أيار حق العودة
هل هي مصادفة بحتة أم مصادفة مقصودة أن تأتي اشتراطات الخواجا شارون لمجرد قبول مخروطة الطريق أن تعلن حكومة السيد أبو مازن وطبعا هي الحلقة المناسبة لهذا الدور عن حسب ظن الخواجا وبناء على طلبه الملح في تشكيل هكذا وزارة والتي يبدأ برنامجها العام بسحب أسلحة المقاومة ، أن تعلن عن تخلي الفلسطينيين عن حق العودة إلى فلسطين وطنهم ووطن أجدادهم وأبنائهم وأحفادهم من بعدهم ، وهكذا تتضح أكثر فأكثر معالم لم تكن هي في الحقيقة غائبة عن وعي المقاومة الفلسطينية وتحليلاتها لما تعني هذه المخروطة لمن خرطها ولمن قام ينظر لها أو دار ينظر حولها وطبعا في أيار بالذات وربما لو تأخر الخواجا حتى منتصفه كي يوافق طلبه الوقح ذكرى ما اغتصبت يداه وما شردت أيدي سلفه من أبناء فلسطين لكان أكثر صراحة لما يريد هو من مخروطة الطريق هذه ولكنه لسبب من العنجهية والصلف المعروف بهما أكثر من غيره من جنرالات العدو المغتصب إضافة لسبب جديد هو استهانته المطلقة بكل ما هو من حوله باستثناء بندقية المقاومة المطلوب رأسها ، أعلن ذلك فقط قبل أسبوع واحد من هذه الذكرى.
ولعل إعلانه هذا كان كافيا لقطع الطريق على منظري المخروطة هذه ممن هم لا يزالون من أبناء جلدتنا وبين ظهرانينا بل وبعضهم كان ولا زال قبل أن نسمع منه هذه التنظيرات تحت شعارات واهية من نمط ضرورة كشف العدو للعالم وتعريته بأنه لا يريد سلاما ، أو من نمط إعطاء المقاومة راحة لشهر أو شهرين وهذه الراحة تعتبر نوعا من النضال وأساليبه الجديدة بعد المخروطة طبعا ، وغيرها مما لا تصلح أن تغطي ما تحتها لما بها من ثقوب الاختراقات والتوغلات الصهيونية اليومية ، كان هؤلاء حتى عهد قريب في ظننا أنهم أكبر وعيا من الانخراط في هذه المحاولات الرياضية البائسة لتشجيع آخر الفرق المهزومة كماً ونوعاً في ساحتنا الفلسطينية التي لم تعد حتى مهتمة بسماع هذه التنظيرات المغرقة في الآمال تحت دوي القصف الهمجي اليومي لكل شبر في فلسطين المغتصبة والمنكوبة من جديد وهذه المرة بعقلية وسلوكيات نفر من أبنائها المحاولين ولكن في الاتجاه الخاطئ تماما كما تؤكد ذلك الأحداث المتتالية كل دقيقة وليس كل يوم هناك على الأرض الفلسطينية.
إن ما غاب عن إعلان شارون وأعضاء حلفه ممن يطلبون ذلك جهرا أو قد يطلبونه سراً ولكنه طبعا وبالتأكيد لم يغب عن ظنهم أن لا حكومة السيد أبو مازن ولا حتى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ولا أي هيئة أو شخصية مهما كانت وأينما كانت وجدت أم ستوجد لاحقا لا تملك أولا مثل هذا البيع ولا السمسرة عليه ولا حتى تقوى على المداورة حوله ، وكل المواقف الصادرة حتى هذه اللحظة تؤكد على صيانة هذا الحق الذي هو سبب وشرعية أي مؤسسة أو جهة فلسطينية ، وأيضا نستعير ذلك من فخامة الرئيس أبو عمار " شاء من شاء وأبى من أبى " ، فهي ليس الخط الأحمر بل هي كل الأحمر في هذا العالم مهما حاول هذا العالم أن يبدو هلاميا أو سرابيا أو مقبلا أو مدبرا ، إن قضية فلسطين هي أولا الإنسان الفلسطيني وثانيا الأرض الفلسطينية وعودة كل فلسطيني على وجه الأرض للأرض الفلسطينية هو جزء من حقه يتلوه تعويضه عن الزمن الفلسطيني المسروق وفوق تراب الأرض الفلسطينية المغتصبة مهما طال الزمن ، ومن يسمح لنفسه بالتفكير خارج هذا الحق الشرعي والوطني والقومي والدولي والإنساني وكل ما شئت من محددات ومراجع هو كما قالت أغنية الثورة الفلسطينية الماجدة الخالدة ببساطة شديدة " مش منا أبدا مش منا ".
اليوم من يريد أن يوجه كلمة لشعب فلسطين أو للعالم باسم شعب فلسطين ، من أبنائه أو من غيرهم في ذكرى هذه الجريمة المستمرة فصولا ووجوها وخناجر ومعاول ، سواء أكان من السياسيين أم من الشعراء أم من الكتاب أم من أي فئة كانت ، عليه أولا أن يبدأ من حيث هي هذه الحقيقة الخالدة والتي كل كلام دون تأكيدها والعمل بمقتضى حقوقها وما تفرضه ، يصبح فضلة ولا لزوم له وليوفر كلامه إن كان سيكون متنكرا لهذ الحق أو ساكتا عنه أو منظرا لأي ضبابية حوله مهما كان نوعه لأنه مدان من دم الشهداء الذين توالى ارتقاؤهم في سماء فلسطين ولا يزالون ومن جراح الجرحى ومعاناة الأسرى الأشاوس والمهجرين قسرا من وطنهم فلسطين في كل شتات الدنيا والذين لهم من خلفهم أمهات وأخوات وأبناء وآباء لا زالوا وسيبقون في مقدمة من يحمل لهم الوطن الفلسطيني كل التكريم والتقديم .
إن الشرعية الوحيدة كانت ولا زالت أبدا للبندقية المقاتلة وللسواعد التي تحملها في سبيل الحق الفلسطيني الخالد غير القابل للتصرف ولا للتصريف مهما تعددت الأسماء وتغيرت العناوين ومهما تبدلت الظروف والمواقع ، وهذه الشرعية الواجبة هي وحدها من يحق له المسائلة والسؤال ومن لم يعجبه فليشرب من البحر الميت ومرة أخرى كما يردد الختيار ، وهنا فإن الوحدة الوطنية الفلسطينية المتحققة على أرض الميدان بين غابة البنادق هي التي يجب أن تكون الرد على الخواجا شارون ومن خلفه ومن أمامه ، وليكن يوم الخامس عشر من أيار تحديدا هو يوم إعادة التأكيد على هذه الثوابت الراسخة في فلسطين وفي كل أماكن تواجد الشعب الفلسطيني في شتاته ، نعم تامة واضحة جلية لحق عودة كل أبناء فلسطين لفلسطين ولا واضحة للمؤامرة على هذا الحق مهما كلفت المحافظة عليه من تضحيات واجبة ومستحقة وهينة في سبيل فلسطين ، نعم عبر التجمعات والمسيرات والتحشدات الجماهيرية ، عبر كل وسائل الإعلام وعبر كل ما يمكن أن يسمع أو يقرأ أو يشاهد ، وكلنا ثقة وأمل أن جماهير أمتنا العربية سيكون لها أيضا ذات الموقف وذات المشاركة في هذا اليوم الذي نريد أن نسمع فيه الخواجا شارون رد أمتنا الحية على صلفه وغروره وظنه الخائب .