ظللت أحدق فى وجهه متمنية أن تنتهى هذه اللحظة ..تضاءلت ملامحه فى عينى حتى لم
أعد أرى إلا شفتان تتحركان بسرعة..وضاع صوته من أذنى مثلما ضاعت أحلامى القديمة ..
ولف أنحائى صمت غريب ..حاولت ان ابحث فى ذاكرتى المتعبة عن لحظة سعادة تبدد أفكارى
السوداء..ولكن صراخه كان يخرجنى من نفسى ويعيدنى اليه للحظات ..ثم أعود ثانية للصمت
الغريب .. وأظن ان هدوئى كان يستفزه فأجد صوته يعلو ويعلو ليخرق هالتى التى تفصلنى
عنه وسألت نفسى .. هل يدرك أننى لا أسمعه .. و أننى لا أهتم لما يقول .. وولدت على شفتى
ابتسامة صغيرة وأدتها بسرعة .. كيلا يزداد صراخه المؤلم .. وامتدت أصابعى تدير خاتم الزواج فى مكانه وكنت افكر ..لماذا احسه ضيقاً .. حاداً ومؤلماً هذه الأيام ..
إنتبهت عينى للضوء الآتى من خلفه ..وظللت أتفحص النافذة الكبيرة ..أحسست ان لون
طلائها بدأ فى التغير ..ربما إحتجت لإعادة طلائها قريباً .. ثبت عينى على قرص الشمس الكبير
وكانت نبرة صوته الآتية من بعيد تدير رأسى ..أحسست أن الشمس تدور بسرعة شديدة..غير
عابئة بالكون كله.. و بدأت الغرفة تظلم وتنير مراراً وتكراراً .. وخرجت من دوامتى الصغيرة
على اصبعه السبابة تشير إلى كالعادة بالإتهام .. أشحت بوجهى عنه قليلاً..ربما ظن أنى نادمة
حاولت إحدى كلماته الكثيرة المرور خلال سمعى ..لكنى أحكمت إغلاق مسامى ..وانتظرت..
تكلم كثيراً .. وصمت ..ربما هى النهاية التى أنتظرها .. ولكنه بدأ من جديد .. ملامحه تنطق
بكل ما أتجنب سماعه .. تثاءبت أعماقى بتبرم .. وحاولت شفتاى التثاؤب ولكنى سيطرت على
نفسى ..وأحس هو بشىء..ربما شعر برغبتى فى الكلام ..فصمت قليلاً .. ثم بدأ من جديد ..
بحثت بداخلى عن دموعى القديمة .. وتسائلت ..أين تراها ذهبت ..جفت مثلما يجف كل شىء
بأروقتى .. أغمضت عينى .. ولملمت كل ما بداخلى من أحلام ممزقة .. وقررت الكلام ..