القصة من تأليف الأستاذ بسام المحاميد ، رئيس قسم الفيزياء في ثانوية عبد الله الجابر الصباح بالكويت الحبيبة
أرجو من النقاد تشريحها كما يرون ، وهذا طلب الأخ الحبيب الأستاذ بسام .
الصَدْمَةُ
المُحَفِّزَةُ
قصة لإدارة التغيير في حياتنا
ولجعل التعليم ممتعا
يقول تعالى في محكم التنزيل :
( ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) النحل 97
( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ) النحل 128
إلى أصحاب الأنفس ذات العزيمة القوية، الذين يجعلون واجباتهم في أعلى درجات الكمال الممكن ، إلى من يتطلعون إلى الحافز الأسمى الذي يسعى له كل إنسان إرضاء لله وطلبا لمغفرته ثمنا لرضوانه ، وطمعا بجنة عرضها السموات والأرض بصجة الصفوة من النبيين والأخيار وحسن أولئك رفيقا
إلى النخبة وأصحاب الأيادي البيضاء إلى المعلمين نتجول في عالم الواقع عبر عالم الخيال مع هذه القصة ..........
المكان : ثانوية التقدم للبنين .
الزمان : شهر نوفمبر 2006م .
الأبطال : ثلاثة معلمين : عيد ووليد وسعيد
يدرّسون الفيزياء ، بالرغم من اختلاف طبائعهم ،إلا أنهم يعيشون عيشة سعيدة متحابين ، أصدقاء هدف وأخوة درب متآلفين على محبة .
يجتمعون كل نهاية أسبوع في أحد المطاعم ، يتناولون العشاء ويتسامرون ويتناقشون في مواضيع هامة ، وأخرى غير ذلك . المهم أنهم يتبادلون الأحاديث ويقضون وقتهم مستمتعين بما يفيض عليهم الحب من مشاعر سعادة.
هؤلاء الثلاثة أعلامٌ ، مشهورون في الوسط التعليمي ، متميزون رائعون محبوبون ، يعتقد كل واحد منهم أنه رقم ( ا ) في تدريس الفيزياء في دولة الكويت .
عيد ووليد كانا يسكنان في منطقة واحدة ومتجاورين بالسكن ، لذلك فهما يذهبان صباحا إلى مقر عملهما ويعودان إلى بيوتهما في سيارة واحدة ، يقودها الحب على طريق التفاهم .
الأستاذ / عيد
مخلص في عمله ، ممتاز في تعامله مع الطلبة
والمعلمين . منظم في كتابة المعلومة على
السبورة ، لكنه يعطي فقط المفاهيم
الأساسية للطلبة دون توسع فيها ، ويعطي
تدريبات كافية وبسيطة لما يشرح ، مما
يعطي انطباعا أن المادة الدراسية سهلة وبسيطة .
يشرح طوال الحصة لكن بأسلوب رتيب يعتمد على التلقين . يعطي الطلبة واجبات ، وهي بعض أسئلة التقويم الكتاب المدرسي . يجيد الجانب العملي ، حيث في كل حصة يجري تجربة عملية تثبت المفاهيم التي يشرحها .
وكذلك الأستاذ / سعيد
مخلص في عمله ، ممتاز في تعامله
مع الطلبة والمعلمين . منظم في كتابة
المعلومة على السبورة ، ويعطي كل
صغيرة وكبيرة من معلومات مهمة ، أو جانبت الأهمية بمقدار تخمين ، ويحاول ألا يترك أي فكرة
إلا ويشرحها ، ويعطي عليها الأمثلة الكافية وبأساليب متنوعة .
أسلوبه في الشرح ممتع ، وحصته فيها من المشاركة ما يثير كثيرا من الحوار وكأنها الحياة حركة فيثري النقاش بجوانب منيرة تعجب الطلبة ، ويشرح المادة الدراسية نظريا
بأساليب مختلفة ، ويجدد دوما في أسلوب عرضه ، غير أنه مقل جدا من التجارب العملية ، كما أنه لا يعطي طلبته أي واجبات .
يمنح طلبته دوما الانطباع التالي : المادة سهلة، لكن تحتاج إلى جهد كبير في المذاكرة .
أما الأستاذ / وليد
فهو أيضا مخلص في عمله ،
رائع في تعامله مع الطلبة والمعلمين .
منظم في كتابة المعلومة على السبورة ، وإن كان قليلا ما يكتب . يعطي القليل من التدريبات حيث يعتمد على أسلوب تفتيح الأفكار أمام الطلبة، ثم يتركها لكي يكملوا هم ما بدأه . يطرح على أسماع طلبته الكثير من الأفكار الغريبة والعجيبة والتي يندر أن تكون موضع سؤال في أي اختبار .
يجدد في أسلوب العرض وحصته ممتعه ، يشارك فيها الطلبة بآرائهم . ينوع في أدائه بين الجانب العملي والتقني . يعطي انطباعا أن المادة تحتاج إلى جهد كبير وقدرات خاصة .
في أحد الأيام يدخل مدير المدرسة الأستاذ / حسن ورئيس قسم العلوم الأستاذ / بارع على الأستاذ / عيد في مختبر الفيزياء أثناء شرحه للدرس، يستأذنون منه أن يترك الطلبة معهما ويعود إلى القسم !
ارتسمت كل علامات التعجب على وجه الأستاذ / عيد لجهله بالسبب وراء طلبهما هذا ، لكنه امتثل لأمرهما وترك المختبر .
القصة: إن الأستاذ / حسن ( مدير المدرسة ) كان قد ذهب في دورة تدريبية إلى ماليزيا وهناك أطلع
على العمل المدرسي وطرق التعليم
والتدريب وكيفية التنمية المهنية للمعلمين
وعاد بأفكار كثيرة ، يحاول جاهدا أن
يطبق ما يمكنه منها في مدرسته .
وهنا أحضر استبيانا يريد أن يستطلع من خلاله رأي طلبة في كل شعبة دراسية بمعلمها ، على أن يكون هذا الاستبيان سريا.
ولا يطلع عليه إلا معلم الفصل فقط ، حتى مدير المدرسة ورئيس القسم يحظر عليهما الاطلاع عليه . وفعلا بعد أن قام الطلبة بتعبئة
الاستبيان تم وضعه في مظروف و إغلاقه تماما ثم كُتب عليه
الأستاذ / عيد المحترم .
وهذا حدث بالضبط مع باقي المعلمين في هذا اليوم .
في نهاية الدوام المدرسي يُسلِّم رئيس القسم الأستاذ / بارع كل معلم ظرفا فيه استبيان خاص به ، ويطلب من كل المعلمين دراسة هذا الاستبيان وتحليل نتائجه ومحاولة الاستفادة منه قدر الإمكان .
يقول الأستاذ / بارع : إذا أحب أحدكم أن يطلعني على نتيجة استبيانه ومناقشته معي فلا مانع لدي ، ومن لم يرغب فأنا بصدق لا أعلم ما كتبه الطلبة أبدا .
في تمام الساعة الثامنة من هذا اليوم يجتمع المعلمون الثلاثة في مطعم لتناول العشاء كعادتهم ، وكانوا قد اتفقوا على أن يحضر كل منهم نتيجة الاستبيان ومناقشته سويا .
وفور جلوسهم يقول سعيد : ها ؟ ما هي أخبار الاستبيان ؟
فيخرج كل منهم ورقة كانت في جيبه تلخص نتيجة الاستبيان .
الوجوه تغيرت وبدا الغضب عليها ، والتوتر خيَّم على الأجواء وهم يتبادلون الأوراق فيما بينهم دون أن يصدر من أي منهم صوت .
الصدمة !!!!!
سأعرض عليكم نتائج الاستبيان لكل معلم ثم نكمل .
الأستاذ / عيد
الأستاذ / سعيد
الأستاذ / وليد
وبعد أن اطلع كل منهم على نتائج الاستبيانات ، خيم السكون عليهم لِلحظاتٍ ...........
فكر وليد وتمنى لو أنه لاحظ ردَّ فعل الطلاب قبل ذلك .
صرخ عيد شاكيا :
لمِ فعلوا بي ذلك ؟ كنت أتوقع منهم لا يقل عن 95% !!!!!
لن أسكت عن هذا وسأعلن لهم عن رفضي مما فعلوا .
هذا غير مقبول أبدا !
يقول وليد : ما رأيك أنت يا سعيد ؟
يرد سعيد : صحيح أن المعدل أقل بكثير مما توقعت ، لكن بالتأكيد يوجد سبب .لا بد من التغيير . من الأفضل أن نتغير .
لم يعجب هذا الكلام الأستاذ / عيد فتساءل :
لماذا ينبغي أن نتغير ؟
إننا متميزون ، وأفضل من درَّس وعلَّم ، والأجيال التي تخرجت على أيدينا تشهد بذلك . ولا ينبغي أن نتعرض لهذه المواقف أصلاً
رد وليد : علينا أن نكف عن تحليل الموقف والشجب .
فيقاطعه عيد : لا و ألف لا ، لابد أن أعرف السر فيما حدث ، وأرفض أن أكون ضحية .
وبينما كان عيد و وليد يتجادلان ويختلفان حول اتخاذ أي قرار ، كان سعيد قد قطع شوطا كبيرا في تفكيره عما سيغيره في عمله وقبل ذلك في نفسه .
عاد كل منهم إلى بيته بعد هذه المناقشة ، والعشاء الذي لم يكن لذيذاً على غيرِ العادة ، وبعد أن اختفت البسمات وضاعت الضحكات وتاهت النكات .
في اليوم التالي استمر عيد و وليد يقيِّمان الموقف ، وبعد سلسلة من الندب والشجب ، انبرى كل منهما يلوم الطلاب على ما هما فيه .
في بعض الأحيان كان وليد يتخيل سعيدا متألقاً وقد غيَّر أسلوبه وغيَّر طريقة عمله .
بل كاد يحس بحلاوة شخصيته الجديدة وأدائه الراقي وفخره بعمله وانجازه .
يُصارح وليد الأستاذ / عيد بمشاعره هذه فيرد عليه عيد :
لقد تعبنا يا وليد كثيرا حتى وصلنا إلى ما نحن فيه ،
وقد ألِفنا هذا العمل بالطريقة التي نقوم بها ، وما تطلبُهُ مجهول ومحفوف بالمخاطر ، أنا بصراحة أحب ما أنا فيه .
قال وليد معارضا : هذا غيرُ صحيح . لقد بدأنا من سنوات طويلة بلا خبرة أو تجربة ولم نواجه أي مخاطر ، وبوسعنا أن نفعل الشيء نفسه مرة أخرى .
قال عيد : لقد كبرنا يا أخي ولا أريد أن أصبح أضحوكة أمام العالم .
حينما سمع وليد هذه العبارة عاوده الخوف من الفشل ، وخبا أمله في العثور على أسلوب جديد .
واصل الأستاذان : عيد ووليد عملهما في المدرسة وبنفس الأسلوب ،كل يوم يكرر نفسه ، ثم يعودان أدراجهما إلى المنزل بخطى ثقيلة .
" حاولا إنكار ما حدث "
أما سعيد فقد توصل إلى قرار حاسم بالتغيير .
جلس مع نفسه عدة مرات ، وفي كل مرة كان يتمعن في نتائج الاستبيان ويدقق في سبب الملاحظات التي أبداها الطلاب على أسلوبه وخطَّط للتغيير نحو التميز والتألق والنجومية .
وبدأ فعلا في تنفيذ ما خطط له وفي كل حصة كان يشاهد بريق الأمل في عيون طلابه ، ويلمس مدى تفاعلهم مع أسلوبه الجديد ، حتى ظهر ذلك في عبارات الإعجاب التي أثنى بها الطلبه على معلمهم مدحا له ، وأحس أن هذا هو حقيقة ما يشعرون به تجاهه .
أما بالنسبة لوليد وعيد فلا يزال الوضع كما هو عليه، غيرَ أن وليد قد أيقن أن زمام الموقف بدأ يفلت من بين أيديهما .
ثم بدأ يسخر من نفسه ويقول : ألا ترى يا عيد أننا نعمل نفس العمل مرارا وتكرارا ونتعجب من عدم حدوث تحسن ، أليس هذا مضحكا ؟
لم تكن لدى وليد فكرة عن الأسلوب الجديد الذي سيتبعه، لكنه لم يتمالك نفسه من أن يسخر من حماقته عندما رأى ما صنع الخوف به .
عندما لاحظ عيد أن صديقه وليد يفكر في الموضوع كثيرا ، بادره قائلا : لا أصدق يا وليد أنك ستغير أسلوبك وطريقتك . لقد أحبك الناس بهذه الطريقة وأعجبوا بك ، لا تستمع إلى عدد قليل من الطلبة الذين لا يعرفون ما يصلح لهم .
أجاب وليد : ليس هناك من سيعيد لنا مكانتنا .فنحن مسئولون عن أنفسنا لقد حان وقت البحث عن أسلوب جديد .
تخيَّلَ وليد نفسه وقد تغيَّر للأفضل ، وزادت نبرة الإصرار في لغته الداخلية .
فاق وليد من تخيلاته وقال لعيد :
في بعض الأحيان تتغير الأمور ، وهذه هي سنة الحياة .
فالحياة تمضي وينبغي أن نمضي معها .
نهض وليد قائلا : حان وقت التغيير . التقط ورقة وكتب عليها بخط عريض وعلقها أمامه :
" إذا لم تتغير ، سوف تدَّمر "
ثم قال لنفسه : الحزن رائع فهو يوقظ الإنسان النائم بداخلنا . وكذلك الخوف رائع فلم أكن لأتحرك لو لم أخف على مستقبلي .
كان يعلم أن قليلا من الخوف يمكن أن يحفز على العمل ، غيرَ أن الخوف يتحول إلى مأساة إذا تملَّكنا إلى حد يقعدنا عن العمل .
في الأيام القليلة التالية : وجد وليد القليل من الأفكار الجديدة التي يمكن أن تجعل أسلوبه مميزا وجديدا . لكنه كان يأمل في
العثور على أفكار جديدة متميزة يشجع بها صديقه عيد على مرافقته في الطريق الجديد ، ثم تذكر أن الأوقات التي شعر فيها بأنه في أفضل حالاته كانت تلك التي شهدت انطلاقه للأمام فكتب على اللوحة التي أمامه :
التحرك في اتجاه جديد يساعدك في العثور
على أسلوب جديد .
بدأ وليد في التفكير فيما يمكن أن يكسبه ، لا فيما يمكن أن يخسره . وشعر بالحيوية والقوة تدب في جسده من جديد .
وخلال أيام معدودة كان وليد قد بـَلـْوَرَ شخصية جديدة لنفسه ، وابتكر أسلوبا جديدا في عمله يحقق به ذاته ، ويشعر بأنه يبني أجيالا صالحة متفتحة مبدعة ، يمكن أن تبنى أمتها على أسس متينة قوية تنافس الأمم المتقدمة ، وتترك بصمة واضحة على صفحات الخلود خدمة للبشرية جمعاء .
في اليوم التالي كتب على اللوحة المعلقة أمامه :
كلما أسرعت وتخليت عن الأسلوب القديم كلما وجدت الأسلوب الجديد بسرعة .
جلس سعيد ووليد مع عيد وأبلغاه بما توصلا إليه وكيف سيكون أداؤهما في الأيام الآتية على صباح الأمل .
شكر عيد زملاءه على لفتتهما الطيبة الرؤية ، ثم قال : لا أعتقد أنني أحب هذا الأسلوب ، فأنا لم أتعوده ، سأبقى على أسلوبي القديم ، ولا بد أن أحصل على ما أريد من تقدير بطريقتي هذه دون غيرها .
أدرك وليد مرة أخرى أن ما تخشاه لا يكون بالضرورة سيئا بالدرجة التي يصورها لك خيالك ، وأن الخوف الذي تدعه يتضخم في عقلك أسوأ بكثير من الموقف الذي تعيشه فعلا .
كان تفكيره القديم مشوشا بفعل هواجسه ، لكنه أدرك أن التغيير المستمر أمر طبيعي ، سواء كنت تتوقعه أم لا .
لم يكن وليد قد جرَّب أسلوبه الجديد بعد ، لكنه مضى يفكر فيما تعلمه حتى الآن . أدرك أن سلوكه تغير . وتأكد من أن الإنسان عندما يغير تصوراته يغير أيضا أفعاله .
وقال لنفسه : يمكن للإنسان أن يؤمن أن التغير ضار ويقاومه . ويمكن أن يؤمن بأنه مفيد ، ويرحب به .
الأمر مرهون بما نختار أن نفكر به .
وعاد يكتب على اللوحة التي أمامه :
الانتباه للمتغيرات الصغيرة مبكرا ، يساعدك على التكيف مع التغيرات الكبيرة لاحقا .
دخل وليد فصله وكان قد عزم على أن تكون هذه الحصة هي البداية الجديدة للأسلوب الجديد : وقد كان .
في هذه الحصة لم يصدق وليد ما يجري ، هل ما يحدث حقيقة أم خيال ؟
تألُّقٌ ومشاركةٌ جادة من الطلبة ، واستمتاعٌ ظاهرٌ على وجوه الطلبة ، ووصول للمعلومة بسلاسة ويسر . نتائج التقويم ممتازة . فعلا لقد كانت حصة رائعة . فضلاً عن فرحته الغامرة بما قدمه هو وطريقة تعامله مع الأسلوب الجديد للعمل .
خرج من حصته يمشي بفخر وسرور ، ثم هتف بصوت يكاد يسمعه من حوله : يحيا التغيير .
لقد أدرك وليد أنه بدأ يتغير عندما تحرر من مخاوفه وانطلق نحو هدفه بسرعة .
وأدرك أيضا أنه تعلم الكثير من صديقه سعيد الذي تعامل مع الحياة ببساطة ، ولم يبالغ في تحليل الأمور . فعندما تغير الموقف تغير هو أيضا وتحرك بسرعة .
لقد أدرك وليد أنه لاشيء يصير أفضل مالم يتغير .وأن هناك أساليب جديدة كثيرة جديرة بالاهتمام والأخذ بها . لقد اكتشف أن التغيير نعمة من نعم الله تعالى لأنه قاده إلى أسلوب عمل جديد أولا ، وإلى تحريك رواكد إبداع قواه الخفية الكامنة في داخله ثانيا . لكنه تأكد أن اكتشافه لذاته أهم من اكتشاف الأسلوب الجديد .
فكر وليد في الجلوس مع الأستاذ / عيد متوقعا أنه يستطيع الأخذ بيده وإخراجه من محنته . لكنه تذكر أنه حاول من قبل إقناع صديقه بالتغيير ولم يفلح . ثم كتب على اللوحة التي أمامه :
عليك أن تطلب من الآخرين أن يتغيروا لكن لا تحاول إجبارهم على ذلك .
فمن لم يتغير من الداخل لا يتغير أبدا .
وفي ذات يوم جلس وليد على مكتبه في منزله وأمسك ورقة وقلما ليكتب مشاعره تجاه كل ما حدث معه حتى الآن ، فكانت كلماته : "
الآن أصبحتُ أدركُ أنني يجب أن أشق طريقي بنفسي متجاوزا مخاوفي وباحثا عما يبث في نفسي الطمأنينة . فلا يمكن لسواي أن يفعل ذلك نيابة عني ، وليس مطلوبا من أحد أن يقنعني به . بل علي وحدي أن أعيِ ميزة تغيير نفسي .
أُدركُ أنّ من السهل علي أن أعود سيرتي الأولى إذا ركنتُ إلى الراحة .
سأبدأ بالاطلاع والقراءة في مختلف العلوم في علم القيادة وإدارة الذات وإدارة الوقت وفنون الاتصال وطرق التدريب والتعليم واللغة وغيرها من علوم . سأعمل على اكتشاف خبايا تلك العلوم لأستطيع اكتشاف خبايا نفسي وإبراز طاقاتي الكامنة ."
هذا ما كتبه وليد على أوراقه .
في هذه اللحظة :
يدق جرس المنزل ، يقف وليد ويتوجه نحو الباب ، يمسك بمقبضه ويفتحه : إنه صديقـُه عيد ....................
تمتم وليد بدعاء قصير ، وكان يملؤه الأمل في أن يكون صديقه قد تمكن في النهاية من إدراك أهمية التغيير ، وأنه قد قرر :
"التحرك والتطوير والتغيير والاستمتاع بالحياة "
هذه نهاية القصة .
وربما تكون بداية جديدة .*
* بتصرف من كتاب : Who Moved My Cheese ?
Spencer Johnson
من منَّا يخشى التغيير ؟
أتوقع أن تكون الإجابة لا أحد في غالب اليقين .
فلنغير السؤال
من منَّا يعتقد أنه يعرف أحدا يخشى التغيير ؟
أتوقع الإجابة أن كثيرا منا يعتقد ذلك .
لماذا تكره التغيير ؟
1- الشك : توقع الخسارة .
2-المخاطرة : تركيز الاهتمام على ما نفقده .
3- التعود : ليس هناك ما هو أقوى من العادة .
4-الخوف : يمنع قبول التغيير وفعل أي شيء لإيقافه .
5-الرفض الاجتماعي : أن يبدو سخيفا مضحكا أمام الآخرين وأن
يتعرض للرفض والاستهجان .
6-الأعذار:
- كيف لي أن أعرف ؟
- هذا ليس عملي .
- لكنني لم أخرق القانون على أي حال .
- لم تصلني تعليمات بذلك .
- لا يمكنني أن أتغير بعد كل هذا العمر .
- ماذا كان يمكنني أن أفعل أكثر من ذلك ؟
في بعض الأحيان لا ندرك أننا خائفون.
الفائدة الأولى من هذه القصة : الإنكار .
وإليكم فوائد أخرى :
الفائدة الثانية : التغيير يحدث .
التغيير يحدث في كل زمان ومكان ولكل إنسان . وأنَّ حالي سيكون أفضل لو تكيفت معه بسرعة .
الفائدة الثالثة :
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
من الأفضل أن نبدأ التغيير ونحن أقوياء ، بدلا من أن نكتفي برد الفعل بعد فوات الأوان . أي علينا أن نتغير بأنفسنا .
الفائدة الرابعة :علي أن أجد أسلوبا جديدا يحررني من مخاوفي.
علي أن ابتكر وأن استعد وأستمتع بالتغيير والنجاح في عملي وفي حياتي .
الفائدة الخامسة : أحيانا نضطر للتخلص من الحمولة الزائدة في السفينة لكي ننقذ السفينة كلها .
الفائدة السادسة : حينما ندرك أن الأمور ستكون أفضل ، يزداد اهتمامنا بالتغيير .
الفائدة السابعة : الأسلوب الجديد يعني علاقة جديدة مع أنفسنا ومع الناس من حولنا، ومع المحيط الذي نعيش فيه .
الفائدة الثامنة : التفكير السلبي ينتج دائما سلوكا سلبيا .
الفائدة التاسعة : بعض الناس لا يرفضون التغيير . ولكنهم لا يؤيدونه خوفا من إثارة غضب الآخرين عليهم . وهذه ضغوط الأقران التي تقاوم التغيير و تنتشر في كل الأعمال.
الفائدة العاشرة : لا شيء يصير أفضل ما لم يتغير .
أَعلَمُ في ختام هذه القصة أن لديك فوائد أكثر ، وأفكارا تحملها أعمق ، وملاحظات أدق مما ذكرت لك
.
وأَعلَمُ أنك إن تدبرت ما فعله أبطال هذه القصة فإنك
ستدرك المغزى الحقيقي لها وستخبر الآخرين عنها .
وأَعلَمُ أن هذه الكلمات لن تجدي نفعاً إن لم تطبق في
حياتنا العملية ، وتحول هذا الحِبر الذي كتبت
به إلى نياشين فخرٍ واعتزازٍ بالأعمال التي تؤديها .
عندما تلحق بركب المتميزين الرائعين الذين يتركون آثارا
واضحة في كل مكان يمرون به .
والآن تَعْلَمُ أن للتعليم ثلاث مهام أساسية :
1- نقل المعلومات .
2- تنمية المهارات .
3- تغيير الأفكار والسلوكيات .
وفي حياتنا العملية نجد أن معظم المعلمين يركزون على المهمة الأولى وينسون المهام الأخرى، وهي التي في الحقيقة تُفَعِّلُ الإنسان في هذه الحياة بطريقة أكثر إنتاجية .
والمشكلة في هذا أن الأسلوب الرتيب يصيب بالملل بحيث يفقد الطالب اهتمامه بالدرس . أما إذا فقد المعلم نفسه الحماس اللازم للتعليم فتكون المشكلة أكبر . وسنحاول فيما يلي عرض بعض من الأفكار التي تضفي الحيوية على الدرس وتجعل التعليم ممتعا .
البداية خطوات الأسلوب الجديد :
الرغبة : رغبة قوية لتحقيق الأفضل .
التخيل : تخيل أنك حققت حلمك .
الحديث إلى النفس :
استثر همتك وقل دائما : أستطيع أن أفعل ذلك .
الفعل : ضع معرفتك وقوتك في حيز التنفيذ .