من روائع أمير الشعراء احمد شوقي قصائد صاغها في قالب حواديت ظاهرها للأطفال .... وهى تفيض عذوبة وتشويقا وظرفا وعبرة وفلسفة وحكمة ! ولنأخذ مثلا قصيدة " ولى عهد الأسد وخطبة الحمار " :-
لما دعي آبى الأشبال .. مبشرا بأول الأنجال
سعت سباع الأرض والسماء .. وانعقد المجلس للهناء
وصدر المرسوم بالأمان .. في الأرض للقاصى بها والدانى
فضاق بالذيول صحن الدار ... من كل ذي صوف وذي منقار
حتى إذا استكملت الجمعية .. نادى منادى الليث في المعية
هل من خطيب محسن خبير .. يدعو بطول العمر للامير
فنهض الفيل المشير السامي .. وقال ما يبيق بالمقام
ثم تلاه الثعلب السفير .. ينشد حتى قيل ذا جرير
واندفع القرد يدير الكأس .. فقيل : أحسنت آبا نواس
وأومأ الحمار بالعقيرة .. يريد آن يشرف العشيرة
فقال باسم خالق الشعير.. وباعث العصا إلى الحمير
فازعج الصوت ولى العهد .. فمات من رعدته في المهد
فحمل القوم على الحمار .. بجملة الأنياب والأظفار
وانتدب الثعلب للتأبين .. فقال في التعريض بالمسكين
لا جعل الله له قرارا .. عاش حمارا ومات حمارا
** مثال آخر قصيدة " القرد والفيل "
قرد رأى الفيل على الطريق .. مهرولا خوفا من التعويق
وكان ذلك القرد نصف أعمى .. يريد يحصى كل شىء علما
فقال : آهلا بأبي الأهوال .. ومرحبا بمخجل الجبال
تفدى الرؤوس رأسك العظيما .. فقف أشاهد حسنك الوسيما
لله ما اظرف هذا القدا ... والطف العظم وابهى اجلدا
واملح الآذن فـ الاسترسال .. كأنها دائرة الغربال
واحسن الخرطوم حين تاها .. كانة النخلة في صباها
وظهرك العالي هو البساط .. للنفس فى ركوبة انبساط
فعدها الفيل من السعود ... أمر الشاعر بالصعود
وسرعان ما يمتطى هذا القرد الفضولي ظهر الفيل يتجول فيه بكل بجاحة لاستكشاف مجاهله ! فيضطرب الفيل وضرب بذيله عيني القرد السليمة فتلحق بأختها الكريمة !!
ونزل البصير ذا اكتئاب .. يشكو إلي الفيل في المصاب
فقال : لاموجب للندامة .. الحمد لله على السلامة
من كان في عينية هذا الداء .. ففي العمى لنفسه وقاء
هذه عينة من الكنوز آلتي نحرم أطفالنا منها لنلقمهم بدلا منها نصوصا جافة صماء تجعلهم يكرهون الشعر والأدب واللغة العربية والدراسة نفسها ....