اليوم نضع النقاط فوق الحروف و نضع بين أيديكم مقالا هاما نكشف فيه سيناريو عمليات الاغتيال التي تتعرض لها قيادات المقاومة الفلسطينية و بالأخص قيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس و جناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام .
كي لا تختلط الأوراق و تتهم الدائرة أو الحلقة القريبة من هؤلاء القادة بالخيانة أو بنجاح المخابرات الصهيونية بإختراق الهرم القيادي للتنظيم فنكون قد ظلمنا و شوهنا صورة هؤلاء القادة الذين يضحون بأنفسهم و أغلى ما يملكون في سبيل عدالة قضية فلسطين المحتلة .
لذلك أرجو من قارئي هذا المقال و ممن لديه المعرفة أو بإستطاعته أن يجد مخرجا يكون سببا في تضليل أجهزة العدو الاستخباراتية أو طريقة سليمة للاتصال و فكرة للنجاة و السلامة من الوقوع في مصيدة الاستهداف أن يتقدم بها و انني أعد بأنني سأعمل على نشرها و توصيلها لتكون درهم الوقاية قبل ان ندفع قناطير العلاج .
مع أنه يكون قد فات الأوان .


هذا المقال بقلم الصحفي ياسر البنا - مراسل إسلام أون لاين.نت/ 2-9-2003

تمكنت قوات الاحتلال الإسرائيلية من تنفيذ 6 عمليات اغتيال لعناصر من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خلال الأسبوعين الأخيرين فقط؛ وذلك بسبب عدة عوامل، من أبرزها استخدام سلطات الاحتلال للعملاء الفلسطينيين وللتكنولوجيا المعقدة في تعقب المقاومين وتصفيتهم، بحسب مصادر فلسطينية متطابقة وأخرى إسرائيلية.
وتشمل هذه المصادر أوساطا صحفية فلسطينية وإفادات عشرات الأسرى الفلسطينيين، بجانب ما أدلى به العملاء الفلسطينيون من معلومات بعدما تم كشفهم، وإضافة إلى ما سربته الصحف الإسرائيلية من تقارير عن التكنولوجيا الإسرائيلية المستخدمة في عمليات الاغتيال.
وبحسب هذه المصادر، فإن قرار تصفية رجال المقاومة الفلسطينية يتخذ من قبل قيادة أركان جيش الاحتلال، ويتم المصادقة عليه رسميًّا في المجلس الوزاري الإسرائيلي (المصغر) قبل أن تصدر الأوامر لفرق الموت الإسرائيلية بتنفيذه.
وتستغل أجهزة أمن إسرائيل العملاء في الوصول لأهدافها، حيث تطلب منهم مراقبة الكوادر الفلسطينية وإخبارها بأماكن تواجدهم وسكنهم، ونوع السيارات التي يستخدمونها في تنقلاتهم.
وهناك نوعان من العملاء، الأول: عملاء نجحوا في اختراق قوى المقاومة الفلسطينية، وهو ما تستبعده الفصائل الفلسطينية؛ نظرًا للاحتياطات الأمنية الاحترازية التي تتخذها أجهزتها في هذا الجانب ولعدم جود أدلة على ذلك، والثاني: عملاء من الدوائر المحيطة برجال المقاومة في السكن أو العائلة.
وعندما يتقرر اغتيال هدف ما، تطلب سلطات الاحتلال من العميل القيام بترتيب معين وفق طريقة الاغتيال المقررة. فمثلاً إذا أرادت اغتياله قصفًا عن طريق الجو، يؤمر العميل أن يقوم بوضع مادة مشعة لا تُرى بالعين المجردة على سيارة المطلوب اغتياله بواسطة قلم أو "بخاخة رش" أو أي طريقة أخرى، حيث تصدر هذه المواد المشعة موجات يتم تحديد موقعها -من قبل طائرات الأباتشي الإسرائيلية والأمريكية الصنع- ثم قصفها، وقد تم كشف هذه الحقيقة بعد التحقيق مع بعض العملاء الفلسطينيين الذين تم كشفهم.
وقد يقوم العميل بدور استخباري بحت، حيث يقوم بمد قوات الاحتلال بالمعلومات المتوفرة لديه حول الهدف ومكان تواجده، أو نوع السيارة التي يركبها أو لونها ورقمها، لتتولى قوات الاحتلال بعدها تصفيته.
وقام جيش الاحتلال الإسرائيلي بـ6 عمليات اغتيال لعناصر من حماس عقب قرار الحكومة الإسرائيلية باستئناف عمليات الاغتيال إثر تبني حركة حماس لعملية القدس الاستشهادية في 19-8-2003، والتي أسفرت عن مقتل 22 إسرائيليًّا.
وكان إسماعيل أبو شنب المسئول البارز بحركة حماس أول ضحايا هذا القرار، وآخرهم الشهيد "خضر بدوي الحصري" الذي اغتيل مساء الإثنين 1-9-2003 عن طريق قصف سيارته وسط غزة.
دور التكنولوجيا
ومع تصاعد الوعي الأمني لرجال المقاومة الفلسطينية نتيجة تراكم الخبرة الكفاحية فقد أصبح اعتماد سلطات أمن الاحتلال على العملاء فقط في النيل من رجال المقاومة الفلسطينية صعبًا؛ ولذلك أصبحت سلطات الاحتلال تعتمد بشكل رئيسي على التكنولوجيا المعقدة في تعقب المقاومين، وذلك إلى جانب اعتمادها على العملاء.
وتجلى ذلك باستخدام الأجهزة الأمنية الإسرائيلية للكاميرات الحساسة الصغيرة التي توضع لمراقبة الكوادر الفلسطينية ومراقبة المقربين منهم، وكذلك قدرتها على مراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية كالهواتف والجوال والفاكس والبريد الإلكتروني.
وقد مكنت هذه التكنولوجيا من التعرف على المتحدث بالهاتف من خلال التعرف على بصمة الصوت، وقدرته على تخزين أعداد هائلة من المكالمات، وقدرته على الرجوع إليها بعد اكتشاف بصمة الصوت لأحد النشطاء المستهدفين والحصول على جميع مكالماته السابقة وتحليلها، وكذلك استخدام سلطات الاحتلال لطائرات الاستكشاف بدون طيار، والتي تُعَد سببًا أساسيًّا في الوصول إلى عناصر المقاومة؛ حيث تُعَد غرفة عمليات كاملة مجهزة بتقنيات معقدة مزودة بأجهزة رؤية ليلية واستشعار حراري، والتقاط موجات الهواتف الجوالة القادرة على مراقبة الكوادر الفلسطينية وتنقلاتهم، وأماكن إقامتهم؛ حيث تقوم بتصويرهم وبث الصور بشكل مباشر لأجهزة المخابرات الصهيونية.
الخلوي.. متهم رئيسي
وما زال الفلسطينيون يعتبرون الهاتف المحمول هو المتهم الأول في نجاح مخابرات الاحتلال في الوصول للشخص المراد تصفيته أو حتى اعتقاله؛ نظرًا لانتشار هذه الهواتف بين أيدي المقاومين الفلسطينيين، إضافة لجهل غالبية المقاومين بمدى قدرات مخابرات الاحتلال في مجال مراقبته ورصده، حيث يعتقد هؤلاء أنه لا يمكن مراقبة شبكة الجوال الفلسطينية أو أي شركة جوال مستقلة، أو أن استخدام أسماء حركية أو تغيير لهجة المتحدث يكفي لتجاوز مسألة المراقبة.
وقد صرّح الدكتور "عبد العزيز الرنتيسي" القيادي البارز في حماس -والذي نجا من محاولة اغتيال بتاريخ 10-6-2003- أن مخابرات الاحتلال حددت موقعه عقب إجرائه مكالمة هاتفية (من جهاز محمول) مع أحد قادة حماس.
بصمة للصوت
كما ثبت بالدليل القاطع -بناء على إفادات أسرى فلسطينيين- أن سلطات الاحتلال تقوم بتخزين تلقائي لجميع المكالمات التي يجريها الفلسطينيون بشكل حصري عبر جميع شبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية، وتقوم باستخراج بصمة صوت من تريد من الفلسطينيين، ومن ثَم تستخرج جميع مكالماتهم التي تحدثوا بها من خلال جميع وسائل الاتصال.
هذا ما أكدته شهادات الكثير من المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال، والذين اكتُشفوا عن طريق بصمات صوتهم، وعرضت عليهم جميع مكالماتهم أثناء التحقيق، وتم استخدامها كقرينة ضدهم.
تحديد المكان بالمحمول
وبناء على متابعة الأخبار التكنولوجية المنشورة في الصحافة الإسرائيلية والغربية يتبين أن شركات الاتصالات قادرة على تحديد مكان أي هاتف محمول (حتى لو كان مغلقًا)، وذلك لوجود تخزين دائم للكهرباء في الجهاز المحمول يحافظ على ذاكرة الجهاز وبرمجته.
وهذا التخزين ليس تحت تصرف صاحب الهاتف، ومن خلال موجات كهرومغناطيسية أو إرسال رسائل صوتية يمكن تحديد مكان صاحب الهاتف سواء أكان مفتوحًا أم مغلقًا، حيث يحدث تواصل بين الجهاز ومحطات التقوية والإرسال للشركة مقدمة الخدمة.
وقد كشفت الصحف الإسرائيلية هذه المعلومات قبل أكثر من عام، وأحدثت جدلاً واسعًا في المجتمع الإسرائيلي، حيث طالب جهاز الأمن العام الإسرائيلي وزارة العدل بعدم نشر هذه المعلومات بحجة أنها تمس "جهود مكافحة الإرهاب" على حد وصفها.
لماذا ينجحون؟!
ومقابل كل هذا المجهود الإسرائيلي الهائل في رصد وتعقب المقاومين تمهيدًا لتصفيتهم تبقى خبرة الكادر الفلسطيني المقاوم محدودة في مواجهة هذه التقنيات العلمية الهائلة.
ومما يسهل الأمر أيضًا على قوات الاحتلال الواقع الجغرافي والديموغرافي للفلسطينيين، وكذلك الحدود المغلقة وضيق المساحة الجغرافية ووجود المستوطنات في غالبية مناطق الضفة التي تعمل كأوكار للمخابرات الإسرائيلية في قلب الأراضي الفلسطينية.
كما أن وجود الخرائط المفصلة لقوات الاحتلال عن جميع المناطق والطرق وغالبية الكهوف ووجود شبكات كثيرة للطرق والشوارع، كل ذلك يسهل على الاحتلال الوصول لكل الأماكن في فترات زمنية قصيرة.
وفي نفس الوقت فهذه العوامل تصعب على الكادر الفلسطيني -المقاوم المطارد- دوره في مقاومة الاحتلال، وتأخذ جزءاً كبيرًا من وقته في اتخاذ الاحتياطات الأمنية لحماية نفسه من الاغتيال أو الاعتقال.
وكانت حركة حماس قد وجهت تحذيرًا شديد اللهجة إلى كل عناصرها بضرورة أخذ الحيطة والحذر واعتبار أنفسهم جميعًا "مطلوبين للاغتيال"، وذلك في بيان أصدرته بتاريخ 24-8-2003.