خرست النواطق،
وسكتت البلابل،
ونبا الوتر........
ومادت الحناجر....
وماجت زفرات الصدور،
آهات صاعدات.... تترى بالأنين،
وعيون ذواهل.....أفترها الحزن،
وأغاضها الأسى.....وأهاضها الكمد....
ينبثر منها الجرح،
وينقذف معها الشرر،
وأفواه والهات..... فاغرات،
نشفت من حر الشكوى،
نطقت بالهمس....
ودندنت بالحزن الغابر...
أحاديث السمراء غدت صداعا،
غصت بها دروب الأمل،
ضوضاء وفزع، وألم،
وأمشي....
وغسق يمحو الآثار،
ينبش حزنا غضا بالفؤاد،
ينكره الليل.. ويظهره الصبح....
يحترق صبري،
وينفذ كالشمعة...
ويصهل فرسي،
ويفر كالقين الآبق.....
وتبكي صغيراتي،
وتندبن كالأرملة....
وتنبعث من الأرجاء،
موالات العزاء،
منخرمات التقاطيع...
وحلل السواد تكسو الآفاق......
تبكي ساحات العراك،
وسنابك الخيل،
وأنا يا سيدي..........
يبكيك سناني،
ورمحي، وحربتي....
فروحي....
في رحابك سادر،
أشرب من كوثر المحبة،
ودمي فداك،
وعشقي...
أرض تسقى بالوصال،
تناغي الأقمار في البهاء،
أراها ....فردوسا بهيا...
بحر من الجمال،
ألفت نظري إليه.....!!!
ألهوا بالسعال،
أطأطأ الرأس حانيا،
وأحْتَبِي...
أركب شراعي،
أقطع هذي البحور،
أعبرها فيافي البعد،
لأرى موطن الغدر.......
نجوم ساكنة،
تسترت بالهدوء،
وأمواج هادرة،
تعلمت لغة الجمود،
شواطئ خارت قواها،
غدت حبات رمل،
تغيرت من السنين،
صرفت على الكون بؤسا....!!!
فدال بلقعا يحيرني!!!
وأحجار وطين،
تمثلت جماجما وضلوعا،
أطلال عهد مضى،
وغبشة صبح...
أطل بعناد،
وشمعة أطفئت منذ زمان،
طواها الكاشِح بؤسا،
خاس العهد متغظرسا،
يواري عداءه بلين،
يرميه ببسمة خائنة،
تعلو سوادا حين يدندن،
تظهر منه أوداجا منتفضة،
يقولها سفها وطيشا،
ويُدنيها عقبى لكل شر،
فلا ترى منهم أمدا سائغا،
تحكيه فصول الحياة حبا وولاء،
تبقيهم سمدا،
لقىً منبوذا ....
تغيب عنهم غلابا،
شموس الكون كل إصباح،
وبدور الليل تنابذهم،
تبطئ عن الظهور،
تعاندهم في الحضور،
فهذي زوجاتهم ندبن الوجوه،
وذي بناتهم يئن من وراء الصقيع،
أبخرة زكمت أنوف العالمين،
وهذي لحاهم كالحبال،
تجرجرهم وراء البطون،
سود الضمائر والقلوب،
حناجر محمومة تتــزيى،
بلون الفضل والبياض،
ترخي شرارة من الأحقاد،
تملأ الكون بنيران العداء،
رياضي مونقة تبكي،
مروج ، وأديرة،
وديار لها ماض وحاضر،
مراضعها هبت من المقاريع،
ترسبت في أراضيها جواهرها،
سوالفها خانتها العهود،
فتلك بيوتهم تهدمت،
وتلك أبدانهم تهدلت،
وتلك أمانيهم تبخرت،
وتلك آثارهم تلعن بانيها....
نام الضمير،
واغترب الفكر،
إبر توحزني!!!!!
رابضة بجراحي....
توقظني في سهومي،
تنبهني من غفلاتي...
لا تنس ألمي...
فحزني كمدي،
اشتاق إلى سلوة الأحباب،
أشعل في دربهم فتيلا،
ينظرون الدم فيه قانيا،
يرون المسلوب حافيا،
يبكون لصغيراته،
تحنو عليه دموعهن...
ينظرون إليه غرثى،
يشتاقون للقائه،
يقولون: غدا لنا لقاء!!!!
سنراك في نجوم السماء،
في جلباب الفضاء،
في اليوم الموعود