حملتنى اللوحة المرسومة بالجواش على الورق إلى تتبع تلال الألوان والحركات الساكنة لشبه الأجساد أمامى ومع الانحناءات المعتادة بهتت دهشتى ثم عادت الوانها للسطوع عندما ملأ اللون البنى للشعرالمتناثر الطويل كل حواسى،حرت كثيرا فى قطعة من جسد تسكن ركنا قصيا من اللوحة، تتبعت تكورها وسكونها الغريب ورأيتها قطعة إثم صغير غائم الوجود
لفحتنى حرارة مجهولة المصدر وأنا رافعة الرأس فى سكون أتأمل التفاصيل ملياً ، أطبقت جفونى لأختزن المزيد من التفاصيل فتسللت عبر مسامى رائحة الحناء، ,وقادتنى لرؤية تلك الوردات المرسومة بعناية وتلك الفراشات المحلقة بعيداً
رأيتها فى تلك اللحظة تحيطها الوسائد الوردية على فراشها الناعم الأشعث ويد خشنة سمراء ترسم بالحناء وردات بنية اللون على الكعب الوردى فتمنحه لوناً قاتماً قاسياً
تطلعت إليها بعد ذلك وهى فى ثوبها الأبيض المطرز ، تطلعت إليها من بعيد وبدأت أسبح بين تيارات البشر المتلاصقة التى تفصلنى عنها ، كانت لؤلؤة فى محارة ، تلتمع عيناها بسعادة غامرة، لطالما كانت الحناء رمز لبدايات الفرحة المنتظرة، مددت يداً لأصافحها فهالنى مرأى الفراشات الميتة تحيطها الوردات المرسومة بعناية على كفها البض، سحبت يدى من بين يديها برفق محاذرة أن تصحو فراشاتها أو تحلق بعيداً، بحثت بعينى عن قطعة الجسد فى الركن القصى كالإثم الصغير، لكنها اختفت
فضولى هو ما دفعنى يوماً لأمد يداً للسمراء شديدة السمرة لتطبع عليها وردات محفوظة الشكل، حاصرتها بأسئلتى فأجابتنى بابتسامة تخفيها بين شلالات شعرها الغجرى وقرطها المتدلى من الانف الصغير، خشونة اليد السمراء تؤلمنى، لكنى أدع الألم يقتحمنى أملاً فى بدايات السعادة المنتظرة، الرائحة البنية تنتشر من حولى فى كل مكان
أقبض على كفى وارقب الوردات كل حين، أخشاها، لكنى أدرك ما فعلت ، أنام لأصحو كل يوم وقد بهتت الألوان وتبدد الأمل شيئاً فشيئاً
رائحة الحناء المنبعثة فى خيالى آخذة فى الابتعاد ، بينما عيناى تعيدان تتبع الانحناءات الكثيرة فى شبه الأجساد أمامى