|
أُمَّاهُ مَا ظَلَّ فِي عَيْنَيَّ دَمْعُ شَقَا |
قَدْ سَحَّ فَوْقَ خُدُودِيْ وَ الجَوَى احْتَرَقا |
ذَرَّفْتُ دَمْعِيْ وَ لَمْ يُبْقِ البُكَاءُ سِوَى |
رُوْحِيْ مُعُلَّقَةً فِي خَافِقٍ شَهَقا |
طَافَتْ خَيَالَاتُ ذِكْرَاكِ الَّتِي خَطَرَتْ |
عَلَى فُؤَادِيْ , فَزَادَتْ هَمَّهُ قَلَقا |
أَشْكُوْ , وَ مَا تَنْفَعُ الشَّكْوَى إِذَا امْتَدَّتْ |
يَدُ المَنَايَا وَ كَفُّ المَوْتِ قَدْ سَرَقا ؟ |
يَا أُمُّ لَمَّا أَتَاكِ المَوْتُ طَوَّقَنِي |
حَبْلًا , وَ لَمَّا تَمَادَى بِالنَّوَى شَنَقا |
تَخَطَّفَتْكِ يَدُ الْأَحْزَانِ قَاتِلَةً |
عُمْرِيْ , وَ تَارِكَةً أَيَّامَهُ مِزَقا |
وَ اغْتَالَ غَدْرٌ بِسِكِّيْنِ الفُرَاقِ غَدِيْ |
وَ نَابَ عَنْ بُلْبُلِيْ بُوْمٌ بِمَا نَعَقا |
جَفَّتْ عَلَى رَمْلِ تِيْهِيْ بَعْدَهَا مُزُنِيْ |
وَ أَمْطَرَ النَّارَ غَيْمِيْ عِنْدَمَا خَفَقا |
طِفْلٌ أَنَا , وَ المَنَايَا قَدْ سَبَتْ حُلُمِيْ |
وَ أَلْجَمَتْهُ الرَّزَايَا عِنْدَمَا نَطَقا |
وَ خَافِقٌ بَيْنَ كَفَّيْكِ الحَيَاةُ لَهُ |
لَمَّا أَتَاكِ الرَّدَى - أُمَّاهُ - قَدْ صُعِقا |
وَ مَرْكَبٌ أَبْحَرَتْ رِيْحُ العَذَابِ بِهِ |
فِي لُجَّةٍ بِشِرَاعِ المَوْتِ قَدْ غَرِقا |
عَجِبْتُ لِلْمَوْتِ لَمَّا اخْتَارَ وَالِدَتِي |
لَبَّتْهُ وَ النُّوْرُ مِنْ أَحْدَاقِها ائْتَلَقا |
كَمْ قَدْ تَوَسَّلْتُهُ أَنِّيْ الفِدَاءُ لَهَا |
وَ الصَّوتُ - حَشْرَجَةً - فِي ثَغْرِيَ اخْتَنَقا |
وَ رَاعَنِيْ مِنْ تَصَارِيْفِ النَّوَى قَدَرٌ |
آمَنْتُ - يَا رَبُّ - لَا زُوْرًا وَ لَا مَلَقا |
نَأيُ الْأَحِبَّاءِ طَعْنَاتٌ تُمَزِّقُنِي |
وَ مَوْتُها يَا إِلَهِي أَتلَفَ الرَّمَقا |
لَا زِلْتُ أَسْتَعْتِبُ الْآمَاقَ إِذْ نَضَبَتْ |
لَعَلَّهَا تَذْرِفُ الْأَهْدابَ وَ الحَدَقا |
فَأَيُّ مَعْنَىً لِهَذِي العَيْنِ لَو نَظَرَتْ |
مِنْ بَعْدِ فَقْدِكِ فِي مَنْ ذَلَّ أَوْ سَمَقا ؟ |
يَا أُمُّ لَا , وَ الَّذِي أَرْسَى الجِبَالَ عَلَى |
وَجْهِ البَسِيْطَةِ أَوتَادًا وَ مَنْ رَزَقا |
لَمْ يَمْضِ يَوْمٌ بِهِ أَنْسَاكِ مُذْ رَحَلَتْ |
عَنِ الدُّنَى رَاحَتَاكِ الطِّيْبُ إِذْ عَبَقا |
لَا وَ الَّذِي قَدَّرَ الْأَقْدَارَ - وَالِدَتِي - |
لَا وَ الَّذِي طَبَّقَ الْأَرْضِيْنَ إِذْ طَبَقا |
مَا عَاوَدَتْنِي عَلَى قَهْرٍ أَعِيْشُ بِهِ |
ذِكْرَاكِ إِلَّا وَ قَلْبِي - حَسْرَةً - نَفَقا |
لِلَّهِ أَنْتِ وَ قَدْ فَارَقْتِ صَائِمَةً |
كَيْ تُفْطِرِي فِي جِنَانٍ خَيْرُهَا غَدَقا |
سَلَّمْتُ أَمْرِيْ إِلَى رَبٍّ أَلُوْذُ بِهِ |
أَدْعُوهُ فَجْرًا وَ أَسْتَهْدِي بِهِ غَسَقا |
أُمَّاهُ يَا نَفْحَةً مِنْ جَنَّةٍ خُلِقَتْ |
وَ اليَومَ أَنتِ إِلَى جَنَّاتِ مَنْ خَلَقا |
أُمَّاهُ كَانَتْ فَكَانَ السَّعْدُ يَبْعَثُنِي |
وَ اليَومَ غَابَتْ فَقَلْبِي بِالعَنَا زَهَقا |
وَ الَّلهِ أَدَّتْ رِسَالَاتٍ أَمَانَتَها |
أَعْطَتْ بِصِدْقٍ فَيَا لِلَّهِ مَنْ صَدَقا |
وَ الَّلهِ قَدْ غَادَرَتْ وَ الذِّكْرُ مَنْطِقُها |
فَاشْفَعْ لَهَا يَا كِتَابًا فِي الوَرَى فَرَقا |