الشاعرة الهام أحمد سعد
قادمة من رحم الشعر
الشاعرة الهام أحمد سعد شاعرة شابة ما زالت تتحسس طريقها ، لديها القدرة على البوح والرغبة فى التواصل الإبداعى ، وتمتلك الكثير من أدواتها .. ولأنها كذلك أردت أن أقدم هذه الرؤية حول مجموعة قصائد لها نستطيع أن نقف على طبيعة تطورها وطبيعة أغراضها الشعرية .. فهى كغيرها من الشباب تتوزع بين مشاكلها التى تتعلق بالمرحلة السنية ـ مرحلة الشباب وبين الرغبة فى تجاوز تلك المرحلة لتعبر عن وطن أكبر . . تبدو رومانسية غنائية أكثر من كونها تصرخ هنا أو هناك تستنهض العرب لأنها ليست أو مازالت تجربتها فى هذا المنحى لم تنضج بعد فتكون نصوصها أكثر مباشرة .. من تلك النصوص التى تنبع من تجربتها كشابة تنتمى إلى مرحلة الشباب .. وسوف أتناول مجموعة من قصائدها تشجيعا ودفعا لها حتى تستطيع أن ترى ما لم تراه من قبل
يا عرب الحقونا
فى هذه القصيدة صرخة مباشرة من الشاعرة تنتظم فيها موسيقى النص الشعرى ، وتأخذها النداءات لجسد ميت اسمه العرب ، وعلاقة العرب بالأمريكان والإسرئيليين ، على اعتبار أنهما العدوان اللدودان اللذين يحيكان المصائب للإسلام وللعروبة على حد سواء ، وتكرر النداء كثيرا وتكررت المعانى ويمكن بقليل من الجهد تكثيف النص وتقديمه بصورة أكثر تكثيفا وتأدية للغرض دون المساس بالغرض منهاولنقرأ معا ما تستنهض الشاعرة به العرب ، من قرتهم على سلاح المقاطعة فقط لا غير ، وهذا دليل ضعف أيضا .. إذ كيف لأمة لا تملك غير سلاح واحد فقط ..لكن هذه هى الحقيقة العارية التى لا تقبل شك.
فين عروبتكم ودينكم
وانتصاراتكوا القويِّة؟!
قاطعوا طيب منتجاتهم
انصروا القدس الأبيِّه
ثوروا حتى في الشوارع
قولوا لأ للصهيونية
يا عرب ما تأخذونيش
اليهود استعبطوكوا
غموا عينكوا بالمصالح
عن حقايق توّهوكوا
اشتروا بفلوس ضميركوا
وبالمصايب .... غرَّقوكوا
يا عرب دي هيبيتكوا ضاعت
لما وطيتوا الجبين
جم ساعتها لطشولكوا
م الشمال و م اليمين
وفى نص ( مفيش ... كشكول ) نجد نصا مباشرا للغاية يعبر عن الشباب الجامعى ومرحلة البحث عن شريك
تصطدم بالواقع ... النص يحتاج لضبط إيقاع ... كما يحتاج لرؤية أكبر
فى قصيدة أنا حرة بيك ، هى غنائية رومانسية نلمح فيها صورا جميلة ، مثل (ولو حبي ليك / هيبقالي سجن / يا محلى السجون ) رغم قسوة الصورة إلا انها تنم عن عاطفة كبيرة تستطيع من خلالها أن تسعد بهذا الحب أيضا ،وهنا نعود أيضا إلى مشكلة المشاكل عند الشعراء الذين يتحسسون الدرب .. تضطرب موسيقى القصيدة فى اكثر من مكان .. وما دام الشاعر يستطيع البوح شعرا صورا وأخيلة ومجازا فإنه يستطيع التغلب على مشكلة الوزن بالقراءة وسماع الشعر وتمرين الأذن على الاستماع الجيد تنغيم القصيدة الشعرية
قصيدة بين ( آه .. ولأ..) جميلة أكثر نضوجا من القصيدة السابقة ، لكن الشاعرة ترتكز فيها على مترادفات كثيرة يمكن الاستغناء عنها ، وما زالت الحالة الشعورية والفكرية للشاعرة وكأن هناك خيط سري بين القصيدة الأولى والثانية على مستوى الفكر.. فكر التوتر والقلق.. والمعايشة للكلمات على إطلاقها دون تحديد ماهية ومغزى الكلمات
أماقصيدة ( مطمّنى ) قصيدة جميلة جدا للشاعرة استطاعت أن تتغلب على كل الأخطاء السابقة فى قصائدها لتعبر بخط فكرى منساب ، وأصبحت القصيدة لديها كوحدة متماسكة ، عبرت عنها برومانسية متدفقة ، وجعلت الحوار ممكنا بينها وبين المحبوب ، واستطاعت أن تعزف على لغة العيون التى طالما عزف عليها الشعراء ، هى أيضا عزفت لحنا جميلا .. أسعدنى هذا النص للشاعرة إلهام أحمد سعد لما وجدته من نقلة نوعية بالنسبة لها ..
منا انت مفيش بينى وما بينك فرق
طمّنى
وايه هيكون مصير القلب ف بعادك؟!
هتجى ف يوم وهتجينى ؟!
على بعدك تصبرنى؟!
وبالفرحة تلاقينى؟!
انا اصلا مليش غبرك
انا بحلم اكون انت
مااكون غيرك
وهاقطف ورده من قلبى
وهاعزف لحن واسمعنى
ولحنّى وغنينى
بلاش تبعد عشان الوردة ما تدبل
عشان العمر يتبدل
هموت كام سنه فاتم
بدون قلبك ما يعشقنى
هعيش كل اللى جاى م العمر بهواهم
عيونك اللى بتشوفنى
كلامى لسه مش عارف
يعبر ع اللى جوايه
على شوقى على حبى
لا كلمة حب هتكفى
ولا شعرى
مفيش غير انى راح اسكت
لان سكوتى بيساوى
كلام الكون
كفاية عيونا تتكلم
ويانا من كلاك العين
وجو عنيك بلاقى كلام
حنان وغرام
وفاهمة عنيك
اكيد عينك هتفهمنى
فى هذه القصيدة تنجح الشاعرة إلهام أحمد سعد فى عقد المقارنة بين حب الطبيعة ( القمر ـ النجوم ) وبين حب الإنسان الرجل والمرأة ، وهى تعقد هذه المقارنة تطفو على السطح مجموعة من الصور الجميلة الموحية النابعة من طبيعة شاعرة .. طب يا ترى قمرى أنا
مين نجمته؟!
مين شمسه ....اللّى بتمسح دمعته / وهنا يعود اضطرابا طفيفا فى الموسيقى
عارفه الجواب انه أنا
لكنّى برده
أتمنى إنى اسمعها منه
أتمنى انى اكون لقلبه
زى نجمه للقمر
بتمنى يسهر باللّيالى
بتمنى يشغل عقله بيّه
وأكون معاه
واكون ف باله وف خياله
وف هواه
قصيدة طيبة قدمتها الشاعرة بروح الرومانسيين
قلبنا محتاج لنورك قصيدة رائعة للشاعرة الهام أحمد سعد ، استطاعت الشاعرة أن تتغلب على مشكلاتها العروضية والفكرية باعتبار وحدة النص وقدرتها على التكثيف دون اللف والدوران والوصول للهدف من أقرب طريق فتقول :
الفرح بينه وبين قلوبنا العاشقه خط / وأنا قلبى شاله الهم شيله وحطه حط / كان من زمان ف الحزن عايش / ماشى ف السكة الطويلة / سكة القلب اللى خايف / مل ونده ع الصبح قاله / يا صبح فين نورك يشقشق ع القلوب الطيبة / قصر لنا السكة الطويلة / واختصر كل الكلام / وانسى كل الخوف بقـه / وابتدى بحرفين كلامك / حرف حـ وحرف بـ / تبقى كلمة حب حلوة / تلمس القلب الحزين / يا قمرنا قلنا طب نعمل ايه؟!
وهنا نسنتطيع القول أن الشاعرة الهام وضعت قدميها على الطريق الصحيح ، فهى موهبة حقيقية لديها الرغبة فى التواصل مع الإبداع ولديها أيضا القدرة على ذلك .. أمنياتى لها بالتوفيق ودوام الإبداع المتميز الراقى