أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: المجموعة السابعة : أجزاء مسلسلة من رواية قنابل الثقوب السوداء

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Feb 2023
    المشاركات : 49
    المواضيع : 22
    الردود : 49
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي المجموعة السابعة : أجزاء مسلسلة من رواية قنابل الثقوب السوداء

    القبض على الجارفيتون «التجربة الثانية لكاجيتا» ج1
    استراح كاجيتا بعض الوقت، ولما استحضر في مخيلته قدوم جاك هب منتفضا ودعى فريقه للذهاب إلى أحد المعامل الملحقة بالمصادم.
    قال لهم بغل المحاربين: «هيا إلى المعمل لنعدّ السلاسل التي سوف تأسر الجرافيتون.»
    وفور خروجه رأى الخبراء في انتظاره، ويندس من بينهم المخبر المصري، فقال في نفسه: لاصقة بغراء لا تنفك عني حتى تنزع جلدي، ويلي من هؤلاء المتطفلين، دولهم تريد حكم العالم بقنابل الثقوب السوداء، شأنهم شأن رئيسي المتغطرس.
    فلما دنا منهم قالوا له وهم يبتسمون ابتسامة الماكرين: «نرجو أن تكون بخير وعافية.»
    نظر إليهم باستياء ولم يرد عليهم.
    دلف بفريقه وهم من خلفه نحو باب أحد المعامل الملحقة بالمصادم.
    فلما دخلوا شرع في إعداد التجربة.
    برّد الرابيديوم (أحد العناصر الكيميائيّة) إلى درجة حرارة الصفر المطلق، وذلك بإرسال حزمة هائلة من جهاز ليزر يعمل بطاقة هائلة (سحب الطاقة من الذرات يجعلها في حالة تبريد).
    وضع بعد ذلك ذرات الرابيديوم تحت المجهر وانصرف.
    قالوا له: «ألا تكمل التجربة؟»
    قال: «أريد أن أتبول، أتريدون أن تجروا معي هذه التجربة أيضا؟»
    فانفجر ناكامورا من الضحك، نظروا إلى ناكامورا بامتعاض ولم ينبسوا بكلمة.
    قال كاجيتا: «أريد أن أحتسي بعضا من القهوة، انظروا أنتم إلى الذرات.»
    نظروا إليها من المجهر، فوجدوا كراسي موسيقية في تنسيق بديع.
    فارتسم على وجوههم الدهشة والإعجاب، حتى قال ناكامورا: «إنّ الليزر جعلها في حالة عزف موسيقي يفوق الخيال.»
    داهمهم كاجيتا بعد أن احتسى القهوة وهو يقول: «هل شاهدتم النوتة الموسيقية؟»
    قالوا: «وطربت آذاننا بعزفها.»
    قال: «أتدرون ما حدث؟»
    قالوا: «نحب أن نسمع منك.»
    دعى كاجيتا ناكامورا لإحضار مغناطيس ثنائي القطب.
    فلما تناوله قال: «كلّ ذرة تعمل كمغناطيس له خاصية كوانتيميّة تسمى اللف المغزلى spin، وأنا الآن سأتحكم في ذاك اللف المغزلي من خلال هذا المغناطيس (ويشير إلى المغناطيس الذي بيده).»
    بعد أن تحكم في اللف المغزلي بالمغناطيس دعاهم للنظر في المجهر. فرأوا دوامات إعصارية رهيبة داخل ذرات الرابيديوم، سرعان ما تشكلت نهايات هذه الدوامات الإعصارية على هيئة مغناطيس.
    فتساءلوا عن هذه الهيئة الغريبة.
    قال كاجيتا: «إنه محاكاة لمغناطيس وحيد القطب يا سادة.»
    فصعقوا من وقع الكلمات وتمتموا بكلمات كاجيتا، قال أحدهم متمتما: «أتقصد مغناطيس أحادي القطب بالفعل؟»
    نظر إليه ولم ينبس بكلمة.
    وأجرى كاجيتا بعض التجارب ليحول عملية المحاكاة إلى حقيقة كائنة، وفي النهاية صنع كاجيتا لأول مرة في تاريخ البشرية مغناطيس أحادي القطب، ذاك الحالم الذي لطالما طال انتظاره من عقود طوال فائتة.
    قال كاجيتا لهم : «هأنذا أمتلك مغناطيس تبلغ طاقته مليارات المليارات طاقة المغناطيس العادي.»
    همس لنفسه: والآن أستطيع أن أمسك الجرافيتون اللعين.
    ثم قال لهم مستدركا رغبة في صرف أنظارهم عن مراده: «هيا ليذهب كل واحد منكم إلى بلده عله يفيدكم (يقصد المغناطيس) في دفع المركبات الفضائية.»
    وما لبث أن ضحك ضحكات سخرية وقال: «لكن لا تنسوا أن تخبروهم أن الحرب على الأرض وليست في الفضاء.»

    ***
    كل الصحف العالمية والعربية ولاسيما المصرية منهم صورت جاك وهو خارج من المطار القريب من محافظة الوادي الجديد. وحاولوا بشتى الطرق أن يعرفوا عما إذا كان سيخوض بعض التجارب على المصادم FFC-2 بيد أنه رفض الإجابة واكتفى بقوله أنه جاء للاطمئنان على صديقه فهمان ابن الزعيم الوطني الراحل فطين المصري.
    وفور تخلصه من الصحفيين، وكذلك الجمهور المحتشد من الشعب المصري -المحب لفهمان وأبيه- الذي حضر لملاقاته لأنه صديق حبيبهم فهمان همس قائلا: صبرا علي أيها الكاجيتا الملعون، اطمئن على صديقي أولا ثم أذهب إلى المصادم لأدق عنقك قبل أن تدق أعناقنا بقنابلك اللعينة.

    ***

    اجتمع كاجيتا بفريقه سرا، قال لهم: «الآن سنمسك بالجرافيتون، ولن نفعل ذلك إلا بمفردنا، يجب علينا أن نسرع في إمساكه وصناعة قنابل الثقوب السوداء قبل أن يُقبض علينا.»
    ذهل الفريق، قال أحدهم: «كيف يقبضون علينا؟ أنحن نقترف إثما؟»
    قال كاجيتا: «طبعا أنتم لا تعرفون أن أحد الجواسيس المصرية مندس بينهم، وقد علمت ذلك لأني أعرف كل خبراء الفيزياء البارزين على مستوى العالم. فور أن نبتكر القنابل سيقبض علينا الرئيس مهدي فورا. كما أن هؤلاء الخبراء الذين بالخارج يريدون أن يعرفوا عما أبتكره من سلاح على المصادم ليخبروا دولهم فترجح كفتهم إذا ما قامت الحرب من جديد، فالهدوء الذي فرضته أمريكا بسبب ثقب سحابة أورط.»
    سكت برهة وانتفض جسده ثم هب قائلا: «هيا قبل أن يأتينا ذاك الجاك فيفسد علينا خطتنا هو ودولته اللعينة، مهلا أيتها الأمريكا؛ سأمحوك من خريطة العالم ثأرا لأجدادي، سأريكم أينا أشد بأسا وتنكيلا، قنبلتا هيروشيما وناجازاكي اللتان قتلتا أجدادي أم قنبلة الثقوب السوداء التي ستزيلكم عن الوجود كما أزالت دول أوروبا أجدادكم القدامى (يقصد كاجيتا الهنود الحمر "سكان أمريكا الأصليين" الذي أبيدوا عن آخرهم.»

    ***
    فلما حضر أمام موضع التجارب وجد الخبراء منتظرين، نظر كاجيتا بعيدا فوجد وجوها غريبة ترمقهم، فقال في نفسه: هؤلاء رجال مخابرات لو علموا أني نجحت في ابتكار أي سلاح فلن أعود إلى بلدي.
    علي الآن أن أتدارك الأمر، لابد أن أرسل لهم مخالبي ليفر كل هؤلاء الفئران حتى أستطيع أن أنجز مهمتي، فأرواح أجدادي ينتظروني على أحر من الجمر. أو أكشر عن أنيابي كالأسد حتى أراكم كالحمر المستنفرة تفر مذعورة.
    ثم نظر إلى ناكامورا وأشار إليه برأسه، فبادله ناكامورا نفس الإشارة.
    إشاراتان تنم على تنفيذهما لخطة سبق أن اتفقا عليها من قبل.
    قال كاجيتا في نفسه: لابد أن ينتهي كل شيء بسرعة.
    ثم قال للجمع: «حان الآن يا سادة لحظة الجدّ، سوف نُخلق ثقبا أسود من خلال المغناطيس الأحادي، فإما أن نحيا معا، أو نموت معا.»
    قالها وهو يسارقهم النظر، فوجدهم ينظرون إليه نظر المغشي عليه من الموت، وقلوبهم بلغت حناجرهم، وكل واحد منهم يحاول أن يزدرد ريقه من شدة الخوف الذي تملكهم جميعا.
    قال كاجيتا: «تالله لقد وهبت نفسي للعلم، ولا بأس أن أموت من أجله، هكذا تعلمت.»
    وظل يتكلم حتى انصرفت عين مهدي عنه خوفا وهلعا، ثم تبعه بعض الخبراء، بينما ظل الباقون واقفين ما بين مصدق لما يقوله كاجيتا ويمنعه الحياء أو الخزي أو التضحية للوطن ومكذب لما لديه من علم في أن الثقوب السوداء التي تتولد من التجارب تتلاشى فور تكونها.
    وهم في غمرات الخوف تسلل ناكامورا من بين أظهرهم حتى وقف عند أجراس الخطر منتظرا إشارة من كاجيتا.
    رمقه كاجيتا ثم قال للخبراء: «لقد حانت لحظة الصفر، لنبدأ التجربة التاريخية.»
    وفور أن تصادمت البروتونات وتكون ثقب أسود مجهري أشعل ناكامورا نيرانا حول المكان المتواجدين فيه ثم ضغط على أزرار أبواق الإنذار فلاذوا بالفرار بينما الأبواق تكاد تثقب الآذان.
    ولم يكتف ناكامورا بهذا بل لحظة تكون الثقب الأسود قام بتشغيل صوت ثقب أسود من هاتفه وضخمه حتى كاد يفسد أذن من بالمكان، بل اهتزت بعض أعضائهم الداخلية.
    هذا الجو المرعب كان له كلمة الفصل في فرار كل من بالمكان.
    عاد ناكامورا من جديد.
    أمسك كاجيتا بالمغانط أحادية ووضعها في الأماكن المخصصة لها ألا وهي الأماكن التي يمر عليها الجرافيتون للهروب إلى أحد الأكوان الأخرى، قبل وهو يكاد لا يأخذ نفسه من سرعة الحركة، وقال: «هيا ناكامورا، افصل شبكة حوسبة المصادم حتى لا تصل نتائج التجارب حول العالم، فيفتضح أمرنا، بسرعة. بسرعة.»
    ثم نظر إلى واحد ممن يعملون معه، وقال: «أما أنت فضع برادة الحديد في موضع هروب الجرافيتونات ولا تنس أن تعزلها بعازل حتى لا تجذبها المغانط الأحادية.»
    ولم تمر إلا بضع لحظات حتى أجرى كاجيتا البروتونات في أنابيب المصادم FFC-2 من أجل تصادم آخر.
    وبالفعل، تفكّكتِ البروتونات وظلّتْ برادة الحديد كما هي. فصفق كاجيتا وتهلل وجهه، وصاح وكلتا يديه آخذة في الرفع والخفض رأسيا: «لقد نجحت، لقد نجحت، المغانظ قد أسرت الجرافيتونات، انظروا، برادة الحديد كما هي، برادة الحديد كما هي.»
    وظل يردد الكلمة وهو يتراقص فرحا ونشوة.


    ***


    القبض على الجرافيتون «التجربة الثالثة لكاجيتا» ج2

    سأل كاجيتا: «والآن يا سادة سنقوم بتحويل الطاقة إلى مادة.»
    نظروا له بدهشة، بيد أن أقلهم دهشة ناكامورا، حيث علم مراده، وفور أن فكر فيما يقصده كاجيتا فاقت دهشته دهشتهم جميعا، حيث قال: «الجرفيتونات العالقة في المغانط مجرد طاقة، ستحولها إلى مادة سيدي، كيف؟ الطاقة شيء غير مرئي، أما المادة فشيء مرئي نراها بأعيننا (يشير بإبهاميه إلى كلتا عينيه) ونتلمسه بأيدينا (يمرر كلتا يديه في الهواء رأسيا وأنامله صوب السماء)، فكيف تحول غير المرئي إلى مرئي؟ كيف؟»
    قال كاجيتا: «لو تعلم عدد الجرافيتونات التي علقت بالمغانط لما قلت هذا القول يا ناكامورا، إنها جرافيتونات لا حصر لها.»
    أدار عينيه على فريقه، ثم قال: «والآن علينا اتباع المكر والخديعة، لذلك اذهب يا ناكامورا ووصل شبكة الحوسبة بالمصادم حتى لا يرتابوا في أمر ما نفعل.»
    قال أحد فريقه: «كيف سيدي؟ سيعلمون بما نفعله.»
    قطب كاجيتا باستياء وقال: «لن نجري أي ارتطامات على المصادم في الخطوات القادمة، والآن بدل أن تتكلم بهذا الهراء أحضر لي جهاز الليزر.»
    قال الباحث: «تقصد الليزر الذي كان يمسك به ناكامورا منذ بضع ساعات؟»
    نظر إليه كاجيتا بحنق، ثم ما لبث أن هرول الباحث نحو الليزر وأحضره له.
    قال كاجيتا: «أيها السادة، الآن سنحتاج إلى ألبرت أينشتاين، اذهبوا وأحضروه.»
    نظر بعضهم لبعض، وهم في قمة الدهشة، بل ما اعتادوا أن يعصوا له أمرا؛ لذلك كان الواحد منهم ينظر إلى زملائه لواذا لعله يجيبه بما يطلب فيخرج هو من هذا المأزق.
    أدار كاجيتا عينيه عليهم ثم قهقه -رافعا رأسه إلى أعلى قليلا- بسبب دهشتهم.
    سكت فجأة، وساد الصمت لحظات، ثم تكلم وقد ارتسم على وجهه ملامح الضجر والانتقام: «ألا تدرون أين تجدون هذا الملعون الآن؟ والملعون الآخر الذي قتل البشرية؛ ذاك الروبرت أوبنهايمر الذي قتل أجدادي؛ بل قتل البشرية جميعا.»
    قال ناكامورا: «وما علاقة أينشتاين بقنبلتي هيروشيما وناجازاكي سيدي كاجيتا؟»
    أقبل إليه كاجيتا، فَلَهَدَه فِي صَدْرِه لَهْدَةً أوجعته، ثم قال: «ألم يكتب إلى الرئيس فرانكلين روزفلت بأنه يجب على الولايات المتحدة تطوير القنبلة الذرية! وطوروها لتسقط على رءوسنا.»
    وأشار بيده إليهم جميعا وهو يدعوهم إلى الانصراف بقوله: «هيا، هيا، انصرفوا أريدهما خلال 24 ساعة على الأكثر، أريدهما مكبلين بالسلاسل في الأيادي والأعناق، أريد أن تطرب أذني لرسف قيودهما، هيا.»
    قال أحدهم متمتما: «سيدي كاجيتا أخبرنا أين هما وأنا أحضرهما لك حالا.»
    قال كاجيتا: «في مختبر لوس ألاموس بمنهاتن يا حمار.»
    عاد الصمت مرة أخرى، ولقد قال ناكامورا في نفسه: يبدو أن كاجيتا قد ذهب عقله.
    أما كاجيتا فأراد أن يبث فيهم روح الوطنية والشغف بالعلم، لذلك قال: «هيا إلى المصادم، لنجري الارتطام على المصادم لنستحضر روحي هذين الملعونين.»
    جن جنونهم، بل أغشي على أحدهم.
    في هذه اللحظة فاجأه ناكامورا بما لا يخطر على بال أحد، حتى كاجيتا نفسه، حيث قال: «ما رأيك سيدي كاجيتا أن نجري الارتطام ونتمكن من فتح الثقب الأسود المجهري بطريقة ما ثم نعبر جسر أينشتاين، وتلتقي هناك بأجدادك الذين راحوا ضحية قنبلتي هيروشيما وناجازاكي؟»
    فور أن انتهى ناكامورا من كلامه حتى خر على الكرسي صعقا، وظل صامتا لحظات يفكر فيها في كلام ناكامورا، بعدها بدأت الدموع تفر من محجري عينيه وتخضل صدره، وقال: «مستحيل يا ناكامورا أن نراهم أحياء في بعد آخر بعبور ثقب أسود مجهري، لكن ما يبرأ سقمي ويشفي غليلي أني سأنتقم منهم وأقتّل أولئك الملاعين شر قتلة (يقصد أمريكا).»
    ***
    نهض كاجيتا وتماسك، ثم قال مستاء: «للأسف سأضطر لأن أجري تجربة قائمة على معادلة آينشتاين التي تحدّد العلاقة بين الكتلة والطاقة وسرعة الضوء.»
    قال ناكامورا: «المعادلة هي: الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء، لكن المعادلة يراد بها تحويل الكتلة إلى طاقة كالقنبلة الذرية، فهل من الممكن تحويل الطاقة إلى كتلة؟»
    أجاب كاجيتا: «الجرافيتونات عديمة الكتلة لكنّها تحمل طاقة، فلو استطعنا تحويل الطاقة إلى كتلة فقد أنجزنا عملا عجز عنه الفيزيائيّون على مرّ عقود طِوال، الفيزيائيّون استطاعوا منذ سنين تحويل فوتونات الضوء التي تحمل طاقة إلى مادة، فعندما حدث تصادم بين الفوتونات عن طريق الليزر تمّ إنتاج أزواج من الإلكترونات والبوزيترونات وهم عبارة عن مادة، أمّا مسألة تحويل الجرافيتونات التي تحمل طاقة إلى مادة فهذا هو التحدّي الأكبر لنا وعلينا بعمل التجارب لإتمام المهمة.»
    قال ناكامورا همسا: والآن سيجري كاجيتا تصادما بين الجرافيتونات العالقة بالمغانط الأحادية، يا له من عبقري!
    سلط كاجيتا بالفعل الليزر الخارق على الجرافيتونات العالقة في مجال المغناطيس الأحادي القطب، فلم تنفصل عن المغانط.
    انتفض جسد كاجيتا، وكاد لا يتمالك نفسه من الهلع. أعاد تسليط الليزر وجسده يرتجف ويده اليسرى يمسك به قلبه بعدما أصابه ألم فيه، فلم تنفصل أيضا الجرافيتونات العالقة.
    أعاد وكرر، وزاد جسده ارتجافا.
    قال كاجيتا صارخا: «لازم تنفصل، لازم، أيتها المغانط الملعونة أتركي لي أصدقائي.»
    وظل يهذي ويتمتم حتى خر على الكرسي منهدا.
    نظر بعضهم إلى بعض وكاد الألم يعتصر قلوبهم. أما ناكامورا فهب منتفضا وهرول إلى الليزر وكرر ما فعله كاجيتا. لكن للأسف ما زالت
    الجرافيتونات عالقة.
    قال ناكامورا: «إن لم تنفصل الجرافيتونات فلن نتمكن من صناعة قنابل الثقوب السوداء.»
    مرت لحظات، بعدها تصارعت دقات قلب كاجيتا، ثم أمسك بقلبه وصرخ ألما، ثم ما لبث أن أغشي عليه، دنوا منه وحملوه في أحد مصاعد المختبر قاصدين أحد أطباء المصادم القاطن في أحد المباني الكائنة فوق المصادم.
    ***
    وصل جاك أخيرا، على مدار الرحلة وهو يفكر في أمرين اثنين لا ثالث لهما، الأول هو رجاؤه بالشفاء العاجل لفهمان، أما الآخر فإدراك كاجيتا قبل أن يتمكن من صنع قنابل الثقوب السوداء فيركع العالم كله تحت أقدام اليابان، وتطرق بفكره بعيدا حيث قال: وما المانع أن ينتقم كاجيتا من دولتي لو امتلك هذه القنابل؟ ما المانع أن يُعاد التاريخ القديم كله عندما يحدث تغيير في موازين القوى العالمية؟
    وقال مستدركا: فالدولة عندما تضعف وتزول حضارتها تظهر جميع مثالبها التاريخية وتطفو على السطح بعد أن كانت غريقة في بحر لجي، بل وتهبط محاسنها إلى القاع وبذلك يظهر فيها كل سوء، ويحدث العكس مع الدولة التي تزدهر حضارتها بعد تخلفها.
    صادف لحظة دخوله نفس اللحظة التي كان فريق كاجيتا يحملونه إلى الطبيب.
    فسأل ناكامورا: «ماذا حدث لعالمنا الجليل يا ناكامورا؟»
    أجابه بوجه أصفر وبأنفس متلاحقة: «لقد كاد الثقب الأسود أن يلتهمه لولا أن أمسكنا بيده وجذبناه حتى تلاشى الثقب.»
    وكذب عليه ناكامورا، فهو يعلم أن جاك لو علم بنجاحهم في القبض على الجرافيتونات ربما حدث ما لا يحمد عقباه لهم.
    ظل ينظر جاك إلى كاجيتا المحمول على الأكتاف بعد أن اجتازوه وولوا. قال: أنت تكذب يا ناكامورا، ولقد أصيب أستاذكم الملعون لأنه أخفق في شيء كبير وهو يمارس التجارب على المصادم، على كل حال أحمد الرب أنه لم ينجح في صناعة القنابل.
    انتبه جاك لنفسه، وقال: فهمان، فهمان.
    وهرول مسرعا نحو غرفة العناية المركزة بمباني المصادم. فلما وصل سأل في الاستقبال عن فهمان فقيل له أنه في غيبوبة منذ ثلاثة أيام.
    انتظر ودمعه لا ينقطع من الانهمار. وقع نظره على صحيفة بيد الممرضة التي بالخارج، فخطفها منها في غرابة شديدة، لأنه لمح خبرا عن فهمان.
    الخبر: جاك الولايات المتحدة الأمريكية بمصر.
    أسفل الخبر يتساءل المحرر: هل يا ترى زيارة لصديقه أم أنه اتخذ زيارة صديقه حجة لكي يجري تجارب على مصادم الوادي الجديد فيحصل لدولته على سلاح يقضي به على أسطورتي القنابل النووية والهيدروجينية؟
    امتعض جاك وقال غاضبا بصوت مسموع: السلام هو مرادي أيها السفلة.
    قلب الصحيفة فقرأ خبرا آخر: هل تزول الحضارة المصرية بموت الفتى فهمان المصري؟
    انهمرت دموعه ثانية على إثر هذا الخبر بعدما قاومها غضبه منذ لحظات. قرأ من ضمن تفاصيل الخبر: الفتى في العناية المركزة منذ ثلاثة أيام، فهل مات والإدارة المصرية لا تريد إعلان خبر وفاته؟
    حق لمصر أن تصدم وألا تمتلك الشجاعة لإعلان خبر وفاته، حق لمصر أن تحزن وتقيم حدادا أبديا إذا مات هذا الفتى.
    وفجأة وهو يقرأ إذ خرج أحد الأطباء مسرعا وهو يطلب أكسجين. فأسرع إليه جاك وهو متفجع.
    قال جاك: «طمأني يا دكتور على فهمان.»
    قال الطبيب: «أخشى أن يموت، حالة صديقك هذه عجيبة، توقف القلب منا بضع مرات ثم يعود وينبض من جديد.»
    قالها الطبيب وأخذ الأكسجين ودخل سريعا. انتفض جسد جاك وفي لحظة انهار فيها تمام الانهيار وهو يقول: أنا الوحيد الذي أعرف سبب هذه المعجزة، تموت وتحيى تموت وتحيى، رباه كيف له أن يمتلك كل هذه العزيمة في حب البقاء؟ أرغبتك في إنقاذ العالم من الشياطين استطاعت أن تحييك بعد موتك؟ أيها الرب ألطف به.
    ***
    وفي حجرة أخرى (الأولى لفهمان) يرقد كاجيتا طريحا على سرير العناية المركزة -فور أن وصل به فريقه- بعد أن صُدم في عدم قدرة الليزر في تحرير الجرفيتونات العالقة من أجل تحويلها فيما بعد إلى مادة من أجل صناعة قنابل الثقوب السوداء.
    ينتظره بالخارج ناكامورا يتلو صلواته ويدعو لشفائه. وقال في نفسه: أرجو أن تحيى يا كاجيتا كي أحقق هدفي، فهدفي هو السيطرة على العالم ولا يكون لهذا الكون ربا سواي.
    وآخر يعض في أظافره بأسنانه، ويده لا تكاد تثبت على حال بسبب رعشة كاملة تكهرب كل جسده وقال: يا ليتني أرى تلك المعجزة الكونية على يديك يا معلمي يا أغلى الناس، يا سيدي كاجيتا. قالها وانفجر في البكاء.
    نظر إليه ناكامورا وقال في نفسه سخرية منه وغضبا: تراك تريد أن تسيطر على العالم مثلي يا عاضّ الأظافر.
    أما كاجيتا فطريح على طاولة غرفة العناية المركزة، يفحصون قلبه، قال أحد الأطباء: «إنه مصاب بذبحة صدرية باغتته فجأة، فشراينه سليمة وقد ضاقت فجأة.»
    قال طبيب آخر: «تقصد أنها ذبحة صدرية نجمت عن تأثير معنوي خارجي؟»
    أجابه بنعم.
    ***
    أما كاجيتا فله شأن آخر؛ فعقله الباطن في اللاوعي تمكن من التواصل مع كون الآلات، ذاك الكون الموجود في كوكب خلف ثقب سحابة أورط مباشرة.
    سأله الآلي باستياء في اقتضاب: «أين إيريكا 300 أيها الأرضي؟»
    أجابه كاجيتا: «لم تعلن ناسا للعالم بعد عن رحلة جاك حتى يأتيهم الدعم وينتهوا من إعدادات الرحلة، فالعالم قد ينقلب رأسا على عقب بسبب قنابل الثقوب السوداء.»
    - «ما شأني أنا بقنابل الثقوب السوداء يا أحمق؟ اعمل على إعداد الرحلة حتى تأتينا إيريكا 300 وتكون دليلنا إليكم، فمنذ الأزل ونحن نحاول أن نأتيكم فلم نستطع، وبالتحديد يوم أن قتل قابيل أخاه هابيل.»
    - «لك كل الشأن، فقدرتكم تفوق قدرة السلاح النووي ولكنها لن تستطيع أن تصمد أمام قنابل الثقوب السوداء، يجب علي أن أحوزها كي أمهد لكم الطريق لتعودوا بإيريكا لحكم الأرض.»
    - «وما يمنعك أيها الأحمق؟»
    قال له وهو يشعر بالعجز والشلل التامين: «الجرفيتونات عالقة بالمغانط ولا تنفك عنه، وبدونها يستحيل أن أتحصل على قنابل الثقوب السوداء.(لقد لاحظ أحد الأطباء في هذه اللحظة أن كاجيتا يهمس بشفتيه والدموع تنفجر من كلتا عينيه).»
    - «استمع لعالمنا الفيزيائي يا كاجيتا.»
    تقدم من الكون الآخر العالم الفيزيائي الكبير وكلمه بشأن الجرفيتونات. فقص عليه كاجيتا كل ملابسات التجارب.
    قال له العالم الفيزيائي الآلي: «عليك بأسطوانة أحادية بشرط أن تكون مصنوعة من الياقوت المطعم بالنيوديميوم.»
    وانتهى الحلم والتواصل اللاإرادي في البعد الكوني، ذاك التواصل الذي تغذية رغبة جامحة من لدن كاجيتا.

    ***
    وأفاق كاجيتا، وأدار عينيه على الملتفون حوله من الأطباء يلتفون حوله.
    نهض كأنّ ما به شيء، وانطلق مستندا على الجدار.
    أمسكه الأطباء فنهرهم، وظل يصرخ على ناكامورا.
    سمعه ناكامورا من الخارج، فظن أنه يستغيث، فضرب الباب ودخل عنوة.
    وجد كاجيتا بجانب الجدار والأطباء يحاولون استعادته على الطاولة بيد أنه رفض.
    نهرهم ناكامورا بقوله: «دعوه أيها الحمقى، إنه بصحة جيدة.»
    قال كاجيتا: «خذني من هنا يا ناكامورا.»
    فكر ناكامورا قليلا حيث قال في نفسه: يبدو أنك حصلت على طريقة تحرر بها الجرفيتونات العالقة. لا بأس لا يعنيني صحتك أيها الأحمق المهم أن تبتكر قنابل الثقوب السوداء ثم تودع الحياة لأنك إن لم تودعها فسأجبرك على توديعها بيدي.
    سحبه ناكامورا من يده بعدما نهرهم جميعا.
    قالوا له: «حالته خطيرة وقد يموت، أنت المسئول عما قد يحدث له.»
    قال كاجيتا: «أنا المسئول عن نفسي، فدعوني.»
    وأخذه ناكامورا، حتى إذا عبر الباب حملوه على الأكتاف.
    قال كاجيتا: «امضوا بي إلى المختبر.»
    نظر إلى عاضّ أظافره الذي كاد ينزعها كلها غيظا وحسرة على معلمه. ودعاه للاقتراب وهمس في أذنه بأن يحضر له أسطوانة مصنوعة من الياقوت المطعم بالنيوديميوم، وبيّن له كاجيتا أبعادها ومواصفاتها بالتحديد.

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    أتابع بكل الاهتمام وأدعو لفهمان أن ينتصر على مرضه ويقوم
    لينقذ العالم من تجارب كاجيتا ومحاولاته لصنع قنابل الثقوب السوداء
    خاصة بعد أن دله العالم الفيزيائي الآلي من الكون الآخر على الطريقة التي
    يستطيع أن يفك بها الجرافيتونات العالقة بالمغانط.
    ولك تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Feb 2023
    المشاركات : 49
    المواضيع : 22
    الردود : 49
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي

    أتابع بكل الاهتمام وأدعو لفهمان أن ينتصر على مرضه ويقوم
    لينقذ العالم من تجارب كاجيتا ومحاولاته لصنع قنابل الثقوب السوداء
    خاصة بعد أن دله العالم الفيزيائي الآلي من الكون الآخر على الطريقة التي
    يستطيع أن يفك بها الجرافيتونات العالقة بالمغانط.
    ولك تحياتي وتقديري.

    لن أقصر إن شاء الله