سؤال .. وإجابة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أخوتي ومعـلميَّ أولي الفضل ..

أسعـد الله جميع أوقاتِكم بالخير والمسرّات ..

تردّدت كثيرا ً في طرح هذا الموضوع .. ولكني عقدت العزم أخيرا ً على طرحه لعلمي بأن طلب العلم لاحياءَ فيه ..
أحبّتي .. لايَخفاكم تواجدُ الكثير مِن الأساتذة وأهل العلم في اللغة بـين جنبات هذا المنتدى الشامخ .. كما لايخفاكم تواجد طلبة العلم المبتدئين أمثالي ممن يرجون ويلتمسون العلم عند أصحابه ..
لِذا فلن أخجل من الاستزادة مِن علم مالا أعلم ..
أحبّتي .. كثيرا ً ماتعرض لي بعض التساؤلات في شتى علوم اللغة .. فأحتار كيف لي أن أسأل ؟؟ وأين ؟؟
فقرّرت في النهاية - بعد إذنكم جميعا ً - أن يتواجد موضوع في هذه الواحة لطرح بعض الإشكالات أو الأمور الغامِضة التي تحتاج إلى إيضاح ليتسنّى للجميع الاستفادة من علم الأخوة الأفاضِل ..
ورأيت أن يكون مكان هذا الموضوع ( دوحة النحو والنقد والعروض ) - هكذا رأيت ولكم نقل الموضوع إلى أي دوحة ترونها أنسب -

وكبداية .. شـغـلني أمر لاأعلم مدى صحته لغة ً .. وهو دخول ( ال ) على ( لا ) كقولنا ( اللا معقول - اللامحدود ) ..
فهل هذا سائغ لغة ؟؟

أتمنى ألا تبخلوا علينا بعلمكم زادكم الله علما ً ..

ولكم خالص تقديري وتحياتي ..

فكرة ليس من الصواب تجاهلها أخ متذوق


بارك الله فيك

وسدد المشرفين لكل ما يرفع من ذائقياتنا ويرتقي بنا لرفيع الأدب

أخي متذوق:

سؤال جيد وأراه جدير بالمناقشة فعلاً.

وإذ تنقصني المراجع لم أجد إلا أن أعتمد على سليقتي وكتاب ربي في أن أجتهد في محاولة لإثراء الحوار.

أقول بأننا قبل أن نناقش إضافة أل التعريف علينا أن نناقش إن كان استخدام النفي بـ (لا) للصفة صواب أم غير ذلك.
حين رجعت للقرآن وجدت عشرات الآيات التي تحتوي على النفي بلفظة (غير) والتي تعني (لا) كقوله تعالى في الآيات:
(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) (الفاتحة:7)
(ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (آل عمران:154)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) (المائدة:1)
(وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (هود:108)
(أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النحل:21)
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ) (النور:29)
(إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ) (المعارج:28)
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (فصلت:8)

وهكذا تأتي معظم الآيات باستخدام النفي بغير ... (غير مجذوذ ، غير ممنون ، غير الحق ، غير محلي الصيد .... وهكذا) وهذا ما تستسيغه سليقتي ولا أقول به قانوناً.

وحين نبحث في القرآن عن استخدام (لا) لنفي الصفة نجد أنها وردت بالكاد كما في قوله تعالى:
(قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ) (البقرة:71)
وهذا يعني جواز استخدام (لا) لنفي الصفة ولكن لم يرد في القرآن ما يفيد إجازة إضافة أل التعريف للصفة المنفية بلا عكس الصفة المنفية بغير.
وقد ورد استخدام (لا) أكثر ما ورد في اللغة في نفي المصدر كقولنا ( لا ريب ، لا شك ... ) وكقوله تعالى:
(ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (البقرة:2)
(رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (آل عمران:9)
(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (النساء:114)

وهذا كله يقودني إلى أن الأصوب في نفي الصفات استخدام (غير) خصوصاً إذا عرفت بأل أو بالإضافة وأن نستخدم النفي بـ (لا) مع المصادر ولعلي أقيس ذائقتي بهذا المثال مثلاً:
الجدل لا خير فيه فابتعد عنه.
الجدل غير مثمر فابتعد عنه.
ولو عكسنا الأمر وقارنا تتضح الغرابة:
الجدل غير خير فيه فابتعد عنه.
الجدل لا مثمر فابتعد عنه.

ثم قولنا مثلاً:
الجدل غير المثمر مضيعة للوقت.
أهي خير أم أن نقول:
الجدل اللامثمر مضيعة للوقت.

ولو عدنا لنتحدث عن أصل السؤال لوجدنا أن استخدام نفي الصفة بـ (لا) غير صائب وشاذ ولا أراني أستسيغ استخدامه ناهيك عن تعريفه.


هذا اجتهادنا ونود لو نجد من يعين على توضيح ذلك من أهل الاختصاص في اللغة.


تحياتي وودي