أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 18

الموضوع: الرسالة التاسعة(أنتِ قدري المحتوم)

  1. #1
    الصورة الرمزية عتيق بن راشد الفلاسي أحمد الفلاسي
    شاعر وناثر

    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 1,453
    المواضيع : 69
    الردود : 1453
    المعدل اليومي : 0.22

    افتراضي الرسالة التاسعة(أنتِ قدري المحتوم)

    أكتبُ لكِ في هذه اللحظات والقلمُ في يدي ضائع شارد ،لقد اختلطتْ في عينه الجهاتُ فلم تعد ستاً وإنما زادتْ فخرجتْ عن حصر العد ،وذاك لا لشيء إلا لأنَّ قَدَرَك في حياتي خارجٌ عن نطاق المحدود والمعلوم والمرسوم،فالجهات كثُرَتْ واتَّسعتْ لاتّساع هيمنتك فوق ساحة عمري ..ولم تكن مبالغةً مني أنْ أصفَها كذلك بل هي قدرةٌ مني يكْمُن تفوُّقها في إمكانية وصفها ،والحديث عنها.ووصفُ المشاعر فوقَ رسْم الحروف ،ورُتَبِ الأفكار ،وما سألت عاشقا مرة عن مقدار ووزن وطول وعرض وكمية وعدد ما يجد ويُكِنُّ لمحبوبة إلا ردَّ علي قائلا: لا أرى المقادير قد وُجِدتْ إلا بعد وجود حبِّ مَنْ أهوى في حياتي ،وما ا لمقاديرُ إلا نِسَبٌ لمحدودٍ ،وحبي لحبيبي فوق حدّ المحدود.
    أكتبُ لك –يا ظلوم- ما قلتُه لكِ سابقا ،وأكتب لك ما أنت به عالمةٌ سلَفَا ،وأكتب لك ما يَجمعُ الأزمنةَ في زمان واحد وهو الجديد المعاش ،فأنتِ أنتِ لم يَحْمِلك الماضي في طيَّاته العتيقة ،واعتَذرَ عنك الآتي في جديده المغيَّب ،لأحملك حاضراً ملازما لي لا ينفكُّ عني حتى أنفكَّ عنه مفارقا ميتا..فأنت وإن كنتِ الماضي والحاضر والآتي ، إلا أنَّ استطعامَ حبِّك في فمي ، وجريانه في عروقي جَمعَ الأزمنةَ في الواقع المعاش.وكأنكِ بذلك تحجُبين بواقع قدَرِكِ في حياتي كلَّ زمان أتى أو لم يأت ،يا حاضرا في ثلاثة ،وثلاثة في حاضر واحد.
    وما سأكتبُه لكِ اليوم يجْنحُ بي في عواصف المتناقضات ،فإذا بي كالقابض على الماء وليس بقابضٍ ،وكالغادي بين جنة ونار لا يستغني عن إحداهما ،وكالريشة تحلق في الفضاء وليس ثمةَ أرضٌ لها ولاسماءٌ...فأنتِ –ياظلوم-أجملُ من رأيتُ ،وأظلم من عاملتُ،وأقسى من لاطفتُ،ومع كل ذلك أنت أحبُّ من عرفتُ ،بل أعرف من أحببت...ويحك! كيف لي بحرية التنقل بين هاتيك التعرُّجات !!وأي وصف سأستقر عليه ومباعدة أوصافك ضاربةٌ في عمق الزمن ،أصغرُ مسافة بين الواحدة والأخرى كأكبرِ مسافة بين النفي والإثبات،فالله الله فيمن ابتُلي بما ليس من وجوده بدٌّ ،وليس عنْ محيطه مهرب.
    حبيبةَ روحي أيتها الظالمة..أنا ههنا على عهدي الأول ،وحبي الأول.. قُدِّرَ لي أنْ ألزمَ بابا مغلقا ،والمفتاح ضائعٌ في عرض صحراء واسعةٍ ،ألقتْ به يدُك هناك ،ثم ألقتْ بي وراءَه لأبحثَ عنكِ ،فالبحث عنك نشوةُ عقلك ،وراحةُ أساريرك، ناسيةً متجاهلةً عرضَ الصحراءِ وطولَها ،وكأنك بذلك الأمر تغسلين يدي من آخر لمسة رجاءٍ فيك ،وكانت الصحراءُ اختياراً موفقا لك ،مهما كان معذِّبا لي.. لعلمك أن الصحراءَ موطنُ السراب العارض ..ولو قلتُ لك إنَّ المنال مفقودٌ بلا رجعةٍ لما أصغيتِ البتةَ إلا لرجْع ضحكاتك على أشلاء قلبي ..ويحك ! لا ترحمي قلبي بل ارحمي وجودَك الماثلَ فيه، وارحمي حبك من تمزيق سكينك فهاهو باسطٌ فيه جسماً راكزُ فيه علَما ..قلبٌ أحبك فداوى جراحَك فيه بك ،وليت شعري أيُّ فرقٍ بين الداء والدواء ! إذا كان داؤك أخفَّ بكثير من دوائك.وبُعْدك أحنى علي من قربك ،وقربُك أحنى من بُعْدِك، والقدَرُ الذي غيّبك أتى بك مسلطّةً على ماتبقَّّى من رفاتي ..فهل أهنئكِ وأبارك لك ؟ أم هل أتقلب كلَّ يوم أمام عينيك لتقرئي قبيل نومك قصة معذَّبِك ؟وتُديري أنغامَ معزوفة على صوت التمزق في خلَدي.
    وكفاكِ ظلما –"يا أعدل الناس إلا في معاملتي"- أنْ تريْ فيّ أكبرَ الخصومِ لك ،وأنت موقنة أنني أغرق الخلق في محيط حبك ، وما رأيتِني كذلك إلا لعلمك أن طريق الظلم لا يكْمُل إلا بإيقاع الظلم مني عليك زورا وهو من مستحيلات الأقدار .. ولو صُدِّقَ قولُك مهما صُدِّق لكذَّبَه وَجِيبُ قلبي الذي سمعتِه يوما وهو يُصَبُّ في أذنيك صباً ، ولكذَّبتْه دموعي الصائرة ُ على مجرى سَحِّها قربةً ضاع وكاؤها ،ولكذَّبه شُحوبُ جسمي من شدة الشوق ووطأة الضنى ،ولكذبتْه الليالي تلك التي تقضّتْ ذاهبةً راجعةً بين نظرة في أثرٍ ،وأنَّةٍ في ولَهٍ،وتقليبٍ في صفحة نُقشَ فيها اسمُك الغالي .لله كم أنتِ في قسوةٍ معاذ الله نعهَدُها في شيء ولو كان صخرا أصم صلدا ،ولله كم أحبُّك حبا لا يسعه لجبروته إلا مجاهيل ظلمك ،يا مَنْ أُحِبُّكِ بقدْر ظلمك ،فلا الحب يفنى ولا الظلم يزول.
    والآنَ- وبعدَ مضيِّ قدرٍ،ورغم عذابي في هواك المستمتعة به تفكُّها وتلذُّذاً-أقول لك :إنَّ مبلغ ماتبقَّى لي من كينونة ذاتٍ حملني اليوم على هجرِك وأنا يكاد الشوق يفتك بي،وعلى تجنُّبك وحبك يسري في مفاصلي كسيل العرم ..فاذهبي ،واحذري إرسال نظرة إليَّ ،وتلك هي رسائلي وأشعاري أشعلي بها ليل ظُلْمك وظلامك،ولا تكرميها بلحظة تأمل فما كان فيها تسرّبَ في ضلوعي ،ثم تسرّبَ من ضلوعك .

  2. #2
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Jul 2003
    المشاركات : 5,436
    المواضيع : 115
    الردود : 5436
    المعدل اليومي : 0.71

    افتراضي

    أحمد لها - بكل صدق - ظلمها ؛ فما كان منها إلا أن أخرجت لنا أديباً بارعاً و أصيلاً تصعب مجارته .

    لله در قلمك أيها الأديب ما أكمله !

    أرجو ألا تكون هذه رسالتك الأخيرة إليها و أنت تدفع بكل ما كتبته إليها غير آسف لتحرقه ظلماً ، فمن يجد الكلمة غذاء روحه سيتوق دوماً إلى حرف كحرفك أصيل .

    تقديري .

  3. #3
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.37

    افتراضي

    الفلاسي..
    تأخذ رسائلك هذه الى رحاب الرافعي في اوراقه التي استمرت تمدنا بالوان العشق لسنوات طويلة..وهنا استحضر الطائشة، وفلسفتها التي بها استطاعت ات تطيش يعقله وتجعله يقع في حبها، ومن تبدأ معه برحلة استنزاف عاطفي تجعله يحس بمظلوميته امامها وظلمها له..كما كان الامر عكسيا في البدء، حيث كانت هي تستنطق منه الحرف، وتبحث عن همسة منه، بلا كانت تمارس شتى وسائل الغواية من اجل استمالته اليها.
    ربما ووقفة سايكولوجية هنا تعطينا نظرة الى النص وماهيته، من حيث بعد اخر، ليس المعتاد، وهذه النظرة تبدأ بسؤال عله يضعنا على الطريق السليم للدخول الى ما نبغيه، ترى هل المرأة عندما تجد من يحبها بصدق تتعمد اذابته وصهر اوصاله بفنون مكرها وغوايتها..؟
    ربما يقول اخر هذا تحامل على المرأة وانا اقول انه السبيل لمعرفة ما تخفي هذه الظاهرة من خفايا ربما ترشدنا للقول السليم بعيدا عن التعصب الجنسي سواء أكان ذكرا ام انثى.
    الامر بدا لي وكأنه اصبح معتادا عليه، ومكررا، وليس بغريب على احد ان المرأة متى ما تمكنت من الحبيب قلبا وقالبا تحولت الى اثارة ما يصهره ويجعله كخاتم في اصبعها، وربما اجدها تبرر لكل عمل سببا لايقنع الاخر، ولايملي عليه قناعته، ولربما نجد من تغافله وتحاول ان تثير ما يمكن ان يثير فيه ملكة الرجولة والغيرة، فتحاول ان تثير معه امور تخص مفاتنها، وكانها تريد رسم لوحة غواية لمن احبته، حتى تدخله مادة داخل اطارها الداخلي فتملكه روحا وعقلا، ولاتبقي له منفذ الا من خلال ابواب هي ترسمه.
    لااعلم هل انا من تطرفت في رأي وبوحي هذا، أم ان ظلمها في نصك قد وصل لمرحلة الافراط..ربما الامران معا..نعم رما الامران معا.
    الفلاسي...ربما تغفر لي هذه الهمسة الاي قد تثير زوبعة عليك منها..؟

    محبتي لك
    جوتيار

  4. #4
    الصورة الرمزية سحر الليالي أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الحبيبة كــويت
    العمر : 38
    المشاركات : 10,147
    المواضيع : 309
    الردود : 10147
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    الرائع " أحمد الفلاسي":

    لشفافية حرفكــ معان تنبض...!!!
    فعلى ضفافكـــ تغفو كل أبجديات العشق..!
    رسالة مطرزة بالياسمين ...!!
    رائــ ع وأكثر..!
    كن بالقربـــ دوما حتى نتعطر بحرفكــ.

    تقبل خالصــ إعجابي وتقديري وباقة بنفسج

  5. #5
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    الأخ أحمد الفلاسي ..

    ألا ترنا أنك جعلتنا نتلهف لوصول بريدك إليها ، والذي تتلقفه أعيننا بلهفة الشوق ، كمن ينتظر أن تصله رسالة تطفئ لهيب الشوق المشتعل بين الضلوع ..
    إنه الشوق لأسلوب أدبي راق ، عشقناه ، ومهما استزدنا منه ، وساتقينا من حرفه الزلال ، بات الظمأ أكثر شدة ..
    يلتغي الوجود ، ولا يبقى إلا سطورك ، نحلق في فضائها ، لتسمو الروح مع سمو مشاعرك الفياضة ، في هذه الرسائل الرائعة أسلوبا وتعبيرا ولغة ، والتي تحل أجمل الصور والتشبيها وأروعها .

    أتمنى أن لا تكون آخر الرسائل إليها ..
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  6. #6
    الصورة الرمزية مروة عبدالله قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    المشاركات : 3,215
    المواضيع : 74
    الردود : 3215
    المعدل اليومي : 0.50

    افتراضي

    الأديب أحمد الفلاسي

    حرف يستثير الشجن
    ما تسكبه أحبارك ..
    أخشى أن تغرقنا يوما
    بين فواصل الشجن العابقة
    بالبوح ..!!


    دمتَ لا تشبه إلا أنت ..

    تقديري

  7. #7
    الصورة الرمزية عتيق بن راشد الفلاسي أحمد الفلاسي
    شاعر وناثر

    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 1,453
    المواضيع : 69
    الردود : 1453
    المعدل اليومي : 0.22

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حوراء آل بورنو مشاهدة المشاركة
    أحمد لها - بكل صدق - ظلمها ؛ فما كان منها إلا أن أخرجت لنا أديباً بارعاً و أصيلاً تصعب مجارته .
    لله در قلمك أيها الأديب ما أكمله !
    أرجو ألا تكون هذه رسالتك الأخيرة إليها و أنت تدفع بكل ما كتبته إليها غير آسف لتحرقه ظلماً ، فمن يجد الكلمة غذاء روحه سيتوق دوماً إلى حرف كحرفك أصيل .
    تقديري .
    كثيرا ما سئلت عن سبب إدراج الظلم في طي الحديث عن عالم الحب الروحي..وبهذا التمييز القاضي بضرورة الفصل بين حب الروح وحب الجسد تبين الفارق بين ظلم وظلم..فالظلم المنبعث من المحبوب مهما كان سيظل رهن عصيان قوانين الحب ،ومايراه المحب العاشق ليس ضرورة أن يراه الآخرون،فلأهل العشق دولة .
    وبكل تأكيد أتفق معك -أديبتي-أن بنيات الأدب لا يمهرهن عرائسَ إلا مجموعُ اللوعة والشوق والصبر والوجد لدى أديب عاشق،ومن هذه المحنة تتفتق زهور المنحة.
    كلي فخر وامتنان أن تكوني أول من تصافحك رسالتي ..إلى اللقاء.

  8. #8
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    الأديب أحمد الفلاسي

    لقد أمتعت عقلي وقلبي برسائلك الكريمة ، وأدبك الرفيع.

    بارك الله فيك .

    تقبل تحياتي وتقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    الصورة الرمزية منى الخالدي أديبة
    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    الدولة : أرض الغربة
    المشاركات : 2,316
    المواضيع : 98
    الردود : 2316
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي أحمد الفلاسي..

    أديبنا المتألق

    سأقف بالجوار ، أحمل بين يديّ شمعة ، تضيء لك عتمتكَ ، كلّما هم القمر بالرحيل ، واختنق نوره
    بسحبٍ رماديّة قد..تبعدك عن الكتابة..

    وإن لزم الأمر
    ساشعل أصابعي لك شموعاً ، لأتلذذ بهذا الجمال وعلى طول الإبداع..

    مختلفٌ أنت
    مختلفٌ..
    مختلف !
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    شكرا للحبيبة سحر الليالي على التوقيع الرائع

  10. #10
    الصورة الرمزية سمو الكعبي شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2007
    الدولة : في صومعتي
    المشاركات : 1,967
    المواضيع : 70
    الردود : 1967
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد الفلاسي مشاهدة المشاركة
    أكتبُ لكِ في هذه اللحظات والقلمُ في يدي ضائع شارد ،لقد اختلطتْ في عينه الجهاتُ فلم تعد ستاً وإنما زادتْ فخرجتْ عن حصر العد ،وذاك لا لشيء إلا لأنَّ قَدَرَك في حياتي خارجٌ عن نطاق المحدود والمعلوم والمرسوم،فالجهات كثُرَتْ واتَّسعتْ لاتّساع هيمنتك فوق ساحة عمري ..ولم تكن مبالغةً مني أنْ أصفَها كذلك بل هي قدرةٌ مني يكْمُن تفوُّقها في إمكانية وصفها ،والحديث عنها.ووصفُ المشاعر فوقَ رسْم الحروف ،ورُتَبِ الأفكار ،وما سألت عاشقا مرة عن مقدار ووزن وطول وعرض وكمية وعدد ما يجد ويُكِنُّ لمحبوبة إلا ردَّ علي قائلا: لا أرى المقادير قد وُجِدتْ إلا بعد وجود حبِّ مَنْ أهوى في حياتي ،وما ا لمقاديرُ إلا نِسَبٌ لمحدودٍ ،وحبي لحبيبي فوق حدّ المحدود.
    مقدمة عقلية ..منطقية..... ممزوجة... بذكاء من كتبها , أحسنت صنعا , عملت بزمام أهل المنطق, مقدمة ومقدمة ونتيجة .
    أكتبُ لك –يا ظلوم- ما قلتُه لكِ سابقا ،وأكتب لك ما أنت به عالمةٌ سلَفَا ،وأكتب لك ما يَجمعُ الأزمنةَ في زمان واحد وهو الجديد المعاش ،فأنتِ أنتِ لم يَحْمِلك الماضي في طيَّاته العتيقة ،واعتَذرَ عنك الآتي في جديده المغيَّب ،لأحملك حاضراً ملازما لي لا ينفكُّ عني حتى أنفكَّ عنه مفارقا ميتا..فأنت وإن كنتِ الماضي والحاضر والآتي ، إلا أنَّ استطعامَ حبِّك في فمي ، وجريانه في عروقي جَمعَ الأزمنةَ في الواقع المعاش.وكأنكِ بذلك تحجُبين بواقع قدَرِكِ في حياتي كلَّ زمان أتى أو لم يأت ،يا حاضرا في ثلاثة ،وثلاثة في حاضر واحد.
    [[SIZE="5"]COLOR="Magenta"]ما أروع ما أبدعت هنا , جمعت الزمان في الزمان , فلا هو بالماضي المَبكِـي عليه , ولا بالحاضر المقيم فيه , ولا المستقبل الذي تهفو إليه, وفوق ذاك وذاك يتجلى لك السنا وتزدان لك المنى , مُعجزٌ حقا .
    [/COLOR]
    وما سأكتبُه لكِ اليوم يجْنحُ بي في عواصف المتناقضات ،فإذا بي كالقابض على الماء وليس بقابضٍ ،وكالغادي بين جنة ونار لا يستغني عن إحداهما ،وكالريشة تحلق في الفضاء وليس ثمةَ أرضٌ لها ولاسماءٌ...فأنتِ –ياظلوم-أجملُ من رأيتُ ،وأظلم من عاملتُ،وأقسى من لاطفتُ،ومع كل ذلك أنت أحبُّ من عرفتُ ،بل أعرف من أحببت...ويحك! كيف لي بحرية التنقل بين هاتيك التعرُّجات !!وأي وصف سأستقر عليه ومباعدة أوصافك ضاربةٌ في عمق الزمن ،أصغرُ مسافة بين الواحدة والأخرى كأكبرِ مسافة بين النفي والإثبات،فالله الله فيمن ابتُلي بما ليس من وجوده بدٌّ ،وليس عنْ محيطه مهرب.
    نعم ومن المتناقضات ما نعيش عليه ونقتات منه ,حيث النور يختلج الظلام , وحيث تمتزج اللذة بالألم , الوضوح والغموض .
    بربك لو لم تكن هاتيك المُتعرجات فمن أين تأتي اللذة والسعاة , صدق أبو الطيب المتنبي:
    ولولا لم يكن في الحب سخط ولا رضا = فأيـن حـلاوة الرسائـل والكـتـب .
    آهٍ أيها الأديب الأريب .
    وقولك: "والأخرى كأكبرِ مسافة بين النفي والإثبات،"
    ويُجمع مابين النفي والإثبات بأسلوب القصر والحصر ألا ترى أنك إذا قلت: "جاء القوم إلا رجلاً" نفيت مجيئ الرجل وأثبت مجيئ القوم .
    فأجمع تلك المتعرجات بذكائك كما جمعها أسلوب القصر بشموله , ومثلك لا تنقصه فطنة .

    حبيبةَ روحي أيتها الظالمة..أنا ههنا على عهدي الأول ،وحبي الأول.. قُدِّرَ لي أنْ ألزمَ بابا مغلقا ،والمفتاح ضائعٌ في عرض صحراء واسعةٍ ،ألقتْ به يدُك هناك ،ثم ألقتْ بي وراءَه لأبحثَ عنكِ ،فالبحث عنك نشوةُ عقلك ،وراحةُ أساريرك، ناسيةً متجاهلةً عرضَ الصحراءِ وطولَها ،وكأنك بذلك الأمر تغسلين يدي من آخر لمسة رجاءٍ فيك ،وكانت الصحراءُ اختياراً موفقا لك ،مهما كان معذِّبا لي.. لعلمك أن الصحراءَ موطنُ السراب العارض ..ولو قلتُ لك إنَّ المنال مفقودٌ بلا رجعةٍ لما أصغيتِ البتةَ إلا لرجْع ضحكاتك على أشلاء قلبي ..ويحك ! لا ترحمي قلبي بل ارحمي وجودَك الماثلَ فيه، وارحمي حبك من تمزيق سكينك فهاهو باسطٌ فيه جسماً راكزُ فيه علَما ..قلبٌ أحبك فداوى جراحَك فيه بك ،

    ذكاء -قابله الكاتب بذكاء , حقا إني أرى صراع الند للند هنا

    وليت شعري أيُّ فرقٍ بين الداء والدواء ! إذا كان داؤك أخفَّ بكثير من دوائك.وبُعْدك أحنى علي من قربك ،وقربُك أحنى من بُعْدِك، والقدَرُ الذي غيّبك أتى بك مسلطّةً على ماتبقَّّى من رفاتي ..فهل أهنئكِ وأبارك لك ؟ أم هل أتقلب كلَّ يوم أمام عينيك لتقرئي قبيل نومك قصة معذَّبِك ؟وتُديري أنغامَ معزوفة على صوت التمزق في خلَدي.
    وتعود المُتناقضات هنا, الفطنة تتبعها الفطنة
    وكفاكِ ظلما –"يا أعدل الناس إلا في معاملتي"- أنْ تريْ فيّ أكبرَ الخصومِ لك ،وأنت موقنة أنني أغرق الخلق في محيط حبك ، وما رأيتِني كذلك إلا لعلمك أن طريق الظلم لا يكْمُل إلا بإيقاع الظلم مني عليك زورا وهو من مستحيلات الأقدار .. ولو صُدِّقَ قولُك مهما صُدِّق لكذَّبَه وَجِيبُ قلبي الذي سمعتِه يوما وهو يُصَبُّ في أذنيك صباً ، ولكذَّبتْه دموعي الصائرة ُ على مجرى سَحِّها قربةً ضاع وكاؤها ،ولكذَّبه شُحوبُ جسمي من شدة الشوق ووطأة الضنى ،ولكذبتْه الليالي تلك التي تقضّتْ ذاهبةً راجعةً بين نظرة في أثرٍ ،وأنَّةٍ في ولَهٍ،وتقليبٍ في صفحة نُقشَ فيها اسمُك الغالي .لله كم أنتِ في قسوةٍ معاذ الله نعهَدُها في شيء ولو كان صخرا أصم صلدا ،ولله كم أحبُّك حبا لا يسعه لجبروته إلا مجاهيل ظلمك ،يا مَنْ أُحِبُّكِ بقدْر ظلمك ،فلا الحب يفنى ولا الظلم يزول.
    في رقة نصك عذوبة حرفك أجد في تكرارك لكلمة ظالمة والظلم شيء من الشطط وبذلك تقلب الميزان عليك , ولا سيما في المقطع الأخير من النص, وإن كنت مُتشفِّـعا بأنفة المحب
    والآنَ- وبعدَ مضيِّ قدرٍ،ورغم عذابي في هواك المستمتعة به تفكُّها وتلذُّذاً-أقول لك :إنَّ مبلغ ماتبقَّى لي من كينونة ذاتٍ حملني اليوم على هجرِك وأنا يكاد الشوق يفتك بي،وعلى تجنُّبك وحبك يسري في مفاصلي كسيل العرم ..فاذهبي ،واحذري إرسال نظرة إليَّ ،وتلك هي رسائلي وأشعاري أشعلي بها ليل ظُلْمك وظلامك،ولا تكرميها بلحظة تأمل فما كان فيها تسرّبَ في ضلوعي ،ثم تسرّبَ من ضلوعك .
    [/SIZE]
    في المقطع الأخير أنفة عربية أبية أحببتها كثيرا, لولا تكرار النداء بالظلم فيما سبق .
    أما أمرك لها بالذهاب ففيه جمال تجلت منه صور تبادل الأدوار , وكان الجناس والطباق اللذا ن لعبا الدور,فكانا خير مُمثل ٍ هنا , -في ضلوعي -ومن ضلوعي- ظلمك وظلامك , فبعد هاتين العبارتين لا أظن بظانٍ إلا ويتمنى جناسك وطباقك بعدما قلل الكثير من قدر أبيهما البديع لكونه حلية ً لفظية دون المعنى , وكان هنا قالبا المعنى .
    [/SIZE]
    [FONT="Tahoma"]أيها الأديب :
    درٌ نثرته هنا ومُرٌ أسكرته ببديع قولك , نظم متماسك, ومعنى عزير يحتاج إلى نظرة ثاقبة ممن تسللح بالحس والجمال _ ولا أدعي هذا الشرف ,باختصار أيها الشاعر الناثر:
    التاسعة جاءت فاجعة وواسعة بأفق تألق فيه قلم الفلاسي ,فرسم لنا منوليزا جديدة بملامح عربية.
    [/FONT]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    فلنغتم أوقاتنا بسماع القران :http://quran.muslim-web.com/

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. قطار التاسعة ليلا
    بواسطة محمد ابو الصقيل في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 24-12-2015, 08:02 PM
  2. في ذكرى حرق المسجد الأقصى الشريف التاسعة والثلاثين، ماذا أنتم فاعلون؟
    بواسطة ماجدة ماجد صبّاح في المنتدى نُصْرَةُ فِلِسْطِين وَالقُدْسِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 04-04-2009, 10:44 PM
  3. فضفضة ثقافية (الحلقة التاسعة)
    بواسطة محمود سلامة الهايشة في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 20-07-2008, 03:04 PM
  4. اعترافات الكأس التاسعة
    بواسطة معاذ الديري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 04-08-2007, 08:38 PM