرك قائلا ، فتطوع الدكتور حمود للإجابة :
    = نعم يا جلالة الملك ، إنها جميلة و لكن ما لفت نظري و ربما نظر إخواني ، أن البيوت صغيرة جدا مقارنة ببيوتنا .
    فتصدى لإجابته زينون وزير العمران قائلا :
    - ليس لدينا عائلات و أطفال مثلكم و لا نقضي في بيوتنا مددا طوية كما تفعلون ، نحن نلجأ إلى بيوتنا للراحة مرة كل أسبوع حيث نقضي فيها بضع ساعات من التأمل ، فنحن لا ننام ، أو نلجأ إليها من أجل الإستنساخ مرة كل ثلاث سنوات حيث يقضي فيها واحدنا - عندئذ - حوالي اسبوع ؛ فكما ترى لسنا بحاجة للبيوت الكبيرة ..
    يسأله الدكتور عبد الله :
    = هل لديكم حكومة و مجلس شعب أو أحزاب سياسية أو اي نوع من التشكيلات السياسية ؟
    يجيبه جلالته :
    - لاحاجة بنا إلى أحزاب و نرفض كل تشرذم أيا كان نوعه ، فما شوَّه حياتكم أيها البشريون غير التشرذم ، فكل فرد من شعبنا يحق له أن يتقدم بمطالبه في أي وقت ، ثم يقوم الوزير المسؤول أو أحد أعوانه بتنفيذها على الفور إذا كانت معقولة ، اما بالنسبة للتشكيلات التي تسمونها بالحكومة ، فهي ثلاثا لا غير : مجلس العلماء برئاسة وزير العلوم ، و مجلس العمران ويرأسه وزير العمران و هو للقرن الحالي صديقكم زينون ، و مجلس الأطباء برئاسة وزير الشؤون الصحية ؛ و كل منها لديه الصلاحيات المطلقة ، و لا يرجعون إليّ إلا عند الحاجة الماسة .
    يسأله الدكتور هشام و لكنني ألاحظ يا جلالة الملك ، أن جسدك يشع باللون الأزرق و هو مختلف عن الآخرين !
    يجيبه : " سأترك الرد لميمون " فيقترب هذا منهم و يبدأ بالرد على السؤال :
    - في طفرة تطويرية تميز بعضنا بقدرات عقلية فائقة ، فيتحول لونهم إلى الأزرق ، و من مجلس هؤلاء يخرج الملك ! أما الآخرون فيترأسون المجالس العلمية كمجلس الأطباء مثلا ...
    ثم أشار جلالته إلى أحدهم ، فتقدم من العرش ، ثم استدار نحو العلماء العرب قائلا :
    - لم نكن بحاجة إلى الأطباء أو لمجلس الأطباء حتى قبل حوالي سبعين سنة ، اي عندما بدأ البشر يجرون تجاربهم على القنابل النووية ، فمنذ أول تجربة بدأ من كان متواجدا على السطح منا يشكون من بعض الأعراض كالاضطراب العام و عدم القدرة على الإستنساخ ، ثم تضاعفت المشكلة عندما ظهرت الهواتف اللاسلكية فالهواتف الجوالة التي انتشرت كالتار في الهشيم فأحدثت اضطرابات مغناطيسية كبرى ، لهذا ظهرت الحاجة إلى الأطباء .
    قاطعه الدكتور حمود متسائلا :
    = ألم تقولوا أن خروجكم إلى السطح بات نادرا ؟
    - علماؤنا مضطرون للتواجد ، و قد راينا أن تكون مدة تواجدهم قصيرة ، و هناك بعض منا يحب المغامرة و المخاطرة مهما كلفه ذلك ، و نحن لا نمنع أحدا و نكتفي بالنصح .
    تذكر ميمون مستشار الملك أمرا فتقدم من جلالته هامسا ، الذي التفت إليهم قائلا :
    - بالتأكيد أنتم جوعى و بحاجة إلى الطعام ، سأعطي أوامري في الحال إلى وزير العلوم ليتدبر الأمر لكم .
    ثم اضاف متسائلا :
    - ما هي تخصصاتكم العلمية ؟
    أجابه الدكتور حمود :
    = أخي الدكتور عبد الله إختصاص برمجة حاسوب و هندسة ألكترونية ، أخي الدكتور هشام إختصاس معادن و سبائك معدنية و بفضله و فضل أخي الدكتور رياض المختص بالميكانيك و المحركات الثقيلة نحن هنا ، أما أخي الدكتور مجدي فهو إختصاص جيولوجيا و طبقات الأرض إضافة إلى علم الزلازل و البراكين ؛ أما أنا فاختصاصي كيمياء فرع النفط و الصناعات النفطية .
    يجيبه جلالته ، و هو يهز برأسه إعجابا :
    - هذا شيئ عظيم يا عرب ، أن تحملوا مثل هذه التخصصات و أن تتفقوا معا في خدمة العلم على هذا النحو ، مع أننا نعلم أن عربيين لا يمكن أن يتفقا ، و أن عشقكم للزعامة يدمر عقلكم الجمعي ؛ و برأيي أن البشر لن ينقذهم من نزعتهم العدوانية و ما تجره عليهم من ويلات غير العلم النظيف ، أي العلم الذي لا يشمل اختراع أو تطوير الأسلحة بجميع أشكالها و على الأخص أسلحة الدمار الشامل .
    و سأضع تحت تصرفكم وزير العلوم ليقدم إليكم ما تشاؤون من مساعدة ضمن اختصاصاتكم ، و التي ستوفر عليكم الكثير من العناء .
    *****
    بعد تناولهم لطعام شهي أعدوه لهم مما لذ و طاب من مأكولات بحرية ، و بعدما أدخلهم إلى قاعة بدا أنها مخصصة للبحوث العلمية ، قال لهم وزير العلوم (جِمنا ) و هو على ما يبدو من لونه الأزرق من العائلة المالكة :
    - في هذا المكان نرصد و نسجل كل ما يجري فوق سطح الأرض ، و هناك قاعة ثانية لتتبع ما يجري في أعماقها ، و قاعة ثالثة لرصد الكون ، و في كل منها عشرات العلماء و الخبراء – كما ترون هنا مثلا - مستخدمين مئات الأجهزة العلمية ، و نحن متقدمون عنكم علميا ، و لكننا لا ننكر أننا نستفيد من بحوثكم و اكتشافاتكم العلمية ثم نطورها ، فنحن - عل سبيل المثال لا الحصر - نستخدم مرصد (سييرا باشون) المقام حديثا في شمال جمهورية التشيلي منذ إنشائه ، و قد أضفنا إلى تجهيزاته أجهزة مصنوعة من المادة المعتمة ، و كنا قبل عقود نستخدم مرصد ( بانومار قرب مدينة إسكنديدو ) جنوب كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية ، بحيث لا يرانا أو يرى أجهزتنا أحد ، ذلك لأن الرصد من عمق أحد عشر كيلومتر متعذر ، نحن نتلقى المعطيات من علمائنا فوق السطح و نحللها هنا .
    بُهِت الأصدقاء العلماء لما سمعوه ، و تمكن الدكتور عبد الله من تجاوز دهشته فسأله :
    = هل تقصد أن لديكم تسجيلات من السطح منذ وُجِد الإنسان ، مثلا ؟
    يجيبه جِمنا :
    يجيبه جِمنا :
    - امسكوا أعصابكم و التفتوا إلى الوراء :
    يلتفتون ،
    يضطرب الماء قبالتهم قليلا ،
    ثم يتشكل فجأة أمام أعينهم ما يشبه شاشة سينمائية بانورامية ،
    ثَمَتَ ما بدا أنها سفينة فضائية ضخمة تهبط على السطح ،
    تتوقف مثيرة غبارا كثيفاِ ،
    يهدأ الغبار ،
    تُفتح من أحد جنباتها بوابة كبيرة ؛
    يخرج منها أعداد كبيرة من المخلوقات الشبيهة بالبشر ، ذكورا و إناثا و أطفالا ، من مختلف المقاسات ، شقر الشعر ، حفاة عراة ، و قد كسا الشعر الأشقر معظم أجسادهم ،
    ثم يصدر من المركبة شعاع يغمرهم جميعا ،
    ثم ينغلق الباب لتنطلق المركبة صعودا نحو الفضاء .
    قال جِمنا موضحا :
    - إنهم منفيون من كوكب بعيد في أقصى مجرة اللبانة ، نسميه الكوكب رقم 18300 ، فقد دأبت الكواكب المتحضرة على نفي كل من يجدون لديه نزعة تمردية أو عدوانية ، يجمعونهم في معسكرات ، ثم يطلقونهم إلى كواكب ليست مأهولة ، كما كان حال الأرض ، يمحون ذاكراتهم بنوع من الإشعاع كالذي رايتموه ، ثم يتركونهم لمصيرهم .
    فالأرض أحد كواكب الجنس البشري المنفيين من الكواكب الأرقى ، أما المكان الذي نزلوا فيه فهو الجزيرة التي تسمونها صقيلية ، و قد أسمى سلالتهم بعض علمائكم بالإنسان النيندرتالي.
    يسأله الدكتور حمود :
    = هل ما شاهدناه هو أول موجة من المنفيين مثلا ؟
    يجيبه جِمنا :
    - كلا ، بل عرضت لكم إحدى هذه الموجات ، فقد نفي إلى الأرض – مثلا - مجموعة من الكوكب رقم 4222 و هم يمتازون بلون بشرة باذنجانية و شفاه غليظة و شعور مجعدة و قد هبطوا أول مرة في كينيا بأفريقيا ، و أخرى من الكوكب رقم 1402 و لون جلودهم باهت و عيونهم صغيرة و قد نزلوا في وسط الصين ، و هذه مجرد أمثلة ، ذلك أن بعضهم يشبه الإنسان الحالي أما غيرهم فكان إلى القرود أقرب .
    يسأله الدكتور رياض :
    = تقول أن الأرض كانت غير مأهولة ، بينما تعلمنا أن الأرض كانت مسكونة بالحيوانات الضخمة التي نسميها دايناصورات ، قبل ظهور الإنسان .
    يجيبه جِمنا :
    - أنا لم أقل خاوية بل عنيت أنها غير مأهولة بالمخلوقات البشرية أو أشباهها .

    ----------------
    * نزار بهاء الدين الزين
    سوري مغترب
    عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
    عضو جمعية المترجمين العرب ArabWata
    الموقع : www.FreeArabi.com
    البريد : nizar_zain@yahoo.com

    *****
    رحلة إلى الأعماق
    رابط الجزء الأول :
    http://www.freearabi.com /مجموعة7ولادةمجرة-سفينةالأعماق.
    htm
    رابط الجزء الثاني :
    http://www.freearabi.com/مجموعة7-رحل...لثاني.htm
    رابط الجزء الثالث :
    http://www.freearabi.com/مجموعة7=رحل...لث=ن-ز.htm
    رابط الجزء الرابع :
    http://www.freearabi.com/مجموعة7=رحل...لرابع.htm

صفحة 1 من 6 123456 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. وجه سيدونا - قصة من الخيال العلمي
    بواسطة نزار ب. الزين في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 04-02-2013, 02:57 PM
  2. رحلة اسماعيل - نزار ب. الزين
    بواسطة نزار ب. الزين في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 28-07-2012, 12:17 AM
  3. حبكات وموضوعات أدب الخيال العلمي
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-03-2009, 07:53 PM
  4. [ . . ا لْ حُ بُّ الوَحِــــيدْ ] . .
    بواسطة محمود قحطان في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 05-05-2008, 02:07 AM
  5. **(( أ .. ح .. بُّ .. كِ شهداً حلاوتُهُ بفمي ))**
    بواسطة عبدالخالق الزهراني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 19-08-2007, 11:01 AM