أحدث المشاركات

نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»»

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: السيارة

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 55
    المواضيع : 14
    الردود : 55
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي السيارة

    السيارة !!
    الوقت يمر.. عقارب الساعة تسابقني.. يجب أن أخرج الآن من البيت قبل أن يفوت الأوان.. أنطلق من البيت بأقصى سرعة لدي.. أنتظر السيارة التي تقلني إلى عملي.. الزحام شديد.. لا سيارات.. الناس يهرعون إلى كل سيارة تطل برأسها من بعيد.. أقف حائرا.. لم أستطع يوما أن أزاحم الناس على ركوب السيارات بل جاثماً في مكاني حتى تتاح لي الفرصة لأركب السيارة بلا زحام.. لأجل هذا أصل متأخرا دوما إلى عملي..
    اليوم لا مناص من اقتحام الزحام فلدي عمل عاجل لابد أن أدركه في الصباح الباكر وإلا نالني من الجزاء ما لا يحمد عقباه..
    السيارة تطل برأسها.. أتحفز.. أركز بصري.. استنهض عضلاتي لتريني اليوم ما لم أره من قبل من قوة.. أتأهب.. السيارة وقفت على مقربة مني.. انهال عليها طوفان البشر من كل جانب.. حاولت أن أقتحمها.. حاولت أن أفك طلاسمها.. دون جدوى.. أزاحم.. أدفع .. أقتحم.. السيارة امتلأت عن آخرها.. لا مكان لقدم فيها.. وأنا مازلت أقف على الأرض.. انصرف الناس من حولها معلقين أبصارهم بالطريق لعل سيارة جديدة تولد من بعيد.. رمقني كل من بالسيارة الممتلئة بعيون شامتة.. وكأنهم سعداء بإدراكهم ما لم أستطع إدراكه أنا.. لم آيس.. بل ظللت واقفاً أفتش بين الأجساد المتلاحمة عن فرجة أدس فيها جسدي النحيل..
    قال أحدهم: لم يعد هناك مكان يا أستاذ.. انتظر السيارة التالية..
    صرخت في وجهه : لا.. لابد أن أركب هذه السيارة لأصل للعمل في الوقت المحدد.. ولم أنتظر رداً بل دسست نفسي بالقوة بين الأجساد المتلاحمة وجذبت الباب بشدة فأغلق من فوره..
    رمقني السائق بنظرة تفيض سروراً .. وكاد أن يحتضنني طمعاً في أجر راكب زائد.. وانطلقت السيارة..
    الركاب متأففون.. ينظرون لبعضهم البعض.. كأنهم يحتقرونني.. يتململون.. تند عنهم أصوات لا تنبئ بخير.. أحدق أنا في الطريق وكأني لست مصدر كل ذلك القلق.. لم يستطع أحدهم أن يكتم غيظه أكثر من ذلك.. صاح: يا أستاذ ابتعد قليلاً.. أنت جالس على رجلي..
    قلت بصوت كسير: وماذا أصنع.. ؟ ليس بجواري متسعٌ من المكان..
    صاح آخر: إذا لماذا ركبت السيارة؟؟ لماذا لم تنتظر سيارة قادمة؟ هل ركبت معنا لتضايقنا.. أعوذ بالله..
    قلت: إن كنتَ غاضباً لركوبي.. فانزل من السيارة ودع لي مكانك فإني به راضٍ..
    سكت الرجل ولم يجب.. وانطلقت السيارة.. قلت: لعل أحد الركاب ينزل قريبا فيتسع لنا المكان جميعاً..
    قال راكب ثان: هذه سيارتنا.. ولن ينزل منها أحد.. وسنبقى هكذا في ضيق حتى نصل.. ومن يدري هل سنصل أم لا..؟
    علق راكب ثالث: لا أحب من يزاحم.. ويحاول أن يفرض نفسه على الآخرين.. فهذه المقاعد حصلنا عليها بكدنا وجهدنا وقوتنا.. ولا يصح أن يزاحمنا فيها أحد..
    قلت والضيق آخذ في الصعود إلى حنجرتي: يا هذا إن المقاعد لا تدوم لأحد.. إن كنت تجلس اليوم عليها مستريحاً فغداً يجلس عليها غيرك ويكون أيضا مستريحاً.. إنما هي ملك مؤقت لنا حتى ننزل عن السيارة.. حينئذٍ تزول عنها ملكيتنا.. وكنا نظنها لا تزول.. ثم يجلس عليها آخرون يظنون أنها ملك لهم أيضاً..
    السيارة منطلقة في طريقها.. لا تلتفت لهذا أو لذاك.. قال أحد الركاب: انتظر أيها السائق.. سأنزل هنا..
    قلت مهللاً : أرأيتم.. لا تدوم المقاعد لأحد فأنت اليوم تجلس ماداً رجليك كأنك تتحدى الآخرين.. وبعد قليل تمضي وتترك مقعدك ليحتله غيرك حتى حين.. ولكن الركاب لا يفهمون..
    نزل الراكب ونقد السائق أجره ثم انصرف.. وأغلق باب السيارة وانطلقت.. وجلست لأول مرة على مقعد بمفردي.. أحسست حقاً بأنني أمتلك الدنيا.. الناس يملأون الشوارع منتظرين السيارات.. أرقبهم بعين شامتة.. وأتشبث بمقعدي كأنه قطعة من ذهب..
    توقفت السيارة.. ونزل راكب ثان.. واندفع الناس على الباب يتزاحمون.. فامتلأت السيارة فوق طاقتها من جديد.. قال أحد الركاب: يا ناس لا نستطيع الجلوس.. نكاد نختنق..
    قلت معقباً: صدقت والله يا أخي.. لا أدري لماذا يتزاحم الناس على السيارة هكذا؟ لم لا ينتظرون السيارة التالية..
    قال أحد الركاب الزائدين عن حاجة السيارة: عفوا يا أخوة.. ليتحمل بعضنا بعضا.. فلدينا جميعاً أعمال لابد أن نذهب إليها..
    السيارة منطلقة.. لا تلتفت لأحد ولا تصغي لحديث.. ولا تهتم بشكوى الشاكين.. ولا برجاء المحتاجين.. وأنا جالس وسطها والناس من حولي يتدافعون.. وأرقب السائق بعين متأمله: يا له من رجل سعيد يجلس بمفرده على كرسي لا يزاحمه فيه أحد.. وإلى الذين يجلسون إلى جواره.. ما أسعدهم يجلسون في منأىً عن الشاكين والمتأففين.. ليتني كنت معهم.. إن مقعدي أصبح كقطعة من حديد صلب.. يكاد يحطم ظهري.. لابد أن المقعد المجاور للسائق خير من مقعدي.. وأخذت أتحين الفرص لأقفز على هذا المقعد لعلي أفوز بجلسة مريحة..
    هدأت السيارة من سرعتها.. وأخذ بعض الركاب ينزلون عنها.. ومازلت أرقب الجالسين في المقعد الأمامي لعلي أنال شرف مجاورة السائق الهمام الذي يشق لنا الطريق بين أكوام السيارات وحشود المارة بمهارة فائقة..
    صاح أحدهم: هنا لو سمحت..
    قفزت من مقعدي فجأة بسرعة أذهلت الجميع.. حتى ابتعدوا جميعاً عني ظانين أن جنوناً قد أصابني.. وألقيت نفسي مسرعا إلى جوار السائق.. فرحا مسروراً..
    أدرت رأسي وأخذت أقلب البصر في الركاب الواقفين لا يجدون لهم مقعداً ولا يحلمون يوماً أن يصلوا إلى ما وصلت إليه..
    مددت رجلي كأنما أطأ بها المشرق.. وألقيت ظهري للوراء كأني أسند رأسي إلى المغرب.. ومددت بصري في السماء كأني أعانق الشمس الذهبية التي تتلألأ أمامنا على صفحة النيل العظيم.. أحسست أني أمتلك الدنيا.. فما أروع الجلوس على مقعد وثير.. مريح.. وما أروع الراحة بعد طول عناء.. تنفست ملء صدري.. وملأت عيني من الطريق قدر طاقتي..
    وفجأة لاح لي من بعيد مكان عملي.. فاغتمت نفسي.. وأخذت أتحسس المقعد حزيناً على فراقه.. راجياً أن تطول المسافة أكثر من ذلك.. ولكن السيارة سرعان ما وصلت إلى المكان المحدد.. قلت للسائق حزيناً: هنا.. لو سمحت..
    نزلت عن السيارة تاركا المقعد.. وقد قفز عليه غيري.. رمقته بعين كلها حزن وودت لو أقتله حتى لا يجلس على مقعدي بعدي.. ولكن السيارة لم تمهلني فانطلقت في طريقها.. وعلى مقعدي يتنعم غيري..

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي قصة : أيمن شمس الديننقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+الكويت
    العمر : 63
    المشاركات : 2,213
    المواضيع : 78
    الردود : 2213
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    أخي الفاضل الأديب /أيمن شمس الدين
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    مرحباً بك هنا مرة أخرى بعد غياب

    سرد مشوق أخذتنا به في رحلة طويلة ..
    سيارتك تشبه الحياة التي يتشبث بها الكل
    الكل يريد فيها مقعدا ( مكاناً ) مميزاً .. هي مراحل متتالية
    ولكننا لا نقنع بمكان فيها ،ونبحث عن الأفضل ، ولكن بعد جهد غير يسير
    وبعد الوصول نترك كل شيء مرغمين ؛ فلا شيء يدوم لأحد .
    ومع ذلك فالرحلة مستمرة إلى مالا نهاية .

    تقبل تقديري واحترامي
    حسام القاضي
    أديب .. أحياناً

  3. #3
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 55
    المواضيع : 14
    الردود : 55
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    الأخ العزيز والناقد الكبير/ حسام القاضي
    أسعدني مرورك جداً.. وشرح وافٍ لمقصدي من السرد تماماً ..
    شكراً جزيلاً لمرورك..
    ودمت متألقاً بفكرك الواعي النقاد..
    أيمن

  4. #4
    الصورة الرمزية نبيل مصيلحى قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    الدولة : مصر
    العمر : 68
    المشاركات : 536
    المواضيع : 28
    الردود : 536
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    هذه القصة ( حالة ) تحدث كل يوم ..
    فقط .. تتحدث عن الزحام الشديد وتهافت الناس على المقاعد
    وانشغال كل راكب بنفسه , في دنيا أختفى من المعاملات الإيثار و طفحت الأثرة ..
    هذا هو الحال ..
    ولكن يحمد لك امتلاك أدواتك .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    للتواصل على حساب فيس بوك .. https://www.facebook.com/nabil.moselhy

المواضيع المتشابهه

  1. متى يباح للمرأة قيادة السيارة ؟
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 08-11-2013, 12:25 AM
  2. السيارة غريبة الأطوار -- شعر : ماجد الراوي
    بواسطة ماجد أحمد الراوي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 09-06-2011, 02:04 PM