اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. نجلاء طمان مشاهدة المشاركة
بائع الصور
للقاص الرائع : محمد البوهى
1-الحلوى الشهيرة

كان يجلس وحده في عموده الصغير بأطراف الصفحة الأخيرة ، يرسم صوره دون أن يراه أحد ، لكن عيون شخوصه كانت ترى كل شيء من حوله ، اليوم أهملوا إدراج توقيعه تحت رسومه ، لم يعبأ بالأمر كثيراً ...... ثم جاء اليوم التالي ليهدموا عموده المسكين بإعلان للحلوى الشهيرة ، بعد أن تلقى قراراً بالفصل ، سار شارداً يتأمل وجوه المارة ، نسي جسده أسفل سيارة طائشة ، فأعادت الجريدة نشر رسومه بالصفحة الأولى ، تحت عنوان يحمل اسم تلك
0الحلوى الشهيرة.
إدارة الجريدة غير مسؤولة عن محتوى الإعلانات. والمقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها

**** **** ****
الحلوة الشهيرة "النهاية الحتمية"
الموت الخطأ لابد أن يكون هو النتيجة الحتمية بعدما تباع القيم والمبادىء والأخلاقيات ويكون الثمن قطعة حلوى. لابد أن يأكلنا الشرود حتى يأكلنا الموت ,عندما لا يرى الناس صورتنا الحقيقية الا بعد موتنا .. صورة منشورة فى صفحة الوفيات .
صورة وحيدة
أصر أن يرسل خربشاته التافهة إلى كبرى الصحف ، فكانت تلتهمها سلال المهملات في كل مرة ، تفجرت فكرة برأسه من جبال اليأس ، ذهب للحلاق لهندمة البياض المنتشر بين أعواد شعره ، ارتدى حُلته الأنيقة ، وضع نظارته الوقورة على أنفه ، ثم نظرة طويلة في المرآة ، همّ بإرسال الصورة مرفقاً الخربشات ، فنُشرت الصورة وحدها .
صورة وحيدة "الصورة أم المضمون"
وفق القاص في اختيار عنوانه وتألقت ومضته ووصلت بنا فى النهاية إلى خاتمة شبيهة بالعنوان لفظا ومعنى كتقرير باليأس من القاص
جاءت لقطة البوهى هنا مكثفة مركزة, تشير بأصابع الاتهام لمن سلبوا من المجتمع المبدأ والقيمة وتركوه يترنح تحت ثقل أفكار جوفاء تهتم بالشكل الخارجي للأشياء لا بالمضمون. تنظر للصورة في الإنسان لا للجوهر..انطلاقا من أفكار فاسدة تسود بقايا واقع فكرى ممزق.
التعقيب النهائي على القصتين
فى نظرى تتشابه القصتان كثيرة فى الصورة والمضمون, فكلاهما يطرح أفكارا ويفتح امام العين شاشة لرؤية أفكار أخرى غريبة دخيلة على مجتمعنا. وربما كان مردّ هذه الأفكار عائداً إلى أسبابٍ متعددةٍ، لعل من أهمها: العصر الذي يتسم بالسرعة، والذي أُطلق عليه في الغرب الثقافي عصر (الهمبرغر) وقالوا عنه في الشرق، عصر حبوب (الفيتامينات) الأدبية، وعصر (المعلّبات) الغذائية والثقافية، لأن كل شيءٍ في هذا الزمن الذي ندخل فيه القرن الحادي والعشرين، بات معلّباً بتوجيهٍ غربي، لسيادةِ نمطٍ ثقافيٍ واحدٍ، أو أنموذج مدروسٍ، تعبيراً عن قيمٍ إنسانيةٍ جديدة، عملت على إبرازها الآلة التي تطحن الإنسان في كل لحظةٍ من لحظات عمره، وتنظّم الساعةُ الإليكترونية مواقف حياته، في إنشاءات حضارية متداعية وفكر هش.
ملحوظة:
من عادتي لا أقرأ أبدا تعليق سبقني إلا بعد إنهاء تعليقي. بعدما أنهيت تعليقي وجدت هناك متشابه إلى حد ما مع تعليق الأديب الفيلسوف جوتيار . شذى من الوردة إلى الأديب لهذا التواؤم في التغلغل للأفكار.
شذى الوردة لهذا الرقى.
د. نجلاء طمان
الدكتورة نجلاء

جهد مبذول ، وأحسد عليه فعلا من ناقدة جادة مثلك ، اتخذت لنفسها موقعاً هاماً جداً في صدارة التفنيد ، والتفتيت من أجل البناء الجديد للأشكال الموحية ...
لا املك لك غير شكري المتواضع