الفِراقفي صباحِ يومٍ مِنَ الأيام صباح تَملئهُ الأبتسامة ومفعم بالحياة , صحوتُ على صوتِ زقزقةِ العضافير , توجهتُ لأغسِلَ وجهي فرأيتُ أختي الصغيرةَ نائمةً والأبتسامةُ مرسومة على وجهِها فوددت تقبيلها وأنا اقبلها فاجئتني بحضن دافئ مليء بالبرائة , أخذتُها وذَهبنا لغسلِ وَجهيْنا بماءٍ باردٍ منعشْ يبعثُ روحَ الحياةِ بالأنسان , توجهنا لغرفة والدتي فإذا بي أرى أبي وجدي وجدتي وخالي وخالاتي جميعهُم بغرفةِ أُمي دخلت مسرعاً فوجدت الجميع يبكون إلا أبي فكان وجهُ شاحباً مليئً بالحزنِ والأسى , إلتفتُ إلى أُمي وجدتها ممددةً على السرير عيناها حمراوتان وجهُها أحمر يداها باردتان كالثلج, جلستُ بجانِبها وأنا أبكي , صَرختْ قُلت: أين؟ أين الطبيب؟ أحضِروا طبيباً حالاً لم يجب أحد ركضت مسرعاً أُحضِرُ طبيب, شعرت بيدي ببرودة تحولت خلال لحظات إِلى دفئٍ كالنار نظرت خلفي فإذا يدان أُمي تمسكان بيدي ,هَمست لي : لا لا تذهب ابقى بجانبي .
جلست وقلت لها : ماذا؟ ماذا تريدين يا أمي؟ ماذا تريدين؟ سأُحضر لك , قالت : اسمعني يا أحمد قد أُفارقك قد أُفارقكم جميعا ولكن يا أحمد إعتني بأُختِكَ الصغيرة إعتني بمنار لا تدعها يا أحمد , نظرتُ إلى منار وقلت لها : تعالي تعالي إليْ ركضت نحوي حضنتُها شعرتُ بدفئٍ كبير والدمع يملأ عيناي إلتفتُ إلى أمي , فبادرتني بالقول : أحمد ... كانت تريد أن تقولَ لي شيئاً ولكن لم تكمل نظرتُ إلى شفتاها بتمعن رأيتهما تنطقان بالشهادة , وحينها لفظت آخر أنفاسها .
صرختُ بأعلى صوتي :لا ليسَ اليوم ليسَ الآن ودمعي على خدي يسيل تخيلت الدنيا ظلام لا نورفيها من بعد اليوم ولا شيء ينير الطريق أحسست أن الدنيا توقفت انتهت انتهت الحكاية لم يعد مجال للتقدم فالحضن الدافئ الذي كان يحضننا ذَهب , لا بأس لا بد من الفراق .