أحدث المشاركات

برق الخاطر ... قسم جديد لأعضاء واحة الخير» بقلم د. سمير العمري » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الثعبان الأقرع يداهمني في المنام بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» بعض الحزن موت وبعضه ميلاد.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الغاية لا تبرر الوسيلة» بقلم جلال دشيشة » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» أمات العربُ؟» بقلم غلام الله بن صالح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» غار النصر في غزة» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رواية قنابل الثقوب السوداء .. مسلسلة. التالي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الموشحات الكشكية 1'2'3» بقلم محمد محمد أبو كشك » آخر مشاركة: محمد محمد أبو كشك »»»»» في شارع واحد» بقلم عبدالحليم الطيطي » آخر مشاركة: عبدالحليم الطيطي »»»»» يغمس خبزة بالماء» بقلم عبدالحليم الطيطي » آخر مشاركة: عبدالحليم الطيطي »»»»»

النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: قراءة تحليلية في قصيدة ( نهر الجفاف ) للشاعر ماجد الغامدي

  1. #1
    الصورة الرمزية عطاف سالم شاعرة
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    الدولة : في قلب النور
    المشاركات : 1,795
    المواضيع : 112
    الردود : 1795
    المعدل اليومي : 0.29

    Lightbulb قراءة تحليلية في قصيدة ( نهر الجفاف ) للشاعر ماجد الغامدي


    قصيدة نهر الجفاف

    https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=23283


    الجو العام للنص :


    نزاع نفسي يعيشه الشاعر بين هواه و الأماني من جهة .. وبين معاناة الهوى واستحالة الأماني من جهة أخرى في محيط موبوء بالوجع والشجن ومثقلات الحياة ....
    وقد فر الشاعر فرار المحموم من نزاعه النفسي ذاك إلى منتداه وواحته الغناء وربيعه وهواه ومطره ومخفف لوعاته ومأساته إلى الشعر حيث الارتواء برغم الظمأ وحيث الإزهار برغم الجدب وحيث التحليق والانطلاق برغم القيد وقسوة الحياة والظروف ..
    فقال :


    وتُورقُ فـي محبّتـكِ القوافـي=بشوقٍ طاهرِ الآمـالِ صافـي
    تدفّقَ من فمـي عذبـاً فراتـاً=تعطّرَ من شذى روحِ العفـافِ


    وتورق.......هكذا كانت البداية معبرا بها عن حاجته إلى الطمأنينة في فيافي الشعر وظلاله وحدائقه الغناء .. وهذا ماكان خافيا ومنطويا ..
    إنما الذي يبدو أن الشاعر يشعر بعذوبة الحب في نفسه المجهدة ويشعر أن القوافي تورق حقا إبداعا وإلماعا ومزية وعذوبة وسحرا – هكذا دون أي فعل من أفعال المقاربة ككاد أو أوشك مثلا – ولم يكن المورق لها سوى ذلك الحب الذي يعيشه وينشده ولم يكن الإيراق سوى أشواق ندية مشوبة بآماله ومآربه العذرية الصافية الطاهرة ...
    وكم كانت تلك الأشواق تتدفق كالنهر الفرات عذبا ... وليس هذا فقط إنما نهرا معطرا بعطر العفاف.......... وياله من شذى زكي !!
    وكأننا نرى رأي العين تلك القوافي مجسمة مزهرة مخضرة حبا وشوقا تتدلى في انتشاء وتفوح في ارتواء شذي من روح العفاف !
    ثم يبوح في صفاء شفيف بعد لأي من الشوق عارم وعفيف مستمسكا بغصن من الشعر يستظل به وله حفيف فيقول :


    تفرّدَ حُبـها بسماءِ قـلبي= وأدنـاها إلى فَـلكي اختـلافي
    تمازجَ إذ همى طهـراً بفيـضٍ=تدفّقَ من محبتِـكِ السـلافِ
    تهادى في دمي يختـالُ عشقـاً=ويثلجُ فـي وداعتِـهِ الخوافـي


    فهاهو ذا ينتشي بحبه وبحبها له , فكلاهما كان متفرد في سماء القلب لأن كلاهما كان له فلك مختلف عن بقية الأفلاك..
    وما أن همت طهرا بحبه تمازج حبها بفيض من حب مختبئ منذ زمن راح يتدفق تباعا وطوعا وكأن هواه كان على مقربة ومتكئ منها .. بل كأن هواه كان ينبوعا متحفزا متهيئ للانصباب والتدفق .. وماكان إلا بوح طاهر- عن حياء وإيماء- من حبها السلاف حتى تدفق..وانهمر..
    ثم ارتوت به أرض الشاعر.. ولما ارتوت بدأ ذلك الحب يتهادى رويدا رويدا هناك حيث الامتزاج بالدم وحيث ابتلال العروق والأوردة به عشقا وتيها في خيلاء وانتشاء عنيف ماكان للشاعر أن يتحمله.......ولكنه قد أثلج منه خوافيه وأشجانه المؤرقة له والتي كانت تحرقه وهو بعيد عنها وبغير إرادته !
    ويستمر بالشاعر الانتشاء والإحساس بمافعله فيه ذلك البوح الطاهرالحيي منها فيشعر أن الدنيا حوله قد أينعت وأزهرت وأورقت.. وأشرقت فيقول :



    ويُشرقُ في عيونِ الوصلِ حلْماً=ويزهرُ إذ تغلغـلَ بالشغـافِ
    تسجّر وارفـاً بحـرَ إشتيـاقٍ=يُؤججُ مَـدُّهُ جـدبَ المرافـي


    ويمتد الوصل الطاهر الحيي من الحبيبة فيشرق به أمل الشاعر..
    لا.. بل يبدو أنه سيزهر كلما تغلغل ذلك الوصل إلى شغافه فارتوى به واثمل ..
    وللشاعر بحور كبرى من الأشواق تكاد أن تغرقه .. لا بل تحرقه وتظلله في نفس الوقت كلما امتد حبل الوصل أو كلما اتصل حبل الود ......... ولكن في غمرة نشوى الشاعر يطل برأسه الجدب والبعد والاغتراب عن الحبيبة فيتأجج شوقا.. لا بل كل بحور الشوق تلك .
    وينطفئ الإحساس بالدفء بجوار ذلك الحب برغم روعته وحلاوته ويشتعل الشاعر أسى وحزنا من جديد ويغص بضياع أمانيه في لهيب الحياة القاسية وهاهو مرة أخرى يستنجد بالشعر ظلا وارفا يقيه من لوعة مشاعره المهلكة المحرقة تلك ويقول :


    ضرامُ جوانحي بيـداءُ بؤسـي=وطولُ البعـدِ ثالثـةُ الأثافـي
    "على قلقٍ كأنَّ الريحَ تحتي"=ومن شَكّي وفي وَجَلِ اعترافي
    وأبني الأمنياتِ على ركامي= وقد قُطعتُ وجداً من خِلافِ


    جوانح تضطرم وبيداء من البؤس كان كافيا لئن يتألم فيأتي البعد ثالثها فيحيله إلى رماد ... فمن أين يهرب والأسى واللوعة والحرمان يضربون أوتادا حوله وأطواقا ؟؟
    ويبدو أن الشاعر قلق على حياته من هذا الحب خاصة بعد تغلغله فيه من بعد اعترافه واغترافه طهرا منها ..
    أترى هل يبني أمنياته المستحيلة على ركام لايستقيم البناء عليه ؟؟؟
    لكن كيف لايبنيها وقد قطعت أوصاله وجدا من خلاف !!
    صراع الحيرة يتجاذبان الشاعر يمنة ويسرة بين اندياح في نبع هذا الحب والتذاذ وغرق وبين خوف الإغراق فضلا عن البلل ..
    ويبدو أن الشاعر لم يملك وهو يحدث نفسه بهذه الخواطر ويجول متحيرا في صراعاته النفسية إلا أن يبوح للشعر مستظلا به من جديد من فيح تردده وصراعة وفيح لوعته وفيح بعده وفراقه فيقول :


    أفرُّ وتثقـلُ الأيـامُ خطـوي=وأهربُ من أسى قيدِ العجافِ
    تثبّطُ لهـفتـَي أغلالُ قيدي=ويُفصحُ عن لظى شَغفي ارتجافي


    ويبدو أنه قد توصل إلى حل يشعر معه بالأمان والحب ولو كانت نهايته الفراق الأبدي والغرق المأساوي ..
    فقرر أن يفر إليها..
    يفر إلى حبها ..
    لقد رأى في حبها ما يخفف عنه ثقل الأيام وقسوتها ..
    ورأى فيه مهربا منجيا له وخلاصا من قيد تلك الأيام العجاف في حياته الممتلئة بها .. ربما كما يبدو هذا من ظلال النص ..
    ولكن دائما مايشعر الشاعر بشيء ما ينغص عليه هداءة حبه وهناءته فما أن يفر إليها شوقا ولهفة يبوح لها بمشاعره الحرى.. وتبوح له نجده سرعان مايشعر بالإحباط والانطفاء والاعتلال وشيء من الوجع في صدره لأن هناك مايقيده عن وصلها وقربها والاستمتاع بها .. فلايملك شيئا إزاء ذلك الشعور المثبط للهفته سوى الإفصاح عن بعض أمانيه في الوصل وهو أعلاها – دل على ذلك بقوله ( عن لظى شغفي ) وهو إفصاح لايمكن التعبير عنه سوى بالارتجاف عشقا وحرمانا في نفس الوقت ...
    وقد يظن القارئ أن الشاعر في معاناة موجعة مع هذا الحب وفي صراع مرير متململ معه - كما مر بنا - لكن يبدو أن الشاعر متعلق بهذا الحب ومستعذب لمرارته ولوعاته وصراعاته ومعاناته بل متعلق بكل ذلك...... اسمعه يقول :


    وكم أستعـذبُ الآلامَ قسـراً=وكم أهوى بمجـراكِ انجرافـي
    وأين المستقـرُّ سـواكِ أمنـاً=وقد ضاقت بمُضنـاكِ المنافـي


    لقد استعذب الشاعر مامر به وماتذوقه قسرا – وليس هناك من شيء في حالته تلك أشد قسرا من الحب والهوى الذي جرى في دمائه متلبسا بعروقه وأوردته مختلطا بروحه وأنفاسه – وليس أدل على ذلك سوى قوله : وكم أهوى بمجراكِ انجرافي ..
    والشاعر قسرا بفعل هواه يسلم نفسه لويلاته .. بل وأين يهرب منها إلا إليها فهي الوطن والمستقر الأخير.. ويبقى الوطن الملاذ الأخير وإن كان جائرا أو ظالما .. وليس من منفى أحب إليه منها ..يفر إليه من حرالابتعاد ولوعته ومن هجير الأسى والضنى وحرقته ورمضاء الظروف القاسرة والحرمان ولذعته ..
    لكن يأتيها لاهثا مرهقا قد دب فيه الوهن حبا ممزوجا بحرمان فيقول :


    أتيتُكِ تسبـقُ الآمـالُ قلبـي=وينضحُ في دمي نهرُ الجفـافِ
    ومالت في هواكِ غصونُ وجدي=تتوقُ وتشتهي حنوَ القِطـافِ


    أتى إليها مدفوعا بآماله - آمال قلبه الصب - وفي دمه نهرمن الجفاف يشبه البحر حقا في عمقه وعظمتة وسعتة وإغراقه.. بل ويزداد نضحا !
    أتى وكأن لوجده غصونا تميل به في هواها بفعل هواها توقا واشتهاء للقطف الحني منها .. بل ومنه – قطفا متبادل - فيثمر حينئذ هذا الاحتواء شجرة من الحب عظيمة !
    وكم يحن الشاعر إلى هذا القطف حنينا أثرعليه في غمرة حرمانه وأساه فهاهو يعبر عن ذلك بقوله :


    وكم ذابَ الفؤادُ رجاءَ وصلٍ=وكم أودقتُ من خوفِ التجافي
    وقد طالَ الطريقُ فهدَّ عزمـي=وأدمى مقلتي لفحُ السوافـي


    وكأن فؤاده تحول إلى قطعة شمع تذوب حنينا محرقا إلى وصلها الدائم .. بل كم أودق بكاءً حارا – لاحيلة معه – خوفا من فراقها أو حتى تجافيها .. وقد طال به الطريق إليها وشق عليه وهـدَّ حيلته وعزمه ..... وبدت سوافي الدرب من طول سيره ومعاناته وتجرع وعثائه تلفحه بلفحها فتدمي مقلتيه ..
    ثم بدأ له وكأنه يستعطفها استعطافا غير ظاهر إلا له – فكبرياؤه برغم غرامه يمنعانه من هذا – ولكن بدأ وكأنه يجوب في خيالات من الوصل في واد ملئ بكل مشاعر الحب وصنوفه وضروبه بوحا وتآلفا وامتزاجا فقال في شوق شديد إلى هذا :


    تعالي لامسي نزفَ اضطرابـي=وأروي بالرضابِ لظى ارتشافي
    تعالي نُسبـلُ الأحـلامَ حُبّـاً=بثوبٍ من وصالِ الروحِ ضافِي


    مناداة رقيقة من قلب محب رقيق تتلوه كلمة الملامسة الرقيقة وهو مايتمناه الشاعر من حبيبته أن تشعر بنزفه حبا وولها وشوقا لها .. وكم يتمنى أن يرتوي من رضابها فلقد تحول ارتشافه لهذا الرضاب لظى يحترق به حنينا واشتياقا لاطاقة له به ...
    ثم هاهو ينتهي به المقام وقد أنهك الحب وتبعاته قواه في ظل ظروفه ومعاناته وحرمانه وأساه فسال منه هذا الرمق الممزوج بالرجاء والتمني الأخير قائلا :


    تعالي قد يمـرُّ العمـرُ لَمحـاً=وليس عليكِ ما أُخفيهِ خافـي
    وآويني (فقد ضقـتُ اغترابـاً)=بركنٍ من قصيِّ القلبِ دافـي


    مناداة أخيرة ملؤها الرجاء الأخير تكتنفه كل صور التعلق والشغف العذري الطاهر العفيف في ظل عمر يجري .. ويلهث ثم لاسبيل إلى وصل ولا إلى التقاء .. وكأنه بهذا النداء يسلم الأمر كله للحبيبة بأن تحقق له كل أحلامه وأمنياته وتطلعاته فلم يعد بإمكانه فعل شيء .. خاصة وهي العالمة بأحواله وظروفه ومعاناته وكل ماهو خاف في نفسه من شؤون وشجون وسرائر
    مناداة مشوبة بالشكوى الرقيقة والتوجع الفاضح بين يدي الحبيبة لعلها تنصت لأوجاعه وتحتوي أضلاعه المحبة وتأوي قلبه وروحه التي تجرعت مرارات الاغتراب والابتعاد وفاض بها وضاق ..
    لم يعد يرجو سوى ذلك الركن القصي من قلبها حيث سويدائه ومهجته وأوسطه وعمقه......... هناك حيث الدفء الشهي والحنان الآمن والملجأ الأخير في ظل كل صنوف عذاباته التي مر بها أو يمر...................

    اللغة والتراكيب :

    بدت لغة الشاعر سهلة وبسيطة لكن لم يكن بمقدور أحد بسهولة أن يوظف هذه اللغة السهلة الميسرة ويخرجها في ثوب من الجزالة والفصاحة دون أي تكلف ولاأي تعقيد إلا من كان يملك أدوات الشاعر نفسها..
    واللافت في القصيدة أن يلمح القارئ كثرة استخدام الشاعر للأفعال الماضية المضعفة – والتضعيف فيه مزيد مبالغة - مثل :
    تدفـَّق , تفـرَّد , تعـطـَّر , تسجـَّر , تثبـَّط ثم يزاوج بين زمن هذا الفعل والفعل المضارع الذي يعكس التجديد والاستمرار والتواصل
    فتأمل هذا التزاوج في قوله :
    تهادى في دمي يختال عشقا
    وقوله :
    ويزهر إذ تغلغل بالشغاف
    وقوله :
    تسجر وارفا.........يؤجج مده
    وقوله :
    تثبط لهفتي ............ ويفصح
    وهذا كثير عنده وهو تمازج واختلاف بين زمنين يعكس التذبذب في نفس الشاعر مابين ثبات إحساسه ورجاء طوله وبقائه مستمتعا به وبين تذبذبه وتحركه وتجدده وتغيره من وقت لآخر تبعا لتطلعاته ومايستجد عليه من أحداث ..
    و يحرص الشاعر على انتقاء الألفاظ التي تليق بالمعاني التي ينشدها فيتخير منها ويفاضل بينها فها هو يعبر بهمى عن يفيض ويتهادى عن يسير ويتسجر عن اشتعل أوالتهب وبلظى عن نار وينضح عن يسيل أو يفيض وتتوق عن تحن........ وهكذا
    وألفاظه تتراوح بين العذوبة والجزالة والرقة والفخامة في ذلك .
    ويظهر تأثر الشاعر كثيرا بالقرآن الكريم في قوله ( تسجر ) من قوله تعالى ( وإذا البحار سجرت )
    ويظهر تأثره كذلك بطريق غير مباشر- ربما لم يقصده - في قوله ( تسجر وارفا بحرَ اشتياق ) بقوله تعالى ( مما خطيئتهم أغرقوا فادخلوا نارا )
    حيث اجتماع الغرق والنار في تركيب واحد .. وفي هذا معنى عميق وجدير بالوقوف عليه ولعل القارئ يطلع على ماقاله ابن رشيق في كتابه ( العمدة ) وماقاله الزمخشري في كتابه ( الكشاف ) حول هذه الآية الكريمة ليقف عند بلاغتها ودقة التعبير فيها ..
    ومن ثم يثق في قدرة ودقة الشاعر عندما تخير هذه الصورة التعبيرية .. ويدرك من بعد كم كان موفقا فيها .
    أما التراكيب لدى الشاعر فيظهر أنه يميل إلى الجدة والطرافة فضلا عن العذوبة والجمال فمن تلك الصور قوله :
    تورق القوافي , تعطر من شذى روح العفاف , يختال عشقا , ويثلج الخوافي , يؤجج مده جدب المرافي , وطول البعد ثالثة الأثافي , ضاقت بمضناك الفيافي , لامسي نزف , واروي بالرضاب لظى ارتشافي , ....................وغيرها


    الصور والأخيلة :

    لقد غص النص بالكثير من الصور والخيالات والاستعارات الجميلة واللطيفة حقا والتي تشيء بانفعال الشاعر وتفاعلاته مع حسه ومشاعره ومن ذلك قوله غير ما مر في التراكيب السابقة :
    بشوق طاهر الآمال , تدفق من فمي , سماء قلبي , ويشرق في عيون الوصل , ضرام جوانحي , بيداء بؤسي , وتسبق الآمال قلبي , وينضح في دمي نهر الجفاف , ومالت في هواك غصون وجدي ,......... وغيرها
    وهذا إن دل على شيء فهو يدل على خصوبة خيال الشاعر وقدرته على الأبحار في أساليب البيان في العربية وانتقاء مايتفق مع معانيه وألفاظه ..


    الإيقاع والموسيقى :

    يأتي الأيقاع والموسيقى في النص من صور البديع والترادف المعنوي والتوازن بين العبارات في الفة عجيبة وانسجام عجيب ..
    ومن ذلك قوله :
    عذبا فراتا , بمجراك انجرافي , أتيتك تسبق , ضاقت بمضناك , ماأخفيه خافي ...
    وتأتي الموسيقى أيضا من التكرار في مثل قوله : كم , تعالي
    ويتكيء الشاعر كثيرا على الجمل العاطفة مما يستدعي تكرر حرف عطف وحيد وهو ( الواو ) وهذا ملحوظ جدا .. وليس في هذا التكرار مايفسد أو يقلل من جمال القصيدة .


    أسلوب الشاعر :

    يبدو أن هذه القصيدة لم تتعب الشاعر كثيرا لأنها تبدو وكأنها أتت منسابة عفوية مغردة وطلقة تفيض ببوح شجي شفيف احتاج إليه الشاعر قسرا فانساق له القصيد دون شرط أو قيد - لكن هذا لايمنع أنه قد يعود إلى قصيدته وينقحها فيزيد فيها وينقص أو يضيف فيغير ويستبدل - لذا جاء الأسلوب سلسلا متحدرا لايتوقف القارىء عن قراءته حتى يتوقف عند نهايته ..
    واكب هذه السلاسة بساطة في العرض والآداء دون أي تكلف أسلوبا وألفاظا .


    عاطفته :

    عاطفة الشاعر حية متحركة تميل إلى الصدق الذي يلمح بين ثنايا الأبيات وهي ناتجة من مسوغات عدة لعل أبرزها حديثة الذاتي عن معاناة يعيشها من أوجه متفاوتة والذي يكشف هذا ذكاء الشاعر في إبراز هذه العاطفة بطرق شتى تعد من لوازم الشعر ونظمه .

    وقفة أخيرة :

    وقع الشاعر في تعقيدات اسلوبية يسيرة ومن ذلك :
    تمازجَ إذ همى طهـراً بفيـضٍ تدفّقَ من محبتِـكِ السـلافِ
    وقوله :
    ويثلجُ فـي وداعتِـهِ الخوافـي

    و إلا فإن القصيدة تفيض رقة وعذوبة وتغص بالصور الجمالية الرائعة .. وهو مادفعني حقيقة إلى قراءتها بهذه الصورة وتأملها والوقوف عندها كثيرا ..

    تحية تقدير لكل صاحب نص يشي بكل معاني الأصالة والشاعرية الصادقة الفذة .. إذ النص الناطق بحسنه يستحق الجلوس على مائدة العرض والنقد والتحليل ..

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

  2. #2
    الصورة الرمزية ماجد الغامدي شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2003
    الدولة : بين الصدر والعجز !
    العمر : 51
    المشاركات : 3,774
    المواضيع : 182
    الردود : 3774
    المعدل اليومي : 0.51

    افتراضي

    الأديبة الكبيرة الأستاذة الكريمة عِطاف السماوي

    لقد سطرتِ لوحةً من الجمال ونقشتِ تحفةً من الجوهر بقراءتك وحسِّك الأدبي

    فشكراً كثيراً وإن لن يوفيك

    سأعود للقراءة والمتعة

    بعد إذنك سأقوم بتنسيق الأبيات
    كلما أبصـرَ حُسنـاً ساكنـاً=هزَّهُ الوجدُ فألقى حَجَـرَه !

  3. #3
    الصورة الرمزية د. عمر جلال الدين هزاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2005
    الدولة : سوريا , دير الزور
    العمر : 50
    المشاركات : 5,078
    المواضيع : 326
    الردود : 5078
    المعدل اليومي : 0.75

    افتراضي

    قصيدة ماجد
    لوحة جميلة
    زاد منه جمالها جمال و ثقة حروفك النقدية المميزة
    لك التقدير
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    الصورة الرمزية محمد إبراهيم الحريري شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 6,296
    المواضيع : 181
    الردود : 6296
    المعدل اليومي : 0.95

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطاف السماوي مشاهدة المشاركة

    قصيدة نهر الجفاف

    https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=23283

    الجو العام للنص :

    نزاع نفسي يعيشه الشاعر بين هواه و الأماني من جهة .. وبين معاناة الهوى واستحالة الأماني من جهة أخرى في محيط موبوء بالوجع والشجن ومثقلات الحياة ....
    وقد فر الشاعر فرار المحموم من نزاعه النفسي ذاك إلى منتداه وواحته الغناء وربيعه وهواه ومطره ومخفف لوعاته ومأساته إلى الشعر حيث الارتواء برغم الظمأ وحيث الإزهار برغم الجدب وحيث التحليق والانطلاق برغم القيد وقسوة الحياة والظروف ..
    فقال :

    وتُورقُ فـي محبّتـكِ القوافـي=بشوقٍ طاهرِ الآمـالِ صافـي
    تدفّقَ من فمـي عذبـاً فراتـاً=تعطّرَ من شذى روحِ العفـافِ

    وتورق.......هكذا كانت البداية معبرا بها عن حاجته إلى الطمأنينة في فيافي الشعر وظلاله وحدائقه الغناء .. وهذا ماكان خافيا ومنطويا ..
    إنما الذي يبدو أن الشاعر يشعر بعذوبة الحب في نفسه المجهدة ويشعر أن القوافي تورق حقا إبداعا وإلماعا ومزية وعذوبة وسحرا – هكذا دون أي فعل من أفعال المقاربة ككاد أو أوشك مثلا – ولم يكن المورق لها سوى ذلك الحب الذي يعيشه وينشده ولم يكن الإيراق سوى أشواق ندية مشوبة بآماله ومآربه العذرية الصافية الطاهرة ...
    وكم كانت تلك الأشواق تتدفق كالنهر الفرات عذبا ... وليس هذا فقط إنما نهرا معطرا بعطر العفاف.......... وياله من شذى زكي !!
    وكأننا نرى رأي العين تلك القوافي مجسمة مزهرة مخضرة حبا وشوقا تتدلى في انتشاء وتفوح في ارتواء شذي من روح العفاف !
    ثم يبوح في صفاء شفيف بعد لأي من الشوق عارم وعفيف مستمسكا بغصن من الشعر يستظل به وله حفيف فيقول :

    تفرّدَ حُبـها بسماءِ قـلبي= وأدنـاها إلى فَـلكي اختـلافي
    تمازجَ إذ همى طهـراً بفيـضٍ=تدفّقَ من محبتِـكِ السـلافِ
    تهادى في دمي يختـالُ عشقـاً=ويثلجُ فـي وداعتِـهِ الخوافـي

    فهاهو ذا ينتشي بحبه وبحبها له , فكلاهما كان متفرد في سماء القلب لأن كلاهما كان له فلك مختلف عن بقية الأفلاك..
    وما أن همت طهرا بحبه تمازج حبها بفيض من حب مختبئ منذ زمن راح يتدفق تباعا وطوعا وكأن هواه كان على مقربة ومتكئ منها .. بل كأن هواه كان ينبوعا متحفزا متهيئ للانصباب والتدفق .. وماكان إلا بوح طاهر- عن حياء وإيماء- من حبها السلاف حتى تدفق..وانهمر..
    ثم ارتوت به أرض الشاعر.. ولما ارتوت بدأ ذلك الحب يتهادى رويدا رويدا هناك حيث الامتزاج بالدم وحيث ابتلال العروق والأوردة به عشقا وتيها في خيلاء وانتشاء عنيف ماكان للشاعر أن يتحمله.......ولكنه قد أثلج منه خوافيه وأشجانه المؤرقة له والتي كانت تحرقه وهو بعيد عنها وبغير إرادته !
    ويستمر بالشاعر الانتشاء والإحساس بمافعله فيه ذلك البوح الطاهرالحيي منها فيشعر أن الدنيا حوله قد أينعت وأزهرت وأورقت.. وأشرقت فيقول :


    ويُشرقُ في عيونِ الوصلِ حلْماً=ويزهرُ إذ تغلغـلَ بالشغـافِ
    تسجّر وارفـاً بحـرَ إشتيـاقٍ=يُؤججُ مَـدُّهُ جـدبَ المرافـي

    ويمتد الوصل الطاهر الحيي من الحبيبة فيشرق به أمل الشاعر..
    لا.. بل يبدو أنه سيزهر كلما تغلغل ذلك الوصل إلى شغافه فارتوى به واثمل ..
    وللشاعر بحور كبرى من الأشواق تكاد أن تغرقه .. لا بل تحرقه وتظلله في نفس الوقت كلما امتد حبل الوصل أو كلما اتصل حبل الود ......... ولكن في غمرة نشوى الشاعر يطل برأسه الجدب والبعد والاغتراب عن الحبيبة فيتأجج شوقا.. لا بل كل بحور الشوق تلك .
    وينطفئ الإحساس بالدفء بجوار ذلك الحب برغم روعته وحلاوته ويشتعل الشاعر أسى وحزنا من جديد ويغص بضياع أمانيه في لهيب الحياة القاسية وهاهو مرة أخرى يستنجد بالشعر ظلا وارفا يقيه من لوعة مشاعره المهلكة المحرقة تلك ويقول :

    ضرامُ جوانحي بيـداءُ بؤسـي=وطولُ البعـدِ ثالثـةُ الأثافـي
    "على قلقٍ كأنَّ الريحَ تحتي"=ومن شَكّي وفي وَجَلِ اعترافي
    وأبني الأمنياتِ على ركامي= وقد قُطعتُ وجداً من خِلافِ

    جوانح تضطرم وبيداء من البؤس كان كافيا لئن يتألم فيأتي البعد ثالثها فيحيله إلى رماد ... فمن أين يهرب والأسى واللوعة والحرمان يضربون أوتادا حوله وأطواقا ؟؟
    ويبدو أن الشاعر قلق على حياته من هذا الحب خاصة بعد تغلغله فيه من بعد اعترافه واغترافه طهرا منها ..
    أترى هل يبني أمنياته المستحيلة على ركام لايستقيم البناء عليه ؟؟؟
    لكن كيف لايبنيها وقد قطعت أوصاله وجدا من خلاف !!
    صراع الحيرة يتجاذبان الشاعر يمنة ويسرة بين اندياح في نبع هذا الحب والتذاذ وغرق وبين خوف الإغراق فضلا عن البلل ..
    ويبدو أن الشاعر لم يملك وهو يحدث نفسه بهذه الخواطر ويجول متحيرا في صراعاته النفسية إلا أن يبوح للشعر مستظلا به من جديد من فيح تردده وصراعة وفيح لوعته وفيح بعده وفراقه فيقول :

    أفرُّ وتثقـلُ الأيـامُ خطـوي=وأهربُ من أسى قيدِ العجافِ
    تثبّطُ لهـفتـَي أغلالُ قيدي=ويُفصحُ عن لظى شَغفي ارتجافي

    ويبدو أنه قد توصل إلى حل يشعر معه بالأمان والحب ولو كانت نهايته الفراق الأبدي والغرق المأساوي ..
    فقرر أن يفر إليها..
    يفر إلى حبها ..
    لقد رأى في حبها ما يخفف عنه ثقل الأيام وقسوتها ..
    ورأى فيه مهربا منجيا له وخلاصا من قيد تلك الأيام العجاف في حياته الممتلئة بها .. ربما كما يبدو هذا من ظلال النص ..
    ولكن دائما مايشعر الشاعر بشيء ما ينغص عليه هداءة حبه وهناءته فما أن يفر إليها شوقا ولهفة يبوح لها بمشاعره الحرى.. وتبوح له نجده سرعان مايشعر بالإحباط والانطفاء والاعتلال وشيء من الوجع في صدره لأن هناك مايقيده عن وصلها وقربها والاستمتاع بها .. فلايملك شيئا إزاء ذلك الشعور المثبط للهفته سوى الإفصاح عن بعض أمانيه في الوصل وهو أعلاها – دل على ذلك بقوله ( عن لظى شغفي ) وهو إفصاح لايمكن التعبير عنه سوى بالارتجاف عشقا وحرمانا في نفس الوقت ...
    وقد يظن القارئ أن الشاعر في معاناة موجعة مع هذا الحب وفي صراع مرير متململ معه - كما مر بنا - لكن يبدو أن الشاعر متعلق بهذا الحب ومستعذب لمرارته ولوعاته وصراعاته ومعاناته بل متعلق بكل ذلك...... اسمعه يقول :

    وكم أستعـذبُ الآلامَ قسـراً=وكم أهوى بمجـراكِ انجرافـي
    وأين المستقـرُّ سـواكِ أمنـاً=وقد ضاقت بمُضنـاكِ المنافـي

    لقد استعذب الشاعر مامر به وماتذوقه قسرا – وليس هناك من شيء في حالته تلك أشد قسرا من الحب والهوى الذي جرى في دمائه متلبسا بعروقه وأوردته مختلطا بروحه وأنفاسه – وليس أدل على ذلك سوى قوله : وكم أهوى بمجراكِ انجرافي ..
    والشاعر قسرا بفعل هواه يسلم نفسه لويلاته .. بل وأين يهرب منها إلا إليها فهي الوطن والمستقر الأخير.. ويبقى الوطن الملاذ الأخير وإن كان جائرا أو ظالما .. وليس من منفى أحب إليه منها ..يفر إليه من حرالابتعاد ولوعته ومن هجير الأسى والضنى وحرقته ورمضاء الظروف القاسرة والحرمان ولذعته ..
    لكن يأتيها لاهثا مرهقا قد دب فيه الوهن حبا ممزوجا بحرمان فيقول :

    أتيتُكِ تسبـقُ الآمـالُ قلبـي=وينضحُ في دمي نهرُ الجفـافِ
    ومالت في هواكِ غصونُ وجدي=تتوقُ وتشتهي حنوَ القِطـافِ

    أتى إليها مدفوعا بآماله - آمال قلبه الصب - وفي دمه نهرمن الجفاف يشبه البحر حقا في عمقه وعظمتة وسعتة وإغراقه.. بل ويزداد نضحا !
    أتى وكأن لوجده غصونا تميل به في هواها بفعل هواها توقا واشتهاء للقطف الحني منها .. بل ومنه – قطفا متبادل - فيثمر حينئذ هذا الاحتواء شجرة من الحب عظيمة !
    وكم يحن الشاعر إلى هذا القطف حنينا أثرعليه في غمرة حرمانه وأساه فهاهو يعبر عن ذلك بقوله :

    وكم ذابَ الفؤادُ رجاءَ وصلٍ=وكم أودقتُ من خوفِ التجافي
    وقد طالَ الطريقُ فهدَّ عزمـي=وأدمى مقلتي لفحُ السوافـي

    وكأن فؤاده تحول إلى قطعة شمع تذوب حنينا محرقا إلى وصلها الدائم .. بل كم أودق بكاءً حارا – لاحيلة معه – خوفا من فراقها أو حتى تجافيها .. وقد طال به الطريق إليها وشق عليه وهـدَّ حيلته وعزمه ..... وبدت سوافي الدرب من طول سيره ومعاناته وتجرع وعثائه تلفحه بلفحها فتدمي مقلتيه ..
    ثم بدأ له وكأنه يستعطفها استعطافا غير ظاهر إلا له – فكبرياؤه برغم غرامه يمنعانه من هذا – ولكن بدأ وكأنه يجوب في خيالات من الوصل في واد ملئ بكل مشاعر الحب وصنوفه وضروبه بوحا وتآلفا وامتزاجا فقال في شوق شديد إلى هذا :

    تعالي لامسي نزفَ اضطرابـي=وأروي بالرضابِ لظى ارتشافي
    تعالي نُسبـلُ الأحـلامَ حُبّـاً=بثوبٍ من وصالِ الروحِ ضافِي

    مناداة رقيقة من قلب محب رقيق تتلوه كلمة الملامسة الرقيقة وهو مايتمناه الشاعر من حبيبته أن تشعر بنزفه حبا وولها وشوقا لها .. وكم يتمنى أن يرتوي من رضابها فلقد تحول ارتشافه لهذا الرضاب لظى يحترق به حنينا واشتياقا لاطاقة له به ...
    ثم هاهو ينتهي به المقام وقد أنهك الحب وتبعاته قواه في ظل ظروفه ومعاناته وحرمانه وأساه فسال منه هذا الرمق الممزوج بالرجاء والتمني الأخير قائلا :

    تعالي قد يمـرُّ العمـرُ لَمحـاً=وليس عليكِ ما أُخفيهِ خافـي
    وآويني (فقد ضقـتُ اغترابـاً)=بركنٍ من قصيِّ القلبِ دافـي

    مناداة أخيرة ملؤها الرجاء الأخير تكتنفه كل صور التعلق والشغف العذري الطاهر العفيف في ظل عمر يجري .. ويلهث ثم لاسبيل إلى وصل ولا إلى التقاء .. وكأنه بهذا النداء يسلم الأمر كله للحبيبة بأن تحقق له كل أحلامه وأمنياته وتطلعاته فلم يعد بإمكانه فعل شيء .. خاصة وهي العالمة بأحواله وظروفه ومعاناته وكل ماهو خاف في نفسه من شؤون وشجون وسرائر
    مناداة مشوبة بالشكوى الرقيقة والتوجع الفاضح بين يدي الحبيبة لعلها تنصت لأوجاعه وتحتوي أضلاعه المحبة وتأوي قلبه وروحه التي تجرعت مرارات الاغتراب والابتعاد وفاض بها وضاق ..
    لم يعد يرجو سوى ذلك الركن القصي من قلبها حيث سويدائه ومهجته وأوسطه وعمقه......... هناك حيث الدفء الشهي والحنان الآمن والملجأ الأخير في ظل كل صنوف عذاباته التي مر بها أو يمر...................
    اللغة والتراكيب :
    بدت لغة الشاعر سهلة وبسيطة لكن لم يكن بمقدور أحد بسهولة أن يوظف هذه اللغة السهلة الميسرة ويخرجها في ثوب من الجزالة والفصاحة دون أي تكلف ولاأي تعقيد إلا من كان يملك أدوات الشاعر نفسها..
    واللافت في القصيدة أن يلمح القارئ كثرة استخدام الشاعر للأفعال الماضية المضعفة – والتضعيف فيه مزيد مبالغة - مثل :
    تدفـَّق , تفـرَّد , تعـطـَّر , تسجـَّر , تثبـَّط ثم يزاوج بين زمن هذا الفعل والفعل المضارع الذي يعكس التجديد والاستمرار والتواصل
    فتأمل هذا التزاوج في قوله :
    تهادى في دمي يختال عشقا
    وقوله :
    ويزهر إذ تغلغل بالشغاف
    وقوله :
    تسجر وارفا.........يؤجج مده
    وقوله :
    تثبط لهفتي ............ ويفصح
    وهذا كثير عنده وهو تمازج واختلاف بين زمنين يعكس التذبذب في نفس الشاعر مابين ثبات إحساسه ورجاء طوله وبقائه مستمتعا به وبين تذبذبه وتحركه وتجدده وتغيره من وقت لآخر تبعا لتطلعاته ومايستجد عليه من أحداث ..
    و يحرص الشاعر على انتقاء الألفاظ التي تليق بالمعاني التي ينشدها فيتخير منها ويفاضل بينها فها هو يعبر بهمى عن يفيض ويتهادى عن يسير ويتسجر عن اشتعل أوالتهب وبلظى عن نار وينضح عن يسيل أو يفيض وتتوق عن تحن........ وهكذا
    وألفاظه تتراوح بين العذوبة والجزالة والرقة والفخامة في ذلك .
    ويظهر تأثر الشاعر كثيرا بالقرآن الكريم في قوله ( تسجر ) من قوله تعالى ( وإذا البحار سجرت )
    ويظهر تأثره كذلك بطريق غير مباشر- ربما لم يقصده - في قوله ( تسجر وارفا بحرَ اشتياق ) بقوله تعالى ( مما خطيئتهم أغرقوا فادخلوا نارا )
    حيث اجتماع الغرق والنار في تركيب واحد .. وفي هذا معنى عميق وجدير بالوقوف عليه ولعل القارئ يطلع على ماقاله ابن رشيق في كتابه ( العمدة ) وماقاله الزمخشري في كتابه ( الكشاف ) حول هذه الآية الكريمة ليقف عند بلاغتها ودقة التعبير فيها ..
    ومن ثم يثق في قدرة ودقة الشاعر عندما تخير هذه الصورة التعبيرية .. ويدرك من بعد كم كان موفقا فيها .
    أما التراكيب لدى الشاعر فيظهر أنه يميل إلى الجدة والطرافة فضلا عن العذوبة والجمال فمن تلك الصور قوله :
    تورق القوافي , تعطر من شذى روح العفاف , يختال عشقا , ويثلج الخوافي , يؤجج مده جدب المرافي , وطول البعد ثالثة الأثافي , ضاقت بمضناك الفيافي , لامسي نزف , واروي بالرضاب لظى ارتشافي , ....................وغيرها

    الصور والأخيلة :
    لقد غص النص بالكثير من الصور والخيالات والاستعارات الجميلة واللطيفة حقا والتي تشيء بانفعال الشاعر وتفاعلاته مع حسه ومشاعره ومن ذلك قوله غير ما مر في التراكيب السابقة :
    بشوق طاهر الآمال , تدفق من فمي , سماء قلبي , ويشرق في عيون الوصل , ضرام جوانحي , بيداء بؤسي , وتسبق الآمال قلبي , وينضح في دمي نهر الجفاف , ومالت في هواك غصون وجدي ,......... وغيرها
    وهذا إن دل على شيء فهو يدل على خصوبة خيال الشاعر وقدرته على الأبحار في أساليب البيان في العربية وانتقاء مايتفق مع معانيه وألفاظه ..

    الإيقاع والموسيقى :
    يأتي الأيقاع والموسيقى في النص من صور البديع والترادف المعنوي والتوازن بين العبارات في الفة عجيبة وانسجام عجيب ..
    ومن ذلك قوله :
    عذبا فراتا , بمجراك انجرافي , أتيتك تسبق , ضاقت بمضناك , ماأخفيه خافي ...
    وتأتي الموسيقى أيضا من التكرار في مثل قوله : كم , تعالي
    ويتكيء الشاعر كثيرا على الجمل العاطفة مما يستدعي تكرر حرف عطف وحيد وهو ( الواو ) وهذا ملحوظ جدا .. وليس في هذا التكرار مايفسد أو يقلل من جمال القصيدة .

    أسلوب الشاعر :
    يبدو أن هذه القصيدة لم تتعب الشاعر كثيرا لأنها تبدو وكأنها أتت منسابة عفوية مغردة وطلقة تفيض ببوح شجي شفيف احتاج إليه الشاعر قسرا فانساق له القصيد دون شرط أو قيد - لكن هذا لايمنع أنه قد يعود إلى قصيدته وينقحها فيزيد فيها وينقص أو يضيف فيغير ويستبدل - لذا جاء الأسلوب سلسلا متحدرا لايتوقف القارىء عن قراءته حتى يتوقف عند نهايته ..
    واكب هذه السلاسة بساطة في العرض والآداء دون أي تكلف أسلوبا وألفاظا .

    عاطفته :
    عاطفة الشاعر حية متحركة تميل إلى الصدق الذي يلمح بين ثنايا الأبيات وهي ناتجة من مسوغات عدة لعل أبرزها حديثة الذاتي عن معاناة يعيشها من أوجه متفاوتة والذي يكشف هذا ذكاء الشاعر في إبراز هذه العاطفة بطرق شتى تعد من لوازم الشعر ونظمه .
    وقفة أخيرة :
    وقع الشاعر في تعقيدات اسلوبية يسيرة ومن ذلك :
    تمازجَ إذ همى طهـراً بفيـضٍ تدفّقَ من محبتِـكِ السـلافِ
    وقوله :
    ويثلجُ فـي وداعتِـهِ الخوافـي
    و إلا فإن القصيدة تفيض رقة وعذوبة وتغص بالصور الجمالية الرائعة .. وهو مادفعني حقيقة إلى قراءتها بهذه الصورة وتأملها والوقوف عندها كثيرا ..
    تحية تقدير لكل صاحب نص يشي بكل معاني الأصالة والشاعرية الصادقة الفذة .. إذ النص الناطق بحسنه يستحق الجلوس على مائدة العرض والنقد والتحليل ..
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    الأديبة والناقدة الفاضلة عطاف السماوي
    تحية إكبار وإجلال لقلم وفكر يطيعك الأول ميمما شطر قبلة الإبداع وجهه، ويحملك الآخر تجاه بوابة الفلق تعبرين من خلالها إلى ملكوت الرؤى .
    ما بين تنهيدة إعجاب ، ومرحى ترحيب بقلم أماط لثام حاملته المبدعة ، وقفت على ضفة البيان الساح بلاغة تتمازج بفصيح كلم ليكون خليط البوح عجينة فكر إبدع رؤى من نظرة تحليلة لقصيدة شاعر عرفنا عنه قوة شكيمة المعاني ، ومنعة بيانه عن الاختراق إلا ممن فهم المراد
    وهنا وضعت عصا الترحال مشدودا إلى سحر التحليل ، وعصارة القلم تخط بيان الحقيقة منثورة على سطور النور حزما من باقات الثقافة المشعة أدبا ، هنا مستراح من عنت التقصي ، وتسكع القلم بين مضارب متناثرة من قلائد المشاعر ، لأجد دسم المعاني وجبة للفكر ، فماذا يستحق هذا القلم وفكر الأديبة غير رفع قبعة الصدق إجلالا لها ولهما ؟
    إنها ومضة تشرق من بين سحب الغموض الذي لفها فترة من زمن ، ثم بدأت تتكشف قلما ورؤى عن عمق نظرتها فكانت تسيل المعاني بمجرى الحقيقة نهرا من عذب البصيرة ، فلله الشكر على نعمة من علينا بها تمثلت بك أيتها الأديبة
    تقبلي تحياتي
    وقفة على شرفة إبداعك تجعلنا ندمن النظر إلى ما وراء حجب التخمين ، سأنتظر حروفك بفارغ الصمت .
    وللأخ الشاعر ماجد جل التحايا ووافر الشكر
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية عطاف سالم شاعرة
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    الدولة : في قلب النور
    المشاركات : 1,795
    المواضيع : 112
    الردود : 1795
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجد الغامدي مشاهدة المشاركة
    الأديبة الكبيرة الأستاذة الكريمة عِطاف السماوي
    لقد سطرتِ لوحةً من الجمال ونقشتِ تحفةً من الجوهر بقراءتك وحسِّك الأدبي
    فشكراً كثيراً وإن لن يوفيك
    سأعود للقراءة والمتعة
    بعد إذنك سأقوم بتنسيق الأبيات
    لم يكن ماقرأتَه أستاذ ماجد سوى صورة تقريبية كشفها نصك الجميل بظلاله وبليغ صوره ..
    وفقك الله وبارك فيك
    والنص الجيد كما سبق وأن وضحت يستحق التحليل والقراءة فعلا
    تحيتي وتقديري
    أما عن التنسيق فلم يحالفني الحظ في ذلك

  6. #6
    الصورة الرمزية عطاف سالم شاعرة
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    الدولة : في قلب النور
    المشاركات : 1,795
    المواضيع : 112
    الردود : 1795
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. عمر جلال الدين هزاع مشاهدة المشاركة
    قصيدة ماجد
    لوحة جميلة
    زاد منه جمالها جمال و ثقة حروفك النقدية المميزة
    لك التقدير
    أخي الكريم الشاعر الضليع والأديب الذكي / د. عمر
    أسعد الله حياتك
    شكرا لمرورك القيم....وتعليقك الرقيق
    بارك الله فيك قلبا وقلما ..
    تقبل كل تحيتي وتقديري

  7. #7
    الصورة الرمزية عطاف سالم شاعرة
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    الدولة : في قلب النور
    المشاركات : 1,795
    المواضيع : 112
    الردود : 1795
    المعدل اليومي : 0.29

    Lightbulb تحية إكبار متواضعة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد إبراهيم الحريري مشاهدة المشاركة
    الأديبة والناقدة الفاضلة عطاف السماوي
    تحية إكبار وإجلال لقلم وفكر يطيعك الأول ميمما شطر قبلة الإبداع وجهه، ويحملك الآخر تجاه بوابة الفلق تعبرين من خلالها إلى ملكوت الرؤى .
    ما بين تنهيدة إعجاب ، ومرحى ترحيب بقلم أماط لثام حاملته المبدعة ، وقفت على ضفة البيان الساح بلاغة تتمازج بفصيح كلم ليكون خليط البوح عجينة فكر إبدع رؤى من نظرة تحليلة لقصيدة شاعر عرفنا عنه قوة شكيمة المعاني ، ومنعة بيانه عن الاختراق إلا ممن فهم المراد
    وهنا وضعت عصا الترحال مشدودا إلى سحر التحليل ، وعصارة القلم تخط بيان الحقيقة منثورة على سطور النور حزما من باقات الثقافة المشعة أدبا ، هنا مستراح من عنت التقصي ، وتسكع القلم بين مضارب متناثرة من قلائد المشاعر ، لأجد دسم المعاني وجبة للفكر ، فماذا يستحق هذا القلم وفكر الأديبة غير رفع قبعة الصدق إجلالا لها ولهما ؟
    إنها ومضة تشرق من بين سحب الغموض الذي لفها فترة من زمن ، ثم بدأت تتكشف قلما ورؤى عن عمق نظرتها فكانت تسيل المعاني بمجرى الحقيقة نهرا من عذب البصيرة ، فلله الشكر على نعمة من علينا بها تمثلت بك أيتها الأديبة
    تقبلي تحياتي
    وقفة على شرفة إبداعك تجعلنا ندمن النظر إلى ما وراء حجب التخمين ، سأنتظر حروفك بفارغ الصمت .
    وللأخ الشاعر ماجد جل التحايا ووافر الشكر
    أديبنا الكبير الرائع / محمد الحريري
    هذه الأسطر السابقة التي سطرتها لي هنا ستظل عالقة على مدارج روحي ومعالق فكري وعلى أسنة أحرفي .. لأنك الزناد المختلف الذي يقتدحها ويستفزها للبوح والإنطلاق مادام في الكون قارئا متذوقا مثلك ..لا بل مفكرا وخازنا للحرف العربي بين كنوزه الكثيرة في أعطافه ..
    أشكر لك أستاذي حفاوتك بي وترحابك لي وأنتم أهل الدار والأحق بالحفاوة والتكريم
    بارك الله فيك ولك بما اعطيت وسلم الله لك الفكر والقلم والجنان
    ودمت مبدعا ماتعا بماتحمله أحرفك من روعة البيان وسحره
    تقبل خالص تحيتي وجل تقديري واجلالي

  8. #8
    الصورة الرمزية د. مصطفى عراقي شاعر
    في ذمة الله

    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : محارة شوق
    العمر : 64
    المشاركات : 3,523
    المواضيع : 160
    الردود : 3523
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطاف سالم مشاهدة المشاركة

    قصيدة نهر الجفاف

    https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=23283

    الجو العام للنص :

    نزاع نفسي يعيشه الشاعر بين هواه و الأماني من جهة .. وبين معاناة الهوى واستحالة الأماني من جهة أخرى في محيط موبوء بالوجع والشجن ومثقلات الحياة ....
    وقد فر الشاعر فرار المحموم من نزاعه النفسي ذاك إلى منتداه وواحته الغناء وربيعه وهواه ومطره ومخفف لوعاته ومأساته إلى الشعر حيث الارتواء برغم الظمأ وحيث الإزهار برغم الجدب وحيث التحليق والانطلاق برغم القيد وقسوة الحياة والظروف ..
    فقال :

    وتُورقُ فـي محبّتـكِ القوافـي=بشوقٍ طاهرِ الآمـالِ صافـي
    تدفّقَ من فمـي عذبـاً فراتـاً=تعطّرَ من شذى روحِ العفـافِ

    وتورق.......هكذا كانت البداية معبرا بها عن حاجته إلى الطمأنينة في فيافي الشعر وظلاله وحدائقه الغناء .. وهذا ماكان خافيا ومنطويا ..
    إنما الذي يبدو أن الشاعر يشعر بعذوبة الحب في نفسه المجهدة ويشعر أن القوافي تورق حقا إبداعا وإلماعا ومزية وعذوبة وسحرا – هكذا دون أي فعل من أفعال المقاربة ككاد أو أوشك مثلا – ولم يكن المورق لها سوى ذلك الحب الذي يعيشه وينشده ولم يكن الإيراق سوى أشواق ندية مشوبة بآماله ومآربه العذرية الصافية الطاهرة ...
    وكم كانت تلك الأشواق تتدفق كالنهر الفرات عذبا ... وليس هذا فقط إنما نهرا معطرا بعطر العفاف.......... وياله من شذى زكي !!
    وكأننا نرى رأي العين تلك القوافي مجسمة مزهرة مخضرة حبا وشوقا تتدلى في انتشاء وتفوح في ارتواء شذي من روح العفاف !
    ثم يبوح في صفاء شفيف بعد لأي من الشوق عارم وعفيف مستمسكا بغصن من الشعر يستظل به وله حفيف فيقول :

    تفرّدَ حُبـها بسماءِ قـلبي= وأدنـاها إلى فَـلكي اختـلافي
    تمازجَ إذ همى طهـراً بفيـضٍ=تدفّقَ من محبتِـكِ السـلافِ
    تهادى في دمي يختـالُ عشقـاً=ويثلجُ فـي وداعتِـهِ الخوافـي

    فهاهو ذا ينتشي بحبه وبحبها له , فكلاهما كان متفرد في سماء القلب لأن كلاهما كان له فلك مختلف عن بقية الأفلاك..
    وما أن همت طهرا بحبه تمازج حبها بفيض من حب مختبئ منذ زمن راح يتدفق تباعا وطوعا وكأن هواه كان على مقربة ومتكئ منها .. بل كأن هواه كان ينبوعا متحفزا متهيئ للانصباب والتدفق .. وماكان إلا بوح طاهر- عن حياء وإيماء- من حبها السلاف حتى تدفق..وانهمر..
    ثم ارتوت به أرض الشاعر.. ولما ارتوت بدأ ذلك الحب يتهادى رويدا رويدا هناك حيث الامتزاج بالدم وحيث ابتلال العروق والأوردة به عشقا وتيها في خيلاء وانتشاء عنيف ماكان للشاعر أن يتحمله.......ولكنه قد أثلج منه خوافيه وأشجانه المؤرقة له والتي كانت تحرقه وهو بعيد عنها وبغير إرادته !
    ويستمر بالشاعر الانتشاء والإحساس بمافعله فيه ذلك البوح الطاهرالحيي منها فيشعر أن الدنيا حوله قد أينعت وأزهرت وأورقت.. وأشرقت فيقول :


    ويُشرقُ في عيونِ الوصلِ حلْماً=ويزهرُ إذ تغلغـلَ بالشغـافِ
    تسجّر وارفـاً بحـرَ إشتيـاقٍ=يُؤججُ مَـدُّهُ جـدبَ المرافـي

    ويمتد الوصل الطاهر الحيي من الحبيبة فيشرق به أمل الشاعر..
    لا.. بل يبدو أنه سيزهر كلما تغلغل ذلك الوصل إلى شغافه فارتوى به واثمل ..
    وللشاعر بحور كبرى من الأشواق تكاد أن تغرقه .. لا بل تحرقه وتظلله في نفس الوقت كلما امتد حبل الوصل أو كلما اتصل حبل الود ......... ولكن في غمرة نشوى الشاعر يطل برأسه الجدب والبعد والاغتراب عن الحبيبة فيتأجج شوقا.. لا بل كل بحور الشوق تلك .
    وينطفئ الإحساس بالدفء بجوار ذلك الحب برغم روعته وحلاوته ويشتعل الشاعر أسى وحزنا من جديد ويغص بضياع أمانيه في لهيب الحياة القاسية وهاهو مرة أخرى يستنجد بالشعر ظلا وارفا يقيه من لوعة مشاعره المهلكة المحرقة تلك ويقول :

    ضرامُ جوانحي بيـداءُ بؤسـي=وطولُ البعـدِ ثالثـةُ الأثافـي
    "على قلقٍ كأنَّ الريحَ تحتي"=ومن شَكّي وفي وَجَلِ اعترافي
    وأبني الأمنياتِ على ركامي= وقد قُطعتُ وجداً من خِلافِ

    جوانح تضطرم وبيداء من البؤس كان كافيا لئن يتألم فيأتي البعد ثالثها فيحيله إلى رماد ... فمن أين يهرب والأسى واللوعة والحرمان يضربون أوتادا حوله وأطواقا ؟؟
    ويبدو أن الشاعر قلق على حياته من هذا الحب خاصة بعد تغلغله فيه من بعد اعترافه واغترافه طهرا منها ..
    أترى هل يبني أمنياته المستحيلة على ركام لايستقيم البناء عليه ؟؟؟
    لكن كيف لايبنيها وقد قطعت أوصاله وجدا من خلاف !!
    صراع الحيرة يتجاذبان الشاعر يمنة ويسرة بين اندياح في نبع هذا الحب والتذاذ وغرق وبين خوف الإغراق فضلا عن البلل ..
    ويبدو أن الشاعر لم يملك وهو يحدث نفسه بهذه الخواطر ويجول متحيرا في صراعاته النفسية إلا أن يبوح للشعر مستظلا به من جديد من فيح تردده وصراعة وفيح لوعته وفيح بعده وفراقه فيقول :

    أفرُّ وتثقـلُ الأيـامُ خطـوي=وأهربُ من أسى قيدِ العجافِ
    تثبّطُ لهـفتـَي أغلالُ قيدي=ويُفصحُ عن لظى شَغفي ارتجافي

    ويبدو أنه قد توصل إلى حل يشعر معه بالأمان والحب ولو كانت نهايته الفراق الأبدي والغرق المأساوي ..
    فقرر أن يفر إليها..
    يفر إلى حبها ..
    لقد رأى في حبها ما يخفف عنه ثقل الأيام وقسوتها ..
    ورأى فيه مهربا منجيا له وخلاصا من قيد تلك الأيام العجاف في حياته الممتلئة بها .. ربما كما يبدو هذا من ظلال النص ..
    ولكن دائما مايشعر الشاعر بشيء ما ينغص عليه هداءة حبه وهناءته فما أن يفر إليها شوقا ولهفة يبوح لها بمشاعره الحرى.. وتبوح له نجده سرعان مايشعر بالإحباط والانطفاء والاعتلال وشيء من الوجع في صدره لأن هناك مايقيده عن وصلها وقربها والاستمتاع بها .. فلايملك شيئا إزاء ذلك الشعور المثبط للهفته سوى الإفصاح عن بعض أمانيه في الوصل وهو أعلاها – دل على ذلك بقوله ( عن لظى شغفي ) وهو إفصاح لايمكن التعبير عنه سوى بالارتجاف عشقا وحرمانا في نفس الوقت ...
    وقد يظن القارئ أن الشاعر في معاناة موجعة مع هذا الحب وفي صراع مرير متململ معه - كما مر بنا - لكن يبدو أن الشاعر متعلق بهذا الحب ومستعذب لمرارته ولوعاته وصراعاته ومعاناته بل متعلق بكل ذلك...... اسمعه يقول :

    وكم أستعـذبُ الآلامَ قسـراً=وكم أهوى بمجـراكِ انجرافـي
    وأين المستقـرُّ سـواكِ أمنـاً=وقد ضاقت بمُضنـاكِ المنافـي

    لقد استعذب الشاعر مامر به وماتذوقه قسرا – وليس هناك من شيء في حالته تلك أشد قسرا من الحب والهوى الذي جرى في دمائه متلبسا بعروقه وأوردته مختلطا بروحه وأنفاسه – وليس أدل على ذلك سوى قوله : وكم أهوى بمجراكِ انجرافي ..
    والشاعر قسرا بفعل هواه يسلم نفسه لويلاته .. بل وأين يهرب منها إلا إليها فهي الوطن والمستقر الأخير.. ويبقى الوطن الملاذ الأخير وإن كان جائرا أو ظالما .. وليس من منفى أحب إليه منها ..يفر إليه من حرالابتعاد ولوعته ومن هجير الأسى والضنى وحرقته ورمضاء الظروف القاسرة والحرمان ولذعته ..
    لكن يأتيها لاهثا مرهقا قد دب فيه الوهن حبا ممزوجا بحرمان فيقول :

    أتيتُكِ تسبـقُ الآمـالُ قلبـي=وينضحُ في دمي نهرُ الجفـافِ
    ومالت في هواكِ غصونُ وجدي=تتوقُ وتشتهي حنوَ القِطـافِ

    أتى إليها مدفوعا بآماله - آمال قلبه الصب - وفي دمه نهرمن الجفاف يشبه البحر حقا في عمقه وعظمتة وسعتة وإغراقه.. بل ويزداد نضحا !
    أتى وكأن لوجده غصونا تميل به في هواها بفعل هواها توقا واشتهاء للقطف الحني منها .. بل ومنه – قطفا متبادل - فيثمر حينئذ هذا الاحتواء شجرة من الحب عظيمة !
    وكم يحن الشاعر إلى هذا القطف حنينا أثرعليه في غمرة حرمانه وأساه فهاهو يعبر عن ذلك بقوله :

    وكم ذابَ الفؤادُ رجاءَ وصلٍ=وكم أودقتُ من خوفِ التجافي
    وقد طالَ الطريقُ فهدَّ عزمـي=وأدمى مقلتي لفحُ السوافـي

    وكأن فؤاده تحول إلى قطعة شمع تذوب حنينا محرقا إلى وصلها الدائم .. بل كم أودق بكاءً حارا – لاحيلة معه – خوفا من فراقها أو حتى تجافيها .. وقد طال به الطريق إليها وشق عليه وهـدَّ حيلته وعزمه ..... وبدت سوافي الدرب من طول سيره ومعاناته وتجرع وعثائه تلفحه بلفحها فتدمي مقلتيه ..
    ثم بدأ له وكأنه يستعطفها استعطافا غير ظاهر إلا له – فكبرياؤه برغم غرامه يمنعانه من هذا – ولكن بدأ وكأنه يجوب في خيالات من الوصل في واد ملئ بكل مشاعر الحب وصنوفه وضروبه بوحا وتآلفا وامتزاجا فقال في شوق شديد إلى هذا :

    تعالي لامسي نزفَ اضطرابـي=وأروي بالرضابِ لظى ارتشافي
    تعالي نُسبـلُ الأحـلامَ حُبّـاً=بثوبٍ من وصالِ الروحِ ضافِي

    مناداة رقيقة من قلب محب رقيق تتلوه كلمة الملامسة الرقيقة وهو مايتمناه الشاعر من حبيبته أن تشعر بنزفه حبا وولها وشوقا لها .. وكم يتمنى أن يرتوي من رضابها فلقد تحول ارتشافه لهذا الرضاب لظى يحترق به حنينا واشتياقا لاطاقة له به ...
    ثم هاهو ينتهي به المقام وقد أنهك الحب وتبعاته قواه في ظل ظروفه ومعاناته وحرمانه وأساه فسال منه هذا الرمق الممزوج بالرجاء والتمني الأخير قائلا :

    تعالي قد يمـرُّ العمـرُ لَمحـاً=وليس عليكِ ما أُخفيهِ خافـي
    وآويني (فقد ضقـتُ اغترابـاً)=بركنٍ من قصيِّ القلبِ دافـي

    مناداة أخيرة ملؤها الرجاء الأخير تكتنفه كل صور التعلق والشغف العذري الطاهر العفيف في ظل عمر يجري .. ويلهث ثم لاسبيل إلى وصل ولا إلى التقاء .. وكأنه بهذا النداء يسلم الأمر كله للحبيبة بأن تحقق له كل أحلامه وأمنياته وتطلعاته فلم يعد بإمكانه فعل شيء .. خاصة وهي العالمة بأحواله وظروفه ومعاناته وكل ماهو خاف في نفسه من شؤون وشجون وسرائر
    مناداة مشوبة بالشكوى الرقيقة والتوجع الفاضح بين يدي الحبيبة لعلها تنصت لأوجاعه وتحتوي أضلاعه المحبة وتأوي قلبه وروحه التي تجرعت مرارات الاغتراب والابتعاد وفاض بها وضاق ..
    لم يعد يرجو سوى ذلك الركن القصي من قلبها حيث سويدائه ومهجته وأوسطه وعمقه......... هناك حيث الدفء الشهي والحنان الآمن والملجأ الأخير في ظل كل صنوف عذاباته التي مر بها أو يمر...................
    اللغة والتراكيب :
    بدت لغة الشاعر سهلة وبسيطة لكن لم يكن بمقدور أحد بسهولة أن يوظف هذه اللغة السهلة الميسرة ويخرجها في ثوب من الجزالة والفصاحة دون أي تكلف ولاأي تعقيد إلا من كان يملك أدوات الشاعر نفسها..
    واللافت في القصيدة أن يلمح القارئ كثرة استخدام الشاعر للأفعال الماضية المضعفة – والتضعيف فيه مزيد مبالغة - مثل :
    تدفـَّق , تفـرَّد , تعـطـَّر , تسجـَّر , تثبـَّط ثم يزاوج بين زمن هذا الفعل والفعل المضارع الذي يعكس التجديد والاستمرار والتواصل
    فتأمل هذا التزاوج في قوله :
    تهادى في دمي يختال عشقا
    وقوله :
    ويزهر إذ تغلغل بالشغاف
    وقوله :
    تسجر وارفا.........يؤجج مده
    وقوله :
    تثبط لهفتي ............ ويفصح
    وهذا كثير عنده وهو تمازج واختلاف بين زمنين يعكس التذبذب في نفس الشاعر مابين ثبات إحساسه ورجاء طوله وبقائه مستمتعا به وبين تذبذبه وتحركه وتجدده وتغيره من وقت لآخر تبعا لتطلعاته ومايستجد عليه من أحداث ..
    و يحرص الشاعر على انتقاء الألفاظ التي تليق بالمعاني التي ينشدها فيتخير منها ويفاضل بينها فها هو يعبر بهمى عن يفيض ويتهادى عن يسير ويتسجر عن اشتعل أوالتهب وبلظى عن نار وينضح عن يسيل أو يفيض وتتوق عن تحن........ وهكذا
    وألفاظه تتراوح بين العذوبة والجزالة والرقة والفخامة في ذلك .
    ويظهر تأثر الشاعر كثيرا بالقرآن الكريم في قوله ( تسجر ) من قوله تعالى ( وإذا البحار سجرت )
    ويظهر تأثره كذلك بطريق غير مباشر- ربما لم يقصده - في قوله ( تسجر وارفا بحرَ اشتياق ) بقوله تعالى ( مما خطيئتهم أغرقوا فادخلوا نارا )
    حيث اجتماع الغرق والنار في تركيب واحد .. وفي هذا معنى عميق وجدير بالوقوف عليه ولعل القارئ يطلع على ماقاله ابن رشيق في كتابه ( العمدة ) وماقاله الزمخشري في كتابه ( الكشاف ) حول هذه الآية الكريمة ليقف عند بلاغتها ودقة التعبير فيها ..
    ومن ثم يثق في قدرة ودقة الشاعر عندما تخير هذه الصورة التعبيرية .. ويدرك من بعد كم كان موفقا فيها .
    أما التراكيب لدى الشاعر فيظهر أنه يميل إلى الجدة والطرافة فضلا عن العذوبة والجمال فمن تلك الصور قوله :
    تورق القوافي , تعطر من شذى روح العفاف , يختال عشقا , ويثلج الخوافي , يؤجج مده جدب المرافي , وطول البعد ثالثة الأثافي , ضاقت بمضناك الفيافي , لامسي نزف , واروي بالرضاب لظى ارتشافي , ....................وغيرها

    الصور والأخيلة :
    لقد غص النص بالكثير من الصور والخيالات والاستعارات الجميلة واللطيفة حقا والتي تشيء بانفعال الشاعر وتفاعلاته مع حسه ومشاعره ومن ذلك قوله غير ما مر في التراكيب السابقة :
    بشوق طاهر الآمال , تدفق من فمي , سماء قلبي , ويشرق في عيون الوصل , ضرام جوانحي , بيداء بؤسي , وتسبق الآمال قلبي , وينضح في دمي نهر الجفاف , ومالت في هواك غصون وجدي ,......... وغيرها
    وهذا إن دل على شيء فهو يدل على خصوبة خيال الشاعر وقدرته على الأبحار في أساليب البيان في العربية وانتقاء مايتفق مع معانيه وألفاظه ..

    الإيقاع والموسيقى :
    يأتي الأيقاع والموسيقى في النص من صور البديع والترادف المعنوي والتوازن بين العبارات في الفة عجيبة وانسجام عجيب ..
    ومن ذلك قوله :
    عذبا فراتا , بمجراك انجرافي , أتيتك تسبق , ضاقت بمضناك , ماأخفيه خافي ...
    وتأتي الموسيقى أيضا من التكرار في مثل قوله : كم , تعالي
    ويتكيء الشاعر كثيرا على الجمل العاطفة مما يستدعي تكرر حرف عطف وحيد وهو ( الواو ) وهذا ملحوظ جدا .. وليس في هذا التكرار مايفسد أو يقلل من جمال القصيدة .

    أسلوب الشاعر :
    يبدو أن هذه القصيدة لم تتعب الشاعر كثيرا لأنها تبدو وكأنها أتت منسابة عفوية مغردة وطلقة تفيض ببوح شجي شفيف احتاج إليه الشاعر قسرا فانساق له القصيد دون شرط أو قيد - لكن هذا لايمنع أنه قد يعود إلى قصيدته وينقحها فيزيد فيها وينقص أو يضيف فيغير ويستبدل - لذا جاء الأسلوب سلسلا متحدرا لايتوقف القارىء عن قراءته حتى يتوقف عند نهايته ..
    واكب هذه السلاسة بساطة في العرض والآداء دون أي تكلف أسلوبا وألفاظا .

    عاطفته :
    عاطفة الشاعر حية متحركة تميل إلى الصدق الذي يلمح بين ثنايا الأبيات وهي ناتجة من مسوغات عدة لعل أبرزها حديثة الذاتي عن معاناة يعيشها من أوجه متفاوتة والذي يكشف هذا ذكاء الشاعر في إبراز هذه العاطفة بطرق شتى تعد من لوازم الشعر ونظمه .
    وقفة أخيرة :
    وقع الشاعر في تعقيدات اسلوبية يسيرة ومن ذلك :
    تمازجَ إذ همى طهـراً بفيـضٍ تدفّقَ من محبتِـكِ السـلافِ
    وقوله :
    ويثلجُ فـي وداعتِـهِ الخوافـي
    و إلا فإن القصيدة تفيض رقة وعذوبة وتغص بالصور الجمالية الرائعة .. وهو مادفعني حقيقة إلى قراءتها بهذه الصورة وتأملها والوقوف عندها كثيرا ..
    تحية تقدير لكل صاحب نص يشي بكل معاني الأصالة والشاعرية الصادقة الفذة .. إذ النص الناطق بحسنه يستحق الجلوس على مائدة العرض والنقد والتحليل ..
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    ==
    الأديبة السامقة الناقدة البارعة الأستاذة عطاف سالم

    لك أسمى آيات الشكر والتقدير لهذه الإضاءة النقدية الراقية الواعية

    وأطيب التحيات لشاعرنا الفذ الأستاذ ماجد الغامدي


    بوركتما
    ودمتما بكل الخير والسعادة والإبداع
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ولريشة الغالية أهداب الشكر الجميل

  9. #9
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.11

    افتراضي

    قراءة نقدية ماتعة وطريقة علمية جميلة وخفيفة على النفس
    أبدعتِ أستاذة عطاف

  10. #10
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,035
    المواضيع : 310
    الردود : 21035
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    قراءة نقدية تحليلية جميلة لقصيدة رائعة قدمت دعوة محقة للتصافي والتسامح والعفو
    وقد منحت القصيدة جمالا آخر عطر الحروف بقلم ذائقتك المرهف
    فأمتعتنا برؤية جميلة لنص بديع رائع
    فلكما معا الشاعر المبدع والناقدة الرائعة جل التحايا ووافر الشكر.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. نهرُ الجفافِ !!
    بواسطة ماجد الغامدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 41
    آخر مشاركة: 07-01-2013, 07:00 AM
  2. مال الحب على منوال نهر الجفاف لاستاذي ماجد الغامدي
    بواسطة الطنطاوي الحسيني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 28-03-2010, 10:42 PM
  3. تنفّسَ فينا الصومُ...كمعارضة لقصيدة (هودج الحزن) للشاعر ماجد الغامدي
    بواسطة عمر زيادة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 02-10-2008, 12:04 AM
  4. قراءة تحليلية لقصيدة ( الاغتراب ) للشاعر سلاف
    بواسطة عطاف سالم في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 20-07-2007, 12:08 AM
  5. قصيدة رثاء رائعة لشاعر الواحة "ماجد الغامدي"نشرت في جريدة المدينة.
    بواسطة نورا القحطاني في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 29-08-2006, 03:57 AM