أحدث المشاركات

قراءة فى مقال هستيريا» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نكوص» بقلم الفرحان بوعزة » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» لن أفقد الأمل.» بقلم أسيل أحمد » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» قراءة فى مقال مونوتشوا رعب في سماء لوكناو الهندية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» حصـانة» بقلم محمد ذيب سليمان » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» تدقيق في المعاني النحوية» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» السّر الدّفـين: كيف أنشأ الخليل نظامه العَروضي..؟» بقلم ابو الطيب البلوي القضاعي » آخر مشاركة: ابو الطيب البلوي القضاعي »»»»» هل عقلية الخليل عقلية رياضية؟ وهل لها علاقة باللغة والعَروض؟» بقلم ابو الطيب البلوي القضاعي » آخر مشاركة: ابو الطيب البلوي القضاعي »»»»» قصة ابن زريق البغدادي مع قصيدته اليتيمه» بقلم هائل سعيد الصرمي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: لا تغضب وابتسم للحياة

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 12
    المواضيع : 5
    الردود : 12
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي لا تغضب وابتسم للحياة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أحبائي الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
    طبع لي كتاب في مكتبة الثقافة بقطر في أواخر عام 2004 تحت عنوان: " لا تغضب وابتسم للحياة " فأحببت أن أشارك هنا بفصل من فصوله- وهو الفصل العاشر- وأن أضعه بين أيدي قراء الواحة الكرام عسى أن يقبلوه من كاتبه كهدية متواضعة..
    ( ملحوظة: خرجت جميع أحاديثه وآثاره في الكتاب المشار إليه )
    الفصل العاشر
    ـــ ابتسم للحياة 00
    عند الانتهاء من كتابتي لهذا الفصل، اقترح بعض أحبائي وأصدقائي أن أحذفه من الكتاب.. وحجتهم.. أن موضوع الغضب هو أساس الكتاب، فلا يذكر معه أمر آخر، فتتزاحم المعلومات على القارئ..
    وكذلك أشاروا بأن أرفع كلمة " وابتسم للحياة " من عنوان الكتاب !!
    ولا أدرى إن كان هذا من قصر النظر، أم أنني أرى نفسي على صواب لكثرة تعايشي للموضوع، وشدة حرصي على أن أجمع فيه كل ما يفيده ويكمله قدر المستطاع..
    وقد تناسوا أن الضحك والابتسام من علاج الغضب كما مرت الإشارة إليه في فصل العلاج ..
    وإن كان البشر وطلاقة الوجه مطلباً شرعياً كما سيأتي..
    فما معنى أن نعيش النكد والهم والحزن، ونتعايش الآلام ليل نهار، ولا نروح عن أنفسنا قليلاً..
    وهذا أعرضه شرعاً لا فلسفةً وأدباً..
    فقد روى مسلم في كتاب التوبة من صحيحه عن حنظلة الأسيدي الذي تخوف النفاق، إذ إنه يكون في بيته لعوباً ضحوكاً على غير ما يكون مع نبيه يذكره بالجنة والنار والأهوال والنعيم المقيم، فظن ذلك النفاق بعينه.. فقال له رسول الله r :" والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم.. ولكن يا حنظلة: ساعة وساعة " ثلاث مرات.
    وكلمة ساعة و ساعة، التبس معناها عند هؤلاء الذين يبحثون عن أي حجة للعبث أو ثغرة للهو والباطل..
    ولم يفهموا أن المعنى الحتمي هو أن تكون الساعتان لله عز وجل.
    فكما أن ساعة العبادة والذكر والتبتل لك فيها أجر، فكذلك ساعة الضحك والمداعبة والسمر مع الأهل والأصحاب، لك فيها صدقة وزكاة عند الله، إن خلت من الفحش والبذاءة ..
    ومن ظن أن الضحك الفطري والابتسام من اللهو والعبث فهو مخطئ حتماً ، ولم يفهم النصوص الشريعة حق فهمها..
    فالضحك أمر فطرى لا حيلة لنا في رده، كما في قوله تعالى:
    } وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ { 43 النجم
    قال عطاء بن أبي مسلم: يعني فرّح وأحزن، لأن الفرح يجلب الضحك، والحزن يجلب البكاء.
    ففي صحيح مسلم عن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس النبي r ؟ قال: نعم وكان أصحابه يجلسون فيتناشدون الشعر، ويذكرون أشياء من أمر الجاهلية، فيضحكون ويتبسّم معهم إذا ضحكوا.
    وعن قتادة: سئل ابن عمر هل كان أصحاب رسول الله r يضحكون؟ قال: نعم والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبال.
    وقال القرطبي: إن الله تعالى خصّ الإنسان بالضحك والبكاء من بين سائر الحيوان، وليس في سائر الحيوان من يضحك ويبكي غير الإنسان، وقيل إن القرد وحده يضحك ولا يبكي.. وأن الإبل وحدها تبكي ولا تضحك..أهـ
    والضحك له مطلب في الحياة، ومن دونه لا يستطيع الإنسان أن يحيا الحياة الفطرية، فإنه لو دام على الحزن والاكتئاب لمات كمداً.
    ومن جعل حياته كلها ضحكاً يموت قلبه وهو لا يأمن العاقبة..
    ومن يجعل الحزن والضيق ديدنه يموت غماً وتكرهه الناس..
    ولأن خير الأمور أوسطها، فالمطلوب هو الاعتدال..
    وقد كان رسول الله r يضحك تعجباً واستغراباً وملاطفةً..
    ففي البخاري عن عبد الله بن عمر قال: لما كان رسول الله r بالطائف قال:" إنا قافلون غداً إن شاء الله " فقال ناس من أصحاب رسول الله r لا نبرح حتى نفتحها، فقال النبي r :" فاغدوا على القتال " فغدوا.. فقاتلوهم قتالاً شديداً وكثرت فيهم الجراحات.. فقال رسول الله r : " إنا قافلون غداً إن شاء الله " فسكتوا .. فضحك رسول الله r .
    فهذا ضحك للملاطفة بين أصحابه لما أصابهم من جراح..
    فإنهم كانوا على استعداد للقاء للعدو فلما قاتلوهم وكثر الجرح فيهم أراد رسول الله r أن يتلطف بهم فقال إنا سنقاتل غداً ، فلما سكتوا ضحك على ما كان من أمرهم قبل القتال..
    وذكرنا ضحكه تعجباً من الأعرابي الجلف الذي جذبه من ردائه حتى أثر في رقبته الشريفة، وقال له يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك.. فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء..
    وهذا ديدنه r يلاطف الناس بالضحك والابتسام المؤدب، فلا يضحك بالقهقهة ولا يفتح فاهه على آخره..
    كما حكت أم المؤمنين الحكيمة العالمة عائشة بنت الصديق زوجة الحبيب المصطفي قالت: " ما رأيت رسول الله r مستجمعا قطً ضاحكاً حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم".
    ويقول جرير بن عبد الله البجلى: "ما حجبني رسول الله r منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي".
    حتى عند وفاته r لم تترك البسمة ثغره الجميل..
    يقول أنس بن مالك خادم الأسوة والقدوة رضي الله عنه وأرضاه:
    إن أبا بكر كان يصلى بالناس في وجع رسول الله r الذي توفي فيه، حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة، كشف النبي r ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم، كأن وجهه ورقة مصحف ثم تبسم يضحك، فهممنا أن نفتتن من الفرح برؤية النبي.."
    ـــ تبسمك في وجه أخيك صدقة
    وعلى هذا الأساس لابد لنا من التأسي به r في كل أموره التي تجلب لنا السعادة في الدارين، ومنها الضحك والابتسام والبشر..
    فقد حث نبينا r على الخير ودل العالمين عليه، وجعل الحسنات على كل معروف، فيؤجر على كل ما يفعله المرء من خير ولو كان أمراً لا يكلفه شيئاً.
    ومن هذه الأمور.. التبسم في وجه أخيك المسلم..
    فقد جعل النبي r عليها صدقة.. وهي في الأصل لا تكلف الواحد منا أي جهد أو عناء.. فعن أبى ذر رضي الله عنه قال:
    يقول رسول الله r : " تبسمك في وجه أخيك صدقة ".
    فقط بمجرد أن تقابل أخاك المسلم وأنت فرح مسرور ستكافأ مباشرة، ويكفي أن يراك المسلم على هذه الحال فيستبشر بك ويسر لمقابلتك وسيود لو رآك في كل ساعة من شدة محبته لك.
    ـــ طـلاقة الوجه
    روى مسلم و الترمذي عن أبى ذر قال، قال رسول الله r :
    " لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ".
    والوجه الطلق هو المنبسط الذي رسمت عليه البسمة والسرور.
    وهذا هو المطلوب تعليمه للصغار قبل الكبار..
    كما قال الأول معلماً لابنه:
    أبني.. إن البشر شيء هين
    وجه طليق وكلام لين.
    وقال بعض الشعراء:
    المرء لا يعرف مقداره ما لم تَبُن أفعاله
    وكل من يمنعني بشره فقلما ينفعني ماله
    وفي الأثر عن على: " من الدهاء حسن اللقاء "
    وقال ابن وكيع:
    لاق بالبشر من لقيت من الناس وعاشر بأحسن الإنصاف.
    وعن سعيد بن عبد الرحمن الزبيدى، قال: يعجبني في الناس كل سهل طلق، فأما من تلقاه بالبشر ويلقاك بضرس فلا أكثر الله أمثاله.
    وروى الترمذي في حسن الخلق عن عبد الله بن المبارك أنه وصف حسن الخلق فقال: هو بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى..
    ـــ الفارس البسام 00
    ومن درر شعر شيخنا الدكتور خالد حسن هنداوي، والذي أهداني إياه فاستأذنته لأضعه في هذا الفصل من الكتاب فوافق مُرَحِباً جزاه الله خيراً.. وهي أبيات بعنوان " الفارس البسام " يصف فيها شموخ المسلم واعتزازه بإسلامه، وأنه برغم ما يراه في الوقت الحاضر من ابتلاءات ومحن، فهو بشموخه وعلوِّه الإيماني ليس كباقي الناس، وأنه مراقب من قبل الله جل جلاله ينصره ويقويه..
    يقول شيخنا فيما اصطفيته بما يتناسب مع هذا الفصل:
    من قصيدة بلغت 37 بيتاً فيها دعوة للتفاؤل والطموح وكذلك إعلام المسلم بقيمته في الحياة وتصوير أعداء الحاضر بمختلف أنواعهم وأخذ الحذر منهم.. فجزى الله شيخنا خيرا على جهده وجعله الله في ميزان حسناته. وأعتذر عن أخذ مقتطفات ولو أنها لم تؤثر في بهاء القصيدة.
    عرفتك فارسـاً جلداً أبيــا وطوداً شامخاً ميـتاً وحيـا
    غمرت العالميـن ندىً وحباً وكنت بـكل مكرمـة حفيـا
    ترشح للمهمـات الغوالـي وخذ خير التـجارب ألمعيـا
    وقوِّ شهية الإقدام وادفــع خصوم الدين جباراً عصيـا
    وإما هاج بحر فامض فيـه وشق عبابه أسداً قـويــا
    تحد الريح صقراً أو عقابـا وكن للهول إعصاراً عتيــا
    فإن لجت عواصف وادلهمت فمد الرأس مرفوعاً عليــا
    ولا تـركع لنـازلة الليـالي فمثلك لا يرى جزعاً طريـا
    تبســم كلما دهت الدواهي وقم متفائـلا طلق المحيـا
    وأشـرق للحياة بـلا حدود ولا تك مثل من عاشوا بكيـا
    فمن جنح الظلام يطل فجـر بـصبح مسفر يصحو نديـا
    إذا ما الدهر أمعن في البلايا فخذ أيـوب صبـاراً رضيـا
    ولا تحزن فحَرُ الحزن يكوي فؤادك بل ويلوي الصخر ليا
    أنر بعرائـس الآمـال قلباً وكـن بالهمة العليـا حريـا
    فطعمك غير طعم الناس طرا ولونـك وحـده يبقى بهيـا
    فحلق يا أخا الإيمان واحكم فصرحـك فوق كوكبة الثريا.
    ـــ القصد في المزاح والضحك.
    ولا نعنى أن يكون الإنسان مبتسماً ضحوكاً مبتهجاً مسروراً أن يكثر من المزاح، فهو فيه شر كما أن فيه خير..
    وقد ثبت عن نبينا أنه كان يمزح مع الناس يتوددهم بذلك، ولكنه كان لا يقول في مزاحه إلا حقاً..
    وعلى هذا جعل العلماء ذلك القيد في المزاح، وأكدوا عليه..
    كما قال أبو الفتح البستي فيما سمعه الماوردي منه:
    أفد طبعك المكدود بالجد راحة يـجمَّ وعلله بشيء مـن المزح
    ولكن إذا أعطيته المزح فليكن بمقدار ما تعطى الطعام من الملح.
    فلتكن وسطاً، وإلا فالمزاح من الأشياء الجالبة للغضب..
    وقد ثبت في الحديث أن كثرة الضحك تميت القلب..
    فروى الترمذي عن الحسن عن أبي هريرة قال، قال رسول الله r من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يعلم من يعمل بهن، فقال أبو هريرة فقلت أنا يا رسول الله فأخذ بيدي فعد خمسا وقال: اتق المحارم تكن أعبد الناس وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب..
    ـــ الحياة ميدان السعادة00
    لم يكن لي قصد آخر عندما وضعت جملة " وابتسم للحياة " على غلاف الكتاب..
    ولم يكن بخاطري أبداً أن يكون معنى هذا العنوان - كما فهم البعض- دعوة إلى التمتع بالحياة الدنيا على ما فيها من لذات ولهو وفتن.. وإنما أقصد صراحة، أن الحياة هي جسر الآخرة.. وهي المعبر الوحيد لها.. وما يترتب من مصير في دار الحيوان إنما هو مما جنيناه في الدنيا واكتسبناه بالعمل فيها.. وبالتالي.. وجب علينا أن نتخذ لها العدة المناسبة..
    ولست أعنى المال والزخارف، بل أقصد أن نتعامل فيما بيننا بالود والمحبة ونتقابل دوماً بالابتسام والوجه البشوش..
    فالحياة ليست هي البيوت والجبال والبحار والأنهار..
    ليست هي الدينار والدرهم والذهب والفضة..
    ليست هي الحرير والديباج والخز..
    إنها الناس بكل أنواعهم وأصنافهم وألوانهم ولغاتهم..
    وبغير الناس لا نجد الدنيا التي نسعى فيها لنربح الآخرة..
    فالإنسان حيث كان هو، لابد من معاملته بالحسنى ومقابلته بالبشر والابتهاج، ففي ذلك وحده دعوة للدين الحنيف..
    ولنترك الغلظة والوجه العبوس لأولئك الذين يسعون لتدمير الأمة وزعزعة عقيدتها ويحاربون الله ورسوله ويستهينون بشرعه ودينه ويسعون في الأرض فساداً..
    ـــ قيمة الدنيا عند المؤمن00
    والدنيا زهد فيها رب العزة في كتابه وحث نبينا r كذلك على الزهد فيها وعدم الافتتان بزخرفها..
    إلا أننا كبشر مطالبون بالسعي فيها للعيش على ظهرها بأمان..
    ويظهر ذلك جلياً في كثير من الأدلة الشرعية..
    منها ما رواه أنس بن مالك عن رسول الله r قال :
    " إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فان استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها ".
    وفي رواية المسند عن أنس أيضاً:
    " إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسلة فليغرسها ".
    وفي أخرى لأبى داود عنه أيضاً:
    " إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيل فان استطاع أن لا تقوم الساعة حتى يغرسها فليفعل ".
    والفسيلة والفسلة والفسيل: الصغيرة من النـخـل، والـجمع فَسائل وهي قضبان الكَرْم للغَرْس، وهو ما أُخذ من أُمّهاته وغُرِس.
    والمعنى أن الإنسان عليه العمل في الدنيا وإن لم يجنى هو منه فائدة، بل تبعاً لظاهر النص وإن كان لن يجنى منه أحداً فائدة..
    وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وجوب السعي في الدنيا..
    ومن هذا ما جاء في الصحيحين عن سعد بن أبى وقاص، في قصة وصيته بماله كله، قال له المعصوم r : تصدق بالثلث والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم..".
    وقال تعالى في معرض وصية قوم هارون:
    } وَابْتَغِ فِيمَآ آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ {. القصص 77
    قال القرطبي: وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة.. أي اطلب فيما أعطاك الله من الدنيا الدار الآخرة وهي الجنة فإن من حق المؤمن أن يصرف الدنيا بما ينفعه في الآخرة لا في التجبر والبغي..
    وقوله تعالى } ولا تنس نصيبك من الدنيا { اختلف فيه..
    فقال ابن عباس والجمهور لا تضيع عمرك في ألا تعمل عملا صالحا في دنياك إذ الآخرة إنما يعمل لها فنصيب الإنسان عمره وعمله الصالح فيها، فالكلام على هذا التأويل شدة في الموعظة..
    وقال الحسن وقتادة معناه لا تضيع حظك من دنياك في تمتعك بالحلال وطلبك إياه ونظرك لعاقبة دنياك، فالكلام على هذا التأويل فيه بعض الرفق به وإصلاح الأمر الذي يشتهيه وهذا مما يجب استعماله مع الموعوظ خشية النَبوَة من الشدة قاله ابن عطية..
    وهذان التأويلان قد جمعهما ابن عمر في قوله:
    "احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لأخرتك كأنك تموت غدا"
    وعن الحسن: قدم الفضل وأمسك ما يبلغ..
    وقال مالك: هو الأكل والشرب بلا سرف..
    وقال ابن العربي في الأحكام وابن الجوزي في زاد المسير:
    وفي معنى النصيبِ ثلاثة أقوال، الأولُ:
    لا تَنْس حظَّكَ من الدنيا، أي: لا تَغْفَلْ أنْ تَعْمَلَ في الدنيا للآخرة، الثاني: أمْسِك مَا يَبْلُغَكَ؛ فذلك حظُّ الدنيا، وأنْفِقِ الفَضْلَ فذلكَ حظُّ الآخرة، الثالث: لاَ تَغْفَلْ عَنْ شُكْرِ مَا أَنْعَمَ اللّهُ بِهِ عَلَيْكَ.
    وقال ابن كثير:
    أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة } وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا{ أي مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح، فإن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولزوجك عليك حقاً، فآت كل ذي حق حقه } وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ { أي أحسن إلى خلقه، كما أحسن هو إليك } وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ في الاْرْضِ { أي لا تكن همتك بما أنت فيه أن تفسد به في الأرض، وتسيء إلى خلق الله } إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ {.
    وقال السيوطي في الدر المنثور:
    وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال:
    " أن تأخذ من الدنيا ما أحل الله لك، فإن لك فيه غنى وكفاية".
    وعند البغوي قال مجاهد وابن زيد: لا تترك أن تعمل في الدنيا للآخرة حتى تنجو من العذاب لأن حقيقة نصيب الإِنسان من الدنيا أن يعمل للآخرة. وقال السدي: بالصدقة وصلة الرحم، وقال علي:
    لا تنس صحتك (وقوتك) وشبابك وغناك أن تطلب بها الآخرة.
    وعن عمرو بن ميمون الأودي قال، قال رسول الله r لرجل وهو يعظه:" اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك".
    وفي الزهد في الدنيا وزينتها قال تعالى:
    } زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَٰتِ مِنَ النِّسَآءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَـٰطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَـٰمِ وَالْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَـٰعُ الْحَيَوٰةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَأَب ِ{ آل عمران 14
    قال البيضاوي: لأنه يكون وسيلة إلى السعادة الأخروية إذا كان على وجه يرتضيه الله تعالى، أو لأنه من أسباب التعايش وبقاء النوع.
    ويقول ابن كثير عن هذه الفتن المذكورة في الآية:
    فأما إذا كان القصد بهن( النساء) العفاف وكثرة الأولاد، فهذا مطلوب مرغوب فيه، مندوب إليه، كما وردت الأحاديث بالترغيب في التزويج والاستكثار منه..وحب البنين تارة يكون للتفاخر والزينة، فهو داخل في هذا، وتارة يكون لتكثير النسل وتكثير أمة محمد r ممن يعبد الله وحده لا شريك له، فهذا محمود ممدوح..وحب المال كذلك تارة يكون للفخر والخيلاء والتكبر على الضعفاء والتجبر على الفقراء، فهذا مذموم، وتارة يكون للنفقة في القربات وصلة الأرحام والقرابات ووجوه البر والطاعات، فهذا ممدوح محمود عليه شرعاً.. (وحب الخيل على ثلاثة أقسام) تارة يكون ربطها أصحابها معدة لسبيل الله متى احتاجوا إليها غزوا عليها، فهؤلاء يثابون، وتارة تربط فخراً ونواء لأهل الإسلام، فهذه على صاحبها وزر وتارة للتعفف واقتناء نسلها، ولم ينس حق الله في رقابها فهذه لصاحبها ستر..أهـ
    والقصد مما أوردته هاهنا، بيان قيمة الدنيا وأنها دار العمل والمعبرة إلى الآخرة، واستعمال الحلال والطيبات والمباحات لا ينافي الزهد فيها.. كما يقول ابن القيم في المدارج عند منزلة الزهد ما نصه: وليس المراد رفضها(أي الدنيا) من الملك فقد كان سليمان وداود عليهما السلام من أزهد أهل زمانهما ولهما من المال والملك والنساء ما لهما، وكان نبينا محمد r من أزهد البشر على الإطلاق وله تسع نسوة، وكان على وعبد الرحمن والزبير وعثمان من الزهاد مع ما كان لهم من الأموال، وكان الحسن بن على من الزهاد مع أنه كان من أكثر الأمة محبة للنساء ونكاحاً لهن، وأغناهم، وكان عبد الله بن المبارك من الأئمة الزهاد مع مال كثير, وكذلك الليث بن سعد من أئمة الزهاد وكان له رأس مال..
    ـــ مفتاح السعادة00
    فالسعادة كلها في اللجوء والإنابة إلى الله والتوكل عليه والأنس بذكره والعمل بكتابه وإتباع سنة رسوله والإقتداء بهديه..
    فراحة النفس رياضة روحية تأتى بالتعود على الطاعة وذهاب القلق والخوف والاضطراب والوحشة..
    ولن تجد راحة نفسك إلا إذا أطعت الله على هدى من شرعه، وعملت لخدمة دينه وخلقه، وعند ذلك فقط ستجد لك قيمة في الحياة ومن ثم تتحصل على السعادة التي حرم منها كثير من الناس..
    إن شئت أن تحظى بكنز سعادة وتريح نفسك من عناء زمان
    فالزم شريعة ربنا وكتـابــه وهدى النبي الطاهر العدنـاني
    واختر بعقلك والقناعة والرضا ما جاء في الإسلام والإيـمان
    فعقيدة التوحيد أقدس شرعـة تشــفي بحق غلة الظمـآن
    بالله ما هذي الحياة إذا خـلت من فطرة الدين العظيم الشأن
    في غير شرع محمد ليل العمى فنهاره الوضاء شمس بيـان
    هذا هو الإسـلام حـق هـادر يمحو ويدمغ باطل الشيـطان
    هذا هو الإسـلام دين حضارة بالعلم بالفكر العظيـم البـاني
    هذا هو الإسـلام دين تسامـح وأخوة ومحبـة وحنـان
    هذا هو الإسـلام لا تمييـز لا ظلماً ولا استـعباد للإنسـان
    المرء فيه بجسمه وبـروحـه متكامل كالحـال في الميـزان
    يشكو لرب الخلق كل شجونـه متضرعاً يدعوه كـل أوان
    ويتـوب يرجو كل غفران لـه من غير صك القس والمطران
    لا تظلموا يا مسلمون خلائـقاً يحيون في الدنيا بلا إيـمان
    وادعوهم دوماً كما نـوح دعا ومحمد بالصبر والإحسـان
    هيا إلي بحر السعادة فاركبـوا سفن الهدى وامضوا لخير جنان
    أبكي على من حاد عن منهاجنا أن بـاء بالطوفـان والنيـران.
    أيها العاقل..
    وازن بين أن تلقى الناس بالبشر والسعادة فيصفونك بأنك جميل السمت وكريم المحيا..
    أو بالعبوس الكاشر، الغضوب الغافل، الكظيم الطلعة..
    وازن بين أن تعفو عمن ظلمك وتعطى من حرمك وتتلطف بالناس وتتودد إليهم بالعفو والمعروف..
    وأن تكون مكروه الرؤية غير محبوب المعاشرة يهرب الناس منك هروب الصحيح من المجذوم..
    وازن بين أن تحب الخلق لله، وتعاملهم بما يرضيه سبحانه تبتغى مرضاته وفضله..
    وبين أن تتعرف عليهم للمصلحة، فإذا قضيت أهملوك وأهملتهم وملوا منك ومللتهم، وفارقوك وحيداً وفارقتهم..
    وازن بين سوء عاقبة الغضب وآفاته والاعتداء وسوءاته..
    وبين فضيلة الحلم والصفح، والعفو والرفق وثوابه..
    فإنك إذا وزنت علمت، وإذا علمت فهمت وعملت،
    وإذا عملت بذلك ربحت..
    جنبنا الله وإياك شر الغضب.. وحسبنا الله ونعم الوكيل..[/COLOR][/B]
    [/SIZE][/SIZE][/SIZE][/SIZE]

  2. #2
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    شكرا ً لك على هديتك القيمة

    وقبل ان أقرأ سطورك

    دعني اكرر دعوتك واضيف ان الرسول عليه الصلاة والسلام ماكان الا رجلا ً مسرورا ً الا يكفيه انه صاحب اليقين الاكمل بظل الله لكل الانقياء وهو سيدهم
    ثم انه عليه الصلاة والسلام لم يكن فقيرا ً كما شوش علينا البعض وهم يحدثونا انه كان يشد الحجر والحجرين على بطنه الشريفة

    نعم
    مرت به ساعات كان الجوع مرافقه

    ولكنه رسول الله الذي علمنا كيف لانجوع

    \

    بالغ تقديري

    ولي عودة تدبر لكتابك
    الإنسان : موقف

المواضيع المتشابهه

  1. أخي في الله متى تغضب - ثورة الشام -
    بواسطة محمدحافظ في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 20-06-2013, 10:17 PM
  2. لا بد أن تغضب .. لا بد أن تغضب
    بواسطة مازن لبابيدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 25
    آخر مشاركة: 18-06-2012, 04:47 PM
  3. متى تغضب؟؟!!
    بواسطة أشرف أبو سالم في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 01-02-2010, 08:07 PM
  4. قراءة في نص " إغضب أو لا تغضب" للشاعرة عطاف السماوي...
    بواسطة لميس الامام في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 29-06-2007, 10:48 PM
  5. فأخبِرْني متى تغضبْ؟؟ د. عبد الغني التميمي
    بواسطة عطية العمري في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 10-08-2006, 11:12 AM