رسالة خاصة جدا
ويلومني اللوم ياوجدان أن عدتُ إليكَ وأعود مرات عدة ألملم الأحرفالمتناثرة في حدائق نفسي بعد أن بللها قطر حسك ..
ويلومني الناس ياوجدان وتلومني الأشياء أن تصافينا معا ..
أن تغشقنا معا ..
أن تعايشنا .. تشاركنا .. تعلقنا تطيرنا معا .
وأعود إليكَ برغم لوم اللائمين , ورغم سخونة الملتاثين والمتورعين والمتفيهقين , أعود إليك حبا وطوعا .. لأني أعرف قدرك , وأعلي همسك وأستنطق وجعك , وأستعذب نبضك ..
أعود إليكَ تعلقا وعشقا لأنكَ مني , لأني منكَ , لأنك أنا .
أعود إليكَ ياوجداني أحتضن برودةَ بُعدك , وحياءَ وجدك .
أعود إليكَ لأنكَ المجندل الوحيد فوق هامات معاليقي المقندلة المعلقة العديدة فوق قلل تهاويمي المخملية المعرورقة في زواياي العتيقة القابعة في عمق العمق من أعماق أعماقي .
فهل من بعد ياوجداني تُنصت لنائحة الصُلد من حولكَ ؟!!
وهل من بعد تُرهف الحس أقصد تُرهق الحس لجلاميد المعاني , وزنازين الألفاظ الباردة الصخرة ؟!!
وهل من بعد تهجرني طريحة الغزوات الحالكة في عطافات وجودي تتسرب فيَ ضواري الأساليب الشحيحة , والقوالب الضيقة العطنة ؟؟!!
وهل أصبحت تتهرب من إلحاحي عليك وتجد فيه مواطن الريبة والشبهات الآسنة ؟؟!!
لا . ياأيها الوجدان المعتق ( بالعطاف) الخالص لكَ , والولاء الباقي أثره في ممشاك فوق أرض الأفئدة المنمقة بالمطر المتجدد في غفلة الحياة التَعسة لا وألف لا !
ماعادت السابلة تفرق بيننا وماعاد الطريق يلمح ظلنا تحت وهج الشمس عدنا أنا وأنت سرابات من خيالات مبهمة المحيا يطيرها الهواء !
عدنا أنا وأنت من خلف أودية الوهج المُرَهج برذاذات مشوهة التسامي عليها قبعات ظليلة من سواد الظلل السابحة فوق أرصفة المدائن الغائبة !
وعدنا معا برغم قسوة الأمكنة , ورغم تمرد الأزمنة , ورغم تجرد الألسنة من رقيق ورقائق ما نعرفه أنا وأنت فقط !
عدنا معا حيهلا .. ياجبال اهتزي واطربي , وياسماء غردي واهتني , وياروابي الحياة تمايلي وازهري , وياسراجات الدني أشرقي نورا جديدا ملونا وفريدا لايعرفه أفق كان هنا ولايتلمسه جدار لطالما كان منتنا !
عاد وجداني وعدتُ إليه برغم الأرعن من أسياخ البلا الحقيرة ورغم تجرد الأغصان من لحاءات عتيدة مريضة .
وجداني :
هلم في أحضاني .. وحلق فوق حالاتي وشاني
ولايجرمنك شنآن اللواذع من عوازل الوجد الأعزل على ألا تعود
عد فالعود أحمد !
والعود أشفى وأشهى وأسعد !
قد طالما طاردنا الهوائم من بليات الفتن الضريرة الحمقاء وطالما انتكست فينا علائم البذخ الأحمر القاني السحيق في الأحلام والأماني ..
قد طالما تمزقت فينا .. تكسرت فينا قوانين الحياة الشامخة , وتبدلت أفانين الحلل الخضراء إلى باكورة عوجاء دهماء يقودها ضرير مسخوط عليه ساخط الخطا , والطريق تحته ساخط عليه !
أيا وجدان عيني , وذاك العرق النابض في حالتين من الإشفاق والبين :
تعالى فوق خيول الترنح ورنح بالهوادج لماعة فوق الثرى مع الأتربة , وتحدر من على صرخة الفهم والغجر واطحن بسيلك بقايا البهم والعجم , واغرس في مواطيء قدمك المضمخ عطرا براعم الحياة الشابة فوق أنوف عجائز الأيام الكهلة الخربة البائسة الرتيبة .
أيها الوجدان الثائر كالبركان كانبعاث الحيوان * انثر الرعشات المرتعشات في كينوناتك الثمينة , وأخرجها لساحات الورق الميت قبلك , وقيد الوحش-الأوابد-من الأقلام ودعها تركض في رشاقة خلابة تخرق الأسطر الشوهاء قبل طلولك .
أيا وجدان هيا تنهنه من غير ما تتنحنح وافرد جناحك المتعاظم الأبيض اليقق الفاتن المزهر البراق فوق أرض الحياة المتهدلة قبلك دعها تغيب في طوايا جناحك المسبوك حسا ورقة ودلالا وثورة واختيالا , وتندر وتفرد وتعبقر واحتيالا ..
ودع خيوط النار في حسك تحرق البليد من أطرافك وتشعل قلب أنفاسك ..
دعها تسري فيك ياوجد تسري في الهشيم من عقباتك ومن عثراتك .
أترى أيها الوجدان ماذا يروم العتب من شيمائك ؟
وماذا يروم الصخر من ورقائك ؟
وماذا يروم الرمل البارد من لفح التياثك ؟
قد عدت ولا تثريب من بعد في عوداتك المعتادة الوثابة الحراقة الرقراقة ..
لاتثريب عليك في ثوراتك , في هداءتك ..
عدت فحيهلا مرحبا ياوجد في وجدانك ..
مرحبا في تلافيف الكائنات والأكوان ..
لأنت ماؤها , وأنت سرها , وأنت النسيم في وريدها الخارج للنجاة من كل معتركات الحياة .
________________
* الحيوان : مجموعة من الحيوات المختلفة