|
بكيتُ من الأطلال قفراً و خاليا |
معاهدَ ناجزْنَ السنينَ العواتيا |
منازلَ للأحزانِ و الهمِّ و البِلى |
و للدمعِ يهمي من سما البيْنِ باكيا |
على إثْر من بانوا فشطّت ديارُهم |
و جفّت مآقيهم ،و كنّ سواقيا |
فيا صحبتي في الهمِّ مهلاً تريّثوا |
للنظمَ حرفَ الشوقِ،يكوي،قوافيا |
يَفضْنَ كما الشلاّلِ فاضت حروفُهُ |
على صخرةِ الأشجانِ شعراً تواليا |
وقفتُ على دهرٍ تعرّت رسومُهُ |
غَدوْنَ من الآثامِ سوداً بواليا |
أُناجي سكوناً في ظلامٍ دُجُنّةٍ |
و ريحاً سَكَنَّ النازلاتِ الدواهيا |
وقوماً عن الأمجادِ بانت كُفوفُهم |
تروّوا من الإذلالِ دهراً تساقيا |
لهم في فِجاجِ الليلِ و الذلِّ مركبٌ |
يخبُّ على رمضاءِ زيفٍ لياليا |
سرابٌ من الأحلامِ أغوى عُقولَهم |
فَحِدْنَ،و كانَ الظنُّ للركبِ حاديا |
يُثرثرُ في اللاشيءِ يهذي بأزمنٍ |
خَلينَ و يبكي في هوى المجدِ ماضيا |
هو الركبُ يمشي و الفراغُ يُحيطُهُ |
و يركبُ للمجهولِ سوداً نواجيا |
و يُرشُدهُ في الدربِ (سيدٌ عمَلّسٌ) |
و ثعبانُ يطوى الرملَ في البيدِ ساعيا |
و شعريَ يَرصدُهم و فيه من الأسى |
مثاقيلُ أحزانٍ يَجُبْنَ فؤاديا |
شريدٌ فؤادي من زمانٍ مُضلِّلٍ |
و حُزنٍ بدا كالدمِّ أحمرَ قانيا |
كليمٌ قتيلٌ من صُروفٍ و فتنةٍ |
بأرضِ فلسطينَ استقلّت دياجيا |
تخوضُ بحارا من شجونٍ و فتنةٍ |
و تسعى على الظلماءِ فيهم أفاعيا |
فلا الأخوةُ الأحبابُ ظلّوا بِودّهم |
و لا ظلّ وُدِّ الأهلِ في الأهلِ باقيا |
تشعّبتِ الطُرْقاتِ فيهم مسالكاً |
تربّصَ فيها الشرُّ واشتدَّ ضاريا |
و فرّقتِالأحزابُ ما الأرضُ جمّعتْ |
و ردّت جَنانَ القومِ للودِّ صاديا |
فساحوا على اليهماءِ يبغونَ مخرجاً |
و هاموا على الحيْراتِ يبغونَ هاديا |
عصائبُ هدّتهم كراسٍ وثيرةٌ |
و ألّبهم من جال في الأرضِ باغيا |
فذلّت عواليهم و كانت عزيزةً |
و هانت مواضيهم و كانت مواضيا |
و ضاعت كما الأحلامِ أرضٌ حزينةٌ |
و سالت دموعُ الفَرْحِ و ارتدَّ شاكيا |
و صاغَ من الدمْعاتِ تجري قصيدةً |
على خدِّ سيفٍ تستثيرُ البواكيا |
فيا لوعتي و الحزن يجري بأضلعي |
و يا لوعتي و النارُ تسري خلاليا |
أنا الحائرُ المفتونُ و الشعرُ في دمي |
يمورُ كما البركانِ إن ثارَ حاميا |
رمتْني الدواهي بالرزايا فواجعا |
و أبدت من الأوجاعِ ما كانَ خافيا |
و قدّتْ فؤادي شدّةً بعدَ شدّةٍ |
و جالت حُتوفاً نازعاتٍ أمانيا |
و قرّت بقلبي لا معينٌ يردُّها |
لتنهشَ بالصمْصامِ غِلاًّ جنانيا |
فيا صحبتةً في الحانِ شعّت كؤوسُهم |
و يا من دنا بالزقِّ و الكأسِ ساقيا |
و يا من رما قلبي على الهمِّ لحظُها |
و يا من سبتْهُ الراحُ فاهتزَّ شاديا |
إليَّ، إليَّ اليومَ دابَ الخنا لنا |
و طابت لنا الصهباءُ شُربا تساليا |
إليَّ (بناجودٍ) أقبّلُ ثغرَهُ |
و أشربُ منهُ الخمرَ صرفاً و صافيا |
فليسَ لها إلاّ شريدٌ مُضيَّعٌ |
يعودُ بها للناسِ في الأرضِ واليا |
و ليسَ لها إلاّ مليكٌ مؤصّلٌ |
يتعْتِعها عشقا و يرتدُّ صابيا |
أنا الشاعرُ الفعّالُ عندي قصائدٌ |
ثبتْنَ جبالا شامخاتٍ رواسيا |
لي السحرُ يجري من كفوفي و خافقي |
و شعريَ بينَ الناسِ تُلفيهِ ساريا |
خططْتُ بأطرافِ الأسنّةِ أحرفي |
لأرفعَ بالأشعار ما كانَ كابيا |
بنيتُ بها عزّا و مجداً مُفاخراً |
و صرحاً عظيماص يحجبُ الشمسَ عاليا |
فما كنتُ ممن يرصفُ الشعر ذلّةً |
و ما كنتُ في هولِ المُلمّاتِ واهيا |
و ما كنتُ يوماً أتبعُ الركبَ صاغراً |
و ما كنتُ للأيادِ عبداً مداجيا |
فإني إذا ما الموتُ أرخى سُدولَهُ |
هببْتُ بحدِّ العضْبِ أبغي حِماميا |
أسيرُإلى الهيجاءِ و الحربِ و الوغى |
لأشفي بشربِ الموتِ صرفا سُعاليا |
فهاتِ كؤوسَ الموتِ يا فارسَ القضا |
فهذي جموع الخوف صُفّت أماميا |
أنا السيفُ أرتادُ المنايا مزغرداً |
أكرُّ على الساحاتِ أشتاقُ داجيا |
فلستُ الذي يخشى المصيباتِ صعبةً |
و لستُ الذي يخشى المنايا لواهيا |
23/7/2007 |
عمر زيادة |