|
تُخدِّرُنـا بِشعـرِ المُبدِعيـنـا |
فزِدْنا لا تَخـفْ ممّـا سُقينـا |
فزدْ , واملأْ كؤوسَ الشِّعرِ حبّاً |
فإنّا كـأسَ شعـرِكَ شارِبونـا |
أيا هـزّاعُ لا تبخـلْ عَلينـا |
و" خدِّرنا " بشعرِ الأكرَمينـا |
وخدِّرْ ما تشاءُ ومـنْ تُبـاري |
لأنّـا قـدْ وَهبنـاكَ الثَّمينـا |
حكيمٌ إذْ تُداوي النّاسَ شعـراً |
تظـنُّ الشِّعـرَ داءً يَبتلينـا ؟ |
فما أنتَ الّـذي تُلقـي بِسُـمٍّ |
وما أنتَ الّذي تُعمـي العُيونـا |
تُلوِّحُ بالسِّيوفِ وأنـتَ أدرَى |
بأنَّ الحَرفَ أمضـى الذّابِحينـا |
فمهلاً يـا رَفيقـي لا تسابـقْ |
فقدْ كُسرتْ سيوفُ الخاسِرينـا |
وإنّي ما سَللتُ السَّيفَ يومـاً |
فلا سيـفٌ يبـارزُ مَقعَدينـا |
وإنْ شَهروا السيوفَ بقصدِ غدرٍ |
تراهمْ منْ صَداهـا صاغِرينـا |
وأشهدُ أنَّ شعـري لا يُبـاري |
"هِلالاً" أو "جَمالاً" أو "أَمينا" |
ولستُ بشاعرٍ لكـنْ حُروفـي |
سهامٌ فـي صُـدور الحاقِدينـا |
وإنّي ما كرهتُ الشِّعـرَ يومـاً |
ولكنّـي كرهـتُ العابِثيـنـا |
ونازلتُ الفُحولَ ببـوحِ قَلبـي |
فَكانَ الحرفُ أصدقَ مُرسَلينـا |
وإنّي ما كرهـتُ الشِّعـرَ إلاّ |
لأنَّ العـرشَ تحـتَ المارِقينـا |
فما صَعبَتْ عليَّ سَما القَوافـي |
ولا كانتْ حـروفَ المُخطئينـا |
وأقسمُ أنَّ شعري سوفَ يبقـى |
سلاحاً ضـدَّ كـلِّ الطّامِعينـا |
وإنّي مـا كتبـتُ الشِّعـرَ إلاّ |
لأوصـلَ جَـذوةً للثّائِريـنـا |
وصَيحةُ "عامِرٍ" أنْ تُطلقوهـا |
فَتوقِظُ مِـنْ سُبـاتٍ نائِمينـا |
فأمَّتُنـا أضاعـتْ دربَ عـزٍّ |
بصمتٍ كانَ صمتَ الخائِفينـا |
وعاثَ الطّامِعونَ بـأرضِ مجـدٍ |
وأوطـانٍ وعُـربٍ غافِليـنـا |
فلا التّاريـخُ يرحـمُ خائنينـاً |
ولا الرَّحمـنُ يرحـمُ كافِرينـا |
وإنْ باعـوا مَبادِئنـا بِجبـنٍ |
سنثأرُ مـنْ شَـراذمِ بائِعينـا |
وما خَرسَ اللِّسـانُ ولا يـراعٌ |
وكنّـا بالسِّيـوف مُجاهِدينـا |
تمهَّل يا رَفيقي عنـدَ ساحـي |
سأملأُهـا رؤوسَ الخائِنيـنـا |
وأنتَ لَنا ظَهيرٌ هـبَّ طَوعـاً |
فَما أحلـى صَنيـعُ المُقبِلينـا |
وآمـنْ أنَّ جنـدَ اللهِ جَيـشٌ |
سَيُرسلُهـمْ إلـهُ العالَميـنـا |
ونَصرٌ منْ إلـهِ الكـونِ يأتـي |
فصبراً يـا سَليـلَ الفاتِحينـا |
فنصرُ اللهِ قدْ أضحـى قَريبـاً |
ويَبقـى اللهُ خيـرَ النّاصِرينـا |
أتَـدري أنَّ لوعَتنـا بِعُـرْبٍ |
أضاعوا الحَقَّ حيناً ثـمَّ دينـا ؟ |
فهاتِ سِلاحَكَ البتَّـارَ عونـاً |
وهاتِ كتائبَ الأنصارِ حِينـا |
ولو بغدادُ مـنْ ألـمٍ تداعـتْ |
ستَسمعُ منْ دمشقَ لَها الأنينـا |
أقاموا بينَنـا جُـدرانَ حقـدٍ |
بأسـوارٍ أحاطـوا المُؤمِنينـا |
فلا النُّعمـانُ يفصلُنـا بحـدٍّ |
ولا يَرضى إمـامُ الكاظِمينـا |
وها نحـنُ العِراقيّـونَ شعـبٌ |
إلـى نصـرٍ وفتـحٍ سائِرونـا |
أيا هـزّاعُ لا تبخـلْ عَلينـا |
بعونٍ لو سَمعـتَ الصّائِحينـا |
فعجِّلْ بالقُدومِ بجيـشِ عَـونٍ |
ولا تخشَ اللّئـامَ ولا الخَؤونـا |
ألا تَدري بـأنَّ المـوتَ حـقٌّ |
وإنّـا لا نَخـافُ القاتِليـنـا |
ولا تحزنْ عَلينـا يـومَ عُسـرٍ |
فلا عُسرٌ بـلا يُسـرٍ يَجينـا |
وكمْ كفٍّ بَسطنـا فـي نَقـاءٍ |
تلوِّثهـا أكـفُّ البائِسيـنـا |
وكمْ دمعٍ تموَّجَ فوقَ صَـدري |
دموعٍ منْ عيـونِ العاشِقينـا |
وكمْ رمحٍ تكسَّرَ خلفَ ظَهري |
رماحِ الحقدِ ,غـدرِ الغادِرينـا |
فلا تحزنْ إذا المعـروفَ تُعطـي |
فتَلقى الـردَّ شـرَّ النّاكِرينـا |
وإنْ تـزرعْ وروداً فـي دروبٍ |
فتحصدْ شوكَ منْ حَنثَ اليَمينا |
فلا تذرفْ دُموعاً فوقَ صَدري |
فقدْ غَرقَتْ صـدورُ المتعَبينـا |
أتَنظـرُ فـي معلَّقـةٍ لعَمـرٍو |
وإنّا قـدْ سَبقنـا السّابِقينـا |
ومنْ عَمرِو بنِ كُلثـومٍ سُقينـا |
بكأسٍ منْ " دمشقَ وقاصِرينـا" |
فما عادَ الزَّمانُ بعصـرِ مـاضٍ |
ولا عـادتْ قَوافـي الغابِرينـا |
ومنْ نهرِ الفُراتِ قـدْ ارتَوينـا |
بماءٍ كالفُـراتِ هَـواهُ فينـا |
غداً تَأتي وتَعـرفُ مـا عَنينـا |
فنصرُ اللهِ قـدْ أضحـى يَقينـا |
سَنحرقُ أرضَنا تحتَ الأعـادي |
ونُسكنُهم حِجـاراتٍ وطينـا |
"وإنْ بلغَ الفطـامَ لنـا صبـيٌّ |
تَخرُّ لهُ الصَّهايـنُ ساجِدينـا " |