وأدت حبكِ بالأمس شهيقي حسرة ، وزفيري يأس أنفض عن يدي المرتعشتين أحلامي وآمالي ، اثاقلت قدماي ، فتوكأت على عصا الصبر ، ومددت يدي لساعد التجلد ، فحملاني على نعش الأمل ، و قذفا بي في جب الحزن ، لم أجد إلا متاهات كلما سلكت طريقا كان أشد ظلمة ووحشة آهٍ ظلام دامس أشباحك تطاردني ، ونبرات صوتك لها صدى يدوي يدوي ، وأنا أجري ، وأتعثر ببقايا ذكريات حتى اصطدمت بـ ( وداعا حاول أن تنسى ) ، ففقدت وعي ..
هل مازلتُ في الأمس ، أو أني في يوم جديد ، سيان إن فتحت عيني أو أغمضتهما لا أبصر شيئا ، رحماك ربي خفافيش الحيرة ، فتكت بي ما فتئت تقذفني بالظنون تلو الظنون ، وغربان البين تنعق شامة بي ، لا أرى إلا حروفا تكتُبها ، وكلما قرأتُ لها حرفا غرس في جوفي سهما ، تُرى مَن تعني ؟ أهي ترثيني ؟ أم ما زالت أوهامي توقد لي شمعة من سراب ؟
سأموت ، ها هي عقبان الموت تحوم فوقي أسمع حفيفها تتجاذب روحي ، لن أسكب دمعة ، فقد سكبته من قبل ، فلم يغن عني شيئا ، رحماك ربي ليتني أدفن في ذات القبر عله يشهد لي أني كنتُ أخافك في حبها ، فتظلني وإياها تحت عرشك يا رحمن .
إن ممرتِ هنا ، فاكتبي هذه الكلمات شاهدا على قبري :
وأدتك حبا بريئا جميلا مخافة نَزْعٍ أراه طويلا
علام العذاب وأنت سراب أعب فتضحي العيون مسيلا
وما كنت قبلك إلا حصورا فأغويتِ قلبي وأنطقت قيلا
ألا كم بكيتِ نزيفَ حروفٍ فهاكِ البيان صريعا قتيلا