أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 24

الموضوع: الدفء

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    الدولة : في عقل العالم ، في قلب الحكايات
    المشاركات : 1,025
    المواضيع : 36
    الردود : 1025
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي الدفء

    الدفء



    البرد يجمد هواء المدينة ، لكنها أصرت أن تذهب إلى عملها في موعدها ، لم تعتد التخلف عن أداء مهامها الوظيفية ، ومداعبة الزملاء بألفاظها الحانية الرقيقة ، وصوتها الناعم الذي ينطلق بمقاطع غنائية خفيفة من حين إلى حين . قطعت شوارع المدينة التي لم تشرق الشمس عليها لكثافة الغيوم ، لم يمنعها ذلك من قيادتها الرعناء ، حتى الأمطار الغزيرة لم تمنعها لأنها كانت تقود وكأنها بمفردها في الطريق .
    وصلت إلى الهيئة التي تعمل لها وبمجرد دخولها خلعت عنها معطفها الذي لم تصبه إلا قطرات قليلة ، بدأت تدق الأرض كعادتها وكأنها تعزف عليها مقطوعة موسيقية يرقص عليها ذلك الجسد الممتلئ الطري ، تنطلق في وجهها ابتسامتها التي تغمر بها كل من يقابلها ، فتتبسم لهذا ، وترسل بغمزة لهذا أو لتلك ، أما هذه المرة فهي تصعد الدرج بمفردها ... تتكلم إلى نفسها ... ليس المكان كعادته ؛ ... إن الكثيرين من معارفها غير موجودين في الموعد كالعادة ، فإلى من تتحدث في طريقها إلى غرفتها . تتساءل ، يا ترى هل زملائي في الغرفة ؟ وصلوا أم لا ؟ إنه لأمر محزن ألا يأتوا اليوم ، كيف سأقضي اليوم ؟ ربما يأتي الجميع بعد قليل ... . أضواء الممرات لم توقد بعد ؟! لابد أن العامل لم يأت هو الآخر . يا ترى من سيعد لي قهوة الصباح ؟ إن لم يأت كيف أعدها لنفسي ؟ ولكن المهم ... من الذي سيحكي لي أحدث نكتة إذا تغيب اليوم ؟ يبدو أن اليوم سيكون كئيبًا .
    وصلت إلى الغرفة ، فتحت الباب حانقة ، صاحت : أنت هنا ؟
    ـ طبعًا يا مدام . . . ( يا صباح الورد والفل )
    ـ لم أكن أعتقد أن أحدًا هنا . . . لكن من الواضح أنك لا تحب تغيير نظام حياتك .
    ـ هذه فرصتي يا مدام . . . فقد لا يأتي غيري . ضحك ضحكته المعتادة .
    جلست في مقعدها. . . مدت يديها إلى المكتب تداعب بعض الأوراق .
    ـ على الرغم من أنني لم أقض في هذه الهيئة أكثر من شهر إلا أنني أشعر أن كل من في هذه الحجرة خفيفوا الظل ، يتمتعون بروح الفكاهة على الرغم من كثرة الأعمال المسندة إليهم ، لم أعد أشعر بالفراغ في حياتي . . . ابتسم ... لقد كان الجو باردًا الليلة البارحة .
    ـ الجو دائمًا بارد . انفلتت منها الكلمة وكأنها نكتة ظريفة جعلته ينفجر بالضحك ويقهقه ويقول : آآآآه .
    تعجبت من ضحكته سائلة : لماذا كل هذا الضحك ؟
    ـ يا مدام أنا دارس علم نفس .
    ـ صحيح ؟ لم أكن أعلم .
    ـ يا مدام انا أستطيع أن أقرأ في وجهك كل أفكارك . قالت : كل أفكاري ؟!
    قال : لا . بل كل تاريخك يامدام .
    ـ يعني تقدر تحس بي ؟
    ـ يا مدام أنا أحس بك جدًا جدًا . . . فوق ما تتصورين .
    ـ يا سلام ... تتبسم في دلالها المعتاد .
    ـ كل نظرة منك تحكي حكاية يا مدام . . . كل حركة منك تنفض حولك آمالاً وتطلعات قوية . . . كل حكاية تحكينها أو خبرًا في الجريدة تعيدينه علينا يقص ما في نفسك ويظهر خيالاتك .
    ـ وهل لاحظ الجميع ذلك ؟
    ـ لن أكرر عليكِ أني دارس علم نفس .
    ـ قالت وهي تقف تاركة مكانها : الآن عرفت لماذا كنت تديم إلي النظر كثيرًا . . . تحاول أن تنفذ إلى أعماقي . . . صمتت . . . شردت بفكرها وهي تقبض على حافة المكتب . . . يدقق النظر فيها . . . ينقر على مكتبة بأظافره . . . دقاته كأنها موسيقا تصويرية لمشهد ترقب في فيلم من أفلام الأبيض والأسود . فجأة دخل العامل كعادته دون أن يطرق الباب مغنيًا : ( يا صباح الخير يلي معانا . . . ) فانتبهت ضاحكة وهي تغني : ( الفنجان غنى و صحانا . . . ) تناولت فنجانها المميز وكأنها استعادت كنزها المفقود من ألف عام وقالت : بسرعة . . . آخر نكتة . قال العامل : قالت إحداهن لزوجها : كلما اشتد برد الشتاء اشتد دفء المرأة ودلعها . قال الزوج : ( مش مهم الدفاية المهم اللي بيولعها ). انفجرت بالضحك وهي تقول : دلعها . . دلعها . ولعها . . ولعها . انصرف العامل . التفتت إلى زميلها فوجدته كأن النكتة لم تؤثر فيه . . . توقفت عن الضحك . . . جلست في المقعد القريب منه . . . قالت وهي تتنهد وتهز رجليها مرتكنة بساعديها على مكتبه: وماذا يا دارس علم النفس ؟؟ ابتسم وقال : يا مدام واضح أنك ممتلئة بالمشاكل والهموم والأحزان . تنهدت وقالت : لم يخلق الهم إلا لي أنا وحدي ، لكني أشغل نفسي عن همومي بأشياء كثيرة ، ربما أكثرها تافه . . . اليوم عند الكوافير . . . غدًا عند صديقتي هذه . . . بعده عند أخرى . . . أدخل إلى سريري الساعة التاسعة مساءً . . . إني أنام كثيرًا لأحلم كثيرًا ، فحياتي كلها في الأحلام . . . كأن عقلي يبرمج كل ما يدور به وينتقل به وبي إلى عالم بعيد ألبي فيه كل رغباتي وأحيانًا ألتقي فيه بزوجي . . . أو ربما يراني من بعيد . . . أو أراه من بعيد . . . لكني أكون منشغلة بمن في الحلم عنه وأصارع نفسي كي أظهر له أنني أهتم به . . . لكني لا أستطيع . . . إن كثيرين في الحلم يبدون لي أهم من زوجي .
    سألها : أمازال زوجك في رحلاته التي لا تنتهي ؟ أجابت : إنها طبيعة عمله . . . ماذا نفعل ؟ قال : واضح يا مدام أنك تنتقمين منه في الحلم . بتعجب قالت : أنتقم منه ؟؟ أنا أحبه . أحبه جدًا . . . وهو يحبني . نعم يحبني . ثم بدت عليها علامات الدهشة الشديدة وهي تقول : الحياة والعمل والالتزامات فرضت علينا هذا . . . لكن . . . أنا أحبه . . . نعم أحبه .
    ـ يا مدام : . . . هذه ظاهرة كثيرًا ما تتكرر . . . نحن لا نستطيع أن نخدع عقلنا الباطن . . . ولا نستطيع أن نتحايل على المشاعر والأحاسيس والرغبات المكبوتة بفعل الظروف المزعومة فكل المحاولات تكون ظاهرية . إنها قناع رقيق جدًا شفيف جدًا يفضح ما نعتقد أنه مستور تحته .
    ـ لا لا لا ؛ أنا أحبه . . . إن بيننا عشرة وقربى .
    ـ لا تكذبي على نفسك يا مدام . انتفضت واقفة جزعة . . . في هدوء سيطرت على انفعالها . . . جلست . أمسكت بفنجان القهوة . . . الفنجان فارغ إلا من الرواسب . . . أمعنت فيه النظر وكأنها تنظر في قاع جوانيتها . قالت : دعك من علم النفس وصدقني . صدقني . أنا أحبه . أحبه على الرغم من رحلاته . . . أنا فعلاً أحبه . شملها بحنان عينيه . . . غمرها بنظرة ساهمة كأنه يقتحمها . تتمتم : أحبه . أحبه . . . نعم نعم . أنا أحبه . إنه زوجي . زوجي رغم كل شيء . باغتها بهمس : متى كانت آخر مرة ؟
    قالت وكأنها لا تشعر والكلام يسيل على شفتيها : منذ سنة ونصف . منذ 559 يومًا . قال وماذا تفعلين ؟
    ـ أنام .
    ـ وفي أيام عطلته ؟
    ـ ينام في حجرته الخاصة .
    ـ وماذا تفعلين ؟
    ـ أحلم .
    ـ وأولادك؟
    ـ فضلوا أن يعيشوا عند أمي ليتحاشوا ما ينشب من مشكلات بيني وأبيهم .
    ـ ألم أقل لك إني أستطيع أن أعرف ما يدور بداخلك .
    ـ وهل عرفت ما يدور بداخلي ؟ بالله عليك لا تتمادى . أنا فعلاً أحبه .
    ـ واضح . واضح . وهز رأسه مبتسمًا عن تنهيدة رقيقة حالمة محولاً الكلام إلى غير الموضوع . إن براعة الكوافير والماكيير واضحة يا مدام .
    ـ وهل لفت ذلك انتباهك ؟ حملت حقيبة يدها ومعطفها تستعد للانصراف فلم يأت أحد من الزملاء . بل لم يأت الكثيرون من الموظفين ، فلم تزل السماء تمطر ما زال البرد يخيم على المدينة ، وقد اقترب وقت العمل من الانقضاء . حتى المدير لم يأت . . .ضاعت الفرصة على دارس علم النفس .
    في السيارة كانت ترتسم خيالات كثيرة وكثيفة على الزجاج تأتي بها ماسحات المطر وتزيلها مع القطرات لتأت بغيرها . . . كان احتكاك الماسحات بالزجاج يوحي لها. . . إنها مازالت تسمع وترى خيالاتها وترسم أحلام ليلتها . . . إنها تصر على أن تكون هذه الليلة معوضة لكل الأيام والليالي الفائتة . . . إن الزوج سيعود من رحلته الليلة وستلتهمه التهامًا . وصلت إلى منزلها . . . فتحت الباب في هدوء شديد . . . دخلت في صمت أشد من الصمت الذي يعم المكان . . . بعد نصف ساعة خرجت من الحمام تلف نفسها . . . تفوح منها عطور كأنها صنعت لها خصيصًا . . . تتحرك في خفة كأنها فارقت الأربعين إلى العشرين . . . إنها ترى زوجها في كل مكان . . . ومن حولها . . . ومن تحتها . . . تحلم بكل ما سيحدث في المساء . . . تنتظر منتصف الليل . . . يدق جرس الباب . . . تنتبه . . . تتعجب . . . لا أحد يزورها . خصوصًا في هذا الوقت من الظهيرة ، وفي هذا الجو الماطر الراعد . . . لابد أنه زوجي . . . لابد أنه قدم موعد العودة . . . تفتح الباب متحفزة . . . إنه هو . . . إنه دارس علم النفس . . . مد يده ليصافحها . . . مدت يدها في صمت لفهما . . . يغرقان في نظرة عميقة . . . أغلقا الباب . . . ملأ الدفء المكان . . .




    مأمون المغازي

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    المغازي.........

    تبنت القصة واقع المعيش مادة للحكاية/ الزوجة/ الزوج/ دارس علم النفس/ المحيط.. فاستعرضت بتفاصيل واستطرادات في الوصف ../ وصف الحالة النفسية التي يمكن ان تصاب بها اية امرأة تعيش الحالة هذه.. وصف لأدق ما يطبع شخصية المرأة على جدران الحياة اليومية/ فعرفناه هيئتها وحتى تموجات جسدها.. وتفكيرها.. من خلال رؤية للسارد هيمن عليها الموقف العالم بالظاهر والباطن.. كما تتبعنا خطواتها في الحياة من حولها.. وهو تتخبط خبط عشواء لكن من مبالاة بالتبعات.. حتى اكتملت صورتها .. الماسخة عبر تلك التفاصيل التي انتهت به إلى فقد ما كانت تقنع نفسها به..بأن زوجها آت ويحبها.. للانتقال إلى التحول الحتمي رغم شدة الرغبة التي كانت تردد بها بأنه يحبها وهي تحبه..وبذلك يكون هناك مقامان للسرد في قصة الدفء/مقام سردي يتوسل في التعبير والتصوير بالواقع.. اعتمادا على ما يترسب في الذهن من انعكاسات ذلك الواقع العيني..ومقام سردي/ أبدع فيه الكاتب من وحي التخيل حين توسل بالدفء على طريقة الرومانسيين يؤنسنها وينزاح بها عن الدلالة بالحقيقة إلى الدلالة بالمجاز.. ورغم امكانية الاسقاطات الواقعية على الكثير من الحوادث المتشابهة الا ان القصة هذه تمكنت من رسم خطوط عرض عريضة عن ماهية الاشكال..الذي يؤدي بالنهاية الى سلبية اجتماعية من خلال هذا الهجر المقنع بالعمل ووو.. وترك المراة لوحدها تعاني كونها انسانة..زوجة..امراة انثى.


    دمت بخير
    محبتي لك
    جويتار

  3. #3
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    الدولة : مصر
    العمر : 38
    المشاركات : 149
    المواضيع : 15
    الردود : 149
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    أ.مأمون المغازى...
    ودفء...تفتقده تلك المرأة التى تحاول أن تنشغل عن أحتياجاتها بالعمل
    ترتدى الضحك قناعا لها حتى تخفى به جوعها وشعورها بالبرد المستمر
    فيُعريها دارس علم النفس لتكتشف الحقيقة بنفسها أو لتعترف بها
    أ. مأمون المغازى...
    عبرت عن واقع واحتياج للدفء


  4. #4
    الصورة الرمزية حسنية تدركيت أديبة
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    الدولة : طانطان
    المشاركات : 3,596
    المواضيع : 313
    الردود : 3596
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي

    قصة في منتهى الروعة ولو انني لم احب هذه النهاية
    بحق رائعة وقريبة جدا من الواقع الذي اصبحت مجتمعاتنا العربية تعيشه
    تحية تقدير واعجاب كبيرة لك استاذي واخي الفاضل مأمون المغازى...
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيhttps://www.youtube.com/watch?v=FLCSphvKzpM

  5. #5
    الصورة الرمزية محمد سامي البوهي عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+ الكويت
    العمر : 46
    المشاركات : 1,087
    المواضيع : 110
    الردود : 1087
    المعدل اليومي : 0.17

    افتراضي

    أهلا ومرحباً
    بالمغازي .. الغزير ....
    اسمح لي بدقائق هنا سيدي ....
    ** الدفء ــــــــــــ الجو الماطر ـــــــ البرد القارس _____ التزامها بروتين يومي ــــــــ حبها للضحك ، والنكات ــــــــــ سريرتها وأريحيتها تجاه الزملاء ــــــــ دارس علم النفس ــــــــ علاقتها بزوجها .... ثم حديث ذاتي .... ثم النهاية ...
    1- الدفء
    عنوان مناهض للحالة العامة السائدة بالنص " بالأضداد تعرّف الأشياء":
    جوــــ بارد
    علاقات ــــ باردة
    وكان الدفء هو الشىء المنتظر ... ، ولكن تعال معي نفند الأماكن التي ظهر فيها الدفء بالقصة :
    1- النكتة التى أطلقها الفراش :
    "قالت إحداهن لزوجها : كلما اشتد برد الشتاء اشتد دفء المرأة ودلعها . قال الزوج : ( مش مهم الدفاية المهم اللي بيولعها ). انفجرت بالضحك وهي تقول : دلعها . . دلعها . ولعها . . ولعها ."

    والتي أرى أنها جاءت كصوت مغاير ، أحدث نوعاً من الصخب المخالف لصوت الخرير الحرفي والحدثي ، والسردي بالقصة ... أولا لأن النكتة جاءت تحمل إيحاءات خارجة ، كما أنها أتت تحمل معان لفظية دارجة (دلعها دلعها ، ولعها ولعها )، ولا أجد الكاتب مجبراً أبداً على أن ياتي بهذا الصخب وسط هذا الرتم الهادىء ... العميق ... فكانت هذه النكتة كصفعة ، أفاقت القارىء من حالة التوغل اللحظي في الحالة ..
    2- فنجان القهوة :
    لعب دور المعادل الموضوعي المؤقت ن خصوصاً ان البطلة كانت تشتهي إليه وتنتظره كإنتظارها للدفء ، هذه واحدة ، والثانية هي حالة التامل في رواسبه ، التي تعادلت مع حالتها التى أثارها هذا الرجل اللزج ، دارس علم النفس ..
    من الغريب أنها كررت انها تحب زوجها ، وكأن هذا الرجل هو من أيقظها من غفلتها ، وهي حاجتها للدفء فأخرجها من عالمها الذي اتخذته كحيلة دفاعية، فبدات تشعر بإفتقادها لهذا الحس ، وانها لا تعيش حياة طبيعية ، رغم تعاملاتها اليومية الطبيعية ، من ميلها إلى حب الضحك ، والألفة الغيرية ، والتي أظهرت لنا أنها شخصية سوية بالبداية، ثم جاء دور دارس علم النفس ليبرز لها مرضها التي لا تشعر به ، فكان هذا الخروج هو بمثابة خلق الازمة ، التي كانت تحتفظ بها في اللاوعي .
    3- الاحتكاك بين الماسحات والزجاج :
    الإحتكاك هو مولد من مولدات الحرارة ،وجاءت نظرتها إلى منظومة هذا الاحتكاك بشكل غير إرادي ، مصاحباً لحالة الشرود ، لتؤكد تلك اليقظة البحثية داخلها عن نقاط الفقد التي لم تشعربها خلال أيامها الماضية ...
    4- النهاية :
    جاءت النهاية بالمفارقة ، غير المتوقعة ، والتي تمثلت في عرض بديل ، لهذا الفقد ، لكنه عرضاً غير شرعي ، ومن المستغرب انها قبلته ... وهذا القبول لي عليه تحفظ ... انطلاقاً من نظرية الادب الإسلامي التي تعتمد الأدب وسيلة للتادب ، وليس غاية في حد ذاته ، وهنا جاءت النهاية مخالفة ، وأيضاً لو أخذنا جانباً من جوانب المناهج النقدية و هو المنهج الشكلي أو الشكلاني والذي أسسته عام 1915 حلقة موسكو اللغوية ، وكان ياكبسون ( 1896 - ؟ ) أنشط أعضائها ، حيث قال : " إن هدف علم الأدب ليس هو الأدب في عموميته وإنما أدبيته، أي تلك العناصر المحددة التي تجعل منة عملا أدبيًا ( كتاب صلاح فضل : نظريه البنائية، ص23 ). وهنا البطلة وجدت ما تبحث عنه ، وهو الدفء ،ولكن بما يخالف الشرع... وهذا لا يحسب في رصيد الفن الأدبي .. الذي تعتبر من وظائفه الأساسية المعالجة ، لا الطرح المتروك في مثل هذه المواقف .. كنت اتمنى ان تكون النهاية مفتوحة ، لا ان تاتي مغلقة وحتمية ، وذلك لإيراد احتمالات الرفض ، موازية لإحتمال القبول ، لأن إغلاق النهاية ياتي بها بمنظور أحادي يناهض العادات والتقاليد ، والشرع ، فكان من الممكن ان تاتي النهاية بصورة رافضة لهذا الدفء البديل الذي تطفل عليها ، وعلى حياتها ، لكونه دارساً لعلم النفس ، وكانه انسان شهواني ، اتخذ هذا الحديث ، وهذا الانفراد ، لبلوغ غاياته الدنيأة هو وحده ، وكانت رحلة بحث البطلة عن هذا الدفء هي رحلة وهمية ، أوهمها بها هذا المحرض... والذي ظهرت نواياه حتى في الحوارية التي دارت بينه وبين البطلة ، وما استغرب له ، هو عدم اعتراض البطلة على تلك الاسئلة الخاصة جداً، والتي أدخلتها في إطار الإدانة ، وقفص الاتهام والخيانة ، مع انه من المفروض ان تاتي هي بثوب المجني عليها ، و أظن أن النص كتب من الأساس كي يوضح لنا حالة البرود السائدة بين الزوجين ، والتي بدت كمرض ، وروتين أعتيد عليه ...
    جاءت النهاية متناقضة مع الهدف الأساسي للقصة ، لكن في النهاية نحن امام عمل إبداعي ، صيغ بسبك محنك ، وسرد متلاحم ...
    مرحباً بك أيها الرفيق الصديق ...
    وأهلا بعودتك

  6. #6
    الصورة الرمزية مازن سلام شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2007
    الدولة : فرنسا
    العمر : 62
    المشاركات : 645
    المواضيع : 16
    الردود : 645
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    الأديب الأستاذ مأمون المغازي المحترم

    الوحدة قد تدفع إلى استنباط مجتمع وهمي , يبتدعه الانسان و يحيا فيه و ...
    يبقى وحيداً
    إلى أن يقرر الخروج من عزلته المفروضة عليه.
    في هذا النص , وضعت النقاط على أكثر من حرف ...

    تقديري
    كل التحية
    مازن سلام

  7. #7
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : بعلبك
    المشاركات : 1,043
    المواضيع : 80
    الردود : 1043
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    أخي الكريم مأمون المغازي
    كثيرة هي العوامل التي تثير الدفء في الحياة وهي ليست محصورة في دفء الفراش الزوجي فقط
    الزوجة هنا تحاول التأقلم مع وضعها المؤلم و هي مهجورة من زوجها و تأكيدها على أنها تحب زوجها فيه إصرار على رغبتها في عودته إليها و هي حافظة لعهده وفراشه و هذا ما جعل الخاتمة غير مناسبة لفكرة القصة و نفسية البطلة و أتمنى عليك تعديل هذه النهاية بحيث تعتذر الزوجة بشدة عن استقبال عالم النفس و تقول له بكل ثقة :( قلت لك أنني أحبه أحبه أحبه ) قبل أن تغلق الباب على وحدتها .
    هذا رأي فقط و لك الخيار .
    دمت مبدعا

  8. #8
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    الدولة : في عقل العالم ، في قلب الحكايات
    المشاركات : 1,025
    المواضيع : 36
    الردود : 1025
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جوتيار تمر مشاهدة المشاركة
    المغازي.........
    تبنت القصة واقع المعيش مادة للحكاية/ الزوجة/ الزوج/ دارس علم النفس/ المحيط.. فاستعرضت بتفاصيل واستطرادات في الوصف ../ وصف الحالة النفسية التي يمكن ان تصاب بها اية امرأة تعيش الحالة هذه.. وصف لأدق ما يطبع شخصية المرأة على جدران الحياة اليومية/ فعرفناه هيئتها وحتى تموجات جسدها.. وتفكيرها.. من خلال رؤية للسارد هيمن عليها الموقف العالم بالظاهر والباطن.. كما تتبعنا خطواتها في الحياة من حولها.. وهو تتخبط خبط عشواء لكن من مبالاة بالتبعات.. حتى اكتملت صورتها .. الماسخة عبر تلك التفاصيل التي انتهت به إلى فقد ما كانت تقنع نفسها به..بأن زوجها آت ويحبها.. للانتقال إلى التحول الحتمي رغم شدة الرغبة التي كانت تردد بها بأنه يحبها وهي تحبه..وبذلك يكون هناك مقامان للسرد في قصة الدفء/مقام سردي يتوسل في التعبير والتصوير بالواقع.. اعتمادا على ما يترسب في الذهن من انعكاسات ذلك الواقع العيني..ومقام سردي/ أبدع فيه الكاتب من وحي التخيل حين توسل بالدفء على طريقة الرومانسيين يؤنسنها وينزاح بها عن الدلالة بالحقيقة إلى الدلالة بالمجاز.. ورغم امكانية الاسقاطات الواقعية على الكثير من الحوادث المتشابهة الا ان القصة هذه تمكنت من رسم خطوط عرض عريضة عن ماهية الاشكال..الذي يؤدي بالنهاية الى سلبية اجتماعية من خلال هذا الهجر المقنع بالعمل ووو.. وترك المراة لوحدها تعاني كونها انسانة..زوجة..امراة انثى.
    دمت بخير
    محبتي لك
    جويتار
    الحبيب الأديب : جوتيار ،

    كل الشكر لك أيها الأستاذ الفيلسوف ، الحاضر دائمًا .

    نعم يا أستاذ ، هي الحياة التي يجب أن نعالج مشكلاتها بأشكالها ، ويختلف العرض بالإيجاب التأديبي ، أو بالسلب الذي يمثل اللطمة غير المتوقعة لنلتفت إلى الواقع .

    مرات ومرات لك الشكر أيها النبيل .

    مأمون

  9. #9
    الصورة الرمزية زياد موسى العمار شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2007
    الدولة : سورية
    المشاركات : 597
    المواضيع : 16
    الردود : 597
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    الأديب الأستاذ مأمون المغازي تحيّتي لقلبك
    الدفء، مادة أدبية في غاية التنسيق والترابط والروعة حقيقة.
    فكرة رائعة تدرس واقع اجتماعي حاصل بالتأكيد.
    ربما هو البحث عن الدفء في حياتنا الأسرية والمتمثل بغياب الزوج المستمر، وغياب الأبناء عن الحلقة الأسرية بسبب المشاكل المستمرة بين الأبوين.
    وربما يكون البحث عن الدفء - مجازيّاً - في أحضان من تحبّه الزوجه كحقيقة ظاهرة للعيان، وهذا تمثّل بالزوج الغائب، أو البحث عنه في أحضان مّن تحبّه فيما بينها وبين ذاتها، وقد تمثّل بدارس علم النفس بناءً على ما آلت إليه الأحداث في نهاية القصة.
    الأديب الأستاذ مأمون المغازي تحيّتي لقلبك.
    ربما أكون قد خدشت جمال هذه القطعة الفنيّة الرائعة بحروفي تلك، ولكن أتمنّى أن يشفع لي إعجابي بما قرأت فتعذر لي إساءتي.
    أترك لك بعضاً من النبض علّه يشفع لي، أو يشي ببعض مودّتي وتقديري واحترامي لشخصك الكريم ولفكرك النيّر.
    ...............................

  10. #10
    الصورة الرمزية يمنى سالم قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2003
    الدولة : يـــوتـــوبيـــــــا
    العمر : 48
    المشاركات : 399
    المواضيع : 20
    الردود : 399
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    الفاضل مأمون المغازي

    الدفء قصة مشابهه للواقع بكل تفاصيلها، فحين نقف عند أحداثها قليلاً نقرا الواقعية بكل ما تعتريها...وأسمح لي بثرثرة بسيطة..

    1- الجو العاصف شديد البرودة واعتزازها بطريقة مشيتها الواثقة يعطي انطباع أنها امرأة قوية للوهلة الأولى، ولكنها متسيبة من ناحية أخرى حيث أنها تغمز لذاك وتبتسم لذاك، وتبحث عن زملائها الذين لم تعرف كيف ستقضي اليوم من دونهم وكأنه لا عمل في الهيئة سوى الحديث والهمز واللمز، لا أعرف لماذا أنصدم الكثير بالنهاية فالقصة فرضت نفسها منذ البداية.

    2- لؤم الزميل وظنه بأن لا أحد سيأتي غيره جعله يتحين فرصة دخولها وكأنه يعد لشيء مسبق، حتى دخوله في حوار بدأه من الحديث عن البرودة التي كانت شديدة في الليلة السابقة، وتأكيدها لكلامه بالضحك لم يكن سوى تلميح لشيء كان في داخلها فتصرفت بتلقائية دون أن تحسب له حساب.

    3- العرض الذي قدمه بأنه دارس علم نفس، هي أساليب استدراج لا أكثر ولا أقل يقدمها الشخص ليقنع الذي أمامه بأنه أقوى منه وأنه قادر على كشف خباياه، فالبطلة هنا طيلة الوقت كانت تتظاهر بالقوة في حين أنها اضعف بكثير، وغير ذلك فهي مشاع للكل هذا يضحك معها وهذا يسمعها نكت، اعتقد أن أي امرأة عاملة تحترم نفسها حتى لو كانت الوحيدة ضمن ألف رجل لتعاملت بشكل آخر مع الجميع ابتداء من المدير وحتى الساعي.

    4- لن ينكر أحد أن الرجل ينظر للمرأة دوماً على أنها منبع الشهوة، لأن تلك النكتة التي قدمها العامل لو قدمت لأي موظفة تحترم ذاتها لما ضحكت ولما أعطتها أي اهتمام، ثم توترها بعد أن أمسكت بقهوتها عبر عنه الكاتب باهتزاز رجليها ومواصلة الحديث مع الزميل المدعي الذي أعطاه انطباع بأنها استعذبت ولوجه في داخلها وتريد منه أن يكمل، فأكمل دون تحفظ حتى أنه بدأ يتدخل في خصوصياتها.

    5- قولها "لم يخلق الهم إلا لي وحدي" نقطة ضعف كشفت عنها بغباء أو لؤم لا فرق، وإصرارها أنها تحب زوجها، بطريقة ملفتة جداً تعني العكس تماماً ولكنها تسلحت بالكلمة الخطأ والأسلوب الخاطئ، فكانت مكشوفة للآخر...!!

    6- توظيف فنجان القهوة الذي نظرت إليه بعد أن كشف عن أعماقها كأنها عرفت جيداً أنها أصبحت مكشوفة أمامه كفنجان القهوة، وتلك الرواسب التي رأتها ما هي إلا رواسب نفسها التي حاولت إخفائها فارتشفها زميلها حتى كشف النقاب عنها.


    7- ثم قولها "بالله عليك لا تتمادى" ماذا؟؟!!
    أليست هذه الجملة تغري الرجل بالتمادي..!!وتغريها بالاقتراب..؟!


    8- في طريقها للبيت كانت تحلم بعود زوجها رغم أن توقيت عودته لا يتلاءم مع ذلك اليوم، مجرد أمنية زرعتها في فكرها، وصدقتها، ثم التوقيت الرائع الذي اختاره مأمون توقيت الظهيرة وهو توقيت الشيطان عامة، وفتحها للباب وهي مازالت تلف نفسها بالمنشفة،لتفاجأ بزميلها، ويتصافحان ثم يغرقان..!!
    الفكرة جاءت لتعالج بطريقة الصدمة واقع ملموس، من بدايتها لم يصور أنها امرأة فعلاً تحب زوجها، لنهال وكانت كذلك لكان سير السرد مختلف.


    كثف مأمون عدة قضايا رائعة في القصة ووظفها توظيف جيد جداً..ولا اعتقد أن النهاية فاجأتني البتة لأن المتعمق في القصة منذ البداية رتب لحدوث تلك النهاية بشكل طبيعي جدا..
    منها على سبيل المثال لا الحصر
    - قضية الوحدة والفراغ برغم العمل
    - قضية التسيب في العمل
    - قضية ضعف الوازع الديني والأخلاقي
    - قضية سفر الزوج وهجره لزوجته
    - تشتت وغياب الأولاد عن المنزل بسبب المشاكل التي بين الأبوين
    - قضية الرجال والنساء المتسيبين
    -

    مامون أعذرني على ثرثرتي..

    لقد أبدعت يا سيدي...

    تحيتي الأنقى..!!
    لَمْ أتوكأ بعد على شرف حضورك في قلبي، أنت موجود لكنك كـ ضمير الغائب، أفهمه ولا أراه، ويعرب دوماً حسب محله من حالات قلبي!

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. حكايات الدفء والتوت والكلاب
    بواسطة محمد نديم في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 13-08-2016, 07:21 PM
  2. أيقونة الدفء
    بواسطة عبدالكريم الساعدي في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 15-05-2016, 07:24 PM