الفصل الاول:
السهـــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــم
-وحتي هنا نقف في درس اليوم , راجعوا ما اخذتموه جيدا , و لا تنسوا حل الواجب , و من سوف يتجاهل ذلك سوف اعاقبه غدا بالجري حول الفناء خمس لفات .
- ماذا؟!!!!
هكذا صاح التلاميذ ردا لما قالته المدرسه لهم
-لن اتراجع عن العقاب حتي و لو اضطررت الي معاقبه الفصل كله , افهمتم؟؟
خرج التلاميذ و هم في اسي يتناقشون حول هذا العذاب اليومي , فلم تكن تلك المدرسة سوي اداه تعذيب لهم , - من يفعل هذا الان ؟؟؟
-من يعاقب بالعقاب الجسدي ؟
-هذا ظلم.
هكذا تدافعت جمل النقاش بين جماعات التلاميذ المتتاليه و هم يخرجون من باب المدرسه , و لكن هناك في اخر الفصل ظل طفل يلم اشياءه بدون اي تعبير علي وجهه و لو حتي بالامتعاض نظرا للواجب المفروض عليه -أغبياء , الا يعلمون انه بفعلهم للواجب سوف يتجنبون ما تفعله هذه المدرسه المجنونه.!!
هكذا تدافعت الافكار في عقل رانمارو و هو يهم بالخروج من الفصل و الرجوع الي المنزل
-يالها من حياه بائسه ممله رتيبه , كل يوم اصحو مبكرا , اذهب للمدرسه لاسمع كلاما تافها لا يمثل لي اي عناء من المدرسين , و اسمع كلاما اكثر سخفا من تلاميذ كسالي لا يستطيعون حتي اداء واجبهم , لقد مللت هذه الحياه , اريد نوعا من التغيير , اريد نوعا من الاثاره.
كان رانمارو ولدا ذكيا , يبلغ من العمر خمسه عشر عاما, و شعرة بني , و ناعم و طويل , لون بؤبؤ العين ازرق صافي , و بشرته بيضاء قليلا , كان يعيش في منزل من طابقين , والده و والدته توفيا علي اثر حادثه سيارة اودت بحياتهما , هكذا قال له جده الذي يربيه , و علي الرغم من ان رانمارو صغيرا , الا ان جده كان يجعله يعيش بمفرده و لا يعيش معه , بل و لا يتكلم معه و لا يزوره الا اذا كان هناك ما يدعو لذلك , فرانمارو يدخل عاده المنزل من سلم جانبي الي الطابق الثاني , و لا يدخل الي الطابق الاول حيث يعيش جده.
-انا ذاهبه للتدريب
- لا تتحاملي علي نفسك كثيرا , حافظي علي روحك و تقدمك و لا تتاخري كثيرا
- حسنا , لن اتاخر , اوعدك يا امي ,مع السلامه.
خرجت ساكورا من البيت و هي تحمل قوسا و جعبه علي كتفها , كانت ساكورا ذات الرابعه عشر ربيعا عضو بنادي المدينه للقوس , و كانت بطله ينتظر لها الكثير في المستقبل ,
-هاي هي قادمه , اوف , كم اكره تلك الفتاه , جميله و موهوبه و الكل يحبها
هكذا قالت هيجوري الي نفسها و هي تلوح بيدها الي ساكورا صديقتها , كان من الواضح ان الغيرة تملك قلبها من ناحيه صديقه عمرها.
-الطعام موجو...
اطبق رانمارو علي الورقه بيده بدون ان يكمل قراءه مافيها , و رماها الي سله مهملات قديمه الشكل علي جانب الباب , و ذهب الي المطبخ
-موجود بالمطبخ كالعاده , اوه , لقد مللت من الرتابه هذها
اخرج رانمارو الطعام و تناوله علي منضده في المطبخ , و بعدها ذهب الي السرير , و ارتمي اليه بملابسه و نظر الي سماء غرفته , و تمطع بشده تدل علي رغبته العميقه في النوم
-تعالي الي هنا
نادي علي قطته التي كانت تجلس علي منضده صغيره بالحجرة , فقفزت الي السرير و نامت الي جنبه حيث اخذ يداعب شعرها بيده برفق و حنان
-لا اعرف ماذا كنت افعل لو لم تكوني معي سوما
كانت سوما قطه بنيه اللون من نوع السيامي .
طااااااااااااخ... فجاه ظهر الصوت العنيف الناتج عن انفتاح النافذه علي مصراعيها عنوة
-ما..ماذا حدث ؟
استيقظ رانمارو و هو متصبب عرقا علي السرير من جراء هذا الصوت المفاجئ
-م..م...من هن..ن..نااك؟؟
تسائل رانمارو و هو يرتعش من الخوف عندما ظهر ظل رجل خارج النافذه , و فجاه و في لمح البصر , اصبح الرجل داخل الغرفه , و صاحب دخوله صوت رعد و ضوء برق غمر الغرفه لوهله و فجأه سكن كل شيء.
-رانمـــارو.
فجاه تكلم الرجل الذي كان يلبس بالطو اسود يغطي كل جسده
-لقد عشت طويلا بما فيه الكفايه و حان الآن وقت دفعك ثمن خطأك
تكلم الرجل بصوت غليظ , القي الرعب في قلب رانمارو الذي تراجع الي اخر السرير و هو يرتعش يكاد يغمي عليه
-أ..أأأحلم ؟؟ أهذا رجل يريد ان يقتلني ؟
اتسعت عين رانمارو و ظهرت العروق فيها واضحه
-كلااااااااا , لم افعل شيئا
صرخ رانمارو فجأه , و قفزمن علي السرير الي الارض , في نفس اللحظه التي ومض شيء من يد الشخص و اصاب السرير , فصدر صوت انفجار مكتوم , و اشتعل السرير فجأه , و تحول الي رماد في اللحظة التاليه , - هـ..هـ...هذا حلم , لا بل هذا كابوس , نعم كابوس
هكذا فكر رانمارو
- اتريد شراء البيت ؟ انه ملكا لجدي و لكن ان اردتني استطيع اقناعه باي شيء , ان كنت لصـ...
و لم يكمل رانمارو كلامه حيث رفع الشخص يده و هنا ابتعدت السحابه التي كانت تخفي القمر خلفها , فسقط شعاع القمر البدر علي الدنيا باسرها مضيئا الكون بضوء خفيف , رأي رانمارو علي اثره ما كان يمسكه الشخص , و هنا قفز رانمارو مرة اخري الي الجانب متفاديا الضوء الذي خرج من الشخص , و الذي اصاب الباب فاحرقه في صوت مكتوم و تحول الي رماد في ثانيه واحده
- لا أمل لي أمام هذا الشخص , انه يريد فعلا قتلي , ماذا افعل يا تري , اين ملجأي الآ...؟؟؟
فجأه سكت رانمارو عن التفكير , ليس من خوفه هذه المرة , لا , بل من فكرة مجنونه طرأت علي عقله
- نعم هذا هو السبيل الوحيد .
و فجأه قام يجري رانمارو متجها الي النافذه
-اتريد ان تموت منتحرا , هاهاهاها , كلا لن اعطيك هذه السعاده , لابد و ان تموت بيدي
و تابع الشخص و هو يضحك اطلاق اشعته الي رانمارو الذي كان لا يبالي حتي بالنظر اليها , كانت كل حياته كلها متوقفه علي هذا
- اصبر , اجري , لا تخاف , اقفز من النافذه .
هكذا كانت نفسه تحثه و تدفعه , و في لحظه اصبح كل شيء امام رانمارو بطيئا
-مال للوقت و كانه توقف؟؟ اني اجري و النافذه تبدو بعيده كما هي , مال لعيني و كأن الضباب يلفها , مال لدقات قلبي احس بها , اهنا سوف أموت ؟ أفي هذا المكان البالي تنتهي حياتي ؟؟
.............................
-كلااااااااااااا!!!!!!!!!!!!!!!
صرخ رانمارو عاليا , و هنا مرت حزمه من الاشعه فوق رأسه فاحرقت شعيرات قليله جعلت لونها رمادي خفيف
-هيـــــــاااااااا
صرخ مرة أخري و هو يجري , و فجأه فعل اجن شيء يمكن ان يفعله انسان عاقل , فقز من النافذه بقفزة طويله قطع فيها مسافه الخمسه امتار كامله بعد صيحته الاخيرة .
-اراكن غدا .. مع السلامه
خرجت ساكورا بعد انتهاء تدريبها و توديعها لاصدقاءها الي الشارع حيث تمشي و هي متعبه قليلا من التدريب
-ياليتني استطيع التدريب كل يوم , يوم الأربعاء لا يكفيني وحده , أريد يوما اضافيا علي الاقل
...............
-لا تنسي ساكورا ان لكي واجبات و مدرسه , و في النهايه هذه تسمي لعبه في وقت الفراغ , و لا يعقل ان يكون وقتك كله فراغ.
-أوه!!!
تنهدت ساكورا في حزن و هي تتذكر كلمات والدتها اليها , كانت تمشي بدون ان تنظر حتي الي الطريق , فهي تعرف الطريق جيدا , و لا حاجه اليها ان تراقب طريقها , مشت رجلها حتي وصلت الي شارع رئيسي انعطفت به يسارا , و....
-ما هذا؟!!!
تسمرت ساكورا مكانها , و سقطت منها جعبتها و بيدها اليسري تمسك قوسها و هي ترتعش , فأمامها مباشره , في منزل يبعد عن مكانها الحالي بمنزلين , و علي ارتفاع يقارب الطابقين من الارض , كان هناك اغرب موقف يمكن ان يشاهده شخص حي , شخص خرج من النافذه التي بالطابق العلوي قافزا الي الارض و هو يصيح :
-هيــااااااااا!!!!
و تابعه قفزه رجل اسود الثياب , ولكن قفز هذا الرجل الي اعلي و كأنه لا يعرف لشيء يسمي جاذبية وجود , -سألقي بك الي حيث يوجد أبواك أيها السيء , أرسل اليهما سلامي و تحياتي
أحس رانمارو بأنه هالك
-كككاااتتوووننن سسساااببباااا!!!!!!
صرخ الشخص موجها يده الي رانمارو , و لمع ما يمسكه بيده
-انها تقترب ... انها النهايه ...مالي ضعيفا بائسا هكذا ؟...أهذه قوتي؟؟؟...أم أن هذا الرجل فعلا غير بشري ؟؟ كل شيء سيتلاشي , أحلامي ...أمالي ...طموحاتي ...كلها الي الهلاك ...وداعا ايتها الحياه ..وداعا أيها العالم البغيض , الي اللقــ....
.....................
-تـــــــشـــــو.!!
قتل هذا الصوت فراغ الصمت بين الشخصين , اتسعت عينا رانمارو علي اخرهما
-ما هذا ...
-من فعل هذا بي ...آآآآآآآآآآآآآه!!!!!!!!
صرخ الشخص الغريب من الالم بعد اختراق سهم لصدره حيث موضع قلبه في اللحظه التي اوشك فيها ان يقتل رانمارو بالتعويذه المميته , و نظر رانمارو الي الاتجاه الذي جاء منه سهم النجده
-من هذه الفتاه؟؟!!!!!
تساءل رانمارو و هو في الهواء عندما لمح فتاه تمسك قوسا و تقف علي بعد منزلين منهما , لم تكن هذه الفتاه سوي شخص واحد....
-آآآآآآآه!!!!!!!!!!!
صرخ رانمارو عند ادراكه في اللحظه التالية انه في وسط الهواء علي بعد طابقين من الارض , و فجأه حدث شيء آخر , أضاءت رجله من أسفل بضوء أخضر قرمزي , و فجأه اعتدل في وقفته
-ما هذا ؟؟ اني اشعر و كأني علي بساط من حرير يطير بي , اني انزلق الي اسفل بيسر و كأني ... و كأني اطير
و هنا وصل رانمارو الي الارض بسهوله و يسر و وقف عليها و هو ينظر الي رجله و يرفعها حيث مكان الضوء الاخضر الذي اختفي
-غريب ... ما هذا الضوء الذي خرج مني ؟؟ أيعقل أن....؟؟!!!!
-انتظررررررررررررييييييي!!!! !!!!
صرخ رانمارو و هو يشير بيده اليمني الي المكان الذي كانت تقف فيه تلك الفتاه منذ لحظات , حيث انها جرت الي شارع جانبي
-هه , هه , هه , لابد ان الحق بها.
جري رانمارو الي حيث دخلت الفتاه , فلم يجد سوي شارع خالي لا يوجد به أحد
-انتظري .. علي الاقل اريد انا اقول لك ....شكرا .
-آه!!!!
استلقي رانمارو علي ظهر سور المنزل و هو يفكر
-ما حدث كان حقيقي , لقد رأيته بأم عيني , ماذا سأقول لجدي غدا ؟أقول له ان شخصا هجم علي و احرق البيت ؟ كلا لن يصدقني , أأقول له اني انا الذي أحرقت البيت ؟ كلا لن يصدق ذلك اضافه ما الذي سأجنيه من فعل ذلك؟؟
فكر رانمارو و هو مستلقي ينظر الي السماء الملبده بالغيوم
-يبدو انه لا مفر من هذا.
قام رانمارو , و صعد السلم , و اخذ شنطه و وضع بها ما تطوله يداه من أشياءه
-هذه الكوفيه , و هذا البنطلون , و لا تنس البالطو , و ...
و استغرقت عمليه جمع الاشياء قرابه نصف ساعه , حيث ان رانمارو لم يكن يملك الكثير فعلا , و بعد ان حزم الحقيبه , و لبس البالطو الاسود الجميل الذي يحبه , ذهب الي مكتب بالصاله , و أخرج مفتاحا مبلول من عرقه كان يلبسه حول رقبته
-الان ستاتين معي.
قالها و هو يفتح قفل درج موجود بالمكتب ,و مد يده و اخذ شيئا معه ثم اقفل الدرج كما كان , ووضع هذا الشيء في جيب بالبنطلون , حيث كان به جيوب كثيره اضافه لانه مغطي بالبالطو
-هااااا, أخيرا حان موعد الرحيل عنك ايها البيت.
قالها رانمارو باسي و هو يقفل البيت من الخارج , فلمح شيئا يومض علي ارضيه الحديقه
-ما هذا...؟؟!!
قالها و هو ينحني ليلتقط سهما خشبيا , التقطه رانمارو و رفعه الي السماء و نظر اليه
-انك مثل اي سهم , و لكنك فعلت شيئا لم يفعله سهم من قبل ....انك من انقذت حياتي , و رابطتي الوحيده لاعرف من انقذ حياتي.
وضع رانمارو الحقيبه ارضا ووضع السهم بداخلها , ثم حمل الحقيبه و أخذ يمشي و هو يلبس البالطو الاسود و هو يمسك بالحقيبه علي كتفه الايمن , و يمسك باليد اليسري عصاه يتوكز عليها , حيث ان جسمه لازال يعاني من آثار الصدمه , و هنا ابتعدت سحابه اخري كانت تمنع القمر , فسقط ضوؤه علي الكون كله , و علي الشارع رقم 16 في الحي الشرقي من الضاحيه الغربيه لمدينه أوساكا احد مدن اليابان , حيث ظهر ظل طويل اخذ طول الشاعر تقريبا لشخص يمشي بعيدا , و اخذ الظل ينحصر بالتدريج , ينحصر , ينحصر , حتي اختفي تماما , و انتهي معه فصل من فصول قصه الموت.
يتــــــــــــــــــــــب ع................