كنتُ أنظُر إليها مِنْ بَعيد , عينيها القوسيات .. إبتسامتهه الغجرية وَ تلكَ اليدين اللتين كانتا تلدغان بإ ستمرار حينما تبدأأ بالحديث .
إستطعتُ أنْ أُميّز مَلاًمحَ قمرها، من بين كل هذا الحشد المتجمع في قاعة القلب وَ كأن الزمن لم يمحو طيفها من ذاكرتي ,
اخذني الحنينُ إليها رغم الوجوم الذي حمله قلبي الصغير ..
كنت أبح ـث عن وشاح صوتها حتى يتسنى لي ان أُنصِت لأوتار همسه , فـ أخذتُ أمشي وَ أمشى دون أن أُلاحظ نظرات المارّين إليّ
إرتعشت ُحينما واجهتني ضِحكتُها الساخرة كـ العادة, ولكن هذه الأصداء الماكرة لم تكن مُوجهة ً لي هذا المساء !
أتراها هي من كانت تقف بالقرب منه، هي من نالت إستحسانه أم تلك التي ترتدي شالاً رمادياً , وَ قد تكون صاحبة الشعر الأحمر المخملي ..
كُلهن يسعين للوصول لـِـ صاحب العينين الساحرتين..
لِما أنا مُهتم بما يحدث لها , فلم يعد هناك داعي لكل هذا القلق ، والأرق والتساؤلات الغير وارد ذِكْرُها . على أية حال فهي بالتأكيد قد نستني
وَ أنا أيضاً قد سِرتُ بـِـ دربي دون أن ألتفت لـِ لماضي وما يحويه من أشياء قديمة .
عيناي كانتا ثابتتين في قاع الكأس الذي أحملُه بـِـ كفيّن مرتجفتين, لِـ أُدرِك حينها أنني تائه بِـ سراب ، سراب ليس إلا ...
اطلقت ُ تنهيده لم يسمعها أحداً سِواي فَعلِمْتُ آنذاك أنني، وتِلْكَ النْبَضّات مُجَرّد مُ ـتَطفّلْين رهينين لِلألم// تائهين في دنيا إمرأة لَـمْ يُقدرهما ذات أمل
لحظة ألم صاخب أعلنتها :
(( للأسف لم أعُد أح ـبُك , إبحث عن غيري قد يُناسِبُك هذا القول أكثر ))
بالتأكيد لم تعد تحبني و أجزم أنها تندم لملاقاتي ذات يوم ..
كيف لا وقد كنتُ مُطيع في كل شيء , كيف لا وقد أُلغيت كلمةُ (لا) من قاموس اللُغةِ لديّ ..
علمتلني أن أتعامل معها بحذر , وفي كل كلمةٍ أنطِقُ بها ، يدقُ ناقوس الخطر ... قد يُعجبها بوحي فـ تكتفي بإبتسامة رضى, وقد لا يعجبها مضمون الكلام فتتبدأ بالانتقاد وتوجيه اللوم بشكل لاذع وَ جاف.
,,,,
النساءُ خارج سور المنزل كـ ـثيرات ... كـ حبات القمح وَ سُكر النبات
كانت لا تخجل من مغازلته وَ تبادل النظرات , أو أن تبدي إعجابها بذلك الثري التي يقطن أمامي وَ كأنها لا تأبه لخضوع عشقي وإنهزامي , فكان عليّ أن أصمُت وأُتابع نزواتها بتفاؤل وَ مرح وهي بالكاد تتفهم كتمان دمعة خانتني أكثر من مرة ٍ أمام كفيّها لـِـ تبخل اناملها من مُلامستها تخفيفاً من حِدة الوضع لا اكثر.
بيد أنها كانت تستمتع بـ ضَعفي أمامها , ظناً منها أنني لا أجيد البعد عنها متوسلاَ إليها لأعود مجدداً
فـإفترقنا ...لم يعد يحتمل أحدُنا الآخر , لـ تموت البسمة في ارجاء ذاك المنزل الصغير وَ ذلك الياسمين حيثُ كان يزين الحديقة بنعومته وَ رِقة مظهره
وعدتُ وحدي من جديد لـِـ أمنح العمل من وقتي الكثير والكثير فقد أتعود على نمط حياتي مع انني في بعض الأمور لا أهوى التغيير.
,,,,,
وَ هـ أنا أتتبعُ طيفها هذا المساء والناسُ من حولي كـ الذباب متواجدين في كل مكان...
لم أتأثر بوجودهم كثيراً بالرغم من أن أصواتهم الصاخبة كانت تُصيبُني بالصداع ولكن حينما بدأت المقطوعة الموسيقية (مونامور) بـ بث الحانها العذبة هنا وهناك , فـ ِيخف الضجيج رويداً ..رويدا لِـ أرفعُ رأسي بـِ بُطء وَ أهزهُ قليلاً لعلني اُنفّض غبار الماضي من ذاكرتي..
فـ أجدهُا متسمرة حيثُ كانت عيناها تغتالني بـــِ هُدُوء وَ عنفوان , قررتُ الهروب من عينيها لأصطدم بالنادل فتسقط الكؤوس الزجاجية المُحمّلة على صينية مُذهبة لِـ تُصدِر قِطعُ الزُجاج ضجيجاً أربكني .!!
لم تفلح مساعدتي للنادل بإلتقاط القِطع المبعثرة فقط إكتفيتُ بمواساته بنظرة ندم وَ همستُ بِخجل :
(( آنا أسف حقاً )) لـِ أخرُج من بهو القاعة تاركاً ذكريات الماضي بِـ رمّتِها تسكُنُ هناك حيث ُ غ ـباء مشاعري وَ طُهر نبضاتي الوفيّة تسقُطان من مِحفظة الاماني...
وأتجهت نحو الباب الخارجي وأنا أتعثرُ بألمي لِـ أرفعُ دموعهُ قليلاً حتى يتسنى لي أن أرْكُض بسهولة ،
والآن يبدو أن الأشواق كانت ُتثقِلُ كاهلي فانطوت بيني وبين النسيان مجدداًً...
حمزة الهندي