سيّدتي...حين يسدلُ الليلُ أستارَه على شبابيك وحدتي,ويلجُ ذلك الصّمتُ الصّارخُ عبر أبواب خاطري,ويستقرّ...فإنني أعجنُ من العبرات الهائمة حروفي,وأرسمُ من بقايا الحزن المتسكـّع في طرقات الفؤاد صورَتكِ الجليّة...
أقلـّبُها...أتأمّلها...أنعمُ في خفاياها علـّني أجدُ في مقلتيكِ ما يرشدُني إلى سبيل,,أمشي به وأفتـّشُ عن ذلك الشوق التائهِ عبر المسافات الطويلة...
حينها –وإذ ألمسُ فتيلاً من ضالـّتي,تهزّني تلك الرعشة ُ الصيفيّة الدافئة,وتجتاحُ صدري تلك الرياحُ العاصفة القاصفة؛لتوري شعلة ً في خافقي الغضّ الصغير,وتضرمَ فيه ناراً أبردَ من الثلج في كبد الشتاء,فتصيبني لفحة ٌ لذيذة ٌ من تلك البلاد,,أرتشفـُها جرعاتٍ مسكرة,فتسري في جميع أرجائي...
سيّدتي...حين يجنّ الليلُ جنونه,وتصطفّ النجومُ البارقة ُ تترى على ذلك الرداء الأسمر,ويتوضّعُ القرصُ السّاحرُ بين أقرانه من الغيوم الضبابيّة...فإنني أحتضنُ الماضي البعيد الجميل,وأبعثُ بالحروف الآنّةِ الباكية عبر الفراغ اللؤلؤيّ,تناشدُ ذلك الطيفَ المختومَ على أديم الظلام,وتركعُ أمام عتبةِ بابه الصامت المهيب...
قاتلتي...حين تنشرُ الشمسُ خيوطها الحمراء,وترمي بحبالها الملتهبة على ما وراء التلال الوهميّة لتبشّرَ بولود الفجر الربيعيّ,وتهمي حبّاتُ الندى من عيون السماء العذبة الصافية...فإنني أمسكُ تلك الدرر الرطبة الرؤودة,أضمّها,أقبّلها,ثمّ أشعلُ فيها حرارة َ الشوق الأبديّ ,فتصّعّدُ بخاراً إلى درقائها وتتوطـّنُ في أحشاء السماء,إلى أن يأتي ميعادُها لتنهالَ ودقاً على ظفائر شَعركِ العربيّ,أو تجرّها العواصفُ إلى صميم قلبكِ الصغير,وتبعثُ فيه تلك الرعشة َ الصيفيّة الدافئة,,أو ما يُسمّى بالغرام...