
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد الرشيدي
وأدت حبكِ بالأمس شهيقي حسرة ، وزفيري يأس أنفض عن يدي المرتعشتين أحلامي وآمالي ، اثاقلت قدماي ، فتوكأت على عصا الصبر ، ومددت يدي لساعد التجلد ، فحملاني على نعش الأمل ، و قذفا بي في جب الحزن ، لم أجد إلا متاهات كلما سلكت طريقا كان أشد ظلمة ووحشة آهٍ ظلام دامس أشباحك تطاردني ، ونبرات صوتك لها صدى يدوي يدوي ، وأنا أجري ، وأتعثر ببقايا ذكريات حتى اصطدمت بـ ( وداعا حاول أن تنسى ) ، ففقدت وعي ..
هل مازلتُ في الأمس ، أو أني في يوم جديد ، سيان إن فتحت عيني أو أغمضتهما لا أبصر شيئا ، رحماك ربي خفافيش الحيرة ، فتكت بي ما فتئت تقذفني بالظنون تلو الظنون ، وغربان البين تنعق شامة بي ، لا أرى إلا حروفا تكتُبها ، وكلما قرأتُ لها حرفا غرس في جوفي سهما ، تُرى مَن تعني ؟ أهي ترثيني ؟ أم ما زالت أوهامي توقد لي شمعة من سراب ؟
سأموت ، ها هي عقبان الموت تحوم فوقي أسمع حفيفها تتجاذب روحي ، لن أسكب دمعة ، فقد سكبته من قبل ، فلم يغن عني شيئا ، رحماك ربي ليتني أدفن في ذات القبر عله يشهد لي أني كنتُ أخافك في حبها ، فتظلني وإياها تحت عرشك يا رحمن .
إن ممرتِ هنا ، فاكتبي هذه الكلمات شاهدا على قبري :
وأدتك حبا بريئا جميلا = مخافة نَزْعٍ أراه طويلا
علام العذاب وأنت سراب = أعب فتضحي العيون مسيلا
وما كنت قبلك إلا حصورا = فأغويتِ قلبي وأنطقت قيلا
ألا كم بكيتِ نزيفَ حروفٍ = فهاكِ البيان صريعا قتيلا
doPoem(0)
رحماك ربي ......
ماظننت قلبا كهذا القلب الذي قرأته هنا سيخذل يوما ..
قد تجري أيها الأديب الفاضل جواري الأيام وهي مثقلة بالأوجاع والهموم ولا متنفس فيها سوى قلب طاهر تأوي إليه جل الأفئدة ويكون هو بالنسبة إليها وكرها وكنانها ....
ولقد تطيح عوادي الايام يوما بآمالنا وتطلعاتنا وأمانينا دون ما ذنب نقترفه غير أننا كنا قد تعودنا الصدمات وجرى كيها كالوسم في الابدان وقبلها الأفئدة .. إنما تظل تنبض فيها نبضة حية من نبضات الوفاء والولاء تعيد إليها الصفاء والنقاء وتطوي عنها صفحات البؤس واليأس وتشرق من جديد عليها الحياة كالشمس بعدما حوتها الظلمات أزمنة عديدة .......
أخي الكريم الفاضل
نصك يعيد إلينا زمنا جميلا لطالما كنا نتوق إليه , ولا شك أن التي ذكرتها هنا في نصك تستشعر ذات الزمن وكأنكما أنتما معا من زمن آخر .. فلا تبك قلبا توافق معك طالما كانت الأيام قد زرعت العقبات وأوشت إلى الطريق أن فرق بينهما ....
كل مافي النص من صور بلاغية فاتنة تضيف النص إلى قائمة أرباب النثر الأول الذين يغرفون من قلوبهم مباشرة ويكتبون بماء حياتهم وماء عيونهم ....
تقبل مروري المتواضع جدا بين يدى نص نثري بليغ مبنى ومعنى أخذ مني كل مأخذ وطوح بي إلى شجون كثيرة تشبه هذه الشجون في نصك وزيادة ..
كن بخير أستاذي الكريم
وليحفظك الرحمن تعالى
ودعني قبل الترجل من هنا أن أخرج بقولك هذا :
وما كنت قبلك إلا حصورا = فأغويتِ قلبي وأنطقت قيلا
ألا كم بكيتِ نزيفَ حروفٍ = فهاكِ البيان صريعا قتيلا
تحيتي وكل تقديري