أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 17

الموضوع: الردة والمرتد في الشريعة الإسلامية

  1. #1
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي الردة والمرتد في الشريعة الإسلامية

    الردة والمرتد في الشريعة الإسلامية
    القاهرة- آفاق

    انتقد استاذ الفقه المقارن المساعد بجامعة الأزهر بشدة دعاوي المطالبين بإلغاء عقوبات الردة على من يخرج من الإسلام وتعليلهم ذلك بـ"حرية الفكر" أو "إظهار سماحة الإسلام" واعتبر الردة من "اعلى الجرائم" وأن الإسلام يجرم الخروج على "الدين الحق" كما أكد بأن حكم الردة من الأحكام "الشرعية الثابتة المستقرة التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان".
    وقال الدكتور أحمد محمود كريمة إن "التعلل بإلغاء عقوبات المرتد تحت زعم اظهار سماحة الإسلام ومرونته تعلل مهترئ‏، لأنه يؤدي الى القول بأن الإسلام منذ فجره حتى عام (1428‏ هـ‏/2007‏ م‏)‏ لم يكن سمحا‏، بل صاحب سمعة ملوثة‏، وآن الاوان لتصحيح المسار‏، أو ثورة تصحيح على احكامه وأصوله‏، وقواعده‏، حتى يبدو للناظرين سمحا عفيفا‏!!!‏".
    وأكد كريمة بحسب صحيفة "الأهرام" المصرية في صحفة الكتاب وتحت عنوان مفاهيم: الردة والمرتد في الشريعة الإسلامية بأن من أهم خصائص التشريع الإسلامي الجمع بين "الثبات والمرونة‏".
    وقال بأن الثبات يعني "قيام التشريع على أصول لا يمكن بحال من الاحوال أن تقبل التبديل‏، والتغيير‏، أو الإلغاء‏ ... والأحكام الشرعية الثابتة المستقرة لا تتغير بتغير الزمان والمكان‏، فحرامها وحلالها ومباحها كذلك في الماضي والحاضر والمستقبل‏، وصارت بهذا الوصف مسلمات شرعية‏، لا تقل قوة عن المسلمات العقلية‏، وهذه المسلمات الشرعية لا تقبل ابدا ان يحتال عليها‏، فتغير تحت أي مبرر من المبررات كإرضاء التيار العلماني أو مسايرة الحضارة الجديدة‏، وغير ذلك من مبررات تبعث على الغرابة والنكارة معا‏!‏".
    وقال كريمة "إن اخواننا أهل الكتاب ـ اليهود والنصارى ـ لم يجرؤ عالم فيهم على تغيير أي حكم لديهم‏، والأمثلة عند القوم معروفة خاصة الاحوال الشخصية والإرث وغير ذلك‏، فلماذا العبث في مسلمات شرعية إسلامية من قبل مسلمين؟‏!‏".
    وشرح كريمة أوصاف الردة وعقوباتها وكيفييتها وقال "الردة لها تكييف ووصف وعقوبات فهي بإيجاز من حيث الجملة‏:‏ الرجوع عن الإسلام‏، ويكون هذا بأحد مظاهر ثلاثة‏:‏ـ القول والفعل والامتناع عن الفعل‏.‏ والقول‏:‏ صدور قول عن المسلم هو كفر بطبيعته‏، أو نقيض الكفر‏.‏ والفعل‏:‏ أن يأتي المسلم فعلا يحرمه الإسلام تعمدا واستخفافا به أو عنادا أو مكابرة‏.‏ الامتناع عن الفعل‏:‏ـ أي الامتناع عن إتيان فعل يوجبه الإسلام‏، مما علم من الدين بالضرورة إنكارا أو جحودا‏".‏
    وأضاف "أما حكم الردة‏، فهي من اعلى الجرائم لعداونها على الدين‏، فالإسلام يحرم‏، ويجرم الخروج على (‏الدين الحق‏.‏ والنظام العام للمجتمع‏)‏ وعليه‏ فالردة جريمة‏، والمستقر شرعا وقانونا أنه لا توجد جريمة دون عقوبة دنيوية‏"
    وعدد كريمة أهم عقوبات الردة الدنيوية وذكر منها:
    ‏1‏ـ القتل‏:‏ وهو ثابت بالسنة النبوية الصحيحة‏، ومنها‏ حديث "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث‏: النفس بالنفس‏، والثيب بالزاني‏، والمفارق لدينه التارك للجماعة من بدل دينه فاقتلوه‏..‏ وبآثار الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والإجماع"‏.‏
    ‏2‏ـ التفريق بين المرتد وزوجه‏.‏
    ‏3‏ـ سلب ولاية المرتد‏.‏
    ‏4‏ـ تحريم ذبيحة المرتد‏.‏
    ‏5‏ـ إحباط العمل‏.‏
    وأضاف "وإذا علم هذا فأي العقوبات يسعى الساعون لإلغائها؟ هل كلها أم بعضها؟ إن كان الكل فإن كانت الردة جريمة فهل يوجد في أي تشريع سماوي أو وضعي جريمة دون عقوبة دنيوية؟ وإن لم تكن الردة جريمة‏، فماذا تكون من الناحية التشريعية؟".
    وتابع "وإن كان البعض‏، فلابد من التفصيل‏.‏ هل إلغاء القتل؟ هل لزعم عدم ملاءمته؟ إذن على هذا الزعم تلغى عقوبة القتل في الجرائم الأخرى المسببة له‏، وإن كان بسبب أنه ثبت بالسنة النبوية‏، ولم يثبت بالقرآن الكريم‏، فعلى هذا الوهم‏، تلغي عقوبة تعاطي المسكرات والجناية على ما دون النفس خطأ‏، والخروج على الحاكم‏، لأن هذه الجرائم مجرمة بنصوص القرآن الكريم‏، والسنة النبوية‏، وشرعت السنة النبوية عقوباتها‏".‏
    وانتقد كريمة المطالبين بإلغاء عقوبة التفريق بين المرتد وزوجته وقال "لو بقيت مسلمة في عصمة كافر لخالفنا القرآن الكريم في حكم شرعي قطعي الورود‏، والدلالة ‏(‏ولا تمسكوا بعصم الكوافر‏)‏ ولفتح باب زواج المسلمة من غير مسلم حاضرا ومستقبلا‏.‏
    وتساءل "هل يراد إلغاء باقي العقوبات؟ أظن ان قومنا لا يعرفونها‏، لأن الظاهر لغير المتخصصين في الشريعة الإسلامية أن عقوبة الردة‏:‏ـ القتل والتفريق فقط‏، وهذا قصور لا يحتاج إلى تعليق"‏.‏
    كما انتقد ما قال به بعض أهل العلم من إطلاق استتابة المرتد وعدم تحديدها وقال "هو قول نسب لبعض أهل العلم وهو ضعيف محجوج عليه بالنصوص‏".
    واختتم كريمة بقوله "إن الردة جريمة لها عقوبات دنيوية ثابتة ومستقرة‏، وهي جزء من تشريع سماوي ثابت مستقر واستتابة المرتد مؤقتة بميقات‏، وإلا صار الأمر فوضى وحرية كفر‏، لا حرية فكر"‏.
    الإنسان : موقف

  2. #2
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    سأورد بعد ذلك ردود الطرف المعاكس :
    حيث نشرت الواشنطن بوست مقالة للأستاذ الدكتور على جمعة يدلي بها برؤيته ..

  3. #3
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    ننتظر خليل

    محبتي
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  4. #4
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    أستسمحك خليل أن أورد رأي وسط في الموضوع وهو للدكتور المقاصدي أحمد الريسوني:



    من موقع الريسوني:
    أصدر الفقيه والأصولي الأستاذ أحمد الريسوني كتابا حول الكليات الأساسية للشريعة الإسلامية .
    وقد تضمن الكتاب آراء واجتهادات جديدة كثيرة مبنية على هذه الكليات ، من بينها رأيه في حد الردة ، وفيما يلي كلام الأستاذ الريسوني في الموضوع . فبعد أن نقل أقوال كبار الأصوليين والفقهاء والمفسرين في أن كليات الشريعة لا تقبل النسخ ، وضرب الأمثلة لذلك، قال:

    لا نسخ ولا تخصيص لآية ( لا إكراه في الدين)


    ومن الآيات التي ذهب بعض المفسرين إلى القول بنسخها ، الآية الكريمة : { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [ البقرة : 256 ] , مع أن الآية تقرر قضية كلية قاطعة ، وحقيقية جلية ساطعة , وهي أن الدين لا يكون ـ ولا يمكن أن يكون ـ بالإكراه . فالدين إيمان واعتقاد يتقبله عقل الإنسان وينشرح له قلبه , وهو التزام وعمل إرادي , والإكراه ينقض كل هذا ويتناقض معه .
    فالدين والإكراه لا يمكن اجتماعها , فمتى ثبت الإكراه بطل الدين. فالإكراه لا ينتج دينا , وإن كان قد ينتج نفاقا وكذبا وخداعا , وهي كلها صفات باطلة وممقوتة في الشرع , ولا يترتب عليها إلا الخزي في الدنيا والآخرة .
    وكما أن الإكراه لا ينشئ دينا ولا إيمانا , فإنه كذلك لا ينشئ كفرا ولا ردة , فالمكرَه على الكفر ليس بكافر , والمكره على الردة ليس بمرتد , وهكذا فالمكره على الإيمان ليس بمؤمن , والمكره على الإسلام ليس بمسلم . ولن يكون أحد مؤمنا مسلما إلا بالرضا الحقيقي : " رضيتُ بالله ربا وبالإسلام دينا , وبمحمد نبيا ورسولا " .


    وإذا كان الإكراه باطلا حتى في التصرفات والمعاملات والحقوق المادية والدنيوية , حيث إنه لا ينشيء زواجا ولا طلاقا , ولا بيعا ، ولا بيعة , فكيف يمكنه أن ينشيء دينا وعقيدة وإيمانا وإسلاما ؟!
    فقضية { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} هي قضية كلية محكمة , عامة تامة , سارية على أول الزمان وآخره , سارية على المشرك والكتابي , سارية على الرجال والنساء , سارية قبل الدخول الإسلام , وبعده , أي سارية في الابتداء وفي الإبقاء , فالدين لا يكون بالإكراه ابتداء , كما لا يكون بالإكراه إبقاء .


    ولو كان للإكراه أن يتدخل في الدين
    ويُدخل الناس فيه , أو يبقيهم فيه ، لكان هو الإكراه الصادر عن الله عز وجل , فهو سبحانه وحده القادر على الإكراه الحقيقي والمُجْدي , الذي يجعل الكافر مؤمنا والمشرك موحدا والكتابي مسلما , ويجعل جميع الناس مؤمنين مسلمين , ولكنه سبحانه ـ بحكمته ـ أبى ذلك ولم يفعله : { وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } [ يونس : 99 ] { قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } [ الأنعام : 149 ] , { وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } [ الأنعام : 107 ] .
    فحكمة الله التي لم تأخذ بالإكراه في الدين , حتى في صورة كونه ممكنا ومجديا وهاديا , لا يمكن أن تقره حيث لا ينتج سوى الكذب والنفاق وكراهية الإسلام وأهله .


    وإذا كانت الآية { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} غير منسوخة وغير قابلة للنسخ , فهي أيضا غير مخصصة وغير قابلة للتخصيص . وأقل ما يقال في هذا المقام , هو أن الآية جاءت بصيغة صريحة من صيغ العموم , فلا يمكن تخصيصها إلا بدليل مكافئ ثبوتا ودلالة . قال العلامة ابن عاشور : " وجيء بنفي الجنس [ لا إكراه ] , لقصد العموم نصا , وهي ( أي الآية ) دليل واضح على إبطال الإكراه على الدين بسائر أنواعه...."


    إذا تقرر أن هذه الآية محكمة غير منسوخة , وعامة غير مخصوصة , وإذا كان هذا واضحا وصريحا بلفظ الآية ومنطوقها , فلننظر الآن في بعض الاعتراضات والاستشكالات الواردة في الموضوع , وأهمها أمران :
    الأول : ما ثبت في عدد من النصوص القرآنية والحديثية وكذلك في السيرة النبوية الفعلية , من قتال للمشركين حتى أسلموا .... وهكذا تم " إكراه " معظم مشركي العرب على الدخول في الإسلام، كما يقال .
    الثاني : حد الردة , فإنه " إكراه " على البقاء في الإسلام , وبذلك اعتبر هذا الوجه من وجوه الإكراه خارجا عن مقتضى الآية وعمومها ....


    حد الردة


    ـ وبخصوص الأمر الثاني , وهو قتل المرتد , أرى من المفيد ومن الضروري التذكير ببعض القواعد المنهجية , التي تنطبق عليه وعلى سابقه وعلى نظائرهما .
    1 ـ لقد تقرر سابقا أن الكليات لا نسخ فيها .
    2 ـ وتقرر أن الكليات المحْكمات هن أُم الكتاب وأُس الشريعة , وأنها حاكمة على الجزئيات ومقدَّمة عليها .
    3 ـ وقرر الإمام الشاطبي كذلك أن : التشابه لا يقع في القواعد الكلية , وإنما يقع في الفروع الجزئية .
    وبيَّن " أن المراد بالأصول القواعدُ الكلية , كانت في أصول الدين أو في أصول الفقه أو غير ذلك من معاني الشريعة الكلية لا الجزئية ." ثم قال : " فإذا اعتُبر هذا المعنى , لم يوجد التشابه في قاعدة كلية ولا في أصل عام ..."
    4 ـ وطِبقا لكل ما تقدم ، قرر الشاطبي قاعدة منهجية أخرى , وهي :" إذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة فلا تؤثر فيها معارضة قضايا الأعيان ولا حكايات الأحوال ." وذلك لأن القاعدة الكلية تستند إلى أدلة قطعية غير محتملة , بينما القضايا الجزئية المتعارضة معها ، ترِد عليها الاحتمالات والتأويلات والشكوك ..
    وقد وضَّح المسألة بمثال وقع في زمانه وفي بلده غرناطة ، وهو قتل موسى عليه السلام للقبطي , حيث يمكن أن يفهم منه عدم عصمة الأنبياء المقررة في العقيدة الإسلامية ... فكان رأي الشاطبي أن عصمة الأنبياء قضية كلية مستفادة من عدد من الأدلة القاطعة , وهي فوق الشك والاحتمال . فإذا سلمنا بهذه القاعدة , أو بهذا الأصل , أمكننا حينئذ أن نفهم وقوع القتل من موسى للقبطي على أي وجه لا ينقض العصمة ولا يتنافى معها .
    " فمُحال أن يكون ذلك الفعل منه ذنبا , فلم يبق إلا أن يقال : إنه ليس بذنب , ولك في التأويل السعة , بكل ما يليق بأهل النبوة ولا ينبو عن ظاهر الآيات ."


    ونحن نعلم أن قاعدة { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } قطعية الثبوت قطعية الدلالة , فضلا عن كليتها وعموم صيغتها , كما نعلم بالعقل والتجربة أن الإكراه على الدين لا يجدي نفعا ولا ينتج إلا ضررا .


    فإذا علمنا هذا وتمسكنا به ولم نحِد عنه , كان بإمكاننا أن نتعامل بشكل سليم مع ما روي من أخبار وآثار تفيد قتل المرتد عن الإسلام , إذا لم يتب ويرجع عن ردته .
    فالقول بأن القتل يكون للردة وحدها ولا شيء معها أو سواها , يتنافى تنافياواضحا مع قاعدة { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ }فتعين رده وعدم التسليم به. بعد ذلك , فإن هذه الأخبار والآثار الدالة على قتل المرتد ، يمكن أن تفهم على أنها :


    ـ إما متعلقة بعقوبة تعزيرية ،تراعى في اعتمادها الملابسات والمخاطر التي كانت تشكلها حركة الردة على الكيان الإسلامي الناشئ . خاصة ونحن نعرف من خلال القرآن الكريم ، ومن سياق الأحداث والوقائع يومئذ ، أن كثيرا من حالات الدخول في الإسلام ، ثم الخروج منه ، كانت عملا تآمريامبيَّتا ينطوي على الخيانة والغدر.


    ـ وإما متعلقة بما يقترن عادة مع الردة , من جرائم , أو التحاق بصف العدو , أو نحوها من الأفعال الموجبة للعقوبة . وهذا ما تشير إليه بعض روايات الحديث النبوي الصحيح ( لايحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ...) ، وهو أصح شيئ في الباب . ففي رواية الصحيحين والترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : (لايحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إلـه إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمارق من الدين التارك للجماعة ) . فالحديث لم يقتصر على المروق من الدين( وهي الردة ) ، بل أضاف إليه ترك الجماعة ، أو مفارقة الجماعة ، أو الخروج من الجماعة ، كما في روايات أخرى . وهي إضافة لا يمكن أن تكون بدون فائدة إضافية وبدون أثر في موجب الحكم . ومفارقة الجماعة ، أو الخروج عن الجماعة ، كانت تعني التمرد والعصيان والمحاربة ، وربما الانضمام إلى العدو المحارِب . وهذا ما جاء صريحا في روايات أخرى لهذا الحديث . فعند أبي داود عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لايحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إلـه إلا الله وأن محمدا رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم ، ورجل خرج محاربا لله ورسوله ، فإنه يُقتل أويصلب أو ينفى من الأرض، أويَقتل نفسا فيُقتل بها .) وفي رواية النسائي ، والطحاوي في مشكل الآثار ، عن عائشة أيضا : ( ..أو رجل يخرج من الإسلام يحارب الله ورسوله ، فيُقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض)
    وبهذا يظهر أن موجبات قتل المرتد ، هي ما يقترن بالردة من خروج عن الجماعة وحمل للسيف عليها ... ، كما يظهر أن القتل ليس هو العقوبة الوحيدة الممكنة لمثل هذه الحالة .


    وفي جميع الأحوال تبقى قاعدة { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } أصلا سالما مسلَّما , لا يمكن نسخه أو نقضه ، ولا القبول بأي شيئ ينفيه ، كليا أو جزئيا .

    /

    أظن أن المقال غني بالتحليل الفكري المقاصدي و البعد الشرعي.
    لتغنى المناقشة و الحوار

    /
    تحياتي

  5. #5
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    جدل فقهي بين علماء الأزهر حول مفهوم الردة وحرية العقيدة في الإسلام

    جريدة : «الشرق الأوسط»
    فجر مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» أخيرا للدكتور علي جمعة مفتي مصر، حول حرية العقيدة في الإسلام، حالة من الجدل وردود الأفعال المتباينة في الأوساط الدينية في مصر. ففيما أيد فريق من علماء الأزهر ما ذهب إليه الدكتور جمعة في مقاله عن حكم المسلم الذي يرتد عن الإسلام ويعتنق دينا آخر من أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن طبق حد الردة على الذين تحولوا عن الإسلام واعتنقوا دينا آخر، مؤكدين أن موضوع الردة أمر تجاوزته المتغيرات وأنه يجب التركيز الآن على صورة الإسلام السمحة التي تعلي من شأن حرية الفكر والاختيار. فريق آخر رفض هذه الحجج مؤكدا أن الإسلام أعطى حرية العقيدة والاختيار بين الإيمان والكفر، ولكنه يرفض أن يعتنق أحد الإسلام ويرضى به دينا ثم يرتد عنه ويعتنق عقيدة أخرى لأن الدين ـ على حد قولهم ـ ليس ألعوبة وبالتالي وجب تطبيق «حد الردة» على من يفعل هذا في الشريعة الإسلامية، مؤكدين أن النبي صلى الله عليه وسلم طبق «حد الردة» على بعض المرتدين في حياته. وكانت المحكمة الإدارية العليا في مصر قد قضت في مطلع هذا الشهر بقبول الطعن المقدم من مجموعة من المسيحيين المصريين كانوا قد أسلموا ثم عادوا مرة أخرى لاعتناق المسيحية ضد حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بعدم أحقيتهم في استخراج بطاقات شخصية وشهادات ميلاد مدونة بها الديانة المسيحية بعد عودتهم إليها، وقررت المحكمة إصدار حكمها النهائي مطلع سبتمبر (ايول) المقبل.
    في هذا التحقيق تستطلع «الشرق الأوسط» آراء عدد من العلماء الذين هم «مع» أو«ضد» حكم المرتد في الشريعة الإسلامية وحرية الاعتقاد التي كفلها الإسلام. يقول الدكتور محمد عبد المنعم البري أستاذ التفسير والحديث بجامعة الأزهر بالقاهرة، رئيس جبهة علماء الأزهر السابق: «إن الإسلام أباح حرية الاعتقاد ولكن الذي يختار الإسلام دينا بمحض إرادته لا يجوز له أن يرتد عنه، وأن حكم الإسلام في الردة واضح لا يحتاج إلى تعقيب أو تشكيك، والثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد طبقه في حياته على شخص يدعى عبد الله بن الأخطل وكان قد تعلق بأستار الكعبة حماية لنفسه من عقوبة الردة، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بقتله فقتلوه، وقال لهم صلى الله عليه وسلم:«حتى لو تعلق بأستار الكعبة»، فضلا عن تطبيق حد الردة على آخرين حدث أن ارتدوا عن الإسلام، مشيرا إلى أن الذين يتعللون بأن حد الردة لم يأت به نص قرآني بل جاء في السنة فقط هذا لأن السنة شارحة وموضحة للأحكام التي جاءت في القرآن».

    وأضاف البري: «إن حد الردة في الإسلام ثابت بنص صريح صحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة (يعنى المرتد)». أما الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر فيقول: «يمتاز الإسلام بأنه دين كفل حرية الاعتقاد وجعل الإنسان مختارا بين الكفر والإيمان لقول الله تعالى: «لا إكراه في الدين» وقوله سبحانه «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» وهذه الآيات نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة الإسلامية. وهذه النصوص القرآنية موجهة إلى من هو ليس بمؤمن، فالإنسان غير المؤمن قبل إيمانه له حرية الإيمان من عدمه، وأنه طالما كان لهذا الإنسان حرية الاختيار بين الإيمان والكفر فسيكون محاسبا على اختياره، فمن كان مؤمنا فانه اختار الإيمان بحريته، وبالتالي فان خرج من الإيمان أو الإسلام فسيعاقب بحد الردة وهو معروف في الإسلام لان الدين ليس ألعوبة». وأضاف الشيخ عاشور: «إن حد الردة ثابت بالقرآن والسنة وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد طبقه، لكنه قبل تطبيق الحد على المسلم الذي يرتد يجب أن يستتاب لمدة ثلاثة أيام فإن تاب فلا يطبق عليه الحد».

    وقريبا من الآراء السابقة يقول الدكتور عمر مختار القاضي، الأستاذ بجامعة الأزهر عضو الأمانة العامة برابطة الجامعات الإسلامية، إن الذين يهاجمون الإسلام معتقدين انه لا يبيح حرية الاعتقاد لأنه يعاقب المرتد بالقتل يجهلون تحليل جريمة الردة وتفصيلاتها. ويقول القاضي: «لا توجد في القرآن الكريم آية صريحة في قتل المرتد، والقرآن هو المرجع الأول عند الاختلاف، ولكن قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من بدل دينه فاقتلوه، عندما كان محاطا بالمؤمنين وكانوا كثرة، ومن بين المسلمين فئة أسلمت من حيث الظاهر مع التربص بمجتمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا سنحت لهم الفرصة شقوا الصفوف وبثوا الفتن لدرجة أنهم بنوا مسجدا وقصدوا من بنائه الاجتماع فيه للتآمر ضد المسلمين والتخابر مع أعدائهم، وقال الله تعالى فيهم «والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله»، فهؤلاء أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بمعاقبتهم بسبب أعمال الخيانة التي قاموا بها ولا علاقة في ذلك الأمر بحرية الاعتقاد وإنما الأمر يتعلق بالخيانة العظمى والنفاق».

    ويوضح القاضي أنه يجب التفرقة بين أحوال الردة الفردية، ففي حالة ما إذا كان المرتد قد ولد مسلما فإن ميراثه صفة الإسلام الحميدة لا ينبغي أن يجعله في وضع أسوأ من وضع الكافر الذي دعي إلى الإسلام فرفضه، فيترك وشأنه وتكون فرصته لمراجعة عقيدته وتصحيحها «أي الاستتابة» مفتوحة طيلة حياته بطمأنينة وبلا حدود، ثانيا قد يكون المرتد من الذين اعتنقوا الإسلام ثم راعه انحرافات تصدر من بعض ممن ينتمون إلى هذا الدين بالميلاد وبالاسم فقط، ونظرا لحداثته بالإسلام يأخذ في اعتباره الحكم على الدين من خلال تصرفات الناس ومدى جديتهم في الالتزام بأوامره، وهو إذ يرتد هنا فقد لا يقصد بردته الإساءة إلى مجتمع المسلمين وإنما يقتصر أمره على مجرد رأيه فيما اعتنق، والعودة إلى ما كان عليه من اعتناق سابق، ثالثا قد يكون المرتد في سن المراهقة قبيل مرحلة كمال النضوج العقلي حيث تنتاب العديد من المراهقين وساوس الحيرة والشك فيما حولهم من قيم اجتماعية، وقد يصل ذلك عند البعض إلى التشكيك في القيم الدينية، فلا يجب تعرض مثل هؤلاء إلى مخاوف جنائية نفسية من حساب جنائي على ما يبدونه من أفكار وآراء لم تنضج بعد في تلك المرحلة من العمر بل يجب توجيه النصح والإرشاد الأسري والمدرسي لهم فيتراجعون بسهولة ويصححون أفكارهم ويستعيد أغلبهم إيمانه بثقة وثبات بعد اجتياز هذه المرحلة الحرجة التي توضع فيها الأفكار والمعتقدات محل الشكوك والتحليلات في عقول غير مكتملة النضج». وبالتالي فلو فتحنا بابا ـ حسبما يرى الدكتور القاضي ـ لحساب جنائي على ما يبدو أنه ردة في هذه السن المبكرة فإننا نكون قد فتحنا من جانب آخر بابا للشقة والفتنة بين الأجيال، فقد لا يرحم الأب ابنه ولا الأخ أخاه بإمهاله والصبر عليه بالحوار والإقناع بالحجة ويسعى إلى تقديمه إلى المحاكمة اعتقادا منه أن في هذا السلوك وفاء للدين ويغفل أن الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة والتراجع عن الكفر في أي مرحلة من الحياة قبل حضور الموت لقول الله تعالى: «ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة» فقد علق الله تعالى عذابه على الموت على حال الكفر، لكن في الوقت نفسه التوبة مقبولة قبل حضور الموت. ويخلص الدكتور القاضي إلى أن «الردة لها وجوه صريحة واضحة مثل إنكار كل وجود الله أو إنكار صدق رسول الله، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الردة لها بعض الصور والدلالات الضمنية التي لا تقبل الحصر والتي تندرج تحت باب واسع هو إنكار ما علم من الدين بالضرورة».

    وعلى العكس من الآراء السابقة يؤكد الدكتور عبد الحي عزب، أستاذ الفقه المقارن عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم حد الردة على أحد لأنه لم يثبت أن أحدا من الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قد بدل دينه، مشيرا إلى اتفاق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين كفار مكة وبما له من شروط مجحفة، كان من ضمنها مثلا شرط أساسي بأن من يأتي من الكفار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيرده إليهم ولا يدخله في الإسلام، أما من يرتد من المسلمين إلى الكفر فيقبله الكفار ولا يردونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وبرغم هذا لم يرتد أحد عن الإسلام، كما أن هذه الاتفاقية لم تدم طويلا لأنه بعد فترة قصيرة تم فتح مكة. ويوضح الدكتور عزب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد رضي بهذه الشروط المجحفة في تلك الفترة وهي فترة تأسيس الدولة من منطلق القرار السياسي الحكيم الذي يستلزمه بناء الدولة في مهدها، فالله عز وجل كان قد بشر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن مكة ستفتح له، ولهذا فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم بأن قرار قبوله بالشروط المجحفة لا يعود بالسلب على المسلمين ومن ثم رضي به صلى الله عليه وسلم.

    ويرى الدكتور عزب انه يجب التفريق بين الردة الفردية والردة الجماعية، وان لا صحة لما يتردد بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد طبق حد الردة لأن حد الردة مبني على اجتهاد من الحاكم فإذا رأت الدولة تطبيقه على واقعة اتهم فيها إنسان بالخيانة والإضرار بأمن الوطن، لأنه قام بأعمال من شأنها الإضرار بأمن المجتمع بسسب ردته، فيتم تطبيق الحد عليه، مؤكدا أن الذين يطالبون بتطبيق حد الردة وقتل من يرتد عن الإسلام يعطون الفرصة للمتربصين بالإسلام لاتهامه بأنه دين قتل وعنف وليس فيه حرية بالرغم من انه لم يوجد مسلم يؤمن إيمانا صحيحا وولد في بيت مسلم ثبت انه ارتد عن الإسلام ورضي عنه بديلا وتحول عن فطرته لان الإسلام دين الفطرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه». ويضيف الدكتور عزب قائلا: «إن الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطبق حد الردة في حياته أنه وجد في زمنه جماعة من المنافقين فلم يقم عليهم الحد أو يحاربهم ولكن قاطعهم، ومعروف أن الردة هي أخطر من الكفر».

    ويخلص الدكتور عزب الى أن حكم الإسلام في إنسان غير مسلم أعلن إسلامه ثم ارتد عن الإسلام فلا يعاقب، فالإسلام ليس بحاجة لإنسان أتى من الكفر ودخل في الإسلام ثم عاد للكفر مرة أخرى لان مثل هذا الإنسان المتخبط في قراراته العقائدية من الواضح انه اعتنق الإسلام دون اقتناع ودراسة ومعرفة كافية، فلما ارتد عنه لعدم وعيه وإدراكه الصحيح بالإسلام فلا يعاقب، فضلا عن أن هناك من يعتنقون الإسلام لكي يتخذون منه وسيلة للاتجار ومطية للكسب المادي، ومثل هذا يكون إيمانه ناقصا، وعموما فان الإسلام كفل حرية العقيدة للجميع. وحول حكم الخليفة أبو بكر الصديق بقتال مانعي الزكاة واعتبارهم مرتدين عن الإسلام يقول الدكتور عزب إن كل الذي ثبت في حرب مانعي الزكاة في عهد أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أنهم لم يرتدوا عن الإسلام ولكنهم اعتقدوا خطأ أن الزكاة كانت تؤدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وظنوا أنه بموت النبي صلى الله عليه وسلم لن يأخذ أحد الزكاة منهم غير النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر عنه قولته الشهيرة: «والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقاتلهم عليه» فأراد أبو بكر بهذا أن يبين لهم الإسلام الصحيح، كما أن هذا الركن «الزكاة» يمس المال. ومن جهته يقول الكاتب الإسلامي جمال البنا: «في هذه المرحلة التي يتعرض فيها الإسلام لهجوم شديد يجب علينا أن نقدم الإسلام الصحيح للعالم، الإسلام السمح الذي يبشر ولا ينفر، فضلا عن أن الاختلاف في العقائد بين البشر مما أراده الله تعالى وما يفصل فيه يوم القيامة وبالتالي فلا يوجد حد دنيوي للردة».

    ويضيف البنا: «لا اعتقد أن أي داعية للحرية الفكرية على إطلاقها يمكن أن يأتي بمثل ما جاء به القرآن الكريم وما تضمنته آياته التي قررت أن الإيمان والكفر قضية شخصية وليسا من قضايا النظام العام التي تتصدى لها الدولة، فالله يقول: «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» وكذلك قوله تعالى «من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون». وبالتالي فان من آمن ينفع نفسه ومن كفر فإنه يجني عليها، والله تعالى غني عن العالمين.

    ويؤكد البنا أن القرآن نص في آيات واضحات على حرية الفكر والعقيدة ولكن لم ينص على عقوبة دنيوية على الردة، ولم يكن في عمل الرسول صلى الله عليه وسلم أو قوله ما يتضمن مثل هذه العقوبة، ومعظم مواقف الصحابة جاءت بعيدة كل البعد عن تكفير مسلم أو الحكم بردته أو فرض عقوبة عليه، ويتساءل البنا: «فمن أين جاءت تلك الأحاديث المستفيضة والمسهبة عن حد الردة؟» ويجيب: «لقد جاء بها الفقهاء عندما أرادوا أن يدونوا الفقه ويقننوا الأحكام وكان ذلك في أواخر الدولة الأموية وأوائل الدولة العباسية عندما احتدمت العداوات السياسية والخلافات المذهبية وهددت وحدة الأمة وكيانها، عندئذ وقف الفقهاء موقف حماة السلطة والنظام والقانون وكأن المناخ أملى عليهم أن يبتروا من المجتمع كل خارج عليه، ووجدوا من الأحاديث والسوابق التي وضعت، أو رويت بطريقة مشوهة أو اصطنع لها، سندا قويا يمكن معه أن يضفوا صفة شرعية على عملية البتر هذه، وتوصلوا بحكم الصناعة الفقهية إلى إضافتين الأولى إبداع صيغة «من جحد معلوما من الدين بالضرورة» بحيث تتسع للجميع، والثانية فكرة الاستتابة».

    ويؤكد البنا: «لا جدال في أن هذا يمثل منزلقا خطيرا في التشريع الإسلامي إذ هو يعطي للفقهاء سلطة كبيرة، سلطة يصغر أمامها تحذير القرآن الكريم: «ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام» فالاستتابة مثلا بالطريقة التي فصلها الفقهاء تفقد جوهرها، فما دام هناك إرهاب وسيف وراءها فيغلب ألا تكون نابعة عن رضا واقتناع وإيمان، ولكن تعوذا من القتل وتخلصا من العقوبة، فهي في الحقيقة إرهاب فكري وإذلال نفسي».

  6. #6
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    حكم المرتد في الإسلام
    د. محمد عابد الجابري


    أثارت تصريحات مفتي مصر، التي أدلى بها مؤخراً لوسائل إعلام أميركية حول حكم المرتد في الإسلام، جدلاً بين علماء الأزهر وغيرهم من المهتمين بالشأن الديني في العالم العربي خصوصاً والعالم الإسلامي عموماً. وكنا قد أبدينا رأينا في الموضوع منذ عقد ونصف من السنين، وكلما أثيرت القضية ورجعنا إلى ذلك الموقف وجدناه يمثل الرأي الصحيح كما عبَّرنا عنه أول مرة.
    لقد عالجنا المسألة على مستويين، مستوى العام ومستوى الخاص. والتمييز بين هذين المستويين ضروري لتجنب الخلط واللَّبس والجدل العقيم.
    أما المستوى العام فيتعلق بموقف الدعوة المحمدية من حرية الاعتقاد، وهو موقف واضح تبينه الآيات التالية: قال تعالى مخاطباً رسوله الكريم: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآَمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً، أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ"؟ (يونس 99) وقال: "فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً، إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ" (الشورى 48) وقال: "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ، إِلا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ، إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ" (الغاشية 21- 26). وقال: "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" (الكهف 29) . وقال: "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً" (الإنسان 3). وقال: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ" (البقرة 256).
    وواضح أن هذه الآيات تقرر حرية الإنسان في الاعتقاد، فهو حُر في أن يعتنق الإسلام، لكنه إذا أعرض فليس من حق الرسول أن يجبره على ذلك.
    سيقول كثير من الفقهاء إن هذه الآيات "نُسخت بآية السيف". وفي نظرنا أن مفهوم "النَّسخ" ومفهوم "آية السيف" مفهومان لا وجود لهما في القرآن. أما "النسخ" فقد ورد لفظه، وقد بينَّا في سلسلة مقالات، على صفحات هذه الجريدة، أن المقصود بـ"المنسوخ" فيما وُصف في القرآن بهذا الوصف، أو بما في معناه، هو إما الشرائع الماضية، وقد نُسخت بمجيء خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه الصلاة والسلام، وإما "الآيات" المعجزات التي خص الله بها بعض أنبيائه ورسله، والتي تختلف من نبي إلى نبي (عصا موسى، آيات عيسى)... الخ. أما ما يسمى بـ"آية السيف" فقد سبق أن بيَّنا، منذ مدة وفي هذا المكان، أنه ليست هناك "آية سيف"، بل آيات تبيح -أو تدعو- إلى قتال مشركي مكة الذين كان المسلمون قد دخلوا معهم في حرب، مضطرين تحت تهديد التصفية بالقتل بعد أن طُردوا من ديارهم، ومن بينهم الرسول نفسه عليه الصلاة والسلام. فالحرب التي خاضها المسلمون بقيادة النبي عليه الصلاة والسلام كانت دفاعاً عن النفس، لا غير. والجدير بالذكر أنها كانت خالية من روح الانتقام تماماً. فالمعروف أن النبي عليه الصلاة والسلام قَـبِـل "صُلح الحديبية" حينما اعترضته قريش ومنعته من الدخول إلى مكة لأداء العمرة. ومن المعروف كذلك أن فتح مكة لم يكن بقتال بل بمفاوضات مهَّد لها قرار النبي عليه الصلاة والسلام الزواج بأم حبيبة بنت أبي سفيان زعيم مشركي قريش آنذاك، ثم قادها فيما بعد عمُّه العباس، فكانت النهاية الدخول إلى مكة بدون قتال، فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينادي المنادي: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمنٌ، ومن أغلق بابَه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن".
    هذا عن حرية الاعتقاد على المستوى العام، أعني اعتناق الإسلام ابتداءً. أما مسألة "المرتد"، وهو الذي يعتنق الإسلام ثم يرتد عنه إلى اعتقاد آخر، فهي مسألة تقع على مستوى الخاص، إذا نظر إليها من زاوية "حرية اعتناق الإسلام"، وهذا الخاص فيه مستويان: الخاص، وخاص الخاص. أما على المستوى الخاص فالمرجع فيه هو جملة آيات هي قوله تعالى: "مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (النحل 106)، وقوله: "وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة 217)، وقوله: "إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (آل عمران 77)، وقوله: "كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ" (آل عمران 86-87). ويقول تعالى: "وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً" (النساء 115) وقوله: "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً" (النساء 137). في جميع هذه الآيات نجد أن حكم المرتد، كما يتحدد في سياقها، هو لعنة الله، غضب الله، جهنم... وليس القتل، وأكثر من ذلك فباب التوبة مفتوح أمامه.
    هذا في القرآن، أما في الفقه، فحكم المرتد هو القتل كما هو معروف. ويستند الفقهاء في ذلك إلى حديث نبوي يقول: "من بدَّل دينه فاقتُلوه". فكيف نفسر هذا الاختلاف؟
    لنستبعد الشك في صحة الحديث المذكور، فقتال المرتدين زمن خلافة أبي بكر واقعة تاريخية لاشك فيها. ولكن لابد من التمييز بين المرتد الذي يغير دينه كشخص ليست له أية دوافع أخرى غير اقتناعه الشخصي الديني، وحكمُه، كما ورد في الآيات السابقة، عقابٌ أخروي لا غير. أما المرتد بدافع خارجي، خارج مجال الاعتقاد المحض، فشيء آخر، وهذا ما عنيناه بـ"خاص الخاص" في هذه المسألة. ذلك أن المرتدين الذين حاربهم أبو بكر بوصفه رئيساً للدولة لم يكونوا مجرد أشخاص غيروا عقيدتهم، ولا شيء بعد ذلك، بل كانوا أناساً أعلنوا التمرد على الدولة، فامتنعوا عن دفع الزكاة بدعوى أنها كانت التزاماً منهم للرسول عليه الصلاة والسلام وحده دون غيره، بل لقد ذهبوا إلى أبعد من ذلك، إذ نظموا أنفسهم للانقضاض عليها. فـ"المرتد" بهذا المعنى هو من خرج على الدولة، إسلامية كانت أو غير إسلامية، "محارباً" أو متآمراً أو جاسوساً للعدو... الخ.
    وإذن فحكم الفقه الإسلامي على "المرتد" بهذا المعنى ليس حكماً ضد حرية الاعتقاد، بل ضد خيانة الأمة والوطن والدولة، وضد التواطؤ مع العدو أو التحول إلى لص أو عدو محارب. ومن هنا نفهم كيف يربط الفقهاء بين حكم "المحارب"، وهو مَن يخرج على الدولة والمجتمع ويشهر السلاح ويقطع الطريق، وبين "المرتد". ذلك أن "المرتد" في الخطاب الفقهي الإسلامي هو صنف من "المحاربين" (قطاع الطرق) وحكمه يختلف من فقيه إلى آخر حسب ما يكون المرتد محارباً بالفعل أو لا. فالمرتد المحارب يقتل باتفاق الفقهاء، أما قبل أن يحارب، فقد اختلفوا هل يستتاب أولاً، أم يقتل من دون استتابة. كل ذلك يدل دلالة واضحة على أن فقهاء الإسلام كانوا يفكرون في "المرتد" ليس من زاوية أنه شخص يمارس حرية الاعتقاد، بل من زاوية أنه شخص خان المجتمع وخرج ضده نوعاً من الخروج.
    وما نريد أن نخلص إليه من كل ما سبق هو أن الوضع القانوني لـ"المرتد" لا يتحدد في الإسلام بمرجعية "الحرية"، حرية الاعتقاد، بل يتحدد بمرجعية ما نسميه اليوم بـ"الخيانة للوطن"، بإشهار الحرب على المجتمع والدولة. وبالمثل فإن الذين يتحدثون اليوم عن "حقوق الإنسان" وفي مقدمتها حرية الاعتقاد لا يدخلون في هذه الحرية "حرية الخيانة للوطن والمجتمع والدين"، ولا "حرية قطع الطريق وسلب الناس ما يملكون"، و"لا حرية التواطؤ مع العدو". وإذن: فالحرية شيء و"الردة" شيء آخر.
    ويبقى مطلوباً من الاجتهاد الفقهي المعاصر النظر في ما إذا كان المسلم الذي يعتنق ديناً آخر اعتناقاً فردياً لا يمس من قريب أو بعيد بالمجتمع ولا بالدولة، يدخل في دائرة "المرتد" الذي يستباح دمه! أعتقد أن من يقول بذلك لا يستطيع أن يدلي بأي نص ديني يرد به على من يعارضه، إلا الآيات التي أوردناها سابقاً، والتي تتوعد المرتدِّين الوعيد الأكبر، ولكن دون التنصيص على عقابه في الدنيا أي عقاب

  7. #7
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2007
    العمر : 50
    المشاركات : 1,177
    المواضيع : 55
    الردود : 1177
    المعدل اليومي : 0.19

    افتراضي

    أخي الحبيب خليل

    بارك الله في جهودك ، ونفع بك ، وأصلح لك النية ، وأعظم لك الأجر ...

    أخي الكريم أذكر أني سمعت كلمة للشيخ الشعراوي - رحمه الله - عن حكم الردة ، وما فيه من حكمة ، أذكر أن فحواه ما يلي :

    إن حكم الردة ظاهره قسوة ، وإجبار ، وباطنه رحمه ، ويقين وإصرار إذ إن الذي يهم بالدخول في الإسلام إذا علم أن عنقه سيضرب إن هو خرج عن الإسلام بعد الدخول فيه لن يدخل الإسلام إلا إذا وقر اليقين في قلبه ، وعلم أن الإسلام هو الحياة ، وأن الكفر هو الموت . ( وقد أعذر من أنذر ) وهذا فيه لمحة لذوي الألباب بأن الإسلام دين الله الحق ، ولو لم يكن كذلك لما دخل الناس فيه أفواجا مع علمه بهذا الحكم ، وفيه لمحة - أيضا - بأن الإسلام يريد من أتباعه أن يكونوا على أعلى درجات اليقين والإيمان ، وأنه دين الأقوياء لا الضعفاء .

    حفظك الله ورعاك

  8. #8
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد الرشيدي مشاهدة المشاركة
    أخي الحبيب خليل
    بارك الله في جهودك ، ونفع بك ، وأصلح لك النية ، وأعظم لك الأجر ...
    أخي الكريم أذكر أني سمعت كلمة للشيخ الشعراوي - رحمه الله - عن حكم الردة ، وما فيه من حكمة ، أذكر أن فحواه ما يلي :
    إن حكم الردة ظاهره قسوة ، وإجبار ، وباطنه رحمه ، ويقين وإصرار إذ إن الذي يهم بالدخول في الإسلام إذا علم أن عنقه سيضرب إن هو خرج عن الإسلام بعد الدخول فيه لن يدخل الإسلام إلا إذا وقر اليقين في قلبه ، وعلم أن الإسلام هو الحياة ، وأن الكفر هو الموت . ( وقد أعذر من أنذر ) وهذا فيه لمحة لذوي الألباب بأن الإسلام دين الله الحق ، ولو لم يكن كذلك لما دخل الناس فيه أفواجا مع علمه بهذا الحكم ، وفيه لمحة - أيضا - بأن الإسلام يريد من أتباعه أن يكونوا على أعلى درجات اليقين والإيمان ، وأنه دين الأقوياء لا الضعفاء .
    حفظك الله ورعاك
    بوركت وعوفيت أخي الحبيب احمد

  9. #9
    الصورة الرمزية الصباح الخالدي قلم متميز
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : InMyHome
    المشاركات : 5,766
    المواضيع : 83
    الردود : 5766
    المعدل اليومي : 0.86

    افتراضي

    متابع وللمراجعة بارك الله فيك
    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهيمَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

  10. #10
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    الطريق باتجاه واحد فقط !

    بقلم خالص جلبي







    تم عقد مؤتمر مصيري في اليابان حول التعريف بالإسلام، حيث اجتمعت في صالة المؤتمرات الضخمة في طوكيو شخصيات يابانية علمية، وسياسية مرموقة، واجتماعية ذات مناصب، ورجال أعمال ورؤساء شركات عملاقة، وبعض الوزراء، ورجال الدين الشنتي والكونفوشيوسي. جلس الكل يستمعون بإنصات بالغ إلى المحاضرات التي يلقيها الوفد الإسلامي القادم من الشرق الأوسط للتعريف بدين الإسلام .

    وخلال ثلاثة أيام متلاحقة من المحاضرات المكثفة المملوءة بالحيوية والحماس، تم استعراض عدالة الإسلام، ومكانة المرأة، وفكرة الحاكمية، ونظام الشورى، والتربية الروحية، والحرية الفكرية في الإسلام.

    كان اليابانيون يهزون رؤوسهم في كل مرة بالاستحسان والإعجاب، وفي نهاية المؤتمر تم توزيع كتيبات صغيرة بالتعريف بالإسلام، وشروط دخوله، وكيفية النطق بالشهادتين، وأركان الإسلام الخمسة.

    كان كل شيء يمشي بهدوء لولا أن قطع جو الاستحسان سؤال تقدم به أحد المفكرين اليابانيين فقال: قرأت في نهاية الكتيب حكماً لم أفهمه على وجه الدقة، وبدا لي فيه شيء من الغرابة واللاعقلانية؟!

    أجاب رئيس الوفد الإسلامي:

    تفضل بسؤالك يا أخ ( سوموتاـ كيم سونج ) فالإسلام مبني على العقلانية وحرية الفكر؛ والتفكير فريضة إسلامية، فلا نرضى من أحدٍ من الأخوة اليابانيين الراغبين في الدخول في الإسلام بأقل من القناعة الكاملة.

    الياباني (مستفسرا وعلى وجهه علامات التعجب):

    تشترطون للدخول في الاسلام أن الذي يدخله يلتصق به إلى الأبد فلا خروج منه ولا فكاك ولا طلاق، وكأنه طريق باتجاه واحد إلى الأبدية لا عودة منها، ثم هب أنني أردت أن أغير رأيي لسبب أو آخر، فالطريق عندكم باتجاه واحد كما يبدو لي.

    هل فهمت هذا الشرط بشكل صحيح؟

    رئيس الوفد الإسلامي (بشيء من حس الدفاع):

    نعم أيها الأخ الشيء الذي فهمته صحيح لسبب بسيط، فالذي يدخل الاسلام ويعتنق هذا المبدأ العظيم، لا يمكن له أن يجد أفضل منه بحال من الأحوال، فنحن قمنا له بعملية اقتصادية موفرة للجهد إلى أبعد الحدود. لذا لا يقبل الاسلام بالردة: أي الخروج منه وجاءت في هذا النصوص صريحة، فهذا كما ترى ليس رأيي أنا بالذات، بل هو حكم الله المطلق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.

    الياباني (محتداً):

    ولكن هذا الشرط يقوم عليه حكم غاية في الصرامة، فالذي يحاول الخروج منه لسبب أو آخر مهدد بالقتل؟! هل فهمت هذا الأمر بشكل صحيح؟

    رئيس الوفد الاسلامي (وبشيء لا يخلو من الارتباك):

    اسمح لي يا أخ سوموتا أن أشرح لك الموضوع حتى لا تقع في الحرج والخوف. نعم يقتل المرتد الذي يخرج من الاسلام بعد اعتناقه، لأننا نعطيه كامل الفرصة لدراسة الاسلام من كل الوجوه، فيجب أن يتحراه تماماً قبل دخوله.

    ألا تفعلون نفس الشيء في السوبر ماركت حينما يشتري الإنسان البضاعة فيكتب صاحب المحل: البضاعة التي تشترى لا ترد ولا تبدل. فالإسلام هكذا صفقة تمت وانتهت بعد تحري كامل ووثيق لبضاعة الاسلام.

    ياباني آخر يتساءل (ويلتفت لمن حوله):

    ولكن هذه بضاعة وليست ديناً أعيش به ما حييت فبإمكاني أن أتلف هذه البضاعة، لا ستخدمها، أعطيها لآخر، أما هذا الدين فإنني أتلبس به فلا يمكن أن أعلن خروجي بحالٍ من الأحوال إلا بخروجي من الدنيا!!

    رئيس الوفد (بشيء من التبرير):

    أيها الأخ الفاضل نحن بهذا الإجراء نريد قطع الطريق أمام من يريد التلاعب بالدين، فهناك أناس يريدون أن يتظاهروا بالإسلام كما حصل في صدر الاسلام، حينما استخدم اليهود هذا التكتيك لصرف الناس عن الاسلام، وذكر القرآن ذلك (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمِنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون) فعندما يُظهر رجل الحماس للإسلام ويعتنقه، وبعد فترة قصيرة يبدأ في ترويج الإشاعات: إنني بعدما دخلت في هذه الجماعة واعتنقت دينها تبين لي كذا وكذا من الأخطاء والقباحات، فإنه بترويج مثل هذه الاشاعات يقوم بعملٍ تخريبي مضاعف ضد الاسلام، فهو من جهة يصرف الآخرين عن الدخول في الاسلام فيجهض انتشاره، كما أنه ثانياً يزعزع الكثيرين ممن دخلوا في هذا الدين، فيبدأون في التفكير بالخروج منه وبسرعة، فقام الاسلام أمام مثل عمليات التخريب هذه ودفاعا عن ذاتيته بإجراء حاسم قاطع دفاعي لقطع الطريق على مثل هذه المحاولات، فالذي يريد أن يتلاعب فيدخل ويخرج منه متى ما يشاء كان عقابه الموت بقطع الرقبة، حتى لا يفكر أحد بالتلاعب بالدين بعد ذلك، فهذا الإجراء كان ليس ضد الفكر وحرية العقيدة بل ضد عمليات التلاعب بالدين كي يؤخذ الأمر مأخذ الجدية، وهذا الذي فعله الاسلام لاحقا حينما قتل أهل الردة وجماعة من عرينة.

    ياباني ثالث (يهز رأسه نفياً وهو غير مقتنع بالإجابة):

    ولكن تلك الظروف غير ظروف العالم اليوم، والمسلمون اليوم يعدون فوق المليار، ولا يمكن لمثل هذه الأساليب التأثير في عقول شعوب وأمم تشربت بالإسلام، كما أن هذا الإجراء على كافة الأحوال يهدد حرية الاعتقاد دخولا وخروجا، وأنا سمعت عن دينكم من بعض المفكرين غير المشهورين أنه لا يوجد إكراه في الدين في نص القرآن، فيحق للإنسان أن يؤمن متى ما يشاء ويكفر متى ما يشاء، فيحق له الدخول والخروج من أي دين في أي زمان أو مكان تحت أي ظرف فماذا تقول؟

    رئيس الوفد (بصرامة):

    النص صريح فلو أردت الخروج بعد الدخول قطعنا رقبتك. بالطبع نحن لسنا متعطشين للدماء بقدر إقامة شرع الله. فلا تُقتل فوراً بل هناك عملية استتابة، فإن تُبْتَ عن الكفر تركناك، فإن أبيت الا ترك الاسلام واعتناق الكفر تقربنا بدمك إلى الله.

    ياباني من مؤخرة القاعة (بشيء من الاستغراب):

    ولكن هب أنني تظاهرت بأنني لم أخرج من الاسلام أو تبت حسب مصطلحاتكم وأنا أبطن الكفر، فأنتم حولتموني بهذه الطريقة الى ما هو أقبح من الكفر وهو النفاق، فالمنافق هو كافر مكثف خبيث مختبيء تحت الأرض، ألم يكن أنفع لكم وأجدى أن أُظهر الكفر علناً، بدل أن أخفي النفاق مثل الجمر تحت الرماد، أو الأفعى المتظاهرة بالموت تحمل السم الناقع باللدغ المفاجيء، ونحن حسب التقنية الراقية الموجودة في مختبراتنا الطبية نخاف من الجراثيم المختبئة المعروفة باللاهوائية، والغانغرين فيها لعين للغاية، فهي أخطر بمالا يقارن من الباكتريا التي تعيش في الضوء والهواء وعلى السطح علناً فماذا تقول ياسيدي؟

    رئيس الوفد الاسلامي (بإصرار وبشيء من رفع الصوت والحدة):

    الرأي ليس رأيي كما قلت لك، بل هو رأي رب العالمين، فهذا ما قاله الحديث الصحيح، ثم لم أفهم سبب تركيزك المبالغ فيه على هذه النقطة بالذات، وبهذا القدر من الكثافة، وتغض النظر عن كل محاسن الاسلام التي شرحناها لكم.

    ياباني آخر من مجلس الدايت (البرلمان الياباني) بقوة ووضوح :

    السبب بسيط لأن هذه القضية مصيرية ومتعلقة بحرية اعتناق العقيدة التي سُفك لها من دماء البشر ما يعادل الاوقيانوس، حتى حققت البشرية هذا المكسب في حرية الرأي وحرية العقيدة اعتناقا وتركا، وبنينا مؤسساتنا الديموقراطية بأنهار من الدموع والعرق، فأنتم بهذا الاتجاه الفظيع قطعتم الطريق أمام حرية الضمير عند الانسان. ولكن مع هذا يبقى عندي تساؤل في نفس اتجاه النص الذي تتسلح به وتحتكر الحقيقة الايديولوجية لنفسك، فأنت تقول إن النص يقول هكذا، ولكن من خلال اطلاعي البسيط على القرآن رأيت أن دينكم واضح في هذه النقطة، فهو يعلن مبدأً عظيماً هو: (لا إكراه في الدين) فهو ينفي كل صور الإكراه والإلزام والضغط والفرض، في أي دين أو مبدأ أو مذهب خروجا ودخولا، لأن صور الإكراه متعددة فمنها ما هو الإكراه على اعتناق دين، ومنها الاكراه على عدم ترك أو الخروج من دين فهي صورة إكراه كما ترى.

    رئيس الوفد (بشيء من التفاخر والاعتداد بالنفس):

    نعم لا يوجد في ديننا أي إكراه، فنحن لانكره أحداً بالقوة أن يدخل في ديننا، ولكننا نغلق عليه الطريق إذا أراد الخروج.

    سيدة يابانية من المقدمة :

    هل اعتبر هذا مثل المصيدة أو السجن للذي يأتي فيدخل الاسلام، مسموح له بالدخول، ممنوع عليه الخروج، إنها أشبه بالنكتة، أليس في هذا مصادرة للرأي وحرية الاعتقاد، لأن الترك أخو الاعتناق، والخروج صنو الدخول، ولكن ماذا تفعل بهذا النص القرآني الواضح، الذي أعلن هذا الرأي في وقت مبكر من التاريخ الانساني، قبل أن يعلنه فولتير بصرخته (اسحقوا العار) حينما قال: قد اختلف عنك تماماً بالرأي، ولكنني مستعد أن أموت من أجل أن أدعك تعبِّر عن آراءك، وقبل أن تتبناها الديمواقراطيات الحديثة، ولكنها ربما كفرا في نظركم، كما أنني فهمت من قرآنكم أن ما يسمى الجهاد تم تشويه فكرته، فأصبح لفتح البلاد وتدويخ العباد، وليس الدفاع عن المظلومين وحماية الانسان من أجل التعبير عن رأيه، من خلال انشاء حلف عالمي لحماية المظلومين والمضطهدين سياسياً، بحيث يهرب كل اللاجئين السياسيين الى دار الاسلام، وليس أن يأتوا الينا كما هو الحال اليوم حيث معظم الهاربين السياسيين هم من العالم الاسلامي بحكومات إسلامية وغير إسلامية. فالجهاد لم يشرع عندكم لنشر الاسلام بحال من الأحوال، ولكن من أجل منع الفتنة أي حرية العقيدة والرأي. فهذا النص (لا إكراه في الدين) والنص الآخر الذي لا يقل التماعا وروعة الذي سحرني أنا اليابانية (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) كما أن الآيات العديدة التي تذكر من آمن ثم كفر أنه لا يقتل حتى ولو دخل وخرج العديد من المرات (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا) فهو حسب النص الذي تتسلح به وتحتكر الحقيقة لنفسك، لم يكن بمقدوره أن يكفر للمرة الثانية لو أزهقت روحه أنت وجماعتك بعد كفره في المرة الأولى!

    رئيس الوفد (بشيء من التضايق):

    هل تريد أن تعلمينني ديني، أنا الذي جئتُ ألقِنُكِ أبجدياته، القرآن يا قوم عام والحديث خاص يوضح ملابسات الكلام العام، ولذا كانت الأحاديث واضحة في قتل المرتد.

    ياباني من جامعة ناغازاكي (سائلاً):

    ما هذه الأحاديث المزعومة التي تهدم أصلاً عظيما في قرآنكم؟

    رئيس الوفد (وابتسامة خفيفة على وجهه وشعور القوة والاطمئنان بادية على محياه):

    أول دليل يفقأ العين قتال المرتدين، فكانت حادثة مروعة قتل فيها الآلاف وليس أفرادا متناثرين، فكانت بمثابة الظاهرة الاجتماعية المزلزلة، فالخلفاء الراشدين عندما رأوا الأعراب تركوا الاسلام قاتلوهم مباشرة لإدخالهم مرة أخرى بقوة السيف في الاسلام، بموجب أحاديث واضحة أنه (لا يحل دم امريء مسلم الا بثلاث: قاتل النفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة) وحديث (من بدَّل دينه فاقتلوه) وحديث (أهل عرينة الذين جاؤوا للعلاج في المدينة فلما ارتدوا وهربوا بالابل لم يكتف الرسول ص بقتلهم بل سمل عيونهم وقطع أطرافهم)، فهل تريدون أدلة ميدانية أقوى من هذا.

    ياباني (متخصص في دراسة الأديان المقارنة) يعقب بشكل طويل:

    مع أنني غير ضليع بعلم الحديث الذي تستشهد به، ولكنني حللت هذه الأحاديث بدراسة مستقلة واستشرت بعض المفكرين فعلمت أشياء غريبة، منها أن الحديث لا يبلغ في القوة مهما بلغ درجة أن يهدم ركنا هاما من الاسلام مثل مبدأ عدم الاكراه، فالنص القرآني هو المرجع النهائي عند الخلاف، فإذا جاء نص من الحديث يخالف النص القرآني صراحةً، بشكل يقطع الطريق على المفهوم القرآني ألغاه النص القرآني بشكلٍ آلي، فعندما تقول الآية أن مبدأ الاكراه ملغي جملة وتفصيلا، ملغي فلا يستخدم ضد أي إنسان، ويجب تحييد الجسد وعدم تعذيبه لإجباره على اعتناق مبدأ ما، أو التعلق به بالقوة، كذلك أباح القرآن على حد علمي عكسه تماما، فعند استخدام القوة يمكن للإنسان في ظروف كهذه التظاهر بالكفر مع الاحتفاظ بالإيمان سرا، ريثما تنجلي الازمة، لأن ثقة القرآن بالضمير لا حد لها، فهو يحترم العقل والإيمان والقناعة ويحميها، فهو لا يجبر في ثلاث صور: لا يجبر على الاعتناق بالقوة. لا يجبر على الترك بالقوة، كما لا يجبر على الاحتفاظ بالقوة. فهو يريد تحييد الجسد بالكامل في لعبة القناعة، فهو يراهن على أن العاقبة هي للعقل والقناعة، وليس أساليب القهر والإكراه التي تحمل فشلها سلفا وضمنا باتباعها هذا الأسلوب، لأن طريقة الإقناع غير مرتبطة بالقوة بل بالفهم والاقتناع.

    وبهذه الطريقة تم إلغاء كل هذه النصوص التي اعتمدتها يا سيدي. وأريد أن أريحك أكثر ومن خلال النصوص التي استخدمتها، أن مشكلة النصوص تكمن أيضاً في التفسير والاستخدام الصحيح لها؛ فالنص الذي استخدمته (من بدَّل دينه فاقتلوه) هل تريد منا أو أفهم عليك أن المسيحي يقتل أيضاً فيما لو بدل دينه فأراد اعتناق الاسلام مثلاً؟ فنغلق الطريق الى الدخول الى الاسلام الذي نصبنا أنفسنا للدعوة له ـ أي أصبحنا أعداء له من حيث لا نشعرـ شيء رهيب أليس كذلك؟!

    أي أن مبدأ (الطريق الواحد) ساري المفعول لكل الأديان، فنخرج بلاغاً أن وضع الدين يأخذ صفة الجينات الوراثية، التي لا يجب التلاعب فيها بحال من الأحوال. لا يا سيدي حتى الجينات نحاول أحيانا التداخل لتغييرها في حالات الأمراض الوراثية، أما حسب مفهومكم فكل ذو دين يجب أن يحافظ على ديانته، وكل صاحب مذهب يجب أن لا يبدله، فهي أمور خُتم عليها بالشمع الأحمر الى يوم القيامة بغير رجعة، وممنوع التفكير فيها تحت طائلة الشنق وقطع الرقبة بجريمة الردة؟!

    أليس في هذا مصادرة كاملة لكل الخيار الانساني وإنشاء مجتمع أحادي التفكير، ديكتاتوري الصبغة تحت العباءة الإسلامية، منافق الصفات، خائف على نفسه، منحبس التفكير من أي حركة عقلية خوف الانزلاق باتجاه (إنكار معلومٍ من الدين بالضرورة) لا ضمانة فيه لأي إنسان أن يغير رأيه، مع أن الانسان في حالة صيرورة لا تتوقف، فهي حركة تجمد وتوقف في الزمن. ثم إن حديث أهل عرينة الذي استندت إليه راجعناه، وعرفنا أن المسألة مختلفة كلية عن الطريقة التي عرض فيها الحديث، بصورة حملت الإسقاطات والاكراهات الفكرية التي تحملونها، فهؤلاء قُتِلوا لأنهم قَتَلوا وليس لأنهم غيروا رأيهم، يا قوم الا ترون أنكم تسيئون الى دينكم ونبيكم، الى درجة أنكم أصبحتم ليس نورا لنشر الفكر، بل فرامل لإعاقة الحركة العقلية . وأن دينكم خائف وجل من نفسه فيريد المحافظة على أتباعه بأي ثمن ولو تحت التهديد بالقتل، مثل جماعات المافيات؟!

    إن أهل عرينة استاقوا الإبل وقتلوا الناس وهربوا، وبعد كل هذا كان إنكار الاسلام منهم تحصيل حاصل، فكان موقف الرسول ص منطقي في معاقبة مجموعات من القتلة الخطرين، في ظل مرحلة تاريخية، وهو الذي يفعله قانوننا أحياناً تجاه المجرمين، ولكن عرضكم شوه الصورة وقلب الموضوع؛ بحيث لم تعودوا تخدموا مبادئكم بشكل منطقي وعقلاني وإنساني متفتح، فأصبحتم أعداء مبادئكم من حيث لا تشعرون.

    وأما حديث قتل (التارك لدينه المفارق للجماعة) فهو واضح أنه انقلب على الجماعة وتآمر عليها وساعد أعداءها وهو ما فعله المرتدون أيضاً بإعلان العصيان المسلح، وهو يقودنا الى ظاهرة المرتدين ومعالجتها في صدر الاسلام، وهي مرة أخرى تشعرنا أنكم تقرأون تراثكم بعيون الموتى.

    دعني يا سيدي أضرب لك مثلا معاصرا في هذا الموضوع؛ لأقرب لك حيثيات البحث: لنفترض أن الدولة طالبت أهل مدينة ما بدفع الضرائب فامتنع أهلها عن ذلك، بل قتلوا الشرطة التي جاءت لتحصيلها، وأعلنوا ثورةً مسلحة ضد الدولة، يعلنون فيها عدم استعدادهم لدفع الضرائب، ماذا تفعل الدولة في موقف كهذا حيالهم؟

    تأمل تعليل أبي بكر الصديق (ر) لمقاتلة المرتدين، حينما أصر على (عقال بعير) أي تحصيل الضرائب منهم، فهو لم يقاتلهم بسبب تغيير آرائهم أو تركهم للإسلام، بل بسبب مهاجمة المدينة، وقطع الطريق، ونهب القوافل، واستباحة الحرمات، وقتل العباد، والإفساد في الأرض.

    وأريد أن أضيف الى هذا أن عليا (كرم الله وجهه) حينما قاتل الخوارج لم يقاتلهم لأنهم غيَّروا رأيهم وبدَّلوا دينهم، بل وضح رأيه فيهم عندما سُئِل عنهم: أكفارٌ هم؟ أجاب: من الكفر فروا.

    قالوا سائلين: يا أمير المؤمنين: أو منافقون هم؟

    قال: المنافقون لا يذكرون الله الا قليلا، وأولئك يذكرون الله كثيرا.

    كرروا سائلين: فما تقول فيهم إذاً؟

    أجاب في قولته الشهيرة التي تعتبر من درر الحكم، وقواعد التعامل الانساني في قانونٍ مزلزلٍ في العلاقات:

    ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه.

    ففي هذه الجملة حدد مجموعتي الانحراف في المجتمع الاسلامي: الأولى هي البيت الأموي الذين تاجروا مع الشيطان ففازوا بالباطل، أما مجموعة الانحراف الثانية فعنى بها الخوارج.

    أما الكارثة الأموية فحدثت بفعل هشاشة المجتمع الاسلامي، وحنكتهم القيادية السابقة في التآمر ضد الاسلام بدءً من تخطيط معركة أحد والخندق وانتهاء بالتآمر الدولي الى بلاط النجاشي، وضعف الجهاز المناعي في المجتمع الاسلامي الوليد، الذي كان في بداية تشكله التاريخي؛ فأصيب بهذا المرض العصبي الأموي الرهيب الذي قاد لالتهاب الدماغ والسحايا للرأس الاسلامي، أسلمه بعدها الى عطالة عقلية وشلل حركي، كما يحدث في كل الأمراض التي تقود الى تدمير الجهاز العصبي المركزي، وحرق كمبيوتر الدماغ، يضاف الى هذا غلطة عمر (ر) في توليته معاوية فترة طويلة حكم الشام التي دامت حوالي عشرين سنة، فاستطاع تكوين جيش بيزنطي جديد، يلبس عباءات إسلامية جاهزة لضرب الكعبة، وذبح آل البيت، واستباحة المدينة، وصعود شخصيات جزاَّرين من طراز الحجاج الذي صفى معظم القيادات الفكرية في المجتمع الاسلامي.

    أما مجموعة الانحراف الثانية الخوارج فكانوا بدو بسطاء صريحين لا يعرفون التواءات النفاق السياسي.

    كانوا طلاب حق ولكنهم أخطأوا الوصول إليه .

    كان الخوارج مخلصين ينقصهم الوعي، وكان الفريق الأموي خبيثاً ذكيا، واعياً ينقصه الإخلاص، يبحث عن مصالحه ولو على حساب إجهاض التجربة الإسلامية كلها، الى درجة أن تلك التجربة التاريخية العظيمة انتهت قبل أن تبدأ، في أقل من أربعة عقود، في جيلٍ واحد، ليتشكل مكان الدولة الراشدية دولة بيزنطية، لا تختلف عن بيزنطة في شيء، سوى أن الأمويين أدوها بسذاجة أعرابي جاء متأخراً عن درس التاريخ بسبعة آلاف سنة، يتلمس طريقه في الظلمات، بين أطلال حضارة قديمة مليئة بالأفخاخ والألغام.

    كانت سياسة الأمام علي (ر) مع الخوارج واضحة (دعوهم ما لم يسفكوا دماً حراما) فهو قاتلهم ليس من أجل آرائهم غيَّروها أم بدَّلوها، مع كل اعتقاده أنهم الذين وصفهم الحديث، بأن أحدكم يحقر صلاته بجانب صلاتكم، وصيامه بجانب صيامكم، ولكنهم مع كل شدة العبادة هذه يمرقون من الدين، كما يمرق السهم إذا دخل الصيد فخرج منه بدون أثر (كما يمرق السهم من الرمية)؛ فمع اقتناع علي الكامل بأنهم مرقوا وخرجوا من الدين، لم يحاربهم من أجل أفكارهم، بل حاربهم من أجل رفع السلاح وفرض الرأي على الناس بالقوة المسلحة، وهذا الذي فعله أبو بكر الصديق في قتاله مع المرتدين ..

    وأريد أن أضيف شيئاً آخر عن فعل رسول الله (ص) أنه لم يُنقل عنه أنه قتل مرتدا لأنه غيَّر رأيه فقط، كما لم يرسل أحداً يغتال الآخرين لمجرد آرائهم تبديلا وتحريفا، بل كان يقاتل من رَفع السيف على الناس لفرض الرأي بالقوة المسلحة، وتآمر وظاهر على الإجرام ..

    لا أدري يا سيدي هذا بعضاً مما شُرح لي فماذا تقول ؟؟

    الرأي ما سمعت.

    من يرتد يستتاب فإن أصر على الكفر يُقتل، فهذا حكم الله وشرعه العادل.

    ياباني (مختص في دراسة تاريخ الشرق الأوسط القديم):

    قبل أن نختتم الجلسة هناك فكرتان ملحقتان بهذه الفكرة الخطيرة:

    ـ الأولى إن هذا السلاح في غاية الخطورة، يمكن تسخيره تحت دعوى الردة، كما حصل من اطلاعي على التاريخ الاسلامي، فالحلاج قُتل أيام الخليفة العباسي المقتدر، والسهروردي زمن صلاح الدين الأيوبي، بفتوى أمسكوه فيها بكلمةٍ تفوهها.

    كان الحلاج يصرخ في القاضي ومن معه في لجنة التحقيق: الله .. الله .. في دمي فقتلوه تقطيعا ً، فهذا السلاح (السياسي) يمكن استخدامه ضد أي إنسان معارض سياسياً، بدعوى أنه أنكر معلوما من الدين بالضرورة، ولو راجعنا فتوى محمود طه السوداني، الذي أعدم أيام النميري بهذه الفتوى، لرأيناها من هذا القبيل، في التصفية السياسية المجردة ، فهذا الاتجاه الخطير الذي تشكل منذ الأيام الأولى لتشكل العالم الاسلامي العقلي والسياسي، مرض أموي لتصفية المعارضة وإجهاضها، وتصفية العقول المفكرة، وتراثهم، وضرب كل تجمع عقلاني كيفما وأينما وجد، ومحاولة تأسيس ثقافة أموية مازالت آثارها شغَّالة في الثقافة الشعبية حتى اليوم حتى في كلمات أهازيج العيد والسباب (سرسري .. بابا حسن) فبابا حسن هو الإمام علي كرم الله وجهه.

    المشكلة أن عظام معاوية تحولت الى تراب منذ أمد بعيد، ولكن الثقافة الأموية مازالت حية نشيطة في تسميم الثقافة وعطالتها حتى اليوم، وفي هذا يجب أن نعترف لمعاوية بالدهاء التاريخي، يتحول أمامه ريشيليو وبسمارك الى تلاميذ بلهاء، ويتعلم على يديه مترنيخ وميكافيللي معاً.

    ألا ترى يا هذا أنه سلاح سياسي خطير، وهو سلاح سياسي بالأصل؛ من أجل أن يتخلص الحاكم من المعارضة ولكن بفتوى شرعية.

    2 ـ والفكرة الثانية : هي بث الرعب في مفاصل التفكير، أي ممارسة الإرهاب الفكري؛ فطالما كانت مثل هذه الأسلحة (الاستراتيجية) متوفرة فلا يمكن للإنسان أن يدلي بآرائه بصراحة في أي مجلس، بما فيها نقل وقائع هذا المؤتمر الى الرأي الشعبي الاسلامي، أي أن فكرةً من هذا النوع تلقي ظلالاً رهيبة للحجر الفكري، لأن أي بادرة فكرية قد تقود صاحبها الى الهرطقة، فيجب أن يحسب حساب أي فكرة تراوده، هل ستقوده الى قطع الرقبة وتكلفه حياته أم لا، أي أن الاسلام الذي جاء بالأصل لإطلاق الحرية انتهى عمله قبل أن يبدأه ؟!.

    رئيس الوفد الاسلامي ( بعصبية ) :

    لا جديد عندي أقوله ..

    في نهاية المؤتمر ..

    ( يجتمع اليابانيون ليتداولوا الموقف وإمكانية اعتناقه على هذه الصورة): يقول سوموتا: إنه مبدأ خطير ليس علينا فقط بل على الجنس البشري ففي رأيي أن هذا المبدأ لا يُعتنق بحال ما لم تعدل هذه الفقرة ونظيراتها بشكل جوهري.

    الثاني يعلق وهو رئيس قسم الأبحاث النووية في جامعة ناغازاكي: إنني أوافق على ما قاله الزميل سوموتا وأرى هذا الوفد القادم من الشرق الأوسط في غاية الخطورة على المعمورة؛ فيجب أن نحملهم وأمثالهم في صواريخ نووية الى كوكب آخر فهم يشكلون تهديداً جدياً للجنس البشري.

    ويتقدم رئيس شركة تويوتا لصناعة السيارات فيقول: حقاً إنه مبدأ عجيب، تصوروا أنهم يريدون منا أن نصنع سياراتنا بدون إمكانية عودة للخلف (أنارييه) باتجاه واحد فقط، فإذا دخلت السيارة الكاراج لم تخرج منه قط!! إنها كارثة بحق على الصناعة اليابانية والعقلية اليابانية المبدعة، وسوف نفقد كل منافسة في الأسواق العالمية التي نعيش عليها، إنهم سيقودوننا الى كارثة عقلية واقتصادية مزدوجة.

    ويعقب وزير المواصلات الذي كان متحمساً لاعتناق الاسلام في أول الجلسة: إنهم قوم عجيبون حقاً، يريدون منا بناء كل طرقنا السريعة الأنيقة باتجاه واحد بدون عودة فيه؟!

    وبعد مداولات ومناقشات يتفق اليابانيون على تسفير هذا الوفد الخطير على متن أقرب طائرة وبدون أي توقف نهائياً، في أي محطة؛ لا في اليابان ولا في غيرها، الى بؤرتهم من حيث خرجوا منها، الى الشرق الأوسط بدون عودة ودعوة للمستقبل.

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. الاستنساخ البشري وحكمه في الشريعة الإسلامية
    بواسطة بهجت عبدالغني في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 02-01-2023, 11:47 AM
  2. حوار ( حول تطبيق الشريعة الإسلامية )
    بواسطة محمد محمود محمد شعبان في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 22-01-2013, 10:16 AM
  3. إلى النذل سيف الردة ابن... الـ........قذافي وما تبقى من عهر.
    بواسطة محمدسليمان العلوني في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 18-03-2011, 03:16 AM
  4. وصف الشريعة الإسلامية بالمرونة والتطور
    بواسطة محمد حافظ في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-02-2005, 07:36 AM
  5. قانون العقوبات الفلسطيني .. تعارض فاضح مع الشريعة الإسلامية
    بواسطة ابن فلسطين في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 25-06-2003, 10:34 PM