أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: الخطاب العجيب في رسالة الغفران

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2007
    المشاركات : 590
    المواضيع : 50
    الردود : 590
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي الخطاب العجيب في رسالة الغفران

    ( هذا جزء من دراسة مطولة حول رسالة الغفران : البناء والدلالة : الفصل الثاني )
    الخطاب العجيب في رسالة الغفران
    لأبي العلاء المعري
    إعداد : محمد بن الطيب الحامدي
    قد لا يكون الحديث في " رسالة الغفران " لأبي العلاء المعري إلا مجازفة تنتهي إلى حيرة أكثر من انتهائها إلى إقرار وقول فصل . فغفران المعرّي كان موضوع حديث عدد هائل من النقاد ، فالكل ّ أدلى بدلوه في تضاريس الرسالة وكان الغنم وافرا أحيانا وشحيحا أحيانا أخرى . وإن نحن نروم البحث في ما بدا عجيبا من خطاب المعري في هذا النص الإبداعي الذي يكاد يكون ، فريدا ، فإننا نحاول أن نؤسس قراءة أخرى للرسالة ، نقول قراءة أخرى ونقصد بذلك أنها قد لا تكون جديدة . وإنما الغاية متعة القراءة ، والهدف الطرق من جديد ، أو لنقل الطرق الآخر .
    ثم إننا ونحن نقرأ الرسالة من هذه النافذة ، نافذة الخطاب العجيب ، نستحضر متقبلا عالما بأسرارها ، مستحضرا بدوره لآراء هائلة قيلت في ، نص " أبي العلاء " . ومع ذلك فإن قول أبي حيان التوحيدي " إنّ الكلام على الكلام صعب " لا يمنعنا من موازاة مغامرة " ابن القارح " في الجنان ، في مغامرة ثانية نشرّع من خلالها لحضورنا باعتبارنا قرّاء لهذا النص الذي نحاول أن نبحث فيه عن خصوصية الخطاب العجيب ، نشرّع لحضورنا بمعنى أن علاقتنا مع النص لم تكن خالية من الحيرة خاصة وأنّ العقلية المنطقية التي تشدنا إلى القوانين السببية تجعلنا في حيرة إزاء هذا النص / الحدث الذي نعتبره نصا / حدثا غير طبيعي ، بأي فهم شئت للنصّ / الحدث الطبيعي .
    تتوفر في النص – نص الرسالة طبعا – ظواهر لا تتورّع على أن تسفر عن عجائبيتها في وضوح بيّن حتى أنه لا يبدو واضحا أحيانا ( لا تكاد تشعر به لوضوحه ) . فهذه حيوانات تنطق بفصاحة العرب ، وتلك ثمار تنقلب إلى جوار شقر حسان ، وهناك في ذلك العالم قصور من الجواهر فوق تراب من العنبر والمسك ... وغير ذلك كثير كثرة مكونات أي عالم من العوالم .
    ثم إنّ انبثاق النص كان انبثاقا غير عادي ولا يمكن له أن يحدث في الواقع وطبق مقاييس العقل ، نقصد بذلك انقلاب حروف رسالة ابن القارح إلى أشباح نور وأشجار ... فالانزياح إذن كان منذ العروج من عالم الواقع إلى عالم الخيال أي العروج من عالم المعقول إلى عالم العجيب .
    كما أن مشروعية هذه المسألة تتأكد من خلال تواتر ألفاظ أو تراكيب في الأثر تفيد العجب . فقد تواترت هذه اللفظة حتى صارت من الثوابت في أحداث الرسالة ، يقول أحد الشخوص : " ومن العجب أنّ الجرادتين في أقاصي الجنة ... " 1 ويقول الراوي عن أحد الشخوص وهو ابن القارح : " فيعجب الشيخ من هذه المقالة " 2 ويقول ابن القارح : " فيعجب وحقّ له العجب " 3 فالكل يبدو في الرسالة مستفسرا متعجّبا ، يقول أحد الشخوص بعد أن رجع الطاووس إلى حاله : " سبحان من يحيي العظام وهي رميم" .
    إنّ بحثنا في الخطاب العجيب إذن سيكون هدفه ومنطلقه ما اعتيد أن يسمّى قسم الرحلة . ولا يعني ذلك أنّنا نشرّع للفصل بين القسمين ، فذلك عندنا خطأ منهجي فادح ، ولكنّ طبيعة السّؤال الذي نروم طرحه اقتضت التّركيز على هذا الفصل من " الغفران " رغم أنّنا قد لا نعدم بعض مظاهر العجب فيما سمي قسم " الردّ المباشر " ، إضافة إلى هذا المنطلق ، فلنا أساس آخر عليه نقيم قولنا هذا وهو مصادرة مفادها أن من مقوّمات الأثر الأدبي أو من أسس وجوده لغته ، فاللّغة مؤسسة لكلّ أثر أدبي ومتجاوزة له إذ يعلن
    Rouland Barthes " وكلّما خط الكاتب تشكيلة أو مركّبا من الكلمات إلاّ وكان وجود الأدب نفسه مطروحا للتساؤل "
    بقي أن نقدّم الآن تصوّرنا لهذا العنوان العجيب في حدّ ذاته إذ ما الذي نقصده بعبارة " خطاب عجيب " . يقول “ Le fantasstique c’est : T. Todorov l’hesitation eprouvee par un etre qui ne connait que les lois natorelles face a un evenement surnaturel “ 4 .
    إنّ الخطاب العجيب هو النّمط الإعجازي والمثير للعجب ، فهو يتجاوز حدود الواقع إلى عالم ذي التزامات مغايرة تماما . فهو عالم له قوانينه الخاصة التي تتجاوز شروحنا العادية حول الصّدفة والقدر .
    العجب أو العالم العجيب هو مرتبة من الخيال موغلة في التخييل إلى درجة الخروج عن مقاييس العقل : فإذا كان مقياس الخيال هو مدى القرب أو البعد عن مقاييس الواقع ، فإن العجب يكمن في مدى بعد الكلام عن العقل أو المعقول . ثمّ إنّ النّصّ العجيب لا يستحقّ هذا الوصف إلاّ إذا أقنعك بأنه ليس عجيبا ؛ بل هو عالم أحياء على سبيل الحقيقة ؛ تلك هي المفارقة الجوهرية في كلّ ألوان الخطاب الأدبي ، ذلك أنّ قوامه مفارقة الوهم والحقيقة ، الحلم والواقع ، العقل وما وراء العقل . بل إنّ الفنّ جميعا يتأسّس على هذه المفارقة . ولكنّ الأدب – وهو فنّ لا محالة – رغم أنّه وهم فهو إلى ذلك إيهام بأنّه ليس وهما .
    فالخطاب العجيب يتحدّد إذن عبر المقارنة بين الحقيقي والخيالي ، بين المعقول والّلامعقول . فهو خطاب يصوّر علما عجيبا لا يرتبط بالحقيقة إلاّ في مستوى اللّفظ ، وهو عالم ليس له وجود خارج اللّغة . والخطاب العجيب – إلى ذلك – لا يستمرّ إلاّ زمن الحيرة ؛ وهي حيرة مشتركة بين القارئ والشخوص وأنه خطاب يتميّز بإدماج المخيف في إطار الحياة الواقعية ، وإيراد أحداث غير ممكنة في الحياة . فإذا كان الفنّ يقوم على هذه المفارقة فإنّ نصّ الغفران يمكن أن ينطبق عليه ما تقدّم من تعريف للخطاب العجيب . فالنصّ يضعنا إزاء معطيات غير مألوفة ولكنّه منذ البداية تتظافر فيه معطيات تحاول أن تروّض المتقبّل بسكونها لقبول ما سيحدث في النصّ من خوارق وعجائب عندما تبدأ الحركة ويشتغل محرّك النصّ الأساسي . ومن هذه المعطيات أيضا ما تبدو عليه الأحداث من وعي بعجائبيتها ذلك أنها ليست على نفس الدّرجة من العجب ، ثمّ غنّها تخضع في ظهورها لنسق تدرّج منطقي معقول ؛ فنحن أثناء قراءتنا نتدرّج مع النّصّ من العجب إلى الأعجب إلى الأشدّ عجبا .
    هكذا يبدو العجيب خاضعا لمنطق ومعقول وذلك هو قصدنا بأنّ هذا العجب يوهمك بعكس ذلك تماما . كما أنّ عنصرا آخر يسلّط مفعوله على كلّ النّصّ تقريبا ؛ وهو عنصر القدرة الإلهية . فلهذا العنصر من الأهمية في النص ما له من أهمية في الرّؤية الإسلامية عموما ذلك أنه من أهمّ مقومات الثقافة الجمعية والمعتقد المشترك . وهو كذلك من أهمّ العوامل التي تقوم بدور مزدوج ؛ فهو من جهة يشرّع ظهور العجائب باعتبار أنّ الله قادر على كلّ شيء ، وهو من جهة أخرى يبطل العجائب إبطالا كاملا لأنّ المؤمن ينطلق من أنّ قدرة الله قادرة على أن تبدع " ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " كما ورد في الحديث الشريف واستشهد به أبو العلاء نفسه ، وما لا يمكن للعقل أن يتصوّره . ولكن بسبب ذلك يكاد عنصر القدرة الإلهية يبطل صفة العجب على جميع هذه الأحوال لأنّ من آمن بقدرة الله لا يفاجئه شيء مهما بلغ من العجب والغرابة ومهما أدرك خرج عن مستوى إدراكه ومقاييس عقله ، بل إنّ قوة الإيمان وضعفه إنما يقاسان بمدى إيمان المؤمن بما لا يدركه العقل البشري الموصوف بالعجز والمحدودية أصلا . ثمّ إنّ هذا العنصر بما أنّه يتصدّر بداية النصّ فإنّه قد أضفى عليه وجه خصوصية يميّزه عماّ نجده من مواصفات النصّ العجيب عند T. Todorov خصوصا . فهو يرى أنّ النّصّ العجيب يبدأ بحدوث شيء غير مألوف ينعكس في ذهن المتقبّل في شكل شبهة تحمله على التساؤل : أفي وهم هو أم في حقيقة ؟ و عملا بهذا المبدإ تبدو " رسالة الغفران " قابلة لهذا التعريف إذ أنّ موقف الانزياح هو مثير لشبهة في ذهن المتقبل و لاينفك المعري يحاول طيلة النصّ رفع تلك الشبهة . كما يرى Todorov T. أنّ صاحب الخطاب العجيب يجتهد في إقناعك بأنّ خطابه يتعلق بعالم أحياء حقيقي ليس عجيبا ، ونصّ الغفران تتوفّر فيه هذه المعطيات .
    و لكن ثمّة عنصر آخر في تصوّر T.Todorov لا ينطبق على الغفران وهو ما يتعلق بنهاية النصّ فـ T.Todorov يتصوّر أنّ الأثر العجيب يبدأ بشيهة وينتهي إلى نهاية ينبغي أن تزول فيها تلك الشبهة . فالسّؤال الذي تتولّد عنه الشبهة وهو : أنحن في وهم أم في حقيقة ؟ لابدّ أن يتوفّر له جواب في النهاية ذلك أنّ الحادث الذي أثار الشبهة هو من صنع الوهم أو بفعل الجنون ... ثمّ إذا ترجح حدث الوهم فالحدث من الغريب وإذا ترجح حدث الحقيقة فالحدث من الرائع . وهذه الأحوال لا تظهر إلاّ في النهاية . ولكنّ نهاية الغفران ليس لها هذه الأهمية ، بل يمكن القول إنّ كلّ شيء قد تقرّر في"الغفران" إلاّ النهاية . فمنذ البداية تثار الشبهة ، ولكنّها منذ البداية تفسّر بقدرة الله ، هذه القدرة التي تعدّ قادرة مسبقا على إتيان كلّ شيء مهما كان عجيبا ومهما فاق مستوى العقل والإدراك . لقد جعل حلّ اللغز منذ البداية بفعل قدرة الله عجائب " الغفران " معقولة على ما فيها من عجائب ، وذلك بواسطة مقاييس إسلامية لأنّ القدرة الإلهية قادرة على أن تأتي بما تشاء . قد يبدو الكلام عامّا وليتضح أكثر وتبرز هذه الفكرة الأساسية التي نريد إثباتها ، لا بدّ من العودة بشيء من التجزئة إلى تجليات الخطاب العجيب في " الغفران " انطلاقا من مكوّنات هذا النصّ : الأطر والشّخوص والأحداث .
    قد يكون من قبيل المسلمات أن تسعى كلّ قراءة حتما نحو تحديد الأطر التي تحفّ بأيّ أثر سواء كانت هذه الأطر مكانية أو زمانية . ونحن من خلال تعاملنا مع الرحلة لا نعثر على إشارات تخوّل لنا الإقرار بتحديد زمن معيّن يتماثل مع ما نعرفه عن الزمن عدا بعض الإشارات التي لا تنفي ما أقررنا به . من ذلك مثلا قول ابن القارح : " وكان مقامي في الموقف مدّة ستّة أشهر من شهور العاجلة " 5 . ولعلّ هذا الضرب من التحديد لا يرفع الالتباس ، بل يؤكّده لأنه يقوم على أساس مفارقة بين زمن عادي هو زمننا وزمن آخر يفارقه أو يتجاوزه أو يخالفه كلّيا ونوعيا ... وهو زمن الآخرة .
    و للوقوف عند دلالات غياب التحديد الزمني نعود إلى ما أثبته V.Propp في كتابه " "Morphologie du conte " إذ قال : " لئن أعوز الحكايات العجيبة المرجع الزمني المباشر والصحيح فما ذلك إلاّ لتدور أحداثها في عالم متحرّر من كلّ القيود العرضية الظرفية وهو عالم الممكن المطلق " .
    و نحن إذا أقررنا بأنّ التتابع المنطقي للزمن هو من مشمولات عالمنا الواقعي فإنّنا نقرّ بتدخّل سلطة العقل في الرحلة وننفي بذلك كلّ مواصفات العجيب عنها . ففي غياب هذا الزمن دخول لقدرة أخرى خارجة عن الطبيعي ومتعالية عليه وهو القوّة المولّدة لجميع الأحداث فيما قد نسمّيه " قصّة الغفران " . ولعلّ في استطراد السّارد وعنايته بترديد إشارات متعدّدة على نحو : " فيذهب عرّفه الله الغبطة في كلّ سبيل ... " تأكيد منه على هذه القوّة الخارقة ، وهي قدرة تتجاوز الزّمان وحدود تصوراتنا الواقعيّة ، يقول V.Propp في هذا السياق تقريبا : " كما أنّ الرؤية السحرية التي هي بمثابة الطاقة المولّدة للحكاية العجيبة تحول دون أيّ إرساء زمانيّ ، إذ أنّ عنصر الزمان يمثّل ركيزة العقلاني الزماني " .
    إنّ السّارد في الرّحلة – رحلة الغفران – ينطوي على موقف أنطولوجي من الزّمن حيث يلغيه من حسابه ويبحر في زمن المطلق . فأحداث الرحلة تنطلق في عالم متحلّل من كلّ ضغط زمني إذ نجهل البداية و النهاية كما نجهل المدّة الزمنية التي استغرقتها . بل إنّ الرحلة جميعا مقدر لها أن إذ إنّها لم تقع فعلا في الواقع . وهكذا يكون زمنها الاستقبال . تقنية عجيبة ولا شك . وهل يمكن أن نتحدّث عن " حاضر " يدور في " المستقبل " إلاّ على سبيل الخيال الخرق لما هو عادي في إحداثيات وجودنا المعهودة .
    وهكذا تبدو البوادر الأولى لظهور أغراض التحول الذي يضعه T . TODOROV معيارا للعجيب والانتقال من الطبيعي إلى ما فوق الطبيعي في الأدب العجائبي ، فتلغى لذلك مفاهيم الليل والنهار والساعة والدقيقة والشهر والسنة ... ويغدو الزمن زمنا مطلقا مفتوحا مستقبلا في الوقت ذاته ، وانفتاحه يكون بإلغاء المسافات والحدود الفاصلة بين الحاضر والماضي والمستقبل . فإذا كان الماضي يحدّ حتما بأنّه ماض أي انتهى ، فنهايته حدّ من حدوده فإن نص الرحلة قد تحرر من حدودية الماضوية بأن ارتمى في موجات المضارع ، الاستقبال .
    وبالرغم من أن الشعور بالزمن في هذا العمل الأدبي يبدو ملغى ، فإنه يساهم لا محالة في تأطير المقاصد العامة فيتخذ ظواهر وأحداثا وأفعالا تبدو أجزاء وأشتاتا تتجاور في الزمان . فإذا هو زمن عجيب يكتنفه الغموض وتحيط به السرية ويصاحبه الغريب وتغلب عليه المفاجأة والدهشة .
    ومتى سلمنا بأن الزّمن في رحلة الغفران متعال على الزمن الأرضي نطرح المشكل توّاً في شأن المكان .
    إنّ المكان في منطقنا العقلي هو موضوع للزمان ، لذلك سنحاول إبراز تطابق هذين العنصرين أو تعارضهما .
    يبدو أنّ المكان في الرحلة مكان واضح المعالم ذلك أنّها رحلة في عالم أرضي في تضاريسه وأجوائه وفضاءاته وهو مكان في مجمله طبيعي يتوفّر فيه الظلّ والمسافات والأبواب والسّبل .
    فالشيخ ينظر في رياض الجنة " فيرى قصرين منيفين " ( 6 ) وابن القارح يصل في بعض مواطن الرحلة إلى " باب الجنة " ( 7 ) ويعترضه في مراحل أخرى " بيت في أقصى الجنة " ( 8 ) وإذا بالجنة لها حدودها الخاصة : : إني لأكون في مغارب الجنة فألمح الصّديق من أصدقائي وهو بمشارقها " ( 9 ) . يبدو المكان على هذه الحدود مألوفا يسقط عنه الجانب العجائبي . إلا أنّ السارد لا يقنع بهذا المكان البسيط لألفته والعادي لصفته الأرضية ، بل يعمد إلى إلحاقه بوصف مغال فيه فيتحوّلُ إذّاك إلى عالم عجائبي التضاريس والمادّة يستمدّ مفارقته للعالم الأرضي من نعوت التصقت به . فابن القارح : " يمضي في نزهته تلك بشابين يتحادثان كلّ منهما على باب قصر من درّ " ( 10 ) وغذا بأركان تهتزّ . " وتجري في أصول ذلك الشجر أنهارٌ تختلج بماء الحيوان والكوثر يمدّها في كلّ أوان ، من شرب منها النغبة فلا موت ، أمن هناك الفوت " . ( 11 ) وهكذا يبدو المكان في رحلة الغفران يتخذ منحاه العجائبي من اقترانه بجملة من النعوت والأوصاف المخصوصة حتى أنّنا إذا أبعدناها نعود بالمكان على مرجعيته الأصلية ويصبح بذلك علم الرحلة عالما واقعيا . لكنّ اقتران هذه الأوصاف بالمكان جعله مجلوبا دخيلا مجهولا . وعلى هذا الأساس فإننا لا نملك وسيلة للطعن فيه وفي صحة المعلومات التي قدمت عنه والخصوصية التي بدا عليها ذلك أننا لا نعلمها أصلا ولا نعلم أيّ علم بأولياتها ومقاييسها . فهو مكان نفاجأ فيه بالموتى والعجائب لذلك فهو يذكّرنا لا محالة بما نعرفه ويحكى لنا في الحكايات الشعبية والخرافات والأساطير .
    ثمّ إنّ هذه الخاصية الأولى للمكان تجعلنا نضع في الاعتبار إحدى مميزاته الأساسية فهو مكان يفرّ من وطأة الزمان ويفلت من حصار المقاييس الزمنية : " فلا تغيّر بأن تطول الأوقاتُ " ( 12 ) . وهكذا يصبح المكان في رحلة ابن القارح مستقلا بذاته خالدا خلود صاحبه المسلم في الجنّة . فإذا الأنهارُ في نهاية الرحلة على سيلانها في البداية وغذا الأشجار وارفة الظلّ طيلة الرحلة لا تغيّر يطرأ عليها وإن طرأ فاستجابة لـ " خاطر " ابن القارح لا خضوعا لمعقول الزمن . فالعناصر المكوّنة للمكان حافظت على خصوصياتها فلم تتأثّر بفعل الزّمن ذلك أنّها تكوّن مكانا يتأسّس على تسهيل أطروحة الرحلة التي تضمن له الحركة وعدم الاستقرار من خلال الفضاءات والمناخات القائمة .
    إنّ الذي يشرّع لكلامنا عن الأحداث في قسم الرحلة هو تواتر تلك المقاطع النصّية التي لو فصلناها عن الرحلة لمثّلت مشاهد تتحرّك فيها الشخوص وتفعل ... لذلك كان حديثنا مقسّما إلى قسمين : يشمل الأوّل الأحداث عموما وطرق ترابطها . ويشمل الثاني الحدث الواحد في اقترانه بالطبيعي أو غيره .
    لقد شرّع السّارد لطريقة الترابط في وصفه لابن القارح : " يستمرّ في الجنّة على غير منهج ومعه شيء من طعام الخلود " ( 13 ) . لذلك قامت الأحداث في ترابطها على التّداعي أو ما عبّر عنه الأستاذ " حسين الواد " بالانضمام . فكان الترابط في معظمه يتمّ بواسطة حرف العطف الواو . مثل قوله : " ويمضي في نزهة " ( 14 ) أو يتمّ هذا الترابط بواسطة فعل هو العجب عينه وهو " يخطر له " ، أو يتمّ بواسطة ثمّ – إذا وإذ اللتين تفيدان الفجائية . جاء في الرسالة قوله : " ثمّ يضرب سائرا في الفردوس فإذا هو بروضة موذقة وإذا هو بحيّات يلعبن ويتماقلن " ( 15 ) . وجاء أيضا : " ثمّ ينصرف إلى عبيد فإذا هو قد أُعطي بقاء التأبيد " ( 16 ) . فالانضمام كما يذهب إلى ذلك " حسين الواد " ، يسمح للنصوص الروائية : " بأن تحوي ما يريد مؤلفها من أحداث من غير أن يكون لقلتها أو كثرتها عيب ، معنى ذلك أن الانضمام يجعل هياكل النصوص منفتحة ، أي قابلة للتضخيم والإيجاز " . ( 17 ) . فما وجه العجب في أن ينتقل السّارد بشخوصه دون سابق إعلام ؟ أي دون مقطع سردي يمهد للانتقال من حدث إلى آخر ؟ إنّ في اعتماد التداعي وطريقة الانضمام في الرّبط بين الأحداث إقصاء للتنظيم والتنسيق وإلغاء لسلطة العقل الذي يعدّ من مشمولات الطبيعي . ففي إقصاء العقل تشريع لتدخل قوة متعالية ترتبط بالحدث فتكون لها القدرة على تسييره . وهي في آخر الأمر – وربما في أوله – المسيّر الحقيقي لبن القارح وبذلك ننتقل من الحدث الطبيعي إلى الحدث غير الطبيعي
    ولعلّ ما يؤكد ذلك ما رأيناه في ازدواجية الحدث وتركيبه فالأحداث في الرسالة جلّها طبيعية من ذلك قوله : " ثمّ إنّه أدام الله تمكينه يخطر له حديث شيء كان يسمّى النزهة في الدّار الفانية فيركب نجيبا من نجب الجنّة خلق من ياقوت و درّ " ( 18 ) وقوله : " ويبدو له أن يطلع إلى أهل النّار لينظر إلى ما هم فيه " ( 19 ) .
    إلاّ أنّ هذه الأحداث متى اقترنت بقوة فوق طبيعية كقوله : " فيريد بلّغه الله إرادته أن يصلح بين الندماء " ( 20 ) . وقوله : " بل هو بتقدير الله الكريم " ( 21 ) ، تكتسب صفة العجائبية والبغتة ولعلّ هذا الاقتران هو الذي جعل هذا الترابط قائما على التداعي لأنّ العجائبية والبغتة تناسبان تماما طبيعة القدرة التي تسير هذه الأحداث المتداعية . ويغلّف الحكي إذن خطاب سردي لأحداث ووقائع يكتنفها الغموض وتحيط بها السرية ويصاحبها الغريب وتغلب عليها الدهشة والمفاجأة . يقول : " وسبحان الله كلّما كشفت القدرة بدت لها عجائب " ( 22 ) .
    إنّ سرعة التنقل في الأحداث لا تجعلنا نغفل عن الخوض في الحدث الواحد . ومتى فعلنا ذلك نصل إلى أن الحدث في الرحلة يتخذ وجوها عديدة ويتجلى في أغلبه العجيب . وأوّل هذه الوجوه التناقض بين مكان وجود الشخص والحدث المتعلق به . فإذا " بشار بن برد " يتحدث عن الشعر والشعراء وهو : " يغمض عينيه حتى لا ينظر ما نزل به من النّقم ، فيفتحهما الزبانية بكلاليب من نار لينظر ما نزل به من النكال " ( 23 ) . ثمّ إنّ هذه المفارقة بين الوضع والملفوظ أو بين المكان والحد ث تنسحب على كلّ الشخوص في النّار فإذا هم يقولون يقولون شعرا والحال أنهم يصلون نارا . وهذا الضرب من المفارقات يضفي على الأحداث صفة العجائبية . فإذا هي منقطعة عما يمليه المكان فلا نقف بذلك على أية نقطة تقاطع بينهما . والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها موقف ابن القارح وهو يسجد طالبا تعديل تكوين الجارية وموقف عبور الصراط زقفونة وموقف الغفران وضياع صك التوبة ...
    وثاني هذه الوجوه ارتباط الأحداث وسرعتها بمصدر مفارق لواقعنا ومثال ذلك أن الطاووس ينقلب من حال إلى آخر بمجرد رغبة أحد الشخوص وإذا به يرجع إلى سالف حاله بمجرد انقضاء الوطر منه : " ويعبر بين تلك الأكراس أي الجماعات طاووس من طواويس الجنة يروق من رآه حسنا ، فيشتهيه أبو عبيدة مصوصا ، فيكون كذلك في صحفة من الذهب ، فإذا قضي منه الوطر انضمت عظامه بعضها إلى بعض ثم تصير طاووسا كما بدأ . فتقول الجماعة سبحان من يحيي العظام وهي رميم " ( 24 ) . وتتواتر هذه المشاهد في الرحلة حتى تستحيل من الثوابت فيها ، ولعلّ في سرعة الحدث وفجائيته من جهة ، وفي غرابته من جهة أخرى ، ما جعل الشخوص تعبّر تصريحا عن حيرتها لأمام تفسيرها . ومردّ هذه الحيرة التي لا شك في أنّها تنتقل إلى القارئ ، عنصر العجيب الذي تنبني عليه . يقوله T . Todorov
    “ Il faut que le texte oblige le lecteur a ( …) hesiter entre une explication naturelle et une explication surnaturelle des evenements “
    " يجب أن يجبر النص القارئ على ( ... ) أن يتردد بين تفسير طبيعي وبين تفسير ميتافيزيقي ( فوق طبيعي – خارق ) للأحداث "
    وفي انعدام التفسير ، أي تفسير ، لهذه الأحداث إبقاء على صفة العجائبية فيها . وهل نعجب إلاّ لما ليس له تفسير مقنع ؟ ذلك أننا متى وجدنا لأي حدث تفسيرا منطقيا فإننا نخرج به من طوره العجائبي إلى طوره الطبيعي أي من طوره اللامعقول إلى طوره المعقول . ولذلك بدت هذه الأحداث ضبابية الإدراك بالنسبة إلى القارئ والشخوص ، ويصعب فيها تلمّس ملامح الصورة . " فيأخذ سفرجلة أو رمّانة أو تفّاحة أو ما شاء الله من الثمار فيكسرها فتخرج منها جارية حوراء ، عيناء ، تبرق لحسنها حوريات الجنان ( 25 ) . كما كثيرا ما تبدي هذه الشخوص حيرتها التي تستحيل إلى مقطع نصّي تتراوح فيه بين التفسير الطبيعي والتفسير الخوارقي : " ثمّ يضرب سائرا في الفردوس وإذا هو بحيات يلعبن ويتماقلن ، فيقول لا إله إلاّ الله ، وما تصنع حية في الجنان ؟ " ( 26 ) . يقول
    T . Todorov في هذا الإطار : “ Ensuite cette hesitation peut etre ressentie egalement par Un personage , ainsi le role du lecteur et pour ainsi lire confie a un personage et dans le meme temps , l’hesitation se trouve representee , elle devient le theme de l’oeuvre “ .
    " وبعد ذلك ، يمكن أن يحس بهذا التردد أحد الشخوص ، وهو نفس دور القارئ الذي يقرأ مندمجا مع الشخص نفسه ، فيكون التردد واضحا جليا ، بل إنه يصبح موضوع الأثر الأدبي .. "
    وقد انحاز هذا التردّد في معظمه إلى التفسير اللاطبيعي إبقاء لصفة العجيب . لذلك غدا الفاعل الأساسي مجردا غير منظور ، فإذا هو فاعل غائب على مستوى الرحلة ، وحاضر نصّيا ، أي على مستوى الملفوظ النصّي .
    ثم إنّ الوجه الثالث الذي يتجلى فيه العجيب هو استحالة اللفظ إلى حدث ، من ذلك تحوّل الأبيات الشعرية إلى مشاهد حركية ، فإذا بالراوي يذكر قول " الخنساء " في رثاء صخر : إن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
    فيتحول البيت الشعري إلى مشهد في الرحلة وإذا بصخر جبل بقمته نار : " فاطلعت فرأيته كالجبل الشامخ والنار تضطرم في رأسه " ( 27 ) إنه المقروء وقد تحول إلى منظور . ولا شك في أن الأحداث وفضاء الرحلة واستيحاء عنصر المفاجأة تغدو جميعا مجالا ومناخا محتضنين للرعب والفزع والعجب والمخلوقات الغريبة . فإذا الرحلة كشف واكتشاف وغوص في المجهول ، وإذا بابن القارح يذ عر من حية . " ويذهب مهرولا في الجنة ، ويقول في نفسه : كيف يركن إلى حية شرفها السم ولها بالفتكة هم " ( 28 )
    بل إن النص لا يقف عند العجيب ونقصد به ما يثير العجب والغرابة إذ إنه يرقى إلى مستوى الذعر والرعب مما يذكرنا بقصص الجن والشياطين والمخلوقات الغريبة التي تحفل بها الحكايات الشعبية المتداولة سماعا وكتابة . ومثال ذلك هذا المشهد : " فإذا بالسوس الجبابرة ، من الملوك ، تجلبهم الزبانية إلى الجحيم والنسوة ذوات التيجان يصهرن بألسنة من الوقود فتأخذ في فروعهن وأجسادهن فيصحن : هل من عذر يقام " ( 29 ) وكذلك قوله : " فلا يسكت من كلامه إلا ورجل في أصناف العذاب يغمض عينيه حتى لا يرى ما نزل به من النّقم فيفتحهما الزبانية بكلاليب من نار " ( 30 "
    وهكذا يكون للحدث فعل مزدوج في الشخص ومن ورائه القارئ فهو يبعثهما إلى التساؤل والتردد من جهة ويثير فيهما من جهة أخرى الخوف والرهبة . وهذا المنحى هو ما يؤكده T .tdorov في قول: “ Le fanstastique produit un effet particulier sur le lecteur , peur , horreur ou tout simplement curiosite que les autres genres ou formes littreraires ne peuvent evoquer . “
    جاء في كتاب : Introduction a la literature fantastique . T . Todorov
    قول : Louis Vax :
    “ Le recit fantastique aime nous presenter , habitant du monde reel ou nous somme des homes comme nous places soudain en presence de l’inexplicable “ ( 31 )
    إذا حاولنا البحث في مدى توفر هذه المقولة " السرد العجائبي يحاول أن يضعنا نحن سكان العالم الحقيقي ، ونحن من نحن ، فجأة أمام أمور لا تقبل التفسير " – وتطابقها مع نص الرحلة لوجدنا أن الشخوص فجائية الظهور وسريعة الاختفاء : " فيبنما هو كذلك ، إذ مرّ شاب في يده محجن ياقوت ... فيقول أنا لبيد بن ربيعة " ( 32 ) . وحضور الشخوص المفاجئ واختفاؤها السريع هو في الحقيقة بداية قصة صغرى وانتهاؤها فهي كما يقول " حسين الواد " قصة تقديرية ملتصقة بالسرد " . وهكذا تكون الشخوص شخوصا حكايات على حد عبارة T . Todorov ثم إننا في دراستنا لشخوص الرحلة نقف على خاصية أخرى من خصائص الخطاب العجيب وهي العملية الفجائية في الظهور والغياب وغياب المقاطع السردية الممهدة لهذا الحضور . وهكذا يمكن أن نقيم علاقة بين الفجائية في الحدث والفجائية في ظهور الشخوص لنؤكد على مبدإ نعتبره من أسّ العجيب . وهذا المبدأ هو الفجائية ، فنحن لا نكاد نبدأ في متابعة أحداث شخص وهو يقص حكايته حتى نباغت بانتقال السارد إلى شخص آخر انتقالا لا نجد له مبررا . فيثير فينا ذلك ضربا من التشويق لا يعدو أن يكون في آخر الأمر سوى سعي وراء سراب . ثم إن العجائبية تبدو كذلك في حضور الشخوص في إطار مكاني واحد رغم انتمائها إلى مرجعيات زمنية مختلفة . ولا إمكان للتواصل بينها إلا عجائبيا أو خياليا ( أو في إطار القدرة الإلهية التي كما قلنا تبطل هذه العجائبية ) . وتبدأ هذه الشخوص زمنيا بآدم - بداية الكون – وتنتهي بابن القارح .
    ويتخلل كل ذلك شخوص أخرى من مرجعيات مختلفة . " فأعشى باهلة " الجاهلي يلتقي بالأخطل ، ونسجل في النص حضور لبيد مع حسان بن ثابت . ولعل خير مثال لهذا التواصل ، المأدبة التي أقامها ابن القارح في الجنة : " ويبدو له أيد الله مجده بالتأييج أن يصنع مأدبة في الجنان يجمع فيها ما أمكن من شعراء الخضرمة والإسلام " ( 33 ) . وهكذا تستحيل المأدبة إطارا عجيبا يجمع فيه السارد شخوصا من مختلف الأزمنة والأمكنة لتلتقي جميعا حول محور واحد هو ابن القارح . وهذا الجمع بين شخوص شتات يجعل المتقبل أمام حدث تصعب منطقته إذا ما قارنّاه بالوجود الواقعي المقترن بالزمن . على أن العجيب لا يكمن في هذا الحضور فحسب بل يزداد الأمر تعقيدا إذا ما انتبهنا إلى أن آدم يتكلم لغة لبيد وإبليس يخاطب ابن القارح بلسانه . فتتحطم حواجز اللغة والزمن ليصبح الحوار قائما بين الشخوص ودافعا للسرد . بل إن الحيوان ينتصب في الرحلة محاورا للإنسان ومحدثا إياه : جاء في الغفران : " فيلهم الله الأسد أن يتكلم ، فيقول : يا عبد الله أليس أحدكم في الجنة تقدم له الصحفة ؟ .. فيأكل منها مثل عمر السماوات والأرض " فالأسد بالرغم من محافظته علىصفته الحيوانية – الافتراس – إلا أنه يكتسب لغة إنسانية فتكون المزاوجة بين الحيوانية والآدمية ويكشف العجيب عن حضوره ، بل إن الحيوان قد يتخذ موقع السارد للأحداث كالذئب الذي يلتقي به ابن القارح والذي يسرد قصته فيقول : " أنا الذئب الذي كلم الأسلمي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، كنت أقيم عشر ليال أو أكثر .... " ( 35 ) .
    هكذا إذن تتمازج الشخوص في الرحلة فيشترك الإنسان والحيوان والجان في إنشاء الحوار والحكي . كما يمكن أن نقف على سمة أخرى من سمات العجيب في شخوص الغفران إذا أدركنا أنها جميعا عدا ابن القارح قد نقلت من عالم الموت إلى عالم الحياة ،" أحياها " السارد لتؤلف خيوط سرده وفي هذه العملية – كما أشرنا سابقا – تأكيد على سيطرة قوة خارقة وهي مشيئة الله . ولهذا تكون الشخوص مرتبطة في حضورها وحركتها وصفاتها بما هو فوق الطبيعي .
    بعد أن رصدنا مظاهر العجيب في الرحلة سنحاول الآن أن نكشف البنية التي يتأسس عليها الخطاب العجيب ، بمعنى آخر سنحاول أن نبحث في ثوابت مشتركة تحدد بناء الخطاب العجيب في أي أثر يتقاطع مع رحلة ابن القارح في الغفران . لذلك يمكن أن نوزع بنية العجيب كما تجلت لنا فيما سبق من الدرس إلى ثوابت ثلاثة تشكل وحدة بينها تفاعل خصب وهي :
    أولا : المغرق في الغلو : وندرج في هذا الإطار كل الأوصاف وجملة النعوت التي وضعها السارد في وصف المكان وتحديد الزمان ورسم الحيوانات . فكانت الناقة المحلاة بالزبرجد والياقوت وكان القصر المشيد من درّ وكان الأسد الذي يفترس هنيدة فلا تكفيه وكانت الأباريق التي تحملها الأباريق كأنها في الحسن أباريق ...
    ثانيا : المجلوب الدخيل أو الغريب : وندرج فيه كل ما لا نملك سببا للطعن في صحته ولا علم لنا أصلا بأولياته ، فكان المكان الذي نقابل فيه الموتى وحيث تمتزج الأنهار في من الخمر والعسل ودماء الفور ذات السيلان الدائم . وكان السحاب المحلى بالبرق في وسطه وأطرافه ...
    ثالثا : الذرائعي أو الوسيلي : وندرج فيه الوسائل والأدوات ذات الفاعلية المعجزة ، فكان الهاتف وكانت القدرة التي تحول الرمانة إلى جارية والإوزة إلى حورية حسناء والطاووس إلى مصوص . ولكن الأهم من كل ذلك والمتحكم في جميع ما جعل الرسالة خطابا معجزا عجائبيا هو تلك القدرة الخالقة التي جعلت الكلمة تتحول إلى فعل والحروف إلى شجر ومجرّد الخاطر إلى واقع . والأعجب من ذلك جميعا هذا الخيال الذي بالرغم من أنه أباح كلّ شيء فقد أبقى على إمكان التواصل بين الباث – مهما كان – والمتقبل – مهما كان . نقصد بذلك أن النص بالرغم من تكسيره لمقاييس المعقول وتجاوزه لإمكانات المنطقي فقد أمكن فهمه وكان الخطاب العجيب يشير إلى خطاب لا معقول بعده ، ولا منطق إلاه وتلك هي صفة الأدب المميزة وفضيلة الفن الخالدة . ولذلك فعلى المتقبل أن يتجاوز عجائبية العجيب إلى معقولية العقل فيقرأ ما وراء النص من خيوط وقرائن ليقف على ما هو مسكوت عنه في النص أو ما كان قد أشير إليه خفية وذكاء . ولن يستقيم ذلك إلا إذا وضعنا في اعتبارنا أن الفصل بين المستويات الثلاثة آنفة الذكر هو فصل لا يخلو من التعسف . ذلك ان الخطاب العجيب يقوم على الدمج بينها جميعا مما يكسبه نسقه العجائبي المثير وخياليته الخلاقة وواقعيته الفنية . وتلك هي مفارقة الآداب الأساسية : وهْمٌ هو أكثر الوقائع واقعية وخيال لا يحايث الواقع بل ينسجه نسجا ذاتيا جدا إلى حد أنه يمس جميع خصوصيات الإنسان فيكون على ذاتيته مشتركا عاما .
    وهذه الخاصية – خاصية الخيال والعجيب – هي – حسب رأيينا – التي جعلت رسالة الغفران أثرا حيا تعددت حوله القراءات والدراسات فلم تكد تقر إحداها على رأي حتى نقضته أخرى .
    T . Todorov إن تعدد هذه القراءات يتلاءم مع ماذهب إليه
    من أن الخطاب العجيب " يحتمل العديد من التأويلات " . ولكن هذا القول لا يشرع أبدا أن يبحث كل قارئ عما يريد هو أن يجده ، فيتجه للبحث عن صلة الرسالة بالواقع كما يريد هو أن تكون هذه الصلة . بل إن الأهم من ذلك – في نظرنا – هو البحث عن صلة أحداث الغفران بعضها ببعض . وإن أردنا أن ننطلق من هذه الصلة لفهم أسس الإبداع الأدبي العربي فعلينا أن ننتبه إلى أن جل عجائب الغفران " معقولة " أو على الأقل هي ليست عجيبة عند المسلم . فأغلب " العجائب " مستمدة من القرآن مباشرة أو بصورة غير مباشرة ، ونقصد بذلك أنها قد تكون مشتقة من القرآن اشتقاقا حيث يشير الله إلى قدرته على الخلق والإبداع بلا حدود . وكثيرا ما حاول المحدّثون والقصّاص تجسيد الممكن القرآني ، فعجائب أبي العلاء مأخوذة كلها من غيره قرآنا أو مصادر أخرى تخص تصوير الموت أو ما بعد الموت .. وهكذا يكون نص الغفران حتى من هذه الناحية تركيبا بين نصوص .
    وبهذه الصورة يمكن أن يتخذ نص الغفران منطلقا لتساؤل يظل الجواب عنه رهين الاطلاع والبحث وهو : إلى أي مدى يمكن أن نتحدث خطاب إسلامي عجيب أو خطاب عجيب في المجتمع العربي الإسلامي ؟ بل يمكن أن نطرح السؤال طرحا أكثر إحراجا : إلى أي مدى يمكن الحديث عن المقدس إبداعيا أي إخضاعه للتصورات العقلية البشرية ؟ فالغفران الذي ساعدنا على طرح السؤال بهذه الصورة هو أولا من النصوص القليلة في الأدب الرسمي التي تحدثت عن العالم الآخر وهنا تكمن إحدى جوانب قيمته . وهو ثانيا يمكن أن يعد علامة من نظام كامل تندرج ضمنه نصوص قطاع كامل من النصوص التي تنتمي إلى ما فوق الإدراك والواقع والممكن .
    لهذا السبب قلت في ردي على موضوع ( دانتي والغفران) ذات يوم والمنشور في الواحة إن " دانتي " لم يستطع أن يفهم " الغفران " إن كان قد اطلع عليه ، لأنه ببساطة ليس مسلما ولا يفهم بنية العقل الإسلامي ومخيلة الأدباء المسلمين إلا بعد اطلاع عميق . ولهذا في نظري يسيء المستشرقون كثيرا في فهم أدبنا وثقافتنا – إن عمدا أم عفوا – بسبب عدم تمكنهم من إدراك بنية العقل المؤمن ورؤيته العالم من حوله .
    ولكم جزيل الشكر
    محمد بن الطيب الحامدي . ( تونس 1992 )
    ما كنتُ أدري بأنّ الشِّعر يغرقـــني = من قمّة الرّأس حتّى أخمص القـدم

  2. #2
    الصورة الرمزية د. عمر جلال الدين هزاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2005
    الدولة : سوريا , دير الزور
    العمر : 50
    المشاركات : 5,078
    المواضيع : 326
    الردود : 5078
    المعدل اليومي : 0.75

    افتراضي

    مبدع أنت في كل حرف سقته هنا
    وهي بحق
    دراسة مميزة
    أحسنت بما جدت به
    ولي عودة لبعض حوار
    بعد طول تمعن
    تحيتي يا حبيب القلب
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2007
    المشاركات : 590
    المواضيع : 50
    الردود : 590
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    شكرا دكتورنا العزيز ... في انتظار حوارك .. فقط لم تظهر صفحة الهوامش ... سأحاول إضافتها ليكتمل الوجه الأكاديمي للعمل .. وأعتذر عن ذلك

  4. #4
    الصورة الرمزية سحر الليالي أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الحبيبة كــويت
    العمر : 38
    المشاركات : 10,147
    المواضيع : 309
    الردود : 10147
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    أستاذي الفاضل "محمد الحامدي":

    لا تكفي قراءة واح ــد ة..!!
    سأعود للقراءة مرات..

    دراسة مميزة بحق وجميلة.!

    سلمت
    وتقبل خالص إحترامي وتقديري وباقة بنفسج

  5. #5
  6. #6
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    عجائبية المعري
    وقفات مع تعجب الحامدي برسالة غفران المعري
    1\
    استنطاق غير البشر ظاهرة كانت ولاتزال هي المخرج الآمن لعباقرة الحرف الواعي ، فعند بن المقفع تتحول الحياة الى غابة ينطق بأباطيلها سادة القوة لا الرأي
    والعجيب اننا نتعجب كيف يمكن للإنسان أن يتحول إلى حيوان ناطق ليس له من الامر شيئا ً في عالمنا الذي سيطرت عليه طاغوتية قراصنة هذا الزمان الذين قسموا البشر الى محوري خير وشر بزعمهم الا خاب مسعاهم .
    \
    وعندما نقرأ كتاب (التحول) للفيلسوف التشيكي (فرانتس كافكا Frantz Kafka)،نشاهد تحول السيد (غريغور سامسا) إلى حشرة عملاقة،أرعبت مدير الشركة، الذي جاء يتفقد سبب تأخر الموظف عن عمله ، فلما أبطأ الرد، تحلقت العائلة مع الديكتاتور البيروقراطي حول الباب،فخرجت دابة من الأرض تكلمهم .
    وحيلة التحول هذه نشاهدها نهارا جهارا مع رؤساء دولنا الكبار إذ تنحني هاماتهم للثمانية الكبار في منظمة التجارة العالمية وسمها إن شئت منظمة البشاعة الانسانية .

    وهنا يجب ان لاننسى قصص (جحا) أو (ابن المقفع) فحين خرست الضمائر ، وتقطع الألسنة، لم يبق إلا البهائم للكلام ولسانها ينطق ضعفنا

    2\
    غربة المعري

    معلوم ان الناس لايفهمون الافكار الا وفق مادرجوا عليه ولو جاء احدنا فقال لنا ان خلف هذه الارض ارض ٌ أخرى ماصدقناه حتى وان جاءنا بكل دلالة عجيبة ، والمعري انتبه لهذه الجزئية فحاول ان يؤسس لثقافة المسائلة حول الصدفة والقدر فعالم المعري لايحوي أحياء على وجه الحقيقة أعني أحياء البدن ممن غفلوا عن حياة الروح ، بل ان
    المعري وقف على اكتاف- عباقرة فكريون - سبقوه ورأى مالم يستطع رؤيته احد من معاصريه فحدثنا عن ملكوت اليقين ولكن بلغته الشديدة الحرص على نقل مايراه من مشاهد لغويا ً والعجيب اننا نظن ان المعري بدأ يهذي وهو يكلمنا عن الحشر والعدل في مجتمعات عاصرها تكيل بمكيالين وهي اليوم تكيل بألف مكيال للقضية الواحدة فلم يكن المعري ليقارن الحقيقة بالخيال بل رأيناه يفضح المعقول التنظيري حين يشوهه اللامعقول الواقعي فلم يكن في حيرة وهو يصور او وهو ينقش شعره على صفحات ذاكرتنا بتاتا ً انما كان في حيرة من اولئك الذين يحدثون الناس عن جنة فيها مالاعين رأـ ولاخطر على بال ثم مايلبثون ان يخرجوا من المساجد الى الاسواق فيشهدوا بأم اعينهم التي في الرؤوس جحيما ً يذوق فيه الناس العذاب مما لايخطر على قلب بشر فيسخر من أي رجل يحتكر الدين لصالح مصالحه ممن خدع العوام فصدقوه كون شرعة السلطان هي شرعة القرآن !!!
    وهنا تبدو واضحة للعيان أزمة الغربة في وجدان المعري الفيلسوف الشاعر الذي قبل التحدي المعرفي فقط ليفضح طبقة المنتفعين من الثقافة الدينية ممن على شاكلة وعاظ وادباء وظرفاء وفضلاء السلاطين وهو يتأمل قول الله تعالى
    {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ }القصص8
    فوقف المعري ولم يزل وحده كالجبل امام هذه الدوائر الشبحية التي شوهت قيم السموالانساني عند الانسان ، وقف هو ليذكرنا بقيم السمو هذه وكم هي عزيزة على قلوب لاتزال نابضة بحق اليقين .
    نعم لقد كانت صفة العجائبية تغلف خطاب المعري الفكري ولكت الاعجب انه لم ينل شعبويا ً آذانا ً واعية ولايزال العقلاء وهم ينصتون لكلام من عارض رؤيته النقدية لوضع انسانية الانسان ( إقرأ إن شئت كتابه زجر النابح ) اقول لايزال العقلاء في حيرة أحقا ً نجح المعري في تقزيم الشبهة التي روجها عنه مخالفيه ؟
    ام ان النص لايزال يستبطن في داخله الكثير من اسئلة وجودنا ؟
    ان غياب التحديد الزمني عند المعري لها مفارقتها العجيبة فهو يرى ان الحياة لاتقاس بالأعمار بل بالأجيال من ناحية وبالمنافع من ناحية ثانية وهي لفتة فلسفية مذهلة وهكذا يستفزنا للأنفتاح على الغد وهو يورد مضمون الخلود

    \
    اقول هذا وانا أعلم علم اليقين ان المثقف الفاعل لا المنفعل هو من يستطيع طرح الاسئلة لا إجابتها وهو عين مافعله شيخنا المعري غفر الله له .
    وسبحان الله كلما كشفت القدرة بدت العجائب

    \
    الاستاذ الحامدي
    قرءة اولية ولعلي أعود لأرتوي فأحاور
    بالمناسبة
    من اوائل مقالاتي هنا في بيت الفضلاء واحتنا كان عن المعري الذي استنزف شطرا ً من ذائقتي الفكرية ، سأفتش فأضعها هنا ... ترحيبا ً
    الإنسان : موقف

  7. #7
    شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2007
    المشاركات : 590
    المواضيع : 50
    الردود : 590
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    أهلا سيدي خليل :
    جميل جدا أن أجد من يفهم المعري ويحاوره ويناقشه .. هذا الرجل في نظري علامة فارقة في تاريخ الثقافة العربية .. أهمل ؟ أي نعم . غيبته السلطة وهمشه المتنفذون ؟ أي نعم ! ولكن ما مكتبتَ إلا الحق ،، ألفت انتباهكم فقط إلى أن القسم المنشور من دراستي حول المعري هو جزء بسيط منها ( هي ثمانية فصول ) بعنوان : الغفران : البناء والدلالة . ولعلمكم لم أستطع نشرها .. أو لأم أجد أين أنشرها
    هذا الجزء هو فقط لتوضيح ت
    دخل ورد في الواحة يقارن بين " دانتي " و" المعري " .
    أنا في انتظار محاورتكم بشوق . يقول الفرنسيون " من الحوار تنبع الأنوار "
    شكرا سيدي ، فالحوار معكم ممتع حتى الإفادة ، وشيق حتى التعلم ...

  8. #8
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    براءة .... أبي العلاء

    في منامي ... التقيته حزينا" لائما"
    قال : ايها الخليل ما أنصفتني .

    قلت : يامعري شكك يغري ... ولو أحببت حكمة ربك
    لكنك خدعتني فلم تؤسسها على خالص نظرك المصيب ياحبيب , فتاهت معك ومع علل الكون وعلل اسئلة روحك المركبة فوق جسدك !

    قال : أنا انصرفت زاهدا" عن دنياكم مصروفا" عن طيباتها وبهرجها وزخارفها فلم أعثر على متنفس لكربي سوى السخرية من سوء حظي

    قلت : بل احببت فنون التزويق وبالغت في ضروب التزيين لا لشىء بل حبا" في غريزة الظهور فينا ,,, يامن عشقت العزلة ياءيها الشيخ الناقم

    قال أتلوم رجلا" سكن صدره طموح العباقرة ونفس الجبابرةوماكنت بصيرا

    قلت : بل انا في حبك اجتهدت راجعا" الى ديوانك جامعا" أقوالك مصنفا" مقارنا" ... مابين كفرك وفكرك فما وجدتك الا مخلصا" لربك ونسيت متن عندنا عظيم : لايشكر الله من لايشكر الناس ياشيخنا

    قال : وأي انسان فيكم أصابه ماأصابني في ذات نفسه أو بمن حوله من أهله والولد او الاحباب ولا يتلذذ بالشكوى من جلل المصاب

    قلت :
    لاضير في شكواك بل الضرر في أنكارك البعث
    وكأنك لم تقل لنا
    وماتريك مرائي العين صادقة ..... اذا لم يؤيد مااتوك به العقل
    ثم تصدمني بقولك
    تحطمنا الايام حتى كأننا ..... زجاج لايعاد لنا سبك
    والله سيخرجنا من الاجداث سراعا الى .. الحشر يارجل

    قال : ايها المسكين , لم لم تقرأ قولي
    ومتى شاء الذي صورنا .... أشعر الموت نشورا فأنتشر
    أو قولي
    أذا ما أعظمي كانت هباء" ..... فان الله لايعييه جمعي
    أو قولي
    لو كان جسمك متروكا"بهيئته ... بعد التلاف , طمعنا في تلافيه
    أو قولي
    قد يمكن البعث أن قال المليك به ... وليس منا لدفع الشر أمكان

    ولولا صوت هادرلقذائف الباطل التي يطلقها مارينز المعتدين على مسكننا أوقظتني فزعا"
    ماكنت تاركا" المعري حتى استفتيه في براءته
    واوعدكم ان جاءني طائفه منامي لاكملن لكم الحكاية
    محبتي

    https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ead.php?t=9027

  9. #9
    شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2007
    المشاركات : 590
    المواضيع : 50
    الردود : 590
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    قد فهمت مدخلك إلى أدب أبي العلاء ... ولكن مدخلي هنا أي في هذه الدراسة مختلف عن مدخلك .. فقد عمدت إلى النص أستنطقه في ضوء مدارس نقدية حديثة ونظريات في الأدب العالمي عميقة ... أقصد باختصار أهتم بأدب أي العلاء وأراك تهتم بفكره / فلسفته وبين المدخلين بعض اختلاف كما تعلم ..
    من جملة ما سلطت عليه الضوء في بحثي مع الرجل معضلة أدب الترسل وبما كان مثلا يمثله من إرهاصات للكتابة القصصية في أدبنا العربي ... على كل حال لقد كان الفكر المعتزلي في نظري ذا بوادر ريادية وطاقة خلاقة لولا أنه خنق .. أنت تعرف من خنقه ولماذا ... رحمهم الله جميعا ... لقد كانوا أكبر من الحياة
    شكرا سيدي ،، باب المحاورة مفتوح وقولك في الرجل مغر أكثر من أقواله .. أذكرك بهذا البيت فقط من لزوميات : خسئت يا منا الدنيا فأف لنا بنو الخسيسة أوباش أخساء
    على فكرة قال أحدهم مرة ولن أقول لك أين إن لفظة ( وبش - أوباش ) لم تستخدم في الشعر إطلاقا ، والرجل متنفذ في الأدب ... ليته قرأ أبا العلاء ..

  10. #10
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    أنا هنا لكي أرفع لك القبعة كما يقولون فقد أعجبني منك هذا الموضوع بهذا التناول العلمي المنهجي وهذا الرؤية الدقيقة لمعطيات الصورة المنبثقة من واقع ثقافي خاص بهوي لها معتقداتها ومرتكزاتها.

    هي زيارة أولى لا أحسبني إلا أعود بعدها محاورا بمداخلات تهدق لإثراء الحوار.


    لك التحية أها الأديب وإنما بأمثالك نرجو الرقي للفكر وللأدب.




    تحياتي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. صك الغفران!
    بواسطة ريمة الخاني في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 06-10-2018, 07:11 PM
  2. الشهرة وصكوك الغفران!
    بواسطة بهجت عبدالغني في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 11-04-2017, 09:16 PM
  3. شهرُ الغفران والقرب من الرحمن
    بواسطة حسين إبراهيم الشافعي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-08-2014, 12:21 AM
  4. فصلٌ ضائع من رسالة الغفران
    بواسطة جلال طه الجميلي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 07-11-2012, 09:22 PM
  5. شهر الغفران ... وئام
    بواسطة وئام سميرة في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 23-07-2010, 12:39 PM