أحدث المشاركات

قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 38

الموضوع: ظِلالُ الرَّصَاصِ

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد سامي البوهي عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+ الكويت
    العمر : 46
    المشاركات : 1,087
    المواضيع : 110
    الردود : 1087
    المعدل اليومي : 0.17

    افتراضي ظِلالُ الرَّصَاصِ

    ظِلالُ الرَّصَاصِ

    سَقَطَتْ أبْوابُ الجَامِعةِ الحَديِّديةِ تَحْتَ الأقْدامِ ، السّيلُ يَتدفقُ بالهُتافاتِ ، ولافِتاتِ الأشْعارِ ، الشّوارعُ تَنصبُ شُطآنَها أمامَ أمواجِ الحريةِ ، تَناغَمتْ الأصواتُ المحتدمة بأغوارِ الصّمتِ ، المرأةَ تُخالطُها الفتاةُ ، الشّيخُ يَنسجمُ مع الطّفلِ الصّغيرِ ، الأعناقُ تحملُ غليانَ الشبابِ ، يُلوحون بقبضاتِ الغضبِ الممشوق منْ الأعماقِ "يا حرية فينك فينك .... بينا وبينك " ، الجّموعُ المتدفقةُ تلتقطُ الفُتاتَ الُمتناثرَ منْ لُحومِ البُؤسِ ... تتضخمُ ... في طريقِها نحو العرينِ منْ بين غاباتِ البيوتِ ، اليومُ ستجلبُ لنفسِها حياةً جديدةً، أو ستُكفنُ في قبورِ الخبزِ المُتصلبِ .... تُواصلُ التّقدم...
    هَطلتْ غِيومُ البنادقِ بالرصاصاتِ العمياءِ فوقَ رؤوسِهم ، تُزاحمُ لِحومَ الأجْسادِ ، يأتي التّساقطُ تباعاً وسطَ صرخاتِ النِّساءِ ، الفوضى تندسُ بين التماسكِ ، الأحذيةِ ... الحقائبِ ... الكتبِ تُخالطها الدماءُ ، عِصّي الجنودِ تحاصرُ الهُتافاتِ "هه.. هه.. يا حرية فيـ هه.. هه ـنــك ... آآآه" ، ظِلالُ الرَّصاصِ تَحومُ حولَ البقايا ، تنجذبُ أنحاؤهم المتفرقةِ نحو كومةِ الحياة ِ، يَخوضُون وحلَ الدماءِ المعجونةِ بترابِ الطريقِ ، العرينُ يقتربُ من الطموحِ المنشود و.......... التساقطُ مُستمرٌ .
    الأعدادُ ترتفعُ بسلةِ الموتِ ، امتلأتْ معدةُ الترابِ بالدماءِ ؛ فطفتْ جثثُ الشهداءِ تقبضُ على لافتاتِ الأشعارِ ، تتمسكُ أفواهُهم بأطرافِ الهُتافاتِ ، والناجُون يسبحون لقتلِ المسافاتِ المتبقية للوصولِ ، تتخيرُ الأغلالُ رقابَ بعضهم ؛ تأكلُ منْ الفلولِ الباقيةِ ، منظومةٌ لا تخمد إلا بذوبانِ الرؤوس ، جنودٌ وبنادق...رصاصاتٌ وعِصِّي... أصفادٌ وعربات ، لايهمُ أي شيء ، المهم تأمين العرين ، لمْ يعدْ سوى خمسةٍ منْ الرجالِ ، البحرُ يرتفعُ بأحْشَاءِ الحَقائبِ ، والبطونِ الخاويةِ ، اقتربَ منْ أنفاسِهم ، نأتْ عَنهم ظلالُ الرصاصِ ، اختفتْ أنصافُ أنوفِهم ، لمْ يعدْ سوى أربعةٍ من الرجالِ ... ثلاثةِ رجال... اثنين ... بقى رجلٌ واحدٌ ، وأخيراً أمامَ العرينِ ... تمسكَ بالأسوارِ للنجاةِ منْ الغرقِ ، آلافُ الظلالِ تنطلقُ ... آلافُ الرصاصاتِ تنطلق .... غرقَ في بحرِ الترابِ ، وبقيتْ يَدُه مُعلقة ...

    محمد سامي البوهي

  2. #2
    الصورة الرمزية د. نجلاء طمان أديبة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : في عالمٍ آخر... لا أستطيع التعبير عنه
    المشاركات : 4,224
    المواضيع : 71
    الردود : 4224
    المعدل اليومي : 0.68

    افتراضي

    كان لون الظلال قديما بلون الشجيرات...
    لون المنازل...هذى الصخور وتلك العمد...
    كل ظل على الأرض كان بلون انفعالاتنا..
    وعواطفنا وانتظاراتنا و.................الأمانى الجدد..
    صار ظلى اذا أصبح الصبح يأسا بلون القنوط....
    فإن جاء عصر النهار بشىء جميل ..
    تلاشت ظلال الكرر..كل ذلك حينا ..فحينا سرى وشرد..
    يا صفى النهار الذى كان ظلا حميما ..
    إذا البرد جاء ..وقلب الصب ارتعد..
    أين هذا الذى كان بالأمس صوتا وشكلا ومعنى...
    وكيف تلاشى من الذاكرة ...العدد؟
    صمتَ البحر...هذا البلد صمتْ..
    لغةً.. كان هذا البحر لنا...
    لغة.. كان هذا البلد!

    تحية وشذى واهداء لفارس القصة
    الوردة السوداء
    الناس أمواتٌ نيامٌ.. إذا ماتوا انتبهوا !!!

  3. #3

  4. #4
    في ذمة الله
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    العمر : 76
    المشاركات : 674
    المواضيع : 101
    الردود : 674
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    الأستاذ الفاضل / محمد سامي البوهي
    دمت بخير
    النص اسقاط سياسي مياشر لم نعهده في كتابتك القصصية ربما تسجل موقف من أحداث الطلبة ومظاهراتهم في مصر { المرأةَ تُخالطُها الفتاةُ ، الشّيخُ يَنسجمُ مع الطّفلِ الصّغيرِ ، الأعناقُ تحملُ غليانَ الشبابِ } وكأنك توحي في تلك الجمل أنك لم تجد رجال 00 المرأة مع الفتاه والشييخ ينسجم مع الأطفال ، تلك الهتافات مسجلة بإسم الجماعة الأصولية الدينية التي تسعي جاهدة لنيل مآربها
    { "يا حرية فينك فينك .... بينا وبينك " } والجملة المحزوفة { أمن الدولة } والمقصود مباحث أمن الدولة المصرية ـ اضرب المربوط يخاف السيب ـ وتصوير المشهد سينمائياً وتقطيع الصور وتداخلها
    شيء جديد في النص القصصي { "هه.. هه.. يا حرية فيـ هه.. هه ـنــك ... آآآه" ، } فالحروف هه00 هه 00 هيه صيحة عساكر الأمن المركزي والحروف 00 00 " فيـ هه.. هه ـنــك ... آآآه " توحي بقطع الأحبال الصوتيه أثناء الضرب وصيحة الألم تخرج بعد استكمال الهتاف 00 لا نملك إلا المرتبة الثالثة 00 أضعف الإيمان 000
    خالص تحياتي

  5. #5
    الصورة الرمزية صبيحة شبر قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    المشاركات : 590
    المواضيع : 69
    الردود : 590
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    قصة واقعية
    دائما ينتصر الرصاص
    على الناس المسالمين

  6. #6
    الصورة الرمزية محمد سامي البوهي عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+ الكويت
    العمر : 46
    المشاركات : 1,087
    المواضيع : 110
    الردود : 1087
    المعدل اليومي : 0.17

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوردة السوداء مشاهدة المشاركة
    كان لون الظلال قديما بلون الشجيرات...
    لون المنازل...هذى الصخور وتلك العمد...
    كل ظل على الأرض كان بلون انفعالاتنا..
    وعواطفنا وانتظاراتنا و.................الأمانى الجدد..
    صار ظلى اذا أصبح الصبح يأسا بلون القنوط....
    فإن جاء عصر النهار بشىء جميل ..
    تلاشت ظلال الكرر..كل ذلك حينا ..فحينا سرى وشرد..
    يا صفى النهار الذى كان ظلا حميما ..
    إذا البرد جاء ..وقلب الصب ارتعد..
    أين هذا الذى كان بالأمس صوتا وشكلا ومعنى...
    وكيف تلاشى من الذاكرة ...العدد؟
    صمتَ البحر...هذا البلد صمتْ..
    لغةً.. كان هذا البحر لنا...
    لغة.. كان هذا البلد!

    تحية وشذى واهداء لفارس القصة
    الوردة السوداء
    الأستاذة الأديبة / الوردة السوداء

    ردك هو أبداع آخر فاق رقيق المشاعر ، وكم شرفني أن نصي أخرج من قلمك هذا الإبداع ...

    دمت بكل الخير

  7. #7
    الصورة الرمزية منى الخالدي أديبة
    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    الدولة : أرض الغربة
    المشاركات : 2,316
    المواضيع : 98
    الردود : 2316
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي

    تبّاً لتلك الأحجار المعدنية الصغيرة
    والتي تُسكتُ أكبر الأصوات ..ما أجمل الموت على أعتاب حريّةٍ نزيهة..

    الأديب القاص الرائع
    محمد سامي البوهي..

    تتميز بأبداع منقطع النظير في أدارة أحداث القصة حتى جعلتني اعيش الحدث بصورةٍ راقية ومميزة
    أشكّ أنها ستنجلي عن ذاكرتي بسهولة..

    سلمت يداك الكريمتان
    ودام لنا فكرك مميزاً
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    شكرا للحبيبة سحر الليالي على التوقيع الرائع

  8. #8
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 434
    المواضيع : 27
    الردود : 434
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    الكاتب محمد البوهى
    قصة تعبر عن انفعال ما واتجاه فكرىما
    لكن تناول الحدث كان مباشرا للغاية
    والبحث عن الحرية اسمى ما يطمح لهالإنسان المعاصر
    والقضيةقديمة قدم الصراع بين السلطة والحياة
    تحياتى
    رسول الله أسألك الشفاعة = وقربا منك يا نهر الوداعة

  9. #9

  10. #10
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    الدولة : في عقل العالم ، في قلب الحكايات
    المشاركات : 1,025
    المواضيع : 36
    الردود : 1025
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    ظِلالُ الرَّصَاصِ

    لون بوهي جديد

    قرأت هذه القصة من بين ما أقرأ ، وعدت معها إلى الكثير من إنتاج الأستاذ القاص : محمد البوهي ، فوجدت أن البوهي يحاول التحرر من طريقته القصصية تاركًا زركشاته وسيطرة اللفظ على المضمون ، إلا أن البوهي هنا بالتحديد يحاول جاهدًا التحرر من الإغراق المعنوي والرمزي الذي قد يفلت منه أحيانًا ، وربما كثرة معايشته للقصة الحداثية من أهم الأسباب وراء ذلك ، وبما أن صديقي البوهي كثير المحاولة والتجريب ؛ فأنا أشكر له هذه المحاولات .

    ظلال الرصاص .

    عنوان لافت ، ولافتة مغرية تستحث القارئ أن يتابع ما وراء هذه الظلال .

    الدخول :

    هجوم مباشر ، وزفرة قوية تتفق مع الحدث ، ومع الحالة ،وكعادة أديبنا يستخدم المجاز والتخييل ضمن الحالة الشعورية معتمدًا عليه في التشويق والإثارة ، فنحن مباشرة أمام أسوار الجامعة لنرى البوابات الحديدية تسقط في محاولة من القاص لتأكيد قوة المتظاهرين ، بل إنه لا يكتفي بأنها مظاهرة ، إنه يؤكد على أنها محاولة جادة للانتصار على الواقع الصعب .

    سَقَطَتْ أبْوابُ الجَامِعةِ الحَديِّديةِ تَحْتَ الأقْدامِ ، السّيلُ يَتدفقُ بالهُتافاتِ ، ولافِتاتِ الأشْعارِ ، الشّوارعُ تَنصبُ شُطآنَها أمامَ أمواجِ الحريةِ ، تَناغَمتْ الأصواتُ المحتدمة بأغوارِ الصّمتِ ، المرأةَ تُخالطُها الفتاةُ ، الشّيخُ يَنسجمُ مع الطّفلِ الصّغيرِ ، الأعناقُ تحملُ غليانَ الشبابِ ، يُلوحون بقبضاتِ الغضبِ الممشوق منْ الأعماقِ "يا حرية فينك فينك .... بينا وبينك " ، الجّموعُ المتدفقةُ تلتقطُ الفُتاتَ الُمتناثرَ منْ لُحومِ البُؤسِ ... تتضخمُ ... في طريقِها نحو العرينِ منْ بين غاباتِ البيوتِ ، اليومُ ستجلبُ لنفسِها حياةً جديدةً، أو ستُكفنُ في قبورِ الخبزِ المُتصلبِ .... تُواصلُ التّقدم...


    في هذا المشهد أجد البوهي يستخدم فنية التداخل ليضعك أمام فريقين تختلف غاية كل منهما عن الآخر ، بل إن كل منهما عدو حقيقي للآخر ، فنحن أمام جموع من أصحاب القضية بلغ بهم الجوع والضيق مبلغه حتى انها لم تعد تحسب للخطر أي حساب ، ولكن تغلب على البوهي المثالية في هذا العرض لدرجة أنه استخدم الصور المجازية بشكل لافت من مثل : ( الشّوارعُ تَنصبُ شُطآنَها أمامَ أمواجِ الحري )

    كان القاص يقصد السدود ، حيث إن الشطآن جزء متمم للبحر وهي ليست عائقًا للأمواج في حد ذاتها . أما في تعبيره : (في طريقِها نحو العرينِ منْ بين غاباتِ البيوتِ) أرى أن غابات البيوت تعبير مستهلك ، والقاص يقصد به أن الحصار ليس بالجند وحدهم ولكن بغابة من المنازل ، ولو أننا في سياق آخر لجاء التعبير موظفًا لخدمة النص بشرط عدم إضافة البيوت إلى الغابات .
    إلا أن القاص بمهارته المعهودة يمسك بخيوط القص ويحرك الحدث بمهارة ، وسنشير إلى ذلك في موضعه . أما هذه الصورة : (ستُكفنُ في قبورِ الخبزِ المُتصلبِ) رأيت في هذه الصورة جمالاً رائعًا أما كلمة المتصلب فقد جاءت غير خادمة للسياق كما كان يريد القاص .

    المشهد الثاني :
    هَطلتْ غِيومُ البنادقِ بالرصاصاتِ العمياءِ فوقَ رؤوسِهم ، تُزاحمُ لِحومَ الأجْسادِ ، يأتي التّساقطُ تباعاً وسطَ صرخاتِ النِّساءِ ، الفوضى تندسُ بين التماسكِ ، الأحذيةِ ... الحقائبِ ... الكتبِ تُخالطها الدماءُ ، عِصّي الجنودِ تحاصرُ الهُتافاتِ "هه.. هه.. يا حرية فيـ هه.. هه ـنــك ... آآآه" ، ظِلالُ الرَّصاصِ تَحومُ حولَ البقايا ، تنجذبُ أنحاؤهم المتفرقةِ نحو كومةِ الحياة ِ، يَخوضُون وحلَ الدماءِ المعجونةِ بترابِ الطريقِ ، العرينُ يقتربُ من الطموحِ المنشود و.......... التساقطُ مُستمرٌ .


    في هذا المشهد حاول البوهي التخلص من الصور ، إلا أنها تزاحم الحدث لكنها في الأغلب تخدمه وقد أدى هذا المشهد دور الدليل للقارئ ؛ فهو يكشف عن هدف القاص من قصته وهو موفق فيه إلى حد كبير ، ولكن ننظر إلى الصور وما حققته . (هطلتْ غِيومُ البنادقِ بالرصاصاتِ العمياءِ فوقَ رؤوسِهم ، تُزاحمُ لِحومَ الأجْسادِ ، يأتي التّساقطُ تباعاً وسطَ صرخاتِ النِّساءِ) هنا مجموعة من الصور المتداخلة كان بإمكان القاص تنميتها لتخدم الحث إلا أنه اكتفى بها على هذا النسق ، ليأتي بصورة تالية : (الفوضى تندسُ بين التماسكِ)
    لم يكن القاص في حاجة إلى التصوير هنا ، وإنما كان يكفيه أن يقول بأن الفوضى عمت ؛ لأن الفوضى لا تندس لأنها إذا اندست لا يكون لها أثر فوري ، فمثلاً عندما نقول : الجاسوس اندس بين الناس ، فهذا يعني أنه ذاب في جمعهم فصار واحدًا منهم . أما هذه الصورة : (عِصّي الجنودِ تحاصرُ الهُتافاتِ) فقد جاءت جميلة إذا حملناها على قوله الأول : الرصاصات فوق الرؤوس ، فهو هنا يعرض حالة واقعية ربما عاشها بالفعل ، او بالأرى نشاهدها كثيرًا . وفي صورته : (العرينُ يقتربُ من الطموحِ المنشود) جيدة هذه الصورة التي اعتمد فيها القاص على القلب ؛ فالطبيعي أن يقول : الجموع تقترب من العرين ، أما هو فقد أتى بصورة جيدة بما أحدثه من قلب . لكن للأسف لم يكن موفقًا أبدًا عندما صور الدماء المختلطة بالتراب بالوحل ، فكان بإمكانه استخدام تشبيه يناسب طهر هذه الدماء المناضلة من أجل حقها .

    المشهد الأخير :

    الأعدادُ ترتفعُ بسلةِ الموتِ ، امتلأتْ معدةُ الترابِ بالدماءِ ؛ فطفتْ جثثُ الشهداءِ تقبضُ على لافتاتِ الأشعارِ ، تتمسكُ أفواهُهم بأطرافِ الهُتافاتِ ، والناجُون يسبحون لقتلِ المسافاتِ المتبقية للوصولِ ، تتخيرُ الأغلالُ رقابَ بعضهم ؛ تأكلُ منْ الفلولِ الباقيةِ ، منظومةٌ لا تخمد إلا بذوبانِ الرؤوس ، جنودٌ وبنادق...رصاصاتٌ وعِصِّي... أصفادٌ وعربات ، لايهمُ أي شيء ، المهم تأمين العرين ، لمْ يعدْ سوى خمسةٍ منْ الرجالِ ، البحرُ يرتفعُ بأحْشَاءِ الحَقائبِ ، والبطونِ الخاويةِ ، اقتربَ منْ أنفاسِهم ، نأتْ عَنهم ظلالُ الرصاصِ ، اختفتْ أنصافُ أنوفِهم ، لمْ يعدْ سوى أربعةٍ من الرجالِ ... ثلاثةِ رجال... اثنين ... بقى رجلٌ واحدٌ ، وأخيراً أمامَ العرينِ ... تمسكَ بالأسوارِ للنجاةِ منْ الغرقِ ، آلافُ الظلالِ تنطلقُ ... آلافُ الرصاصاتِ تنطلق .... غرقَ في بحرِ الترابِ ، وبقيتْ يَدُه مُعلقة


    في هذا المشهد بالتحديد لمحت اللون البوهي الجديد حيث الواقعية والتعامل مع العناصر ببراعة ، والتعامل مع ظلال الرصاص . حيث إنها في البداية تسيطر ، والآن تنحسر في بيان أنها حالة مؤقته ، وكأن القاص يهرب من الحقيقة ليوضح لنا أن هذا القمع أمر عارض .
    وقد توقفت مع القاص الأستاذ البوهي عند ترك الرجل الأخير يده ، أو أنها بقيت معلقة على الجدار ، والعرين ، هذا الرمز الذي لم ينور له القاص ربما يقصد به مقر السلطة ، مقر القيادة ، أو أي عنصر من عناصر السيطرة ، وقد توقفت عندها مع نفسي ومع مدلولها ، فمن المعروف أن العرين بيت الأسد ، ونحن لسنا أمام أسد لما للأسد من صفات الشجاعة والإباء ، والكاتب يسقطه على من ليست لهم هذه الصفات وفق سياقه القصي ، فحبذا لو كان عبر عنها في سياق آخر يناسب الحدث والحالة .

    بقي أن أقول أن القاص الأستاذ : محمد البوهي بهذه القصة يقدم لنا لونًا جديدًا من كتاباته القصصية بحتاج منه إلى المثابرة عليه وتأصيله وتعميقه ، فهو من المقدمين لدينا الذين يمتلكون من الأدوات ما يجعلهم في الصدارة دائمًا ، وقد حاول من خلال قصته هذه التحول إلى اللون الواقعي المباشر ، هذه المباشرة التي كانت تحتاج منه إلى تحرير النص منه كقاص أكثر من ذلك وإطلاق العنان لأدواته لتؤدي دورها متحررة من سيطرته ، وبالرغم من كل ما ألمحنا إليه في القصة تبقى قصة ( ظلال الرصاص ) عملاً متفردًا للقاص يجعلنا ننتظر منه الأعمال المتفردة على غيره . وأشكر أديبنا لحفاظه على اعتبار شكل الكلمات وأوصيه بالتدقيق دائمًا .

    أديبنا القاص المبدع : محمد سامي البوهي
    أستمتع وأنا أتعامل مع نصوصك دائمًا .

    لك محبتي واحترامي

    مأمون

صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. إنهم يطلقون الرصاص
    بواسطة نزار ب. الزين في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 09-03-2006, 06:16 PM
  2. لحن الرصاص- مهداة إلى روح الاستشهادي منفذ عملية تل الربيع الفدائية
    بواسطة فارس عودة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 28-02-2006, 11:53 AM
  3. بعد التعديلات و الإضافة ( بين المصاحف و الرصاص ) مرة أخرى ..
    بواسطة نور جمال الخضري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 28-01-2006, 10:29 PM
  4. بين المصاحف و الرصاص !
    بواسطة نور جمال الخضري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 24-01-2006, 12:58 AM
  5. الرصاص فيه الخلاص
    بواسطة على درويش في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 02-12-2004, 08:04 AM