انصهر شيء ما، وارتدت آبار النفط إلى الوراء لتكون أجساماً كانت قد اندثرت ... فعادت الحياة في العظام النخرة، وصرخ أحدهم في أخيه : هذه يدي اليمنى اخلعها ، فصرخ الآخر: وهذه يدي اليسرى اخلعها .. بينما كان آخر يقسم أن انفه تبدلت بأنف سائق التاكسي الذي يشبهه تماما.
كانت إحداهن تهمس لأخرى : هذا الطفل ليس من صلبه .. "استغفر الله العظيم" ...
الصبية هدى كانت تتلفت ، هو لم يكن يراها، ولن يستطيع أن يراها لأنه كان أعمى ، لكنها كانت مفتونة به ، التي همست لأخرى رمت الصبية بنظرة عدوانية تحمل كل ألوان الغيرة و الحرمان،ولان الصوت كان زاعقا، طلب منها في حياء أن تخفته، طوقته سريعا بيدها،وفتكت به ، لو كان يدري لما اقبل، لكنه أقبل .
الصبية ما زالت تتلفت، ربما سمع الأعمى نبضات قلبها فخفق قلبه هو الآخر وأسرع يطلب من النادل كوب ماء .
من بعيد ينظر إليهم هو لا يتابعهم بعناية ، لكنه من وقت لآخر يطل ، ربما يحاول أن يظهر أنه مازال مسيطرا .
يوم الثلاثاء الماضي عاد أنور من الخليج ، نبوية قالت : "عاد قفاه يأمر عيش . "
كان أنور قد فسخ خطبته من سهير قبل أن يغادر أرض الوطن .
بعد سنوات علمت من نبوية أن أنور أصبح شيخ الزاوية ، وأنه تزوج وأنجب خمس بنات .
أخبرتني كذلك أن سهير تزوجت من رمزي وطلقت منه ثم تزوجت من محمود وطلقها هو الآخر .
تمدد على الكنبة بشكل لا يليق أثناء وجود صديقتها فوزية فعاتبته زوجته ، نبوية قالت في لؤم : سعد على علاقة بفوزية وحمدية بتشك في كده .
طلبت منه أن يرسم لي لوحة الهذيان ، كان موهوبا ومحترفا وفنانا ، قال : انتظر شهراً ، بعد عام ذهبت فنظرت فرأيت أن ما رسمه كان بالفعل محض هذيان ، لكنه ليس الهذيان الذي اقصده ، ودعته لكني قبل أن أنصرف تفلت في وجه الحياة وصرخت فيه: هذا هو الهذيان .