زائرُ الموت
هناك حيث السكون السلسلي الهادئ ، حيث يرخي الليل ستائر العتمة ويرقد كالطفل الصغير بريئ الملامح مبتسم الوجه وهو نائمٌ لا يدري بما حوله ، رغم ضجة المكان وصخبه رغم صمت الطيور وزقزقتها التي تكاد لا تُسمع ، وهذه الأرض الخالدة التي تحيا فيها ألفُ ألفُ ذكرى ...
أودعت بعض حقائبي هناك ومشيتُ في طريق لم أعهدها ولم أرها منذ طفولتي التي لم تأتِ بعد !! ذهبت لأشرب مع أمي وإخوتي الشاي كما اعتدت كل صباح فرأيتهم لا يروني ولا يسمعون تذمري لأن الشاي لم يكن جيداً كما اعتادوا ، رحتُ أضيع باللاشيء حيث لا شيءَ يلمسني ولا يراني ، أسمعُ تلك وذاك يتمتمان لبعضهما عني وأنا لا استطيع الولوج إليهما لأدافع عن نفسي ... فهما لا يرونني وأنا أمامهم !!!
كي لا نكون ذكرى تترجمها الحجارة ، تضيع بين اللاشيء المنتهي واللامنتهي ، كي لا نفيق من سباتٍ لندخلَ آخراً ، ونضيع به كما ضِعنا في سباتنا الأول ، كي لا نكون ذكرى يشيدُ لها قبرها كما هو مشيدٌ الآن ! كي لا نصيرَ أصواتاً لا تُرى وآذانا لا تسمع وجثثـًا لا تُرى رغم حجمها الكبير ! فهناك نسقي زهور الزعفران كما اعتدنا على ذلك قبل تلاشينا وإيابنا لنهايتنا ! . ! . !
عندما كان الماضي هو مفرُّ نا الوحيد
6 : 10
14/1/2008