القاعدة الثانية : لاتقصيد إلا بدليل
مقاصد الشريعة سواء كانت عامة أو خاصة، كلية أو جزئية، لا يجوز البقول بها ولا تحديدها، ولا إثباتها ولا نفيها إلا بدليل. فنسبة مقصد ما إلى الشريعة هو كنسبة قول أو حكم إلى الله تعالى لأن الشريعة شريعته والقصد قصده والتقصيد بغير دليل هو قول على الله بغير علم، ويقول الله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم )الاسراء36.
وفيما يلي بعض المعالم والقواعد المعتمدة في الكشف عن مقاصد الشريعة وإثباتها، حتى يعلم أن إثبات مقاصد الشريعة يقوم على العلم والبحث والإستدلال.
1-لسان العرب هو المترجم عن مقاصد الشارع
فالشريعة لا تخرج عن نصوص الوحي ، قرآنا وسنة. وهي نصوص عربية في ألفاظها فمن أراد أن يعرف مقاصد الشريعة فمن نصوص الشريعة يعرفه، ومرشده وترجمانه في ذلك لسان العرب بدلالاته وقواعده وأعرافه.
يقول الإمام الغزالي( واللفظ إما أن يدل على الحكم بصيغته ومنظومه ، أو بفحواه ومفهومه ، أو بمعناه ومعقوله...)المستصفى180.
2-مسالك التعليل
وأعني بها مسالك استنباط العلة المعروفة عند الأصوليين، يذكرونها ويدرسونها ضمن مباحث القياس . والمراد بها الطرق التي تعرف بها علل الأحكام ويستدل بها عليها. وعلة الحكم قد تكون هي ذاتها مقصود الحكم وقد تكون متضمنة له أو مستلزمة له.
وهذه بعض مسالك التعليل المسلمة عند جمهور العلماء.
1- الإجماع:أي أن يقع الإجماع على علة حكم من الأحكام. فهذا الإجماع يغني عن البحث عن غيره من مسالك الإثبات، لأن انعقاده يعطي قوة ثبوتية لا غبار عليها, كإجماعهم على كون الصغر هو علة الولاية على الصغير في ماله.
2- النص:هو أن تذكر علة الحكم صراحة قي النص الشرعي نفسه، كما في قوله تعالى( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم)الحشر7.
3- الإيماء والتنبيه: وهو أن تذكر العلة في النص الشرعي لكن ليس بشكل صريح ولكن تفهم من السياق ومن ذكرها مقترنة بالحكم على نحو يفهم منه أن تلك هي العلة،كما في قوله تعالى (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)
4- المناسبة: وذلك بان يكون بين الحكم الفعل تناسب ظاهر يدركه العقل كتحريم شيء فيه مفسدة واضحة، أو إيجاب شيء فيه مصلحة أكيدة...فهذا التناسب
وبقي أن للمقاصد العامة طريقا آخر للوصول إليها وإثباتها، ألا وهو الاستقراء
والاستقراء هنا هو تتبع المعاني والمقاصد الجزئية للأحكام في دلالاتها المشتركة حتى يأتلف منها معنى كلي أو مقصود كلي تلتقي عنده وتصب فيه المعاني والمقاصد الجزئية ومثال ذلك قول الشاطبي" إن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معا"الموافقات2/6.
ثم قال" والمعتمد إنما هو أنا استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد" الموافقات2/7