أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الغيبة .. داء العصر

  1. #1
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي الغيبة .. داء العصر

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
    فالغيبة: عرفها العلماء بأنها إسم من اغتاب إغتياباً، إذا ذكر أخاه بما من العيوب وهي فيه، فإن لم تكن فيه فهو البهتان، كما في الحديث: "قيل ماالغيبة يارسول الله؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال :إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته" رواه مسلم.
    والغيبة محرمة بالكتاب والسنة والإجماع، وعدَّها كثير من العلماء من الكبائر وقد شبه الله تعالى المغتاب بآكل لحم أخيه ميتاً فقال تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم)[الحجرات:12] فقد ذكر الله تعالى المغتاب بهذا الوصف الذميم تنفيراً له من هذه المعصية، وإظهاراً لقبحها.
    قال الإمام النووي رحمه الله : اعلم أن الغيبة من أقبح القبائح واكثرها إنتشارا في الناس حتى لا يسلم منها إلا القليل من الناس , وذكرك أخاك بما يكره عام سواء كان في بدنه أو دينه , أو دنياه , أو نفسه , أو خلقه , أو ماله او ولده , أو والده , أو زوجه , أو خادمه , أو ثوبه أو مشيه وحركته , وبشاشته وعبوسته وطلاقته , أو غير ذلك مما يتعلق به , سواء ذكرته بلفظك أو كتابك او رمزت أو أشرت إليه بعينك أو يدك أو رأسك ونحو ذلك , وضابطه أن كل ما أفهمت به غيرك نقصان مسلم فهو غيبة محرمة , ومن ذلك المحاكاة بأن يمشي متعرجا أو مطاطا أو على غير ذلك من الهيئات مريدا حكاية هيئة من ينقصه بذلك .
    وقد أباح الشارع الغيبة وحددها بستة اسباب وذلك من باب الدخول في أخف المفسدتين دفعا لأعظمهما وهي:
    الأول: التظلم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان أو القاضي، وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه .
    الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر، ورد العاصي إلى الصواب، فيقول لمن يرجو قدرته، فلان يعمل كذا فازجره عنه.
    الثالث: الاستفتاء، بأن يقول للمفتي ظلمني فلان أو أبي أو أخي بكذا فهل له كذا؟وما طريقي للخلاص ودفع ظلمه عني؟.
    الرابع: تحذير المسلمين من الشر، كجرح المجروحين من الرواة والشهود والمصنفين ومنها: إذا رأيت من يشتري شيئاً معيباً ، أو شخصا يصاحب إنساناً سارقاً أو زانيا أو ينكحه قريبة له ، أو نحو ذلك ، فإنك تذكر لهم ذلك نصيحة، لا بقصد الإيذاء والإفساد.
    الخامس: أن يكون مجاهراً بفسقه أو بدعته، كشرب الخمر ومصادرة أموال الناس، فيجوز ذكره بما يجاهر به، ولا يجوز بغيره إلا بسبب آخر.
    السادس: التعريف، فإذا كان معروفاً بلقب: كالأعشى والأعمى والأعور والأعرج جاز تعريفه به، ويحرم ذكره به تنقيصاً. ولو أمكن التعريف بغيره كان أولى . وقد نص على هذه الأمور الإمام النووي في شرحه لمسلم ، وغيره. والله أعلم.
    وقد جمع أحدهم جزاه الله خيراً هذه الأسباب في بيتين هما :
    القدح ليس بغيبـة في ستة .......................... متظلم ومعـرف ومحـذر
    ولمظهر فسقاً ومستفت ومن ......................... طلب الإعانة في إزالة منكر
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح وابتغاء وجه الله تعالى، لا لهوى الشخص مع الإنسان، مثل أن يكون بينهم عداوة دنيوية، أو تحاسد أو تباغض أو تنازع على الرئاسة، فيتكلم بمساوئه مظهراً للنصح وقصده في الباطن القدح في الشخص، فهذا من عمل الشيطان، و(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) متفق عليه، بل يكون الناصح قصده أن يصلح ذلك الشخص، وأن يكفي المسلمين ضرره في دينهم ودنياهم، ويسلك في هذا المقصود أيسر الطرق التي تمكنه.
    ومن اقسام الغيبة المحرمة الهمز واللمز قال تعالى: (همازٍ مشاءٍ بنميم) [القلم11) وايضاً (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَة ) (الهمزة1)
    فالهَّماز بالقول، واللمَّاز بالفعل، قال الإمام الغزالي رحمه الله: الذكر باللسان إنما حُرِّم لأن فيه تفهيم الغير نقصان أخيكَ، وتعريفه بما يكرهه، فالتعريض به كالتصريح، والفعل فيه كالقول والإشارة والإيماء والغمز والهمز والكتابة والحركة، وكل ما يُفهم المقصود فهو داخل في الغيبة، وهو حرام. ومن ذلك قول عائشة رضي الله عنها: "دخلت علينا امرأة فلما ولت أومأت بيدي: أنها قصيرة، فقال عليه السلام: اغتبتها" أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الغيبة.
    وبما أن حصائد الالسن هي أعظم أسباب الوقوع في النار لما في حديث الترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله ، أخبرني بعمل يُدخلني الجنة ويباعدني من النار ، قال : ( لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسّره الله عليه : تعبد الله لا تُشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحجّ البيت ) . ثم قال له : ( ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنّة ، والصدقة تطفيء الخطيئة كما يُطفيء الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل ) ، ثم تلا : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } حتى بلغ : { يعملون } ( السجدة : 16 – 17 ) ، ثم قال : ( ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ ) ، قلت : بلى يا رسول الله . قال : ( رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد ) ، ثم قال : ( ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ ) قلت : بلى يا رسول الله . فأخذ بلسانه ثم قال : ( كفّ عليك هذا ) ، قلت : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ ، فقال : ( ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم– أو قال على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم ؟ ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، فحفظ اللسان هو عنوان الفلاح وطريق السلامة من الإثم قال صلى الله عليه وسلم في الصحيحين :
    ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت).
    والله تعالى أعلم .
    اسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، وأن ينفعنا بما علمنا وأن يغفر لنا خطايانا وذنوبنا انه سميع قريب مجيب الدعاء.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    الصورة الرمزية علي بن أحمد المرشدي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 151
    المواضيع : 9
    الردود : 151
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    أخي / راضي الضميري
    يسعدني أن أكون أول من يعانق حرفك
    لقد قلت أخي خيراً , وجزاك الله ألف خير
    موضوعك يستحق التثبيت للأهميه
    وتقبل تحياتي العطره
    ما أروع الأمل , لولا الأجل , وما أروع الدنيا لولا قسوة أيامها

  3. #3
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    أخي العزيز علي بن احمد المرشدي

    أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يثبتنا في جنته ، وأن يعفو عنا وأن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين .

    بارك الله فيك على زيارتك الطيبة.

    تقبل تحياتي وتقديري

  4. #4

  5. #5
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسنية تدركيت مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك موضوع قيم جدا
    الأخت الفاضلة حسنية تدركيت
    هناك أمورُ كثيرة نفعلها و قد نندم عليها وقد تؤدي بنا إلى طريق التهلكة من دون أن نعيرها أي أهمية ، ومن جملة هذه الأمور هذا الموضوع ، وإذا لم نستطع أن ندارك أخطاءنا ونحن على قيد الحياة ، فمتى نفعل ذلك ؟ اليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا عمل ، فلنتدارك أخطاءنا قبل فوات الأوان ،قبل أن يأتي وقت لا ينفع فيه الندم ، قال تعالى ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَِ)الذاريات آية 55
    لكِ مني أجمل التحيات الأخوية ، وبارك الله فيك .
    مع فائق الاحترام والتقدير

المواضيع المتشابهه

  1. باب / مَا يباحُ من الغِيبة
    بواسطة ربيع بن المدني السملالي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 19-03-2012, 01:41 AM
  2. في الغيبة والعيوب
    بواسطة د عثمان قدري مكانسي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 06-03-2012, 04:24 PM
  3. في الغيبة والعيوب 2
    بواسطة د عثمان قدري مكانسي في المنتدى مُنْتدَى رَمَضَان والحَجِّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-08-2009, 02:39 PM
  4. العرب من داء الجرب ....إلى داء الكلب
    بواسطة محمدسليمان العلوني في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-12-2008, 02:34 PM
  5. يا مطول الغيبة
    بواسطة ابن فلسطين في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 24-06-2003, 08:43 PM